98 يوماً هم الأسوأ في تاريخه، تغلبه دموعه كلما تذكر ما حدث له في تلك الأيام وما شاهده، فوسط 2027 سجيناً، قضى أصعب الأوقات وأقساها على الإطلاق بالنسبة له، ظن وقتها إن حياته ستنتهي في هذا المكان داخل مساحة لا تتجاوز بضعة أمتار تشبه القبر تماماً والسبب في كل هذا هو اعتناقه للإسلام في بلاد تضطهد كل أقلية لا تؤمن بثقافتها وشعاراتها.
هرب من ويلات الحزب الشيوعي الصيني، ولكن مكالمة قصيرة من والده أجبرته على العودة مجدداً إلى الصين ليكون برفقته في أخر أيام حياته، وفور وصوله اقتادوه إلى قسم الشرطة و احتجزوا جواز سفره وسألوه عما إذا كان يمارس شعائر الإسلام وبعدها تم اعتقاله.
يقول إربكيت أوترباي لـ “أخبار الآن“: “طوال فترة اعتقالي كنت مُكبلاً بالسلاسل حول يديا وساقيا، ويتم نقلي من مكان إلى آخر وأنا مغطى الرأس لعدة ساعات، كنا نرتدي زي السجن ذا الأكمام القصيرة، ونسمع صوت صافرات الإنذار تدوي أثناء مرورنا بالشوارع وعندما وصلنا لأحد المعتقلات طلبوا منا الجلوس في الخارج انتظرنا حوالي ساعتين ونصف في الطقس البارد، ثم استدعوني إلى الداخل و نزعوا الغطاء الأسود عن رأسي و فكوا قيودي، جردونا من ملابسنا تماماً و طلبوا منا مواجهة الحائط و نحن عراة، ثم عادوا و هم يحملون زي المعسكر وبعد أن ارتديناه كبلونا أيدينا من الخلف و قام شرطيان بدفع رأسي إلى الأمام و اقتادوني إلى الزنزانة”.
هكذا بدأت شهادة إربكيت اوترباي (Erbaqyt Otarbay)، عن أكثر اللحظات جحيماً في حياته، ففي هذا المكان وداخل زنزانة تتسع لسبعة أفراد بالكاد، أخذ “إربكيت” وسط أربعين شخصاً العديد من الدروس في التلقين العقائدي مع تهديدات مستمرة فإما إجادتها أو العمل قسريا داخل أحد المصانع في مقاطعة شينجيانغ.
و“إربكيت” هو مواطن من أصل كازاخستاني من محافظة ألتاي بمنطقة شينجيانغ، كان يعمل كسائق شاحنة وتم إلقاء القبض عليه بتهمة حفظ مقاطع فيديو دينية من تطبيق الواتس اب غير القانوني في الصين وأثناء الاحتجاز، حُرم “أربكيت” من الطعام وتعرض للضرب وتم نقله عدة مرات بين السجن ومعسكرات التدريب، حيث كان عليه حضور الدروس.
وفي وقت لاحق، خضع للعمل القسري في مصنع للملابس. ويقول عن تلك الفترة، كان المصنع ضخماً، وكان عدد المحتجزين الذين يعملون فيه بالمئات و كنت واحداً منهم كان دائما ما يتم تحذيرنا إذا لم ننته من العمل المطلوب فلن يُسمح لنا بالعودة الى الزنزانة فيجب أن نتم العمل خلال الساعات المحددة و إلا سيتوجب علينا العمل لساعات أطول،كما تم تحذيرنا من أننا إذا لم ننجز العمل فلن نحصل على الطعام “.
وبالفعل انتهى به الحال داخل أحد المصانع، قائلا: كان المصنع ضخماً، و كان عدد المحتجزين الذين يعملون فيه بالمئات و كنت واحداً منهم كان دائما ما يتم تحذيرنا إذا لم ننته من العمل المطلوب فلن يُسمح لنا بالعودة الى الزنزانة فيجب أن نتم العمل خلال الساعات المحددة و إلا سيتوجب علينا العمل لساعات أطول، كما تم تحذيرنا من أننا إذا لم ننجز العمل فلن نحصل على الطعام “.
ظروف العمل التي كان يتعرض لها “إربكيت” داخل أحد مصانع المنسوجات في شينجيانغ، وبشهادته كانت قاسية جدا، الكاميرات في كل مكان لمراقبة العمال، كانوا يعملون فى الصباح لمدة 5 ساعات قبل موعد الغذاء ويسمح لهم بالذهاب إلى المرحاض مرة واحدة فقط.. “كنا يجب أن نرفع يدنا فيأتي الحارس أو الشرطي ويكبلنا ثم يرافقنا إلى المرحاض، كانت تفصل بين كل الأقسام أبواب حديدية، وعليك أن تمر عبر هذه الأبواب الحديدية لتعبر من قسم الى آخر، و عندما تنتهي من المرحاض يرافقونك إلى مكانك ثم يفكون الأصفاد”.
ويضيف باكياً لـــ”أخبار الآن“: ولأنه لم يكن مسموحاً لنا بالذهاب إلى المرحاض أكثر من مرة، كان الأمر مهيناً للغاية، في الكثير من الأوقات، كانت النساء، يتبولن أثناء العمل لأنهن كن يخفن من طلب الإذن لدخول المرحاض، و لأن ذلك كان يحصل مراراً كان يمكننا أن نشم رائحة البول، وحتى بعد أن عرفوا ما الذي يحصل قالوا لا بأس ,يجب أن تكونوا ممتنين لأننا لا نضربكم”.
التفاصيل التي يرويها “إربكيت”، تذهب إلى حد العبودية التي جرمتها المواثيق الدولية وتنطبق مع مفهوم العمل القسري الذي جرمته منظمة العمل الدولية، وعرفته بأنه أي عمل يتم القيام به قسراً تحت التهديد بالعقوبة ويتم فيه توظيف العمالة إما تطوعياً عن طريق الخداع أو الإكراه أو الترهيب، وإما بتطبيق العقوبات المالية مثل فقدان الأجور ومصادرة أوراق الهوية أو وثائق السفر والعنف الجسدي أو العقوبة وسحب الحقوق أو الإمتيازات. وتحدد منظمة العمل الدولية أيضاً مؤشرات العمل القسري بأنه كل ما يشمل “تقييد حركة العمال وعزلهم واستغلال نقاط الضعف فيهم، والعنف الجنسي أو الجسدي ضدهم وترهيبهم وتهديدهم والاحتفاظ بوثائق هويتهم وحجب أجورهم والإفراط في عملهم الإضافي.
لم تتوقف مأساة “إربكيت” عند هذا الحد، بل يروي لنا مزيد من التفاصيل التي ندلل بها على جرائم الحزب الشيوعي الصيني تجاه الأقليات المسلمة فيما يتعلق بالعمل القسري ، حيث يقول : في كثير من الأحيان، كنا لم نتمكن من إنهاء العمل لأن الكميات كانت كبيرة جدا، وبدلاً من الحصول على وجباتنا المسائية كان يتم ضربنا، كنا ننام أوقات كثيرة بلا طعام، ولم يكن مسموحاً لنا أن نتحدث مع بعضنا البعض، وإذا تبادلنا النظرات حتى أكثر من مرة كان يتم تحذيرنا من تحريك رأسنا، فهم يراقبوننا بالكاميرات ويطلبون منا التركيز في العمل، معظم العاملين من الإيغور وكازاخستان وأوزباكستان ، وقيرغستان فهذه السياسات تستهدف المسلمين“.
ويتابع: تتميز النساء الإيغوريات بشعرهن الطويل، كان الشرطي يجرهن من شعرهن ويقصه و يأخذه، بعض النساء المُسنات، كن يقاومن ويصرن على الحفاظ على شعرهن، لكنهم لم يصغوا إليهن و عقاباً على مقاومتهن كانوا يكبلون أيديهن من الخلف و يجروهن بعيداً ولم أرى هؤلاء النساء مرة أخرى كان رد الفعل على أي احتجاج عنيفاً جداً.
وكانت أخبار الآن قد أجرت تحقيقاً موسعاً حول كواليس العمل القسري للأقليات المسلمة في المصانع الصينية ، وتورط العديد من شركات السيارات العالمية والملابس أيضاً في هذا الأمر .