تصور أنك في رحلة جوية، والطائرة تقترب من الهبوط، فجأة تفقد الطائرة الاتصال بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو تخيل سيارة إسعاف تحمل مريضاً في حالة حرجة، وتتأخر في الوصول إلى المستشفى لأن التشويش على نظام GPS أضلها الطريق. ليس هذا سيناريو خيالي، بل هو واقع يواجهه الطيارون والمسافرون في منطقة البلطيق بسبب التشويش المتزايد على إشارات GPS. إنّ سلامة الركاب والمرضى وحتى حياتنا اليومية تعتمد بشكل كبير على دقة هذه الإشارات، وأي تدخل فيها يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على حياتنا جميعاً.

خطورة التشويش على نظام GPS

أصبحت مشكلة التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تثير القلق على نطاق واسع وتزايدت حالات التشويش على إشارات الـGPS بشكل ملحوظ، مما يثير العديد من التحديات الأمنية والفنية، خاصة في قطاع الطيران. في ذلك السياق أجرت أخبار الآن لقاء خاص مع وزير خارجية إستونيا مارغوس تساهكنا (Margus Tsahkna)، لنفهم تأثير هذا التشويش على السلامة العامة.


>

وأوضح تساهكنا التأثير الكبير لذلك التشويش على قطاع الطيران قائلاً: “يشكل التشويش على إشارات GPS تهديداً كبيراً على سلامة الطيران، تعتمد الطائرات بشكل كبير على نظام GPS لتحديد مواقعها وضمان الهبوط الآمن. خلال الشهرين الماضيين، شهدت فنلندا عدة حالات تشويش أدت إلى عدم تمكن الطائرات من الهبوط، مما اضطر بعضها للعودة إلى أدراجها لأسباب أمنية، هذه الحوادث تعرض حياة المدنيين للخطر وتبرز الحاجة الملحة لمواجهة هذه التهديدات”.

وأشار وزير الخارجية إلى أنّ التشويش على إشارات GPS يشكل انتهاكاً للاتفاقيات الدولية ويؤثر سلبًا على سلامة الطيران والتكنولوجيا المعتمدة على نظام تحديد المواقع، فقال : “نحن واثقون أن هذا التشويش هو من روسيا، ويأتي من المناطق القريبة من سان بطرسبرغ، ومن منطقة كاليننغراد الروسية. خلال السنتين الماضيتين، زاد التشويش بعد بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وزاد أكثر خلال الشهرين الفائتين”.

تشويش GPS يهدد الحياة: رحلات جوية مضطربة وسيارات إسعاف ضائعة

وتابع: “بالطبع، هذا يؤثر سلباً على سلامة حركة الطيران والتكنولوجيا المستخدمة في هذه الأيام، والتي تعتمد كثيراً على نظام تحديد المواقع. يجب أن ندرك أن هذا انتهاك لكل الاتفاقيات الدولية التي شاركنا فيها لضمان أمن حركة الملاحة وكل الإشارات الخاصة بها.”

وأشار إلى الحوادث الأخيرة التي واجهتها الطائرات الفنلندية قائلاً: “واجهنا عدة حالات حيث لم تتمكن الطائرات من الهبوط، الطائرات الفنلندية أيضاً، والطائرات المتجهة من فنلندا إلى إستونيا. حدث هذا الأسبوع الماضي في فنلندا، حيث هدد التشويش على نظام GPS سلامة رحلة، وعادت الطائرة لأسباب أمنية. نحن نتحدث عن سلامة الطيران، وهذا أمر دقيق للغاية.”

تشويش GPS يهدد الحياة: رحلات جوية مضطربة وسيارات إسعاف ضائعة

وأكد الوزير على أهمية التعاون الدولي لمواجهة هذه التهديدات فقال: “نحن نعمل بشكل وثيق مع شركائنا الإقليميين ومع دول مختلفة، ونتعاون مع الاتحاد الأوروبي والناتو. علينا العمل على زيادة الوعي فيما يتعلق بعمليات التشويش الروسية على نظام GPS، وعلينا الرد بالطرق المناسبة لتعي روسيا أننا بتنا نعرف ما تقوم به ونحن نتخذ الإجراءات المناسبة.”

>

التأثيرات الخطيرة لتشويش GPS 

1. سلامة الطيران: تعتمد الطائرات بشكل كبير على نظام GPS لتحديد مواقعها وضمان هبوط آمن. التشويش على إشارات GPS يمكن أن يؤدي إلى فقدان الطيارين للموقع الدقيق للطائرة، مما يزيد من مخاطر الحوادث والكوارث الجوية.

2. خدمات الطوارئ: تعتمد سيارات الإسعاف وفرق الإنقاذ على نظام GPS للوصول بسرعة إلى مواقع الحوادث. أي تأخير ناتج عن تشويش إشارات GPS يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على حياة المرضى والمصابين.

3. الملاحة البحرية: تستخدم السفن نظام GPS لتحديد مسارها وتجنب التصادمات. التشويش على هذه الإشارات يمكن أن يؤدي إلى حوادث بحرية خطيرة، خاصة في المناطق ذات الحركة البحرية الكثيفة.

4. البنية التحتية الحيوية: العديد من الشبكات الحيوية مثل شبكات الكهرباء والاتصالات تعتمد على نظام GPS لتنسيق العمليات وضمان التوقيت الدقيق. التشويش على هذه الإشارات يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات واسعة النطاق في هذه الشبكات.

تشويش GPS يهدد الحياة: رحلات جوية مضطربة وسيارات إسعاف ضائعة

خريطة تظهر التشويش على نظام GPS في مناطق عدة في إستونيا

في بعض المناطق، يُستخدم التشويش على إشارات GPS كسلاح ضمن استراتيجيات الحرب الإلكترونية. منطقة البلطيق تعد مثالاً بارزًا على ذلك، حيث تواجه دول مثل إستونيا وفنلندا والسويد وبولندا تشويشًا متزايدًا على إشارات GPS، يُعتقد أن مصدره روسيا. هذا النوع من التشويش يمثل انتهاكًا للاتفاقيات الدولية ويعرض سلامة الطيران والملاحة للخطر.