الأزواد في مالي.. إبادة عرقية جديدة برعاية فاغنر الروسية

في الساعات الأولى من صباح الخميس 25 يوليو/تموز الجاري اتخذت المعارك بين الجيش المالي رفقة حلفائه الروس ممثلين في مجموعات من مقاتلي فاغنر من المرتزقة وبين مقاتلي الأزواد تحت راية ما يسمى بالإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي منحىً جديدًا حيث وصلت المعارك منذ ضحى الخميس معارك عنيفة وقال الجيش المالي في بيان مقتضب عن عمليته التي وصلت إلى حدود الجزائر : “إن هجوما إرهابيا استهدف دورية للجيش في ضواحي مدينة تنزواتن الحدودية بين مالي والجزائر”، مؤكدا وقوع خسائر في صفوف من وصفهم بالمجموعات الإرهابية.

وفي تصريحاته لـ”أخبار الآن” قال سيد بن بيلا الفردي الباحث الأزوادي في التاريخ والحضارة، والمختص بالشأن الأمني في مالي و منطقة الساحل: “تنزواتن منطقة بها ذهب والروس منذ بداية تعاونهم مع الجيش المالي يستهدفون مدن الأزواد الغنية بالذهب، فمرتزقة فاغنر في الأساس هدفهم هو الذهب والمال بأي طريقة وبأي ثمن ومن الطبيعي أن يطوروا الصراع باتجاه المناطق الموجود بها الذهب فهم وبالفعل سيطروا على عدة مناطق بها ذهب أيضا في جنوب النهر وفي محيط مدينة غاوة وفي منطقة تساليت، وفي المناطق القريبة جدا من كيدال المدينة الرئيسية والأهم عند الشعب الأزوادي والآن فهم يستهدفون هذه المنطقة القريبة جدا من منطقة معسكراتنا وهي من أهم قلاع الذهب وكان من الطبيعي جدًا ومتوقع بالنسبة لنا أن يتوجه الروس إليها”

الأزواد في مالي..إبادة عرقية جديدة برعاية فاغنر الروسية

تنزواتن منطقة بها ذهب والروس منذ بداية تعاونهم مع الجيش المالي يستهدفون مدن الأزواد الغنية بالذهب.. الصورة تم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي

بن بيلا: الأزواد هم الضحية والعشب تحت أقدام الروس على مرأى من المجتمع الدولي

وعن إمكانية أن تتورط الجزائر في هذه الحرب بعد وصول المعارك إلى حدودها الجنوبية يقول بن بيلا  إن “الجزائر لن تنخرط فهم يركزون على مناطقنا فقط، فهي مناطق كنوز الذهب وخاصة المنطقة التي دارت بها المعارك الخميس بها أهم قلعة من قلاع الذهب في ولاية كيدال، فالجزائر حدودها محفوظة والأرض المباحة هي أرضنا نحن على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي ونحن هي الضحية التي يتصارعون عليها والعشب تحت أرجلهم”.

ويضم شعب الأزواد إثنيات مختلفة عن أصحاب البشرة السمراء من الأفارقة حيث ضمت منطقة أزواد قبائل العرب والطوارق والفولاني وسونغاي وكانت تتبع سياسيا للعرش الملكي المغربي حتى 1893.

ومؤخرا انتشرت فيديوهات عديدة قام مقاتلو الجيش المالي ببثها تفاخرًا لجرائم حرب ارتكبوها ضد الأزواد في طريقهم للاستيلاء على المدن وإخلائها من سكانها لتغيير ديموغرافيا المناطق الغنية التي تقع في نطاق أراضي الأزواد.

وعن تلك الجرائم يقول بن بيلا إن “تلك الجرائم المتمثلة في فيديوهات تمزيق الجثث وأكل لحوم البشر والتي انتشرت مؤخرًا فهذا النوع يقوم به المقاتلون الأفارقة في مالي وبوركينا فاسو وينشرون الفيدوهات بأنفسهم، أمّا الروس فإنهم يقومون بتفخيخ الجثث بعد قتلها بالديناميت لكي تنفجر الجثة في من يلمسها بعد ذلك ويوقعون أكبر قدر من الضحايا”.

 الفاغنر يفخخون الجثث بعد قتلها ويشجعون الجيش المالي على ارتكاب أبشع الجرائم

وعن الدور الروسي في دعم جرائم الحرب المالية تجاه الشعب الأزوادي يقول بن بيلا “لولا وجود الروس ما كانوا يستطيعون التقدم خطوة واحدة في معاركهم معنا فعلى مدار معاركنا معهم منذ عام 1963، فقد كنا المتفوقين في المعارك الميدانية ولكن دعم الروس المباشر وغير المباشر بقوات بوركينا فاسو والنيجر، هو ما ساعد الجيش المالي كثيرا، فالجنود الذين ماتوا بالأمس من صفوفهم كانوا 9 من بوركينا فاسو”.

يضيف: “ولولا دعم الروس لما كان الماليون يتقدمون شبرًا واحدًا نحو الشمال، والروس الموجودون هنا اسمهم المباشر “فاغنر” وشعارهم يرتدونه وهو شعار مرتزقة الفاغنر الذي بتنا على دراية جيدة به في الميدان، أما بوركينا فاسو فتتدخل في الحرب تحت إطار راية تحالف الدول الثلاثة مالي والنيجر وبوركينافاسو لمحاربة الإرهاب والحركات الانفصالية وهم يعنونا نحن الأزواد بالحركات الانفصالية.”

وفي تفسيره لما يحدث مع العرقيات الأزوادية من تنكيل وتهجير وجرائم حرب، ذكر بن بيلا “أن كل ما يحدث معنا ما هو إلا رأس حربة للدعوة الأفريقية الجديدة والتي تنادي بأن قارة أفريقيا هي قارة للأفارقة من أصحاب البشرة السمراء فقط، وعلى كل ذوي الألوان المختلفة عن السود أن يخرجوا منها ويتركوها لأهلها وهم الأفارقة السمر فقط وما يمثل هذه السياسة الآن هم الأنظمة التي تحكم في مالي والنيجر وبوركينافاسو”.

الأزواد في مالي..إبادة عرقية جديدة برعاية فاغنر الروسية

الروس أعطوا الضوء الأخضر ومهدوا الطريق أمام الماليين ارتكاب هذه الجرائم الوحشية ضد الأزواد.. الصورة تم تصميمها بالذكاء الاصطناعي

عاصفة ترابية أوقفت المعركة

وعن الوضع في المنطقة الحدودية بين الجزائر ومالي حيث أرض المعركة الأخيرة، يقول سيد بن بيلا “الوضع الآن هش منذ مساء الخميس بسبب عاصفة ترابية أوقفت المعارك بين الطرفين بعدها تقهقهر الجيش المالي والروس ولكننا نتوقع أن تستأنف المعارك في أية لحظة عندما تأتيهم الامدادات من المدن الأخرى فهذه العملية تستهدف المنطقة القريبة من الحدود المالية الجزائرية، في محاولة للضغط على الحركات الأزوادية ومنعها من تعزيز مواقعها”.

يتابع: “الجيش المالي حاول أيضاً السيطرة على مدينة إنافارق، التي تقع على بعد 10 كيلومترات من الحدود الجزائرية، وتعتبر نقطة تقاطع مهمة لطرق التجارة لذا فأهداف المعركة التي بدأوها استراتيجية بالنسبة لهم وحتمًا سيستأنفوها، حيث تعقب المدنيين الأزواد الفارين من الجنوب وبالتلالي الاستمكرار في دتغيير ديموغرافية المنطقة، وحيث هدفهم للسيطرة عتلى الموارد الطبيعية المتمثلة في الذهب وغيره”.

ومنذ أن أعلن الجيش المالي بدء عملياته العسكرية بالتعاون مع روسيا ودول التحالف الأفريقية متمثلة في بوركينافاسو والنيجر ضد عرقيات شعب إقليم الأزواد وتتوالى أشكال الانتهاكات الإنسانية وجرائم الحرب في مالي على مدار أشهر.

ويفند بن بيلا تلك الانتهاكات قائلًا “لقد قاموا بانتهاكات خطيرة وغير إنسانية ضد السكان المدنيين وممتلكاتهم وبنيتهم ​​التحتية الأساسية، ويعد المرتزقة الروس التابعون لمجموعة فاغنر الذين يستخدمهم المجلس العسكري الحاكم في مالي، برفقة مساعدين لهم من الجيش المالي، أهم مرتكبي هذه الانتهاكات بالإضافة إلى ذلك، من خلال الاغتيالات والخطف وسرقة الماشية.”

طمس هوية.. قتل.. تعذيب.. ترويع

وتتجه هذه الانتهاكات ضد الطوارق، والعرب، والفولانيين، فإلى جانب تدمير البنية التحتية والاستيلاء على السلع، هناك انتهاكات أخرى من عمليات الإعدام الفردية أو الجماعية بإجراءات موجزة إلى سرقة الماشية والممتلكات الأخرى، بما في ذلك قطع الرأس وعرض الرؤوس المقطوعة على أجسادهم علنًا لبث الرعب الذي يمكن أن يؤثر على عقول الأبرياء وأقارب الضحايا إلى الأبد، إلى جانب اعتقالات يتبعها إعدامات وغالباً قطع رؤوس وتفجيرات ضد القرى والتجمعات البشرية حول نقاط المياه أو المراكز الصحية واستهداف المسافرين على الطرقات وعمال الأسواق والرعاة وغيرهم، ومجموعة من الاختفاءات القسرية والسرقات وعمليات الاختطاف؛ والتعذيب إلى جانب مهاجمة ثقافة وهوية الطوارق والتي تمثلت في حملة لقمع التيفيناغ (كتابة الطوارق الأصلية) والرسومات الصخرية على صخور أداغ في كيدال وهدفهم الأهم وهو سياسة الدولة في التهجير المستهدف وإعادة ديمغرافية السكان الأزواد.”