بونتلاند الصومالية نقط تلاقي ميلشيا الحوثي الإرهابية وجماعة الشباب

في ديسمبر 2023، اختطف  قراصنة صوماليون السفينة “MV Ruen” التي ترفع علم مالطا قبالة خليج عدن، مستخدمين السفينة الإيرانية “الأشكان” كسفينة “أم” لتنفيذ العملية. وكانت”الأشكان” قد أُعتبرت مفقودة من قبل المسؤولين الإيرانيين، ولكنها ظهرت مجددًا في مايو 2024 قرابة الصومال وإيران وباكستان، وهذا ما تم الكشف عنه من خلال موقع “مارين ترافيك” Marine traffic لتتبع السفن. مما يعني أن السفينة من المرجح استخدامها لتنفيذ هجمات قرصنة جديدة.

ضابط أمني رفيع المستوى في قوات أمن بونتلاند الصومالية أفاد لــأخبار الآن، بأن هناك شكوك بوجود تعاون بين القراصنة ومشغلي “الأشكان”، واشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه إلى احتمال وجود صلات بشبكات تهريب ومجموعات مسلحة أوسع.

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

خريطة تُظهر حركة السفينة الأشكان الإيرانية في مايو الماضي

هذه الحادثة توضح كيف يتم استغلال المياه الساحلية لبونتلاند بشكل متزايد لتنفيذ تهديدات بحرية مُعقدة، وبشكل متصاعد في المنطقة مما يبرز بونتلاند كنقطة محورية للتحديات الأمنية التي تأججت بسبب تصاعد نشاط عناصر حوثية وزيادة تحركات السفن المرتبطة بإيران على طول سواحلها.

في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لبونتلاند بإعتبارها ضمن شبكات غير شرعية تشمل تهريب الأسلحة الإيرانية وتجنيد المقاتلين وتحالفات مشتبه فيها مع جماعات مثل الشباب وداعش. خاصة وإنه مع مواجهة الصومال لتهديدات متعددة قد تؤثر على زعزعة استقرار المنطقة ككل وتضر بحركة الملاحة البحرية الدولية.

كيف ظهرت نفوذ الحوثيين في بونتلاند :

أفادت قوات أمن بونتلاند (PSF)، وهي وحدة لمكافحة الإرهاب مدربة ومدعومة من الولايات المتحدة، بأن مواطنًا صوماليًا عضوًا في جماعة الحوثيين يدير شبكة تجنيد في بونتلاند. ويعمل هذا الشخص الصومالي، الذي لم يتم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، في مناطق مثل لاسقوري، بوصاصو، وسلسلة جبال علمدو. وفي هذه المناطق، يُعتقد أن عناصر الحوثيين يقومون بتجنيد شباب صوماليين، ونقلهم إلى اليمن لتلقي تدريبات قتالية، ثم إعادتهم إلى الصومال لدعم الجماعات المسلحة المحلية وعلى رأسهم جماعة الشباب .

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

وبحسب تقارير قوات أمن بونتلاند، فإن هذا الشخص يقيم علاقات مع مجموعات متطرفة أخرى، مثل حركة الشباب وداعش، بهدف إنشاء قاعدة للتعاون بينهم. وتشير الاستخبارات إلى أن للحوثيين والشباب أعداءً مشتركين، خصوصًا من الدول الغربية، رغم اختلافاتهم الطائفية، مما يجعل تعاونهم ذا قيمة استراتيجية. وتفيد مصادر أميركية بأن الحوثيين والشباب قد دخلوا في “زواج مصلحة” يساعد كلا الطرفين على توسيع قدراتهما ونفوذهما في بونتلاند. ومن خلال هذه الشراكة، يستطيع الحوثيون تعزيز وجودهم وتأثيرهم في المنطقة، دون الانخراط المباشر في الصراع الصومالي، عبر توفير دعم غير مباشر للقوات الإرهابية الصومالية.

وبإشراكهم للسكان المحليين، يتمكن الحوثيون من بناء شبكة مُخلصة من العناصر المُلمة بالخصائص الاجتماعية والطبيعية في بونتلاند، مما يعزز وجودهم في الصومال. ويضمن الحوثيون أن عناصرهم يمتلكون مهارات قتالية متقدمة ويدعمون التمردات المحلية في بونتلاند عبر إرسال مجندين إلى اليمن للتدريب.

وتشير التقارير إلى أن تزويد الحوثيين لحركة الشباب بمعدات، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، قد عزز من قدرات جماعة الشباب من شن عمليات إرهابية وهذا يساعدهم بالطبع في الحفاظ على وجود قوي في شمال الصومال ومقاومة عمليات مكافحة الإرهاب.

تهريب الأسلحة ومخاطر الأمن

خلال إحاطة حديثة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أفاد وزير الخارجية الصومالي “أحمد معلم فقي” بأن السلطات الفيدرالية الصومالية اعترضت ثلاث شحنات أسلحة من أصل تسع شحنات معروفة يشتبه في توجهها إلى الجماعات المسلحة، فيما لا تزال ست شحنات أخرى غير معروفة المصير. وتكشف هذه الشحنات التي تم اعتراضها حجم عمليات التهريب التي تمر عبر المناطق الساحلية في الصومال، حيث تعتبر بونتلاند نقطة عبور مهمة للأسلحة والبضائع غير القانونية الأخرى. وتبرز هذه الإحاطة الصعوبات التي تواجهها الحكومة الصومالية في مراقبة مسارات التهريب والسيطرة عليها بفعالية، بالإضافة إلى التحديات التي تفرضها الأطراف الأجنبية التي تستغل الموقع الاستراتيجي لبونتلاند.

ويُقال إن شبكات تهريب الأسلحة العاملة في بونتلاند تستخدم طريق التجارة بين الصومال واليمن لنقل أسلحة عسكرية، بعضها قد يكون مصدره إثيوبيا. وتشير الاستخبارات إلى أن مهربي الأسلحة يستغلون حدود بونتلاند المفتوحة وضعف الموارد لدى قوات الأمن، لنقل كميات كبيرة من الأسلحة عبر الساحل دون اكتشافها. ويُعتقد أن هذه العمليات تمكّن الجماعات الإرهابية المحلية مثل جماعة الشباب من مواصلة عملياتها عبر توفير الموارد التي تحتاجها لتنفيذ هجمات عالية التأثير والحفاظ على سيطرتها على شمال ووسط الصومال.

وتشير عمليات اعتراض شحنات الأسلحة بانتظام إلى وجود شبكة معقدة ومنظمة تضم أطرافًا محلية لها علاقات بمنظمات أجنبية، مثل عناصر إيرانية وحوثية. وتحذر السلطات الصومالية من أن استمرار تهريب الأسلحة دون رقابة في بونتلاند مما قد يعزز من ثقة الجماعات المسلحة المحلية، مما يزيد من احتمال اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الأمن ويسبب حالة من عدم الاستقرار الدائم في المنطقة.

السفن الإيرانية وعمليات الموانئ المشبوهة

بحسب مسؤولين في الميناء وشهود محليين، شهدت موانئ بونتلاند، وخاصة ميناء بوصاصو، زيادة في السفن الإيرانية ذات الصلات المشبوهة. وتتراوح أحجام هذه السفن من قوارب صيد إلى سفن شحن ضخمة، وغالباً ما تكون تحت حراسة مشددة، مما يثير قلق السكان المحليين حول طبيعة حمولتها. وعادةً ما تصل السفن المرتبطة بإيران في ساعات متأخرة من الليل وتغادر في الصباح الباكر، مما يجعل من الصعب مراقبتها بشكل دقيق. وأثارت سفينة إيرانية تخضع لحراسة مشددة، والتي رست في بوصاصو لمدة ثلاثة أيام متتالية، مخاوف بشأن غرضها وحمولتها.

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

صورة للسفينة الإيرانية “إيريس لافان” (514) مع وجود طائرات عسكرية بدون طيار (UAVs أو درونز) على سطحها

وتكهن شهود محليون بأن السفينة قد تكون تحمل أسلحة أو مواد غير قانونية أخرى موجهة للجماعات المتمردة في بونتلاند. وذكر هؤلاء الشهود أن السفن الإيرانية غالباً ما تفرغ حمولتها ليلاً، وتستخدم قوارب أصغر لنقل البضائع من السفن إلى اليابسة في ظلام الليل. وتعزز هذه الأساليب، إلى جانب الحراسة الشديدة التي تحيط بها، الشكوك بأن هذه السفن تساعد في تهريب الأسلحة.

وفي العادة، لا تتمكن السلطات المحلية من السيطرة على هذه السفن أو فحص حمولتها بسبب القيود المالية والسياسية. ونتيجة لذلك، فإن ازدياد السفن الإيرانية قبالة سواحل بونتلاند يشكل خطراً أمنياً، حيث قد يكون مرتبطاً بتزويد الجماعات المتمردة الإقليمية بالأسلحة وعناصر أخرى تسهم في زعزعة الاستقرار في المنطقة.

اتهامات بالفساد في وحدة حرس السواحل APS

واجهت وحدة حرس السواحل (APS) التابعة لقوة الشرطة البحرية في بونتلاند (PMPF) اتهامات بالفساد والمشاركة المزعومة في عمليات تهريب الأسلحة. وبحسب ضابط بارز انشق حديثاً عن وحدة APS، فإن الضباط يتلقون رشاوى بانتظام للسماح بمرور شحنات غير قانونية عبر موانئ بونتلاند. ووفقًا لهذا المصدر وأعضاء سابقين في قوات PMPF، يقوم ضباط APS بتسليم الأسلحة المصادرة إلى ميليشيات محلية بدلاً من الإبلاغ عنها رسميًا إلى الجهات العليا.

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

نموذج للأسلحة الإيرانية المهربة إلى ميلشيا الحوثي الإرهابية ومنها إلى جماعة الشباب

ويشير الضابط السابق لأخبار الآن والذي رفض الإفصاح عن هويته  إلى أن هذه الأسلحة المصادرة تُخزن عادةً في منطقة “عيل-هار” بالقرب من مدينة “قاردو”، التي تعتبر نقطة تجمع للميليشيات الداعمة لبعض الزعماء المحليين. وقد أصبحت فعالية تدابير مكافحة التهريب التي تتخذها PMPF محل تساؤل بسبب تورط عناصر من وحدة APS في هذه الأنشطة. ويقيد هذا الفساد البنية الأمنية في بونتلاند ويثير تساؤلات حول مدى دعم بعض المسؤولين الحكوميين غير المباشر لتجارة الأسلحة لأسباب سياسية أو مالية.

وتشير مزاعم تواطؤ APS في تهريب الأسلحة إلى احتمال تعرض جهاز الأمن في بونتلاند للاختراق، مما يسمح لشبكات التهريب بالعمل دون عقاب. ويزيد هذا الوضع من التحديات التي تواجه بونتلاند في تأمين حدودها ومعالجة تدفق الأسلحة غير القانونية، التي تعزز في النهاية قوة الجماعات المسلحة في المنطقة.

استجابة الحكومة ومحاولات التصدي لعمليات التهريب

حاولت حكومة بونتلاند في الأشهر الأخيرة مكافحة تجارة الأسلحة غير القانونية، لكن ديناميكيات السلطة المحلية والولاءات القبلية كانت عقبة أمام هذه الجهود. ومن الأمثلة على ذلك، عملية مداهمة قامت بها قوات PMPF لسوق السلاح المعروف بـ”سوق سير-توغتي” في بوصاصو. وخلال العملية، اعتُقل محمد سعيد ، تاجر معروف يُقال إنه كان يسيطر على السوق. لكن قبيلته ردت بقوة على اعتقاله، وأقامت مؤتمرًا صحفيًا انتقدت فيه العملية ووصفتها بأنها غير عادلة نظرًا لانتشار تجارة الأسلحة في بونتلاند.

واستخدمت القبيلة التهديدات للضغط على مسؤولين في بونتلاند لإطلاق سراح سعيد وإعادة الأسلحة المصادرة له. وفي النهاية، وتجنباً للعنف القائم على القبلية، أفرجت قوات PMPF عن سعيد وعوضته عن الأسلحة المصادرة. وغالبًا ما تعارض القبائل القوية القوانين الحكومية التي تعتبرها غير عادلة أو تطبق بشكل انتقائي، مما يبرز الصعوبات التي تواجهها بونتلاند في فرض قوانين ضبط الأسلحة.

ويعدّ النفوذ القبلي قوةً هائلة تعيق جهود بونتلاند في محاربة تجارة الأسلحة غير القانونية، إذ يفضل بعض المسؤولين المحليين الولاء القبلي على حساب أمن الدولة.

نفوذ الحوثيين في الصراع الأوسع في الصومال

يمثل النفوذ المتزايد للحوثيين في بونتلاند تداعيات هامة على استقرار الصومال الداخلي وأمن المنطقة ككل. فقد ساهم توسع الحوثيين في بونتلاند، الذي يعكس النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي، في تعزيز معارضتهم للتحالف بقيادة السعودية في اليمن. ونظراً لارتباط الحوثيين بتنظيمات متطرفة كجماعة الشباب، فإن المناطق الساحلية في الصومال قد تصبح أكثر عرضة للاضطراب، مما يؤثر على الدول المجاورة.

قد تتأثر مياه خليج عدن، وهو ممر مائي حيوي يدعم التجارة العالمية، بشكل خاص بالأنشطة المرتبطة بالحوثيين في بونتلاند. إذ يمثل الحوثيون تهديداً للاستقرار الإقليمي وللتجارة العالمية من خلال إغلاق الممرات البحرية والانخراط في أنشطة القرصنة. ويفاقم وجود جماعات مسلحة مدعومة من الخارج الوضع الأمني الصعب في الصومال بالفعل، ما يشكل ضغطاً على الموارد الإقليمية والفدرالية ويُعرض المجتمعات الساحلية للخطر.

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

وحذر خبراء إقليميون، من بينهم الدكتور جون موانجي، رئيس الأبحاث في مركز أبحاث وسياسات المشارق، في حديثه مع أخبار الآن من أن وجود الحوثيين في الصومال قد يشجع منظمات أخرى مدعومة من الخارج على السعي لعقد شراكات مماثلة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في الصومال. وتشير تقارير صادرة عن مسؤولين دفاعيين أميركيين إلى تصاعد التعاون بين جماعة الشباب والمسلحين الحوثيين، ما يهدد استقرار وسط الصومال. وتبرز هذه التحالفات مخاطر كبيرة على الأمن البحري في خليج عدن، حيث أظهر الحوثيون قدرات على زعزعة الاستقرار الإقليمي من خلال هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السفن التجارية، ولا سيما شحنات النفط.

ويؤكد الدكتور موانجي أن هذا التعاون يستفيد من الثغرات الموجودة في المنطقة، مما قد يؤدي إلى انتشار الأسلحة المتطورة والتكتيكات المُعقدة التي تعرقل جهود مكافحة الإرهاب والأمن البحري. ومع مواجهة الحكومة الصومالية لهذه التحديات المتزايدة، قد يتدهور الوضع الأمني في بونتلاند أكثر، مما سيؤدي إلى تداعيات على العلاقات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية في المنطقة.

من جانبها قالت الكاتبة الصحافية نهاد الجريري، مُقدمة ومُعدة برنامج المرصد على أخبار الآن، إنه في ملف التعاون بين الحوثيين وجماعة الشباب تبرز مسألة شرعية هامة تتعلق بالهوية الدينية للطرفين. فجماعة شباب جماعة جهادية تنتمي إلى تنظيم القاعدة الذي يُكفّر المذهب الشيعي الذي عليه الحوثيون ذراع إيران في المنطقة. كثير من أنصار القاعدة يتخذون هذا التأصيل ملاءة لتكذيب أنباء التعاون هذا.

 

إيران والحوثيون: شراكة تهريب الأسلحة تعصف بأمن بونتلاند الصومالية

وأضافت : والحقيقة أن هذا الجدل حول معضلة مشروعية التعاون مع إيران احتدم في العام الأخير مع بدء الحرب في غزة بالنظر إلى تبعية حماس المعلنة لطهران. وعليه، أخفق منظرو الجهادية في الاتفاق على فتوى تجيز أو تحرم مثل هكذا تعاون؛ بل إن الفجوة تتسع كل يوم بين أوساط الجهاديين أنفسهم وبين الجهاديين وقيادة تنظيم القاعدة التي تصدر بيانات تخالف ما ذهب إليه المُنظّرون حتى بات بعض الجهاديين يسألون مَن بات يفتي للقاعدة؟! فمن الواضح أن قيادة التنظيم قررت التعاون الحوثيين المدعومين إيرانياً من خلال فرعها في اليمن. التعاون هنا لا يقتصر على السلاح وإنما يمتد إلى تنفيذ هجمات ضد القوات اليمنية المدعومة عربياً حتى صار تنظيم القاعدة درعاً يحمي الحوثيين وذراعاً تمتد إلى الجنوب.

وتابعت : بحسب مصادر الإعلام الرسمي للتنظيم، توقفت قاعدة اليمن توقفاً تاماً عن تنفيذ هجمات ضد الحوثيين بدءاً من يوليو العام ٢٠٢٢. في المقابل، وجهت طاقاتها لمهاجمة القوات اليمنية المدعومة عربياً بدءاً من سبتمبر ذلك العام. ويبدو أن هذه ”الرخصة“ الشرعية تنسحب أيضاً على جماعة شباب في الصومال؛ حتى إن حساباً جهادياً مخضرماً مثل حساب ”أنباء جاسم“ رأى أن التعاون بين القاعدة وإيران قرار صريح اتخذته قيادة التنظيم منذ فترة.

وأكدت الجريري على إنه غير معروف من يقف وراء حساب أنباء جاسم ولكنه حساب أثبت ولاءه للقاعدة وإن كان اتخذ موقفاً ناقداً لقيادة التنظيم في الأعوام الأخيرة بسبب ما يعتبره أحياناً تعنّت ”الجيل القديم“ وتهميشهم لجيل الشباب من القاعديين ومن ذلك مسألة التعامل مع إيران خاصة وأن قيادة التنظيم ممثلة بسيف العدل تتخذ من طهران مركزاً لإدارة العمليات. أنباء جاسم لا يرى أن التعاون مع إيران أو أذرعها في المنطقة أمر محظور أو منبوذ إن أعلنت القيادة ذلك وأصلته تأصيلاً شرعياً واضحاً. في أكثر من منشور على منصة إكس، يعلق هذا الحساب على التعاون بين الحوثيين وشباب ضمن ”إشكالية التأويل“ كما يصفها، واتساع ”الفجوة“ بين قيادة التنظيم وكوادره.

الاستنتاجات والخلاصة

في ظل توسع مشروع “جهاد طروادة” الذي تقوده جماعات مسلحة مثل الحوثيين والذي تبنت أخبار الآن الكشف عنه في الكثير من التقارير والتحقيقات الصحفية والأفلام الوثائقية ، أصبحت منطقة بونتلاند الصومالية مركزاً لنفوذ متزايد يشكل تهديداً حقيقياً لاستقرار القرن الأفريقي. لأن هذا المشروع يعكس استراتيجية إقليمية تعتمد على التعاون مع جماعات متطرفة أخرى، كحركة الشباب، بما يخدم أهدافاً توسعية تتجاوز حدود اليمن. ويعتمد المشروع على تهريب الأسلحة وتجنيد عناصر جديدة في بيئات غير مستقرة، مما يعزز من وجود الحوثيين ويضعف محاولات الحكومة الصومالية للسيطرة على حدودها البحرية والبرية، في ظل فساد داخل القوات الأمنية المحلية الذي يسهل هذا النشاط.

التعقيد المتزايد للأوضاع في بونتلاند يعكس فشلاً واضحاً في احتواء التهديدات الإرهابية، إذ تسهم التحالفات بين الحوثيين وحركة الشباب في تصعيد المخاطر على الأمن الإقليمي، خصوصاً في المناطق الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية. يتطلب الوضع الحالي استجابة سريعة ومنسقة من الحكومة الصومالية، والدول الإقليمية والدولية، لتعزيز أمن المنطقة وحماية الممرات البحرية التي تعتبر حيوية للتجارة العالمية، إلى جانب الحفاظ على سلامة المجتمعات المحلية من تداعيات مشروع “جهاد طروادة” الذي يهدف إلى نشر الفوضى وتوسيع النفوذ عبر أدوات غير قانونية وعبر الحدود.