من ذكرى أليمة إلى حدث تراثي.. موصليّون يحتفلون بيوم التراث الموصلي
- الاحتفالات تستمر لثلاثة أيام
- يشارك في الاحتفالات 50 شخصا يمثلون أكثر من 50 مهنة موصلية أغلبها مهددة بالانقراض
احتفل أهالي الموصل، الثلاثاء، بيوم التراث الموصلي في أزقة وبيوت تراثية مجاورة لمنارة الحدباء الشهيرة في المنطقة القديمة من مدينة الموصل شمال العراق.
الاحتفالية التي تستمر لثلاثة أيام، حيث انطلقت هذه الاحتفالية بمشاركة شعبية واسعة تضمنت أكثر من 150 شخص يرتدون أزياء فلكلورية موصلية تمثل الطوائف والأديان المتعددة التي تتميز بها مدينة الموصل، كذلك بمشاركة أكثر من 50 شخصا يمثلون أكثر من 50 مهنة موصلية أغلبها مهددة بالانقراض.
فقرات المهرجان في يومه الأول كانت عديدة، فقد تضمنت مشاركة أشخاص يرتدون أزياء تمثل الطقوس التي كان يعيشها سكان مدينة الموصل في السابق كساعي البريد والحكواتي والشقاوة والجندرما أيضاً.
صقر آل زكريا مدير مؤسسة بيتنا للثقافة والفنون والتراث ومنظم الاحتفالية تحدث لـ “أخبار الآن”: “اخترنا يوم 21 حزيران كيوم للتراث الموصلي بالتزامن مع ذكرى تفجير منارة الحدباء، لأن الإرهابيين كانوا يعتقدون بأنهم يحاولون تعكير مستقبل وحاضر وماضي الأجيال بتفجيرهم لأحد أهم المعالم الأثرية في الموصل ونجحوا في حد معين بتفجير المنارة واصابوا هوية الموصل بضرر لأن المنارة هي هوية الموصل”.
الاحتفالية تتزامن مع الذكرى الخامسة لتفجير منارة الحدباء من قبل تنظيم داعش
وتتزامن احتفالية يوم التراث الموصلي مع الذكرى الخامسة لتفجير منارة الحدباء الشهيرة من قبل تنظيم داعش الإرهابي.
وكان داعش قد قام بتفجير المنارة في الحادي والعشرين من حزيران عام 2017 خلال عمليات تحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل العراقية.
وتحدث صقر عن تفجير المنارة قائلاً: “تفجير منارة الحدباء كان عملا قاسيا وأليما على سكان مدينة الموصل وأثر في نفوسهم ، لذلك تحديد يوم التراث الموصلي بهذا اليوم هو رد وانتصار على هذه الظلامية، أردنا أن نحول هذا اليوم من يوم حزين إلى يوم سعيد وإيجابي وهي أن المنارة بدأت تعود وبدأت تتعمر وهذه هي فلسفة اختيار يوم التراث الموصلي”.
“الاحتفال كان عميقا أكثر ودقيقا في اختيار المكان والأزياء والمهن والتفاصيل الفنية الأخرى، كان هدفنا أن يعيش الزائر الأجواء القديمة وتنشيط للذاكرة الموصلية وإعادة انتماء المواطن لمدينته لأن الحرب سببت ضررا كبيرا للهوية الموصلية، لذلك نحن نعتقد أن مثل هكذا فعاليات وتكرارها سيصلح هذا الشرخ الذي سببته الحرب على الهوية الموصلية وإنتماء المواطن لها”، يقول صقر آل زكريا مدير مؤسسة بيتنا للثقافة والفنون والتراث ومنظم الاحتفالية.
وشهدت الاحتفالية العديد من الفقرات الفنية والثقافية كبيوت لعرض المهن الموصلية واللوحات الفنية وفقرات للغناء والرقص الفلكلوري وندوات ثقافية على هامش الاحتفالية.
يقول صقر “ستكون هذه الاحتفالية سنوية نحتفل بها في أماكن مختلفة ومن الممكن ان يحتفل اي شخص بهذا اليوم في السنة القادمة كجامعات ونقابات وقطاعات خاصة وعامة ، وسنعمل هذه السنة على أن أي يقر هذا اليوم كيوم وطني في مجلس النواب العراقي كيوم رسمي للمدينة”.
هذه الاحتفالية أقيمت في داخل 10 بيوت تراثية مجاورة لمنارة الحدباء قامت بتعميرها مؤخراً منظمة اليونسكو.
منارة الحدباء يتم تعميرها حالياً من قبل منظمة اليونسكو وبدعم مالي من دولة الإمارات العربية المتحدة في مبادرة “إحياء روح الموصل” التي تضم ثلاثة مشاريع تهدف لإحياء الرموز الاثرية في المدينة.
يتحدث محمد مسعود جمعة مدير مؤسسة خلوها أجمل الشريك التنظيمي للحفل لقناة الان حول اهمية وما تتميز به هذه الاحتفالية عن غيرها قائلاً “لأول مرة تقام هكذا إحتفالية بهذه الضخامية وبهذا النوع لان الاحتفالية تقام في منطقة قديمة وليست في قاعات او حدائق كما في السابق ، اخترنا بيوت تراثية تم تعميرها مؤخراً ، داخل هذه البيوت احضرنا الحرف الموصلية القديمة ، هذه الحرف مهددة بالانقراض ، لذلك اردنا الترويج لها بطريقة غير مباشرة”.
وأضاف: “ما يميز هذه الاحتفالية هو التنوع كل شي ممكن تشوفه بهذه الاحتفالية الشعبية ، كل تفاصيل الحياة القديمة للموصليين راح تشوفها بهذه الاحتفالية ، راح تشوف تنوع الأديان والطوائف الي تتميز بيها مدينة الموصل ومحافظة نينوى بشكل عام من مسيحيين ومسلمين وإيزيديين وكرد وعرب وصابئة وشبك ، كل هذه المكونات كدرنا نجمعها بمكان واحد الي هي المنطقة القديمة من الموصل”.
وأوضح: “من خلال الأشخاص الي يرتدون الزي الفلكلوري والأشخاص الي يمثلون شخصيات كانت موجودة سابقاً بالحياة الموصلية كالجندرما وساعي البريد والحكواتي والشقاوجي، ردنا نوصل فكرة انه هذه الطقوس التي كانت موجودة سابقاً وبمرور السنين انقرضت لازم ترجع هذه الطقوس ولازم يشوفوها الشباب ويتعرفون على اسلوب الحياة القديمة للموصليين وراح ترجع هاي الطقوس بكثرة المهرجانات”.
الاحتفالية شهدت إقبالا شعبيا كبيرا وتفاعلا جيدا من قبل سكان مدينة الموصل المتعطشين لمثل هذه الاحتفالات بعد حقبة سيئة عاشتها المدينة لثلاث سنوات.
يقول عثمان أنيس أحد زوار الاحتفال “وجود هكذا عدد من السكان بهذه الاحتفالية يثبت أن الموصل وسكانها عادوا ليهتموا بتراثهم وموروثهم الشعبي بعد الهجمة الظلامية لداعش، ومن جانب آخر يسعى شباب الموصل بالترويج لتراثهم وآثارهم وهذا ما تشهده المدينة في الآونة الأخيرة من زيارة لسياح أجانب من عدة دول مختلفة”.
وتقول الشابة إسلام ثامر “إن هذه الاحتفالية أو المهرجان تدل على استتباب الأمن والسلام في مدينة الموصل، وعودة النشاطات الثقافية والتراثية للمدينة من جديد والتي تهدف لتسليط الضوء على الاثار والتراث لإعادة ترميمها وحفظها”.
وتشهد مدينة الموصل العراقية بعد تحريرها من تنظيم داعش نشاطات وفعاليات مختلفة كمهرجانات ثقافية وفنية ومبادرات شبابية وافتتاح بيوت تحاكي التراث والموروث الشعبي للمدينة العريقة بتراثها واثارها القديمة.