بدء موسم الحج دون أي قيود بعد نهاية جائحة كورونا
توافدت قوافل حجاج بيت الله الحرام، مساء الأحد، ليلة الثامن من شهر ذي الحجة، إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، اقتداء بسنة الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وسط تكامل في الخدمات والإمكانات التي أعدتها مختلف الجهات المعنية بشؤون الحج والحجاج في السعودية.
فيما انطلقت، فجر أمس الأولى، أولى رحلات قطار المشاعر المقدسة لموسم الحج لعام 1444ه، والتي تستمر سبعة أيام، يتم خلالها نقل الحجاج عبر قطار المشاعر المقدسة بين محطاته التسع في منى وعرفات ومزدلفة.
نافذة مفتوحة على جماليّات المشاعر، هنا:https://t.co/I7Oh7oWPXX#أذن_بالناس #بسلام_آمنين#مكة_والمدينة_في_انتظاركم_بشوق pic.twitter.com/BgCdZj6SgD
— وزارة الحج والعمرة (@HajMinistry) June 25, 2023
ويبدأ الحجاج، اليوم الاثنين، بيوم التروية، وغداً الثلاثاء، التاسع من ذي الحجة 1444 الوقوف بعرفة، إلا أن مناسك الحج كاملة تبدأ من قبل يوم عرفة بدءاً من مرحلة الإحرام من الميقات والذي يعد بمثابة النية للحج.
وأدى مئات آلاف الحجّاج الأحد “طواف القدوم” حول الكعبة المشرفة في مدينة مكّة المكرّمة، في مستهلّ مناسك حجّ تنطلق بأعداد مماثلة لما قبل جائحة كوفيد.
وفاضت شوارع مكّة بآلاف الحجّاج من جنسيّات مختلفة، بعدما سمحت السعوديّة للمسلمين بأداء فريضة الحجّ هذا العام من دون أيّ قيود على عدد الحجّاج وأعمارهم.
والسبت، طاف حول الكعبة حجّاج بملابس الإحرام البيضاء، بينهم نساء ارتدى بعضهنّ عباءات ملوّنة. وحمل كثير منهم مظلات للوقاية من الشمس الحارقة، فيما كان آخرون يصلّون ويدعون على الأرضيّات الرخاميّة البيضاء التي تفوح منها رائحة المسك.
وقال الموظّف المصري المتقاعد السيد عبد العظيم (65 عاما) “أعيش أجمل أيّام حياتي”.
وتابع الرجل فيما كان يهّم بالطواف “الحلم أصبح حقيقة”، مشيرا إلى أنّه دفع 175 ألف جنيه (5600 دولار) للرحلة التي يدّخر لها منذ 20 عاما.
ووصل أكثر من 1,6 مليون حاجّ من خارج المملكة على ما أعلنت السلطات السعوديّة مساء الجمعة، وهو رقم يتجاوز عدد الحجيج العام الماضي بفارق كبير، فيما لم تُعلن بعد أعداد الحجّاج من داخل السعودية.
وتتوقّع السلطات السعوديّة مشاركة أكثر من مليوني حاج من 160 بلدا هذا العام.
وقال مسؤول في وزارة الحجّ والعمرة رفض الكشف عن اسمه كونه غير مخوّل التحدث للإعلام لوكالة فرانس برس الأحد، “لو سارت الأمور على هذا النحو، سنشهد هذا العام أكبر موسم حج في التاريخ” مضيفًا أن “الأعداد ستتجاوز 2,5 مليون حاج من الخارج والداخل”.
وأكد أن “الوزارة أصدرت 1,8 مليون تأشيرة حج للخارج”.
وشهد الحج العام الماضي مشاركة 926 ألف حاج، بينهم 781 ألفا من الخارج، بعد عامين من اقتصاره على بضع آلاف من سكّان المملكة وحدها.
وفي عام 2019، شارك نحو 2,5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في مناسك الحج السنويّة، وهو واحد من أركان الإسلام الخمسة وفريضة لا بُدّ للمسلمين القادرين من تأديتها مرّةً واحدة على الأقلّ في حياتهم.
وبعد ثلاثة أعوام من حجّ محدود، عادت المرافق السعوديّة والمواقع الدينيّة تغصّ بالحجّاج، فيما تكتظّ الأسواق والمطاعم التي كانت شبه مقفرة أثناء الجائحة.
وتفيض الشوارع المحيطة بالمسجد الحرام بألوف الحجّاج الذين يصلّون على سجّادات ملوّنة أمام الفنادق والمتاجر.
وفيما كانت تسير وسط حشود المصلّين الخارجين من المسجد الحرام بعد صلاة العشاء السبت، قالت ربّة المنزل الهنديّة شيما مقصود (52 عاما) إنها تعيش “سعادة غامرة لأنّ حلمي قد تحقّق” بزيارة مكّة المكرّمة وأداء الحج.
نعمة من الله
وبدءا من مساء الأحد، ينتقل الحجّاج بأعداد كبيرة إلى منى، على بعد حوالى خمسة كيلومترات من المسجد الحرام، قبل المناسك الرئيسيّة وهي صعود جبل عرفات الثلاثاء.
وكانت الاستعدادات في منى، أكبر مدينة خيام في العالم، تسير على قدم وساق الأحد مع إحضار كميّات كبيرة من الأطعمة والمشروبات وانتشار عناصر أمن يحملون مظلّات خضراء اللون.
وبعد ظهر الأحد، بدأ عدد من الحجاج، في ملابس الإحرام البيضاء، في التوافد على منى في حافلات صغيرة أو سيرا على الإقدام في ظل أجواء شديدة الحرّ.
وأقامت السلطات الكثير من المرافق الصحّية والعيادات المتنقّلة وجهّزت سيّارات إسعاف ونشرت 32 ألف مسعف لتلبية احتياجات الحجّاج.
وتنتشر سيّارات الإطفاء الصفراء اللون في أرجاء المكان، إذ سبق أن تسبّبت حرائق في حوادث دامية في منى.
وتبعث السلطات رسائل قصيرة على هواتف الحجاج تحثهم إحداها على “التعرف على أقرب طفاية حريق في مقر إقامتك”.
وقال الطالب الإندونيسي يوسف برهان (25 عاما) “هذه نعمة عظيمة. لم نتخيّل من قبل أنّنا سنؤدي الحج هذا العام”.
وتابع “لا أستطيع وصف مشاعري. أشكر الله”.
وأعرب صديقه مهدي الحامدي (27 عاما) عن فخره لأداء الحج قائلا إنّ “الحجّاج قوم مختارون من الله”.
وقال الشاب الذي ارتدى زيّ الباتيك الإندونيسي التقليدي، وقد غمرته مشاعر السعادة “هناك ملايين من الناس، والله اختار عددا قليلا لأداء الحجّ. هذا شرف عظيم لنا”.