تابع الحلقة الكاملة هنا:
ضيف الحلقة:
الأستاذ هشام النجار، الكاتب والباحث المصري، وصاحب كتاب “كيف تحاور متطرفاً”. الأستاذ النجار كان في فترة سابقة عضواً في الجماعة الإسلامية المصرية.
في هذه الحلقة، يتحدث النجار عن تجربته الشخصية التي صاغ منها معظم المحاور المُتناولة في كتابه الأخير حيث أجرى مراجعات فكرية قدّم على إثرها استقالته من الجماعة.
القاعدة
في اليومين الأخيرين من شهر مارس، أصدرت القيادة العامة للقاعدة المركزية في أفغانستان ثلاثة بيانات دفعة واحدة: واحد في رثاء قاسم الريمي زعيم تنظيم فرع اليمن الذي قُتل في أواخر يناير، تأكد قتله في ٢٣ فبراير وعُين خلفه خالد باطرفي في ١٩ مارس. والثاني في رثاء أبو عياض التونسي الذي تأكد قتله وآخرين في ٢٨ فبراير. والثالث كان في الكورونا.
القاعدة والكورونا
في ٣١ مارس، أصدرت القاعدة المركزية بياناً بعنون “السبيل لخروج البشرية من بطن الحوت: وصايا ومكاشفات بشأن وباء كورونا.”
أهم ما جاء في البيان هو دعوة الغرب إلى الدخول في الإسلام. تخاطب القاعدة الغرب وتعرض عليهم أن يكونوا شركاء “في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض.” ويستند البيان في هذه الدعوة إلى اعتبار الإسلام “ديناً وقائياً نظيفاً.” وفيما يتفق البيان مع جهاديين آخرين في حكمة عدم دخول أرض مؤبوءة أو الخروج منها.
اللافت أننا لا نقرأ ما يشي بأن القاعدة ترفض إغلاق المساجد؛ وهو من الأمور التي لا تزال تشكل جدلاً عند كثير من منظري الجهادية. تنظيم القاعدة يعتبر أن منع صلوات الجماعة هو “نذير … وأمارة من أمارات غضب الجبار جل جلاله،” من دون أن يتطرق إلى إغلاق المساجد.
داعش والكورونا
تتفق القاعدة وداعش فيما يتعلق بمسألة العزل وعدم دخول أرض موبوءة أو الخروج منها؛ ومسألة إغلاق المساجد؛ فداعش لم يتطرق إليها.
وكذلك يتفقان في مسألة قواعد النظافة التي نتعلمها كجزء من الوضوء للصلاة، علماً أن غسل اليدين المطلوب للوقاية من الكورونا يتجاوز الماء وحده.
يختلف التنظيمان في استغلال الكورونا. فبينما القاعدة تنتهز الفرصة لدعوة الغرب للإسلام، داعش يدعو أنصاره إلى استغلال انشغال الغرب بهذا الوباء لتنظيم هجمات ضده.
هيئة تحرير الشام والكورونا
بنفس المنطق تقريباً، كتب محمد ناجي أبو اليقظان، رجل الدين الذي استقال من هيئة تحرير الشام بسبب خلاف مع الجولاني، كتب في دورية “البلاغ” التي يصدرها أن ثمة فرصة جديدة أمام “الثورة السورية” لإعادة رسم الخريطة وذلك باستغلال الوضع الراهن بعد أن انكفأت الدول الضالعة في المسألة السورية على نفسها وانشغلت بشؤونها في ضوء مكافحة الكورونا. أبو اليقظان يدعو إلى “اقتناص الفرص واستعادة زمام المبادرة.”
لكن في إدلب ومحيطها التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، الجولاني، تسير الامور في اتجاه آخر.
ما يُسمى بـ حكومة الإنقاذ، الذراع السياسية للهيئة، أصدرت في اليومين الأخيرين من مارس تعليمات بإغلاق الأسواق والمدارس والجامعات. يوم الخميس، أصدرت قراراً بإغلاق المساجد وتعليق صلوات الجماعة والجمعة.
هذا البند الأخير جدد المشاكل بين الجولاني ومعارضيه التقليديين وهم شخصيات قيادية أو دينية انشقوا أو فُصلوا من الهيئة بسبب خلافات مثل محمد ناجي أبو اليقظان وطلحة المسير وعصام الخطيب.
هؤلاء يعتبرون أن المرض لم يتفشى في إدلب، وأن “الفتوى” تقضي بعدم إغلاق المسجد والسماح بالصلاة للأصحاء فقط. ويضيفون أن حكومة الجولاني لم تتخذ إجراءات تتعلق بإغلاق صالونات الحلاقة مثلاً، أو ازدحام اللاجئين في المخيمات؛ أو منع الدعوة إلى التجمهر يوم الجمعة على طريق ألـ M4 الواصل بين حلب واللاذقية احتجاجاً على توغل القوات الروسية المساندة لقوات الأسد.
حراس الدين
وفي وسط كل شيئ، نشرت مؤسسة شام الرباط الإعلامية الناشرة لنشاطات حراس الدين صوراً مما قالت إنه حملة قام بها المكتب الدعوي للتنظيم في ريف إدلب من دون تقديم أي تفاصيل.
وفي خبر متصل، كان التنظيم أعلن عن سرقة سيارة بك أب يوم ٢٧ مارس. أنصار داعش علقوا: “أي دين هذا الذين يحرسونه وهم سياراتهم لم يحافظوا عليها ويحرسونها.”
بيان متأخر: الظواهري ينعى الريمي
إذاً، وأخيراً نعى الظواهري الريمي، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب. البيان المتأخر الصادر مساء الاثنين (٣٠ مارس) أغدق في وصف الريمي حتّى عدّه “علماً من أعلام الجهاد الفتية.”
كما استرسل البيان في الإشادة بالزعيم الجديد للتنظيم، خالد باطرفي. وقال عنه إنه يتمتع بـ”خبرة كبيرة، وحكمة، وحسن تقدير وقيادة.” ودعا الجميع في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى “السمع والطاعة لأميرهم، والإلتفاف حول قيادتهم ومواصلة الجهاد.” ربما كان هذا الكلام إنشائياً، لكن قد نقرأ فيه أن ليس كل تنظيم القاعدة في اليمن راضٍ عن باطرفي وهو رجل دين أكثر منه رجل حرب؛ كما أن قراره الانسحاب من المكلا في أبريل ٢٠١٦، لم يلق ترحيب كثيرين ومنهم قيادات في التنظيم.
وفي نفس الساعة، نشرت القاعدة المركزية بياناً يرثي أبا عياض التونسي القيادي في تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ومؤسس جماعة أنصار الشريعة في تونس.
البيان أسهب في استعراض سيرة أبي عياض ومآثِره من دون أن يتطرق إلى الجسم الأكبر الذي ينتمي إليه وهو تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي؛ بخلاف بيان الرثاء الذي تلاه أبو مصعب عبدالودود دروكدال زعيم فرع القاعدة في المغرب الإسلامي في ٢٨ فبراير عندما قدّم لأبي عياض بأنه عضو مجلس شورى التنظيم وزعيم أنصار الشريعة؛ وكذلك قدّم للقيادي الآخر الذي قتل معه وهو يحيى أبو الهمّام أو جمال عكاشة، عضو مجلس شورى التنظيم ونائب إياد آغ غالي زعيم نصرة الإسلام والمسلمين. الهجوم الفرنسي على مالي في فبراير ٢٠١٩، قتل رجالاً آخرين ذكرهم بيان دروكدال، لكن بيان القاعدة لم يذكر أي شخص خلاف أبي عياض.
داعش وطالبان
صدر العدد ٢٢٨ من صحيفة التنظيم الأسبوعية النبأ يوم الخميس ٢ أبريل ٢٠٢٠.
أبرز ما فيه كان الافتتاحية التي جاءت هذا الأسبوع بعنوان “هزمت أمريكا ولما ينتصر الإسلام بعد،” عن اتفاق طالبان وواشنطن في أفغانستان.
وربما كان هذا أكثر رد رسمي من داعش على الاتفاق.
منذ توقيع الاتفاق في ٢٩ فبراير، جاءت افتتاحيتان على ذكر طالبان. في العدد ٢٢٤ الصادر في ٥ مارس كان الحديث عن الحكومات التشاركية بين الجماعات المقاتلة، مثل طالبان، والحكومات المدنية. وُصفت مثل هذه الجماعات بـ الصحوات.
وفي العدد ٢٢٥ الصادر في ١٢ مارس،وكان الحديث عن “ربيع الجهاد في خراسان”؛ عن هجمات التنظيم في أفغانستان في ضوء اتفاق طالبان “المرتدين” مع واشنطن.
في هذا العدد الأخير ينتقل النقد إلى مستوى آخر. والخلاصة هي:
- يقر داعش بأن الاتفاق يعتبر هزيمة لـ أمريكا
- في توليفة غريبة، يلمح التنظيم إلى أن الهزيمة ربما كانت قراراً من أمريكا بالانسحاب بسبب عدم قدرتها على مواجهة داعش
- لكن هذه الهزيمة تعتبر نصراً منقوصاً على اعتبار أن المهم بحسب داعش هو ليس خروج “العدو” بل الحكم بالشريعة
- يعتبر التنظيم أن طالبان لن يحكموا بالشريعة لأنه مطلوب منهم التوافق مع المكونات الأخرى للحكم في أفغانستان
- بالنسبة للتنظيم الانتصار على العدو شيئ وانتصار الإسلام على الكفر شيئ. ويعتبرون أن التلازم بين الاثنين يصدق في حالة أنصار داعش فقط “الذين إن تمكنوا من الأرض أقاموا الدين الذي به يعملون فيها،” أما طالبان فقد “انحرفوا عن الدين.”
هشام النجار، الباحث والكاتب المصري، يعتبر أن القاعدة ستبحث عن موطئ قدم لها عند طالبان حتى تستأثر بما تحقق على الأرض. في المقابل، يضيف النجار أن ثمة “ثنائية” في العلاقات بين الجماعات الجهادية، ويقول: “جاءت القاعدة لتسيطر على الإخوان، وجاءت داعش لتسيطر على القاعدة، وجاءت طالبان لتسيطر على داعش، وهكذا.”
داعش البشع من جديد
أصدر ما يسمى المكتب الإعلامي لولاية الشام فيديو من نصف ساعة تقريباً بعنوان ملحمة الاستنزاف (٢) عن هجمات قام بها التنظيم في منطقة حمص.
الإصدار بشع كالعادة. تفنن في طرق القتل لا يختلف بشاعة عن أي ظالم أو سادي يتلذذ بقتل الآخرين من نحر وأكثر.
في لقطة يأسر دواعش اثنين من نظام الأسد. يجعلون أحدهما يحمل الآخر ويمشي وهم يرددون كلماتٍ تُقال لحثّ البهائم. لأن أحدهما يعمل في صناعة الألغام، يضعون لغماً في حضنه ويفجرونه؛ والآخر يعمل على مدفع رشاش، فيقتلونه بالمدفع. ويجعلون آخر يحفر قبره ويلصقون به مفخخة ويفجرونها.
قاعدة الصومال
من الأخبار اللافتة أيضاً هذا الأسبوع، قالت مؤسسة الهجرة إن المحكمة الإسلامية التابعة لجماعة الشباب الصومالية أقامت حد “الردة” على ستة ممن وصفتهم الجواسيس يعملون لصالح الاستخبارات الأمريكية والكينية والصومالية في مدينة بوالي بولاية جوبا جنوب الصومال.
الأسبوع الماضي كانت الجماعة عقدت اجتماعاً تشاورياً أفضى إلى التأكيد على حكم التعامل مع الحكومة الصومالية باعتبارها علمانية وبالتالي التعاطي معها كفر.