أخبار الآن | متابعات
تعتبر السعودية أن إيران تشكل تهديداً كبيراً على الشرق الأوسط بسبب دعمها للميليشيات التي تعتبرها الرياض سبب إشعال العنف الطائفي في المنطقة، بحسب مقال كتبه د. شاؤول شاي الباحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في هرتسليا في إسرائيل.
ويعد العداء بين إيران والقاعدة علنيا وواضحا للغاية، إذ أنه بالنسبة للقاعدة وحلفائها مثل الشباب الصومالية، لا يعد الشيعة مسلمين حقيقيين ويجب معاملتهم كمنبوذين، أو مرتدين عن الدين.
أما بالنسبة لإيران، فإن القاعدة والشباب الصومالية متطرفون يسيئون للشيعة، لكن على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية والدينية بينهما، نجحت إيران والقاعدة في تجاهل الصراع الشيعي السني من أجل التركيز على القتال ضد الأعداء المشتركين.
وفي السنوات الأخيرة، كانت هناك مؤشرات متزايدة على أن إيران وفرع تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا – جماعة الشباب في الصومال – يتقاربان، إذ أنه بالنسبة لإيران، يعد العمل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل جماعة الشباب الصومالية والحوثيين في اليمن جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها، التي تهدف إلى توسيع نفوذها الجيوسياسي في جميع أنحاء المنطقة.
وتستخدم إيران هذه المجموعات لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وخلق توازن قوى جديد بين القوى الإقليمية والدولية الناشطة في المنطقة، وذلك من خلال المتمردين الحوثيين في اليمن وجماعة الشباب في الصومال، إذ تكتسب بذلك القوة لتهديد الممر البحري الحيوي لباب المندب والبحر الأحمر، وبذلك أيضاً يمكن لإيران مهاجمة المصالح الأمريكية في البحر الأحمر وأفريقيا من خلال علاقاتها المباشرة مع جماعة الشباب الصومالية.
وبدوره صرح قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا، الجنرال في الجيش ستيفن تاونسند، للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب أن “الشباب هي أكبر وأعنف ذراع للقاعدة، وإنهم يشكلون تهديدًا خطيرًا ليس فقط للشعب الصومالي، ولكن للمنطقة بأكملها، معطياً مثال واحد وهو الهجوم الأخير في كينيا، ومثال آخر هو تهديداتهم للسفارات في الإقليم خارج الصومال، مضيفاً “أود فقط أن أقول إنني على قناعة بأن جماعة الشباب تشكل، حاليا، تهديدا كبيرا للمصالح الأمريكية في المنطقة “، مردفاً إن هذا التهديد للمصالح الأمريكية سيظل يظهر سواء كانت القوات الأمريكية في الصومال أم لا، قائلاً “أعتقد أيضًا أنه إذا تركت دون رادع – نمارس حاليا قدرًا معقولاً من الضغط على جماعة الشباب – أعتقد أن ذلك سيتحول إلى تهديد دولي”.
العلاقات بين الحكومة الصومالية وإيران
قطع الصومال العلاقات مع إيران في يناير 2016، قائلاً إن طهران تدخلت في الشؤون الصومالية وهددت الأمن القومي وأن مقديشو منحت الدبلوماسيين الإيرانيين 72 ساعة للمغادرة.
وبدوره، انضم الصومال إلى كلٍ من السعودية والسودان والبحرين في قطع العلاقات مع إيران وخفضت دول أخرى علاقاتها مع إيران. وكانت المملكة العربية السعودية قد قطعت العلاقات مع إيران بعد أن هاجمت حشود من المحتجين، اثنين من مواقعها الدبلوماسية في إيران وجاءت تلك الهجمات بعد أن أعدمت السعودية رجل دين شيعي معارض بارز.
وقالت وزارة الخارجية الصومالية في بيان لها : “إن هذه الخطوة اتخذت بعد دراسة متأنية وردا على التدخل الإيراني المستمر في الشؤون الداخلية الصومالية”، ولم يذكر الصومال التوترات بين إيران والسعودية ولم يذكر تفاصيل بشأن التدخل المزعوم، وفي الوقت ذاته تسعى إيران إلى معاقبة الصومال التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، ولا تزال مقديشو تتأثر سلبًا بالشؤون الإيرانية في الداخل، الأمر الذي يشكل تهديدًا للأمن القومي الصومالي.
وبدورها استغلت السفن الإيرانية عجز الحكومة الفيدرالية الصومالية عن حماية ساحلها على طول البحر الأحمر، مما يهدد صناعة صيد الأسماك في الصومال، وبين يناير 2019 وأبريل 2020، سجلت السلطات الصومالية أكثر من 100 صيد إيراني غير قانوني في المياه الصومالية.
إيران والشباب
يعتبر القرن الإفريقي نقطة وصل بين إيران والصومال واليمن، إذ طورت إيران علاقاتها مع جماعة الشباب المتشددة في الصومال لتعزيز المصالح الإيرانية والعمل ضد أعداء إيران في الصومال والمنطقة.
هذا فيما أثبتت إيران وجودها في الصومال من خلال فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإسلامي (IRGC)، ويستخدم فيلق القدس شبكات تعمل بالوكالة لتوجيه الأسلحة إلى مليشيات الحوثي في اليمن ونقل الأسلحة إلى دول أخرى في إفريقيا مثل كينيا وتنزانيا وجنوب السودان وموزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى.
ويحافظ فيلق القدس على علاقات مع شبكات إجرامية يستخدمها للتحايل على العقوبات الأمريكية من أجل تهريب النفط الإيراني إلى الصومال ودول أفريقية أخرى وبيعه لاحقًا بأسعار رخيصة في جميع أنحاء إفريقيا لتخريب العقوبات الأمريكية، وتستخدم بعض المكاسب لدعم مقاتلي الحوثي في اليمن والشباب في الصومال.
أما عن جماعة الشباب فتريد ضمان استمرارها في تلقي التمويل والأسلحة لتمكينها من مواصلة أنشطتها في الصومال والمنطقة، وهذا من شأنه أن يعزز موقعها، وتمكينها من جذب مجندين جدد وتقليل الانشقاقات في تنظيم داعش، كما تحرص الجماعة على بسط سيطرتها الجغرافية على مناطق في وسط وجنوب الصومال، في ظل الوضع الأمني السيئ في البلاد وضعف الجيش الصومالي.
إيران تزود الشباب الصومالية بالسلاح
وبدوره، أكد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنه منذ عام 2017 ترسل إيران شحنات أسلحة إلى الصومال وتحديداً إلى جماعة الشباب مقابل كميات كبيرة من اليورانيوم!
وفي عام 2017، أفاد فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة المعني بالصومال أنه تم تهريب الأسلحة إلى بونتلاند إما على متن سفن كبيرة مسافرة من إيران عبر المحيط الهندي أو في قوارب أصغر، وأشار تقرير آخر إلى أنه في مارس 2017، قامت سفينة فرنسية باحتجاز سفينة إيرانية في المحيط الهندي كانت تنقل أسلحة من كوريا الشمالية إلى الصومال.
واكتشفت بعض القوات الصومالية التي اشتبكت مع جماعة الشباب في معاقلها، اكتشفت أسلحة ومتفجرات وأجهزة كيماوية إيرانية الصنع، وأشار بعض المراقبين إلى أن تصاعد الهجمات التي تشنها جماعة الشباب في السنوات الأخيرة كان ممكنا فقط بسبب حصولهم على أسلحة من مصادر أجنبية، وفي مقدمتها إيران.
هجمات إيران والشباب الصومالية على أهداف أمريكية
قدمت إيران لجماعة الشباب الصومالية دعما ماليا وماديا وربما دفعت مكافآت لمتشددين لمهاجمة القوات الأمريكية في الصومال والمنطقة.
وربما تم استخدام الأموال والأسلحة الإيرانية في عامي 2019 و 2020 في هجمات جماعة الشباب على قاعدة عسكرية أمريكية في الصومال وقافلة عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي في مقديشو (2019) وقاعدة عسكرية أمريكية في كينيا (2020).
وصدت القيادة الأمريكية في إفريقيا وقوات الدفاع الكينية في 5 كانون أول / ديسمبر 2019 هجوماً على مهبط طائرات ماندا بالقرب من قاعدة كامب سيمبا الأمريكية في مقاطعة لامو قرب الحدود الكينية مع الصومال. وقتل في الهجوم جندي أمريكي ومتعاقدان مدنيان يعملان في وزارة الدفاع وأصيب اثنان آخران من أفراد وزارة الدفاع الأمريكية، وأعلنت جماعة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم وقال الجيش الكيني إنه قتل أربعة إرهابيين على الأقل في صد الهجوم.
وفي 30 أيلول/ سبتمبر 2019 شنت جماعة الشباب هجومين على أهداف عسكرية أمريكية وأوروبية في الصومال، وكان الهجوم الأول على مهبط طائرات بلدوغلي العسكري وهو قاعدة للقوات الأمريكية والصومالية في منطقة شابيلي السفلى في جنوب الصومال، هذا وفجر انتحاري سيارة مفخخة محملة بالمتفجرات عند بوابة مهبط طائرات بلدوغلي. يستخدم الجيش الأمريكي قاعدة مهبط بلدوغلي لإطلاق طائرات بدون طيار تهاجم أهداف جماعة الشباب ولتدريب القوات الصومالية!
والهجوم الثاني نفذه انتحاري بسيارة ملغومة استهدف جنود حفظ السلام الإيطاليين في مقديشو، استهدف الانفجار قافلة من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأوروبي، لكنه أصاب مدنيين صوماليين كانوا في الجوار.
مؤامرة الشباب الصومالية لتزويد إيران باليورانيوم
وترتبط إيران وجماعة الشباب بعلاقة متبادلة المنفعة، بينما تزود طهران المجموعة بالأسلحة والمواد والدعم اللوجستي، في المقابل تزود جماعة الشباب إيران باليورانيوم من المناجم الخاضعة لسيطرتها لاستخدامه في برنامجها النووي.
وطلبت الحكومة الصومالية في يناير/ كانون الثاني 2017 من الولايات المتحدة تقديم “مساعدة عسكرية فورية” لأنها قالت إن مقاتلي الشباب يخططون لتزويد إيران باليورانيوم، وفي رسالة إلى السفير الأمريكي في الصومال ستيفن شوارتز ، قال وزير الخارجية الصومالي يوسف غراد عمر إن الجماعة المتشددة استولت على “رواسب اليورانيوم المكشوفة السطحية” في وسط الصومال، في منطقة غالمودوغ وتنوي نقل اليورانيوم إلى إيران.
والرسالة مفادها أن القضية تمثل مشكلة للمجتمع العالمي الأكبر ولن يتم تقييدها داخل حدود الصومال، وقال وزير الخارجية في الرسالة إن “الولايات المتحدة وحدها هي التي تملك القدرة على تحديد وسحق عناصر جماعة الشباب العاملة داخل بلادنا”.
تجارة الشباب غير المشروعة بالفحم الصومالي
هذا وتمكنت جماعة الشباب من مواصلة تجارتها غير المشروعة في الفحم الصومالي باستخدام الموانئ الإيرانية كنقاط عبور والسفن الإيرانية والتوثيق كغطاء.
وتستخدم جماعة الشباب إيران كنقطة عبور للتصدير غير المشروع للفحم الصومالي، إذ أنه في تقرير صدر في أكتوبر 2018 عن انتهاك طهران للعقوبات الأممية المفروضة منذ عام 2012 لمنع تصدير الفحم الصومالي، أحد مصادر الدخل الرئيسية لجماعة الشباب، كشفت الأمم المتحدة أن جماعة الشباب كانت ترسل شحنات فحم إلى الأراضي الإيرانية ليتم إعدادها للتصدير بموجب وثائق هوية إيرانية مزورة. تقدر قيمة تجارة الفحم غير المشروعة في الصومال بحوالي 150 في السنة.
الخلاصة
تسعى إيران إلى كبح وتقويض المصالح والأنشطة الاستراتيجية لدول الخليج في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، خاصة في ظل التقدم الذي أحرزته تلك الدول في الآونة الأخيرة في إفريقيا، وخاصة السعودية والإمارات.
لا يزال الصومال يتأثر سلبًا بالتدخل الإيراني في شؤونه الداخلية، على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 2016، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي الصومالي، هذا وأصبحت كلٌ من الصومال وكينيا موقعًا لحرب بالوكالة بين إيران وحلفائها من جهة، وأصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين المعارضين لوجود إيران في المنطقة بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا من جهة أخرى.
هذا وتستفيد جماعة الشباب من علاقتها مع طهران كجماعة محلية ذات أهداف إقليمية، إذ يعتبر وجود علاقة ومصالح مشتركة مع قوة إقليمية عامل مساعد للجماعة على الترويج لنفسها وشن المزيد من الهجمات ضد المصالح والقوات العسكرية للحكومة الصومالية وحلفائها الولايات المتحدة وتركيا وكينيا.
وبدورها، تسعى طهران لدفع أجندتها في القرن الأفريقي ومعاقبة دول معينة في المنطقة مثل الصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران على مدى السنوات الخمس الماضية أو التي شاركت في عمليات بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
وبالتالي، تشكل إيران تهديدًا واضحًا للأمن والاستقرار في المنطقة والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والقوى الإقليمية الأخرى وستظل قضية أمنية رئيسية في منطقة البحر الأحمر، لذلك اضطرت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وحلفاؤها للعمل معًا للرد على التحدي الإيراني.