أخبار الآن | بغداد – العراق ( أحمد التكريتي)

بعد أن فشلت إيران في الإعلام المرئي الموجه للعراقيين منذ عام 2003 وعدم تمكنها من تحقيق الأهداف التي وضعتها رغم دعمها عشرات وسائل الإعلام المرئية المرتبطة بأحزاب وميليشيات عراقية موالية لها، لجأت اليوم إلى آلية أخرى حيث يصف العراقيون هذه الأعمال بأنها “ميليشيات إلكترونية”.

وطيلة الـ17 سنة الماضية دعمت إيران وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تحت ما يُسمى “اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية” المرتبط بالحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر، ويتركز عمل هذا الاتحاد على جمع هذه الإذاعات والفضائية في مؤسسة واحدة لتوحيد خطابها.

وظهر مدير الاتحاد حميد الحسيني وهو أحد أبرز مهاجمي السفارة الأمريكية في بغداد نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019، ويظهر الحسيني في بعض المقابلات التلفزيونية مدافعاً عن إيران وعن منهج ولاية الفقيه.

ومع دخول السوشيال ميديا بقوة وتفضيلها على الشاشة التقليدية، بدأت إيران بتشكيل “جيوش إلكترونية” أو ما يُسمى بـ”الذباب الإلكتروني” لتحقيق غاياتها في العراق ونشر ما تُسمى “أهداف إيران” التي تُريد من خلالها السيطرة على الرأي العام العراقي.

يقول صحفي عراقي عمل مع مؤسسة ممولة من إيران لـ”أخبار الآن”، إن “إيران بدأت تخصص ميزانيات مالية للفرق الإلكترونية التي تدير حسابات وهمية على الفيس بوك وتويتر، وتأسيس قنوات تيلغرام ومواقع إخبارية لإغراق الإنترنت بالمحتوى الذي يصب في صالحها”.

ويضيف، أن “هناك مقرين لهذه الفرق في بغداد، الأول في منطقة الجادرية والثاني في منطقة العرصات، ويدير هذين المقرين صحفيون معروفون بالولاء لإيران وبمهاجمة زملائهم المستقلين”.

وعن الرواتب التي يتقاضها هؤلاء، يقول الصحفي العراقي الذي يخشى على حياته من ذكر اسمه، إن “الرواتب تتراوح بين 500 – 700 دولار أمريكي”.

أما الاعضاء الموجودن في هذه الفرق  فهم يديرون حسابات وهمية، أغلبها تحمل صور وأسماء فتيات، ومهمة هذه الحسابات نشر المعلومات التي تُريد إيران نشرها والدخول إلى الحسابات المناهضة لإيران ومهاجمتها.

وتضع هذه الحسابات صور نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإراني السابق قاسم سليماني، وعند الملاحظة يتضح أن تاريخ إنشاء هذه الحسابات لايجاوز العام الواحد، وهم في عملية إنشاء حسابات مستمرة.

وبحسب معلومات “أخبار الآن”، فإن هذه الفرق شُكلت مع بدء الاحتجاجات في العراق، فعملها كان في السابق ليس بهذه المنهجية وليس بهذا الحجم رغم أنها كانت موجودة.

ووفقاً لذات المعلومات، فإن صحفياً لبنانياً يعمل لصالح ميليشيا حزب الله اللبناني هو من قام بتأسيس هذه الفرق، وهناك فرقاً مشابهة في لبنان وفي إيران أيضاً.

وتستهدف هذه “الجيوش الإلكترونية” وفقاً لمحلل سياسي عراقي مطلع على عملها، المجتمع الشيعي العراقي، فهي وفقاً لقوله: “تعتقد بأن حسابات النشطاء المدنيين وبأن الإعلام الغربي هم الأكثر مصداقية في مناطق جنوب العراق، لذا أرادوا استنساخ التجربة لعلهم ينجحون فيها”.

ويقول لـ”أخبار الآن”: “من خلال المراقبة والمتابعة لعمل هذه الجيوش، فإنها تستهدف بالدرجة الأساس النشطاء والاحتجاجات العراقية وكل ما يُمكنه أن يتعلق بالسيادة الوطنية العراقية، وتحاول أيضاً الترويج والتحريض على التحالف الدولي والعلاقات العراقية العربية”.

وبحسب خارطة عمل هذه الفرق التي راقبتها “أخبار الآن” على مدى شهرين تقريباً، فإنها تجتمع في قنوات وحسابات على التليغرام أبرزها (فريق فاطميون – المقاومة الإلكترونية)، ففي هذه الحسابات توضع الحسابات المؤيدة للاحتجاجات والحسابات الخطرة على سياسة إيران ومن ثم يتم الاتفاق والتبليغ عليها لإغلاقها.

ووفقاً للمحلل السياسي القريب من مركز القرار العراقي، فإن “هذه الفرق تُوجه بشكل مباشر من الحرس الثوري الإيراني، ويتصاعد نشاطها وتحريضها كلما رأى الحرس وضعه بدأ ينحسر أو يكون في خطر”.