أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (محمد القلاب)
اعتادت التقارير المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية، خصوصاً تنظيم “القاعدة”، استعراض المعلومات بشأن مخططاتها وهجماتها واماكن نشاطها وتواجدها لأكثر من عقدين كاملين، لكن هذه المرّة وبسبب غموض مصير ابرز قيادات التنظيم، مثل سيف العدل وعبد الله احمد عبد الله، نطرح تساؤلات مهمّة في هذا الإطار، أين هم قياديو القاعدة المتوارون عن الانظار؟ وهل تلك القيادات جاهزة لتولي الزعامة بعد زعيمهم المسردب أيمن الظواهري؟
قياديو القاعدة المتوارون عن الانظار
أصدرت وكالات استخبارتية عدة في العالم، بعض التقارير المتعلقة بأبرز عناصر تنظيم “القاعدة” وقياداته والاماكن المتواجدين فيها، والتي من خلالها تمكّنوا من ادارة عناصر التنظيم على كلّ المستويات، إلّا أنّ اللافت في الأمر أنّ إيران ورد ذكرها في أغلب تلك التقارير، كأحد اهم الملاذات التي لجأ إليها التنظيم، ما يدفع للتساؤل عن السبب الذي جنّبها هجمات القاعدة بشكل كامل رغم العداء الظاهر بينهما.
وأكّدت افتتاحية جلسة الاستماع أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي في 17 ايلول (سبتمر) 2020، أنّ الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها ضدّ التنظيمات الإرهابية الرئيسة في العالم مثل “القاعدة” و”داعش” والميليشيات المتحالفة مع إيران، أحبطت مخططات الأخيرة وقلّصت من قدراتها.
واشارت الجلسة أيضاً إلى أن ايران كثفت من أعمال العنف وعزّزت تحالفاتها مع التنظيمات المتشدّدة لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، الامر الذي يزيد من التهديد الشامل للولايات المتحدة ومصالح الحلفاء.
وركزت الجلسة في الجزئية المتعلقة بتنظيم القاعدة، على أنّ غالبية القادة في التنظيم خصوصاً القدماء منهم، وبعد مقتل اهم القيادات بدءاً من بلاد المغرب الاسلامي مروراً بجزيرة العرب ووصولاً الى سوريا، يسعون لإيجاد الملاذ الآمن في إيران، مرجّحةً ان تلعب الاخيرة دوراً مهمّاً في إعادة تشكيل التنظيم وتوجيهه من جديد.
وأظهرت خريطة صادرة عن مكتب “مدير الاستخبارات القومية” في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2018، أماكن نفوذ تنظيمي القاعدة وداعش، وقد أوردت مجلة “Journal FDD’s Long War“ ان القيادة العليا لتنظيم القاعدة متواجدة في ايران.
ODNI releases annual overview of Islamic State and al Qaeda networks – https://t.co/dcrDD4LGW5 pic.twitter.com/kJ5ZRX7lOv
— Long War Journal (@LongWarJournal) January 30, 2019
وأشار التقرير الذي نشرته المجلة المتخصصة في شؤون التنظيمات الإرهابيةـ إلى أنّ بعض القيادات أيضاً تتواجد في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، في حين لجأ بعضهم إلى سوريا. وسُلّط الضوء في تقرير اخر نشرته المجلة “Journal FDD’s Long War“ على خمسة عناصر في تنظيم القاعدة كانوا متواجدين في إيران وسمح لهم النظام الحاكم هناك، في تشغيل وإدارة شبكتهم الإرهابية من أراضيها وهم:
State Department: Iran allows al Qaeda to operate its 'core facilitation pipeline' – https://t.co/HTR83mOXoo pic.twitter.com/QA12wOuCTO
— Long War Journal (@LongWarJournal) September 19, 2018
ياسين السوري
واسمه الحقيقي، عز الدين عبد العزيز خليل، أحد كبار ميسري تنظيم القاعدة ومقره إيران. ألقت السلطات الإيرانية القبض على ياسين السوري في شهر ديسمبر 2011 بعد الإعلان عن مكافأة العدالة بمبلغ 10 مليون دولار، ولكنه استأنف قيادة شبكة القاعدة الموجودة في إيران. ورجحت التقارير بانه الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من بين الخمسة اشخاص الواردة اسمائهم في الشأن ذاته.
عطية عبد الرحمن
وهو ليبي الاصل، واسمه جمال ابراهيم الشتيوي المصراتي، كان احد المقربين من زعيم القاعدة السابق اسامة بن لادن، وعاش اخيرا في منطقة وزرستان الباكستانية المتاخمة للحدود الافغانية وقتل في غارة امريكية بالمنطقة ذاتها بتاريخ 22 ايلول (سبتمر) العام 2011. عرف عطية بانه اقام طويلا في إيران وادار العمل اللوجستي المتمثل بنقل المقاتلين العرب من البلاد العربية الى باكستان مرورا بإيران.
سنافي النصر
واسمه الحقيقي، عبد المحسن الشارخ، سعودي الجنسية، وهو منسّق تنظيم القاعدة في إيران، ووصل الى الاخيرة في العام 2007. واشارت التقارير الى انه احد اهم الممولين للتنظيم في افغانستان. وانتقل النصر الى سوريا ضمن المجموعة المعروفة باسم “جماعة خرسان” في العام 2013، ليلقى النصر حتفه في غارة جوية استهدفته اثانء تواجده بمدينة حلب في 16 تشرين الأول (اكتوبر) العام 2015.
محسن الفضلي
وهو كويتي الجنسية، واسمه الكامل محسن فاضل اياد عاشور الفضلي، احد اهم قيادات شبكة تنظيم القاعدة في ايران، وفق ما ذكرته وزارة الخارجية الامريكية في العام 2012. ويعتبر الفضلي ابرز قادة مجموعة “خرسان” التي توجهت الى سوريا من افغانستان مرورا بايران. ويذكر بانه ممثل ايمن الظواهري في سوريا. واعلن عن قتل الفضلي لاول مرة في ايلول (سبتمبر) العام 2014، لكن الولايات المتحدة الامريكية اكدت مقتله بالقرب من محيط قرية سرمدة التابعة لمحافظة إدلب في 21 تموز (يوليو) العام 2015.
عادل راضي الحربي
وهو عادل راضي صقر الوهبي الحربي، سعودي الجنسية، لعب دورا مهما في تنظيم القاعدة اثناء تواجده في ايران، على اعتبار انه حلقة الوصل المتعلقة بالدعم المالي والوجستي للتنظيم. وقتل الحربي وفق ما اعلنه التنظيم في 15 نيسان (ابريل) العام 2015 في سوريا.
وفي تموز (يوليو) العام 2016، أوضحت وزارة الخزانة الأمريكية ثلاثة من كبار الشخصيات في تنظيم القاعدة موجودون في إيران ويتولون مهمة جمع الأموال ونقلها ودعم الشبكات التي تساعد التنظيم على نقل النشطاء من جنوب آسيا وعبر الشرق الأوسط وهم: السعودي فيصل جاسم محمد العمري الخالدي والمصري يسري محمد إبراهيم بيومي والجزائري محمود محمود غومين.
ويعتبر أبو الوليد مصطفى حامد الملقب بـ”مؤرخ القاعدة” من ابرز الشخصيات التي عادت الى ايران العام 2016، بعد مكوثه في قطر، وهو ضمن اللاشخاص المدرجة اسماؤهم على قائمة الإرهاب الدولية من قبل الخزانة الأميركية.
ومنذ العام 2009 ووفق التقارير الاستخبارتية، سمحت ايران لقادة تنظيم القاعدة بالدخول الى اراضيها وسهلت لهم عمليات نقل الاموال وانتقال المقاتلين الى جنوب آسيا وسوريا، ومن ابرزهم ممن اختفى اثره او فضل البقاء في ايران بعد اطلاق سراحه، سيف العدل واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، وعبد الله احمد عبد الله المعروف بـ ابي محمد المصري، في حين لاقى رفيقهم الثالث عبد الله عبد الرحمن محمد رجب عبد الرحمن المعروف أيضًا باسم أحمد حسن أبو الخير المصري، حتفه في غارة جوية امريكية استهدفت سيارته في قرية المسطومة بمحافظة إدلب.
ويتضح من خلال المعطيات المتعلقة بقادة تنظيم القاعدة واحتجازهم من قبل النظام الايراني الذي اطلق سراحهم لاحقا رغم انهم احد اخطر الشخصيات المطلوبة عالميا، ان هناك اتفاقا سريا تم بين التنظيم الارهابي والنظام الايراني جنب بموجبه طهران من هجمات القاعدة.
سيف العدل وعبد الله احمد عبد الله واحتمال تزعمهما التنظيم بعد الظواهري
اثار تزعّم أيمن الظواهري تنظيم القاعدة بعد مقتل اسامة بن لادن، جدلاً كبيراً داخل التنظيم وتساؤلات عدة من قبل المهتمين بقضايا التنظيمات الارهابية، خصوصاً بعد الأفول الذي لحق بالتنظيم والخلافات الداخلية التي عصفت بغالبية أفرعه، ودوره في كلّ ذلك.
https://twitter.com/alhassanras/status/1293150317996056581?s=20
وتتصدر مسألة الزعيم المحتمل لخلافة أيمن الظواهري، قائمة الأسئلة المطروحة على صعيد التنظيم داخلياً وخارجياً، ويأتي ذلك بعد التطورات التي شهدها تنظيم القاعدة، خصوصاً ما يتعلق بتواري الظواهري عن الأنظار والمعطيات التي شكّكت بصدقية مقاطع الفيديو الأخيرة التي ظهر بها، إلى جانب المعلومات التي رجحت تدهور حالته الصحية، لا سيما بعد ظهور فيروس كورونا وتفشيه عالمياً.
https://twitter.com/alhassanras/status/1293146141677191180?s=20
وفي اطار الحديث عن ابرز القيادات في تنظيم القاعدة واماكن تواجدهم، أوضح الخبير في شؤون الجماعات الارهابية ماهر فرغلي في مقابلة مع “أخبار الآن”، أنّ كثيراً من قيادات القاعدة متواجدون في طهران، لافتاً الى ان التنظيم لم يستهدف النظام الايراني بسبب اتفاق مبرم بين الطرفين، يقضي بتسهيل مخططات التنظيم مقابل امتناع الاخير عن تنفيذ هجمات ضدّ إيران.
واكد فرغلي ان النظام الايراني القى القبض مؤخراً على سيف العدل وأخضعه للإقامة الجبرية وفقاً لمصادر خاصه من طرفه مطلعة على هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ مؤرخ القاعدة ابو الوليد لايزال متواجداً في ايران وله موقع سياسي يدعى “مافا” يهاجم من خلاله ايران.
واشار الخبير المتخصص في شؤون التنظيمات الارهابية الى ان قيادات القاعدة المرشحة أسماؤهم لتزعّم التنظيم، أمثال سيف العدل وعبد الله احمد عبد الله، هي قيادات غير مؤهّلة للقيادة، وقدراتها لا تختلف كثيرا عن قدرات الظواهري الذي فكّك التنظيم وقاده للأفول. ولفت الدكتور فرغلي إلى أنّ الأسماء المرشحة لتزعم التنظيم لا تلقى قبولاً وترحيباً عن اتباع القاعدة، عازياً ذلك إلى وجود قيادات منافسة ذات تأثير داخلي ترفض تزعم أولئك الاشخاص، خصوصأً أمثال سيف العدل وعبد الله أحمد عبد الله.
ويعتبر أن سيف العدل وعبد الله احمد عبد الله، هما من أهم الشخصيات المرجحة لتزعم التنظيم بعد ايمن الظواهري، لا سيما بعد مقتل أحمد حسن أبو الخير المصري في سوريا عام 2015، وهو الساعد الايمن له، وهما يعرفان بـ”المافيا المصرية” داخل التنظيم الإرهابي.