أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (خاص)
في يوم ١٩ أكتوبر، أطلّ حساب على تويتر باسم “أنباء جاسم”، وهو من الحسابات الموالية لتنظيم القاعدة، بخبر عنوانه: “اغتيال أبو محمد المصري ‘حبيب داوودي’ في شارع باسدران بطهران.. وأفول عهد مضافة جماعة تنظيم القاعدة الآمن في إيران.” بعد ذلك بساعات اختفى الحساب.
من هو أبو محمد المصري؟
أبو محمد المصري هو عبدالله أحمد عبدالله؛ نائب الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وابنته مريم هي أرملة حمزة بن أسامة بن لادن، تزوجها في ٢٠٠٥ وكان حمزة وقتها في ١٧ من عمره.
لعب دوراً مهماً في القاعدة، كان قائداً ميدانياً وعضواً في مجلس شورى القاعدة، ويُقال إنه أكثر نفوذاً حتى من سيف العدل. هو العقل المدبر لتفجير سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا.
وهو من قيادات القاعدة الذين فرّوا إلى إيران مع عائلاتهم بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في ٢٠٠١. أطلقت إيران سراح بعضهم كما حدث مع أبي القسام الأردني مثلاً الذي أطلق سراحه في صفقة تبادل مع القاعدة في اليمن. لكن بقي قياديون آخرون أو بالأحرى فضلوا البقاء في إيران ضمن “ترتيب” مع السلطات الإيرانية يتجولون بموجبه بحرية في إيران وإن مُنعوا من السفر. ومن أبرز هؤلاء سيف العدل وأبو محمد المصري.
ما هي حادثة باسداران؟
في مطلع أغسطس، وردت أنباء عن اغتيال “رجل” وابنته في شارع باسداران في أحد أرقى أحياء شمال العاصمة الإيرانية طهران. بحسب شهود عيان، قام رجل بإطلاق 5 طلقات على “الرجل” وابنته وكانا في سيارة متوقفة في الشارع، ثم لاذ بالفرار على دراجة هوائية. وتضاربت الأنباء حول هوية الرجل المقتول. السلطات الإيرانية قالت إن الرجل كان مدرس تاريخ اسمه حبيب داوودي يبلغ ٥٨ عاماً، وكانت معه ابنته مريم وتبلغ ٢٧ عاماً. فيما قالت وسائل إعلام مثل وكالة فارس إن المقتول كان لبنانياً. وتتابعت التكهنات بأن يكون الرجل على علاقة بحزب الله خصوصاً أن الاغتيال وقع أمام منزل عبدالمهدي المهندس، النائب السابق لرئيس هيئة الحشد العراقي، الذي قُتل مع القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في قصف أمريكي ببغداد مطلع العام.
ماذا قال أنباء جاسم؟
قبل أن يُغلق حساب أنباء جاسم، تمكنا من الاحتفاظ بنسخة من الخبر. أبرز ما جاء فيه:
١- لفت انتباه صاحب حساب أنباء جاسم أن يقع هذا الاغتيال في شارع فخم في العاصمة طهران “يُعرف بأنه ينعم بالأمن والاستقرار.” لفت انتباهه أيضاً “التفاصيل المتضاربة والمتناقضة حول وقائع هذا الحادث” مستدلاً بذلك على أنه “أحداً أو كياناً ما أراد التشويش على الحقائق والتستر عليها.”
٢- تواصل صاحب الحساب مع “مصادر حصرية عايشت مرحلة الجهاد الأفغاني” وقال إنه يعرف هؤلاء وسألهم عن “عائلات وبعض رموز قادة جماعة تنظيم القاعدة التي تسكن طهران منذ زمن.” وجاءت الإجابة بما “يؤكد الخبر اليقين بأن القتيلين هما أبو محمد المصري … وابنته أرملة حمزة بن لادن،” واسمها مريم. ويبدو أن المصادر أكدت لصاحب الحساب عمر مريم وأنها في السابعة والعشرين من عمرها وهو مطابق لما ورد في الأخبار الواردة من واقعة الاغتيال.
٣- يختم صاحب الحساب إلى أن “مقتل أبي محمد المصري له بالغ الأثر على مستقبل تنظيم القاعدة أمنيا وهيكلياً. فإن لم يتدارك تنظيم القاعدة الغموض حول مقتل أبي محمد المصري، وقرر التستر على الخبر لحفظ ماء وجه ‘الضيافة الإيرانية’ سيؤدي هذا التستر والفشل بمصارحة أتباعه وأنصاره إلى مزيد من الانشقاقات، مع خسارة تنظيمات بأكملها وخاصة أن تنظيم القاعدة بات يفتقد وهج أحد أركانه المؤسسين الأوائل؛” يقصد بهذا أبا محمد المصري.
لماذا هذه القراءة “معقولة”؟
١- لا نستطيع التحقق من هوية صاحب حساب “أنباء جاسم” لكن ما يثيره يبدو معقولاً ويستحق المتابعة.
٢- بالتواصل مع مكتب العلاقات العامة والإعلامية في حزب الله، تم التأكيد أن الرجل الذي اغتيل في طهران في واقعة أغسطس ليس لبنانياً ولا علاقة له بالحزب.
٣- مصادر موثوقة في طهران قالت لـ “أخبار لآن” إن الرجل المقتول لم يكن إيرانياً بل كان أجنبياً ولم يكن “لا لبنانياً ولا سورياً ولا فلسطينياً.”
٤- لماذا يُغتال أستاذ تاريخ، بحسب الرواية الإيرانية الرسمية، بهذه الطريقة في هذا الحيّ الراقي “الآمن” في طهران؟ العملية تبدو منظمة.
٥- قد يسأل أحدهم: “إذا سلّمنا بأن رواية نبأ جاسم صحيحة، فلماذا لم تتبنَّ جهة “ما” مسؤولية العملية التي ما من شك تُعتبر “نصراً” لتلك الجهة؟” والحقيقة هو أن أي جهة “رسمية” كدولة مثلاً لا تستطيع الإعلان عن أمر كهذا لأنه يُعتبر اعتداءً على بلد ذي سيادة. فلن تستطيع تلك “الدولة” تبرير الهجوم بالاتفاق مع حكومة الدولة صاحبة الأرض كما حدث في اليمن أو العراق.
ماذا بعد؟
هل ستتقدم قيادة القاعدة أو أنصارها بتأكيد أو نفي قتل أبي محمد المصري؟ أم سيتابعون التستر على ذلك حتى لا يتسببوا في حرج للحامية الإيرانية؟
ليست المرة الأولى التي يحدث فيها أمر كهذا. نذكر أن القاعدة، وطالبان، تسترا على وفاة الملا عمر زعيم طالبان، والرجل الذي بايعته القاعدة، عامين كاملين. ونذكر أن القاعدة لا تزال لم تؤكد أو تنفي قتل حمزة بن أسامة بن لادن. ونذكر أن القاعدة في شمال إفريقيا لم تؤكد قتل أبي عياض التونسي ويحيى أبي الهمام إلا بعد مرور عام على قتل الرجل مع آخرين.
وماذا يعني غياب المصري عن الساحة بالنسبة للقاعدة؟ بالإضافة إلى مهام الرجل في الإدارة الميدانية، هو نائب الظواهري والتالي في سلم الخلافة خاصة بالنظر إلى الأنباء الواردة عن مرض الظواهري مرضاً شديداً في القلب. فمن بعد المصري سيتولى قيادة التنظيم؟
اقرأ المزيد:
القاعدة… زعيم مسردب وقيادات مختبئة