تلاحقت مصائب وانتكاسات تنظيم القاعدة خلال الفترة القريبة الماضية، وعمّقها أخيراً خبر موت زعيم التنظيم أيمن الظواهري، الذي لم يخرج اتباعه بتصريح ينفي أو يؤكّد حقيقة الأمر.
الإنتكاسات الأخيرة، بدأت أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي باغتيال عبدالله أحمد عبدالله، وهو نائب الظواهري والمكنّى أبو محمد المصري، وذلك في أحد شوارع العاصمة الإيرانية طهران.
انتكاسات القاعدة لا تأتي فرادى
الحقيقة الواضحة في ظلّ الأوضاع التي يمرّ بها تنظيم القاعدة منذ مقتل زعيمه السابق أسامة بن لادن، وتزعّم أيمن الظواهري التنظيم، أنّ القاعدة دخلت في منعطف الأفول الحقيقي، الذي استعرضت “أخبار الآن” جوانبه ومراحله أوّلاً بأوّل، لكن الواقع الجديد وبعد مقتل عبد الله أحمد الله القائد الميداني وعضو في مجلس شورى القاعدة من جهة، وخبر موت أيمن الظواهري من جهة ثانية، جعل كلّ ذلك واضحاً للمتابعين والأتباع على حدّ سواء.
تزايد فشل مركزية التنظيم
ومن البديهي جدّاً أن تكون الأحداث الأخيرة عمّقت فشل مركزية التنظيم في إدارة الأفرع والسيطرة عليها، خصوصاً أنّ الظواهري كان غير قادر على إدارة أتباعه وضبطهم، إلى جانب إهماله الكثير من الأسئلة والقضايا التي تطلبت تدخله، ما دفع الكثير من القيادات والأتباع إلى التخلّي عن التنظيم.
وفي حال تأكّدت الاخبار المتعلقة بموت الظواهري، واستمرار احتجاز سيف العدل ومؤرخ القاعدة مصطفى حامد وخضوعهما للإقامة الجبرية من قبل السلطات الايرانية، فإنّ حلقة الوصل بين مركزية التنظيم والاتباع على اختلاف مستوياتهم، قُطعت حقاً وباتت سفينة التنظيم ماضية إلى حتفها بين الأمواج المتلاطمة ومن دون ربان.
ماذا عن رؤية القاعدة “الجهادية” العالمية؟
لا شكّ أنّ المتابع لتنيظم القاعدة وانتكاساته المتلاحقة بات على يقين تماماً أنّ التنظيم أصبح غير قادر على إدارة الدائرة الضيّقة المحيطة بقادته، خصوصاً ما يتعلق بالخروج بتصريحات تنفي أو تؤكّد موت الظواهري، ما يعني أنّه وبلا شك لن يتمكن من تنفيذ أهدافه على المستوى الخارجي وتحقيق ما يسعى له عالمياً.
أفرع تنظيم القاعدة الأكثر فاعلية، والمتمثلة بفرعي اليمن وأفريقيا، شهدت في السنوات الماضية، أحداثاً كثيرة راوحت بين الإنشقاقات والتجسس والإختراق، إذ تعرّض كثير من قيادات تلك الأفرع للقتل بواسطة طائرات قوات التحالف المسيّرة، في حين بقي مصير بعضهم مجهولاً.
وأظهرت أنشطة تنظيم القاعدة الخارجية تراجعاً في قدرته على التنسيق خارجياً منذ أحداث 11 سبتمبر، وبات هجماته الإرهابية تفتقر للتنسيق والدقّة، ولا يتعدى عدد منفذيها أصابع اليد الواحدة. والجدير بالذكر هنا أنّ غالبية تلك الهجمات تمّ إفشالها وواجه منفذوها مصير الإعتقال او القتل.
أنشطة القاعدة وفروعها ستبقى محصورة في اماكن تواجدها
الإنتكاسات والضعف وعدم القدرة على التنسيق، كلّها حقائق تعيشها القاعدة وأدّت إلى أفولها، الأمر الذي سيفرض عليها البقاء في الأماكن التي تتواجد بها. وأظهرت ردّة فعل تنظيم القاعدة وقيادته المركزية في اتخاذ القرارات على الصعيد المتعلق بتطورات التنظيم داخلياً، أنّه بات مقيّداً في إدارة شؤون مقاتليه واتباعه ضمن أماكن تواجده، وذلك ينطبق أيضاً على الأفرع التي باتت قياداتها أيضاً تسعى للإنفراد بالقرارات وتغليب مصلحتها الشخصية على أهداف التنظيم المتهالك.