أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من17 إلى 23 يناير 2021. في العناوين.
– جدل عقيم بين أنصار القاعدة وداعش حول “مشروعية” تفجيرات بغداد الانتحارية
– الجولاني يظهر في جلسة عامّة وسط إشاعات عن موته
– أنباء عن صفقة تبادل جديدة بين قاعدة اليمن والحوثيين
وضيفة هذا الأسبوع، الدكتورة داليا غانم، الباحثة الجزائرية في معهد كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت. سنتحدث معها عن القاعدة في الجزائر، نساء داعش، والعشرية السوداء.
تفجيرات بغداد
في يوم الخميس ٢١ يناير، توجه انتحاريان من داعش إلى سوق الملابس المستعملة في ساحة الطيران وسط بغداد. الأول تظاهر بأنه مريض، فتجمع حوله متسوقون حاولوا مساعدته. وما أن تجمع الناس حتى فجر الرجل نفسه. تجمهر الناس مرة أخرى حول الجثث، فجاء الانتحاري الثاني وفجر نفسه. أكثر من ٣٠ شخصاً قتلوا ذلك اليوم. داعش تبنى الهجوم في بيان رسمي. قنوات رديفة لإعلام داعش الرسمي بثت تسجيلين مرئيين قصيرين من إنتاج الأنصار. واحد بعنوان “هجمات الكمأة في بغداد”، والثاني بعنوان “غزوة بغداد”. يظهر في أحدهما ما يُعتقد أنه الانتحاريان يحضران للهجوم، ويظهر في الثاني أحد الانتحاريين وهو يهدد ويتوعد. لم تتضح هوية الانتحاريين. لكنَّ حساباً مناصراً مهماً باسم (عمر محمود أو مبين) قال إن المنفذين هما أنصاري ومهاجر. ومن السخرية أن أحد التسجيلين بدأ بما يوحي بأنهم شيعة يعذبون سنة، وانتهى بمشاهد داعش وهم يعدمون شيعة ويرمونهم في النهر حتى ليبيدو المشهدان متصلين. هذه الدائرة المفرغة من العنف: كانت في صلب جدل بين أنصار داعش والقاعدة.
أنصار القاعدة في منتدى نصرة أهل الحق نقلوا منشوراً من قناة باسم “فضحُ عُبّاد البغدادي والهاشمي” وصف المنفذين بـ “انتحاريين” وعلّق: “ما الفائدة من هكذا جهاد؟ قتل فقراء عزل في سوق ‘البالة’؟” ويجيب: “تنظيم الدولة يريد أن يتباهى بالأرقام.” ملاحظة مهمة هنا. هؤلاء القاعديون لا يستنكرون القتل نفسه. هم يستنكرون أن وقع ضحايا من “السنة” في هذا الهجوم. حساب باسم (لله نمضي) قال: “بغداد مختلطة سنة وشيعة واستهداف الأسواق يوقع ضحايا من أهل السنة.” وبنفس المنطق الأعوج، حساب آخر تساءل عن مشروعية “الانتحار” وقال: “من أفتى لأولئك المجرمين بجواز قتل أنفسهم في مكان يمكنهم الوصول إليه بأسلحتهم الشخصية بدليل وصولهم إليه بأحزمتهم الناسفة بكل سهولة؟”
أنصار داعش ردوا على “الاتهامات” بقتل “سنة”. حساب عمر محمود أو مبين، المناصر لداعش، قال: “في الحرب لا توجد عواطف أو قوانين … ميدانياً في أي حرب في أي مكان بالعالم لا يوجد فيها شيء ممنوع فكما يقتلون منا نقتلهم.” ترجمة هذا الكلام: داعش لا يقل بشاعة ووحشية عن آخرين يدعي أنه يحاربهم. حساب “صوت الزرقاوي”، وهو من أنصار داعش الكبار، ضرب بكل هذا عرض الحائط، وقال: “ننسف ونفجر ونهدم ونخرب وندمر. سنفعل ما نريد وقت ما نشاء … فإن لم يعجبكم فانطحوا الجبل أو اهدموه.” وحساب “شيبه٢” في مجموعة “منتدى شباب اليمن” وهو أحد المجموعات الداعشية، تحدث عن ذلك “السني” الذي وُجد في السوق. وقال ساخراً إن وجود هذا السني “ليس ذنب” من قام بالتفجير، وخاطبه: “بغداد دار حرب ومعقل الحكم الشيعي الإيراني … راجع نفسك فأنت المخطئ (بوجودك في السوق) وليس هم.” حساب داعشي آخر قال: “مشكلتك حبيبي … في حال وجود أحد من أهل السنة فيبعث على نيته.” وهذا يشبه ما يصفه آخرون يدعي داعش أنه يقاتلهم بـ collateral damage، أو القتل العرضي. يختم الحساب: “قد تم تحذير (السنة) من قبل من الاقتراب من هذه المناطق وقد أعذر من أنذر.”
الهيئة وإدلب
مساء يوم السبت ٢٣ يناير، تناقل أنصار هيئة تحرير الشام صوراً من الحساب الرسمي للهيئة يظهر فيه قائد الجماعة أبو محمد الجولاني في “جلسة مع مسؤولي بعض المخيمات المتضررة.” الحساب ذكر أن “الجلسة” جاءت “استجابة لنداءات الأهالي المتضررين في المخيمات؛” أي أنها لم تأتِ بمبادرة من الجولاني. خلال الأسبوع الماضي مع هطول الأمطار والثلوج على شمال وغرب سوريا، انتشرت صور مرعبة لسوريين هجّرهم النظام أو الجماعات الجهادية وشبيهاتها من أرضهم إلى مخيمات تحت ولاية الجولاني. توفي طفل عندما سقط عليه حائط غرفة بُنيت على عجل في المخيم. حساب مزمجر الثورة السورية قال: “من قتل هؤلاء الأطفال هم الذين تعمدوا بناء المخيمات على الطين وفي السهول والذين سرقوا الإغاثات والمعونات. وشارك بقتلهم أيضاً أموال الداعمين التي ترسل للمجرمين.” ظهور الجولاني هذا الأسبوع يأتي في وقت روّج فيه معارضوه إلى أنه ربما تُوفي بعد غيابه أشهر. المحامي عصام الخطيب، وكان في وقت من الأوقات قاضياً في الهيئة، أشار إلى خبر إصابة الجولاني قبل أشهر. وقال: “الآن وبعد مرور أكثر من شهرين على تسريب خبر إصابة الجولاني لم يظهر الرجل لا صوت ولا صورة ولا خبر يشير إلى أنه موجود وبصحة جيدة. فما هي درجة إصابته وهل مات الجولاني أم مازال حيا يسعى!”
ظلم الجولاني
تناقل معارضو هيئة تحرير الشام تسجيلاً صوتياً لـ أبي الوليد الحنفي الشرعي في الهيئة وصهر أبي العبد اشداء يروي فيه كيف اعتدى عليه أمنيو الهيئة وتحديداً أبا محجن الحسكاوي أثناء غارة يقول معارضو الهيئة إنها للبحث عن أشداء. حساب “الحراك الشعبي ضد الظلم” توجه إلى “جنود الهيئة” الذي وصفهم بـ “الشرفاء” وقال:”خذوا على أيدي قادتكم السفهاء.” حساب رد عدوان البغاة المعارض عاد وذكّر بفتوى المقدسي التي أصدرها في أكتوبر الماضي حول عدم جواز العمل مع الجهاز الأمني في الهيئة. هذه الفتوى أثارت حفيظة الهيئة في ذلك الوقت فأصدر عبدالرحيم عطون، الشرعي العام، بيان تبرّؤ من المقدسي. في المقابل، أنصار الهيئة نشروا عن “أمن” مناطق “المحرر”. الإدريسي قال: “زعزعةُ إستقرار إدلب هو استهداف للثورة وليس لفصيلٍ بعينه.”
أحرار الشام
بعد تعيين عامر الشيخ أبي عبيدة درعا قائداً لأحرار الشام في ٩ يناير ٢٠٢١، صدرت هذا الأسبوع قرارات إدارية بتعيينات جديدة مثل قائد عسكري عام وقائد لقوات المغاوير. لكن لا يبدو أن الأمور داخل الأحرار بخير بعدما اعتُقد أنه تمت حلحلة الأزمة والانقلاب الذي قاده حسن صوفان الموالي للجولاني ضد قائد الجماعة جابر علي باشا. مزمجر الثورة علّق: “نجح الجولاني بإحتلال فصيل أحرار الشام بالكامل من الداخل وذلك بعد أن تم تعيين أبي عبيدة قائداً عاماً وتم عزل كل مخالفي الجولاني وتعيين أذرع حسن صوفان الإنقلابي.” المهندس حسام طرشة الذي يعمل في صفوف الأحرار، علق على حال الحركة بقوله: “لستُ راضياً عما يحصل في أحرار الشام، لكنني لست يائساً.”
القاعدة اليمن
تناقل أنصار القاعدة منشوراً من حساب باسم “وكالة أحداث الإخبارية” يتضمن صوراً لما قيل إنه “استقبال” أحد الأسرى فيما يبدو أنه صفقة تبادل بين القاعدة في اليمن (أنصار الشريعة) والحوثيين. المنشور يشي بأن الاستقبال تمّ يوم الجمعة ٢٢ يناير، لكن لم يتسنّ لنا التحقق من صفقة التبادل أو التاريخ.
الحساب الرسمي للقاعدة في اليمن لم ينقل الخبر؛ لكن حساب وريث القسام الذي يأخذ على عاتقه نقل كثير من الأخبار الرسمية نقل الصور عن “وكالة أحداث” ولم يقدم تفاصيل.
قاعدة الجزائر
أصدرت مؤسسة الأندلس الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بياناً: “حول الأحداث الجهاديّة والسياسيّة الراهنة في الجزائر.” أكثر ما يلفت فيه أنه خاطبوا الحراك الشعبي في الجزائر، قائلين إنهم “سعوا” من أول يوم إلى دعمه و”إيقاف أي نشاط” قد تتخذه الحكومة “ذريعة للتنكيل والبطش.” فهل معنى هذا أنهم تعمدوا عدم الاشتباك مع السلطات الجزائرية حفاظاً على الحراك الشعبي الذي انطلق مطلع ٢٠١٩؟ في الواقع، من بحث أجريته على الإنترنت عن أي هجمات للتنظيم خلال العام ٢٠١٨مثلاً، لم أجد أي هجمات للتنظيم في الجزائر. وقعت هجمات في تونس وليبيا، وطبعاً تحالف نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة آغ غالي نفذ هجمات في غرب إفريقيا؛ ولكن ليس في الجزائر. بل إن السلطات الجزائرية تمكنت خلال العامين أو الثلاثة الماضية من تحييد قيادات هامة في التنظيم. ولنذكر أنه منذ انطلاق احتجاجات مصر ضمن ما يسمى بالربيع العربي، والقاعدة تحاول ركوب موجة الانتصارات الشعبية. بالرجوع إلى البيان، فقد برر قتل خمسة صيادين في منطقة تبسة الجبلية شرق الجزائر؛ وقال إن فيها ألغاماً زرعها التنظيم للحماية من هجمات الجيش. البيان أوحى بأن الصيادين كانوا عملاء للجيش؛ محذراً المدنيين من الاقتراب من الجبال والغابات. وهذا هو الخطاب ذاته الذي يعتمده داعش في تبرير تفجيرات بغداد.
مرصد الجهادية 71 | تناقض أنصار القاعدة في الرد على تأكيد واشنطن وجود علاقة بين التنظيم وإيران