الأزمات تضرب سوريا قبل الذكرى العاشرة للثورة
أيام قليلة وتحيي سوريا الذكرى العاشرة للثورة التي خرجت ضد نظام الأسد، رغبة في تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعي، قبل أن تجد نفسها حبيسة أزمات لا تحصى، في الداخل والخارج.
وتقف البلاد اليوم أمام وضع اقتصادي خانق يضاعف من آلام السوريين تحت أعين الأسد، الذي لا يبدو أنه يلقي بالا لما يحيق بشعبه.
تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية سلط الضوء على معاناة الشعب السوري مؤخرا، معتبرا أن التهديد الأكبر الذي يواجه النظام اليوم هو الأزمة الاقتصادية، بعد أن بدا ذلك واضحاً في اجتماع الأسد الأخير الذي أعلن فيه عجزه عن إيجاد تدابير تنهي الأزمة.
وتقول الصحيفة إنه خلال لقاء خاص مع صحافيين سُئل الأسد عن الانهيار الاقتصادي في سوريا، فأجاب قائلا: “نعم.. أنا أعرف”، إلا أنه لم يقدم أي خطوات ملموسة لوقف الأزمة.
الأزمة الاقتصادية
وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن النظام السوري في الوقت الراهن لم يعد مهددا من الفصائل المسلحة أو القوى الأجنبية التي لا تزال تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد، وإنما التهديد الأبرز حاليا يتمثل في أزمة اقتصادية طاحنة أعاقت إعادة إعمار المدن المدمرة، ووضعت أكثر من 9.3 مليون شخص تحت طائلة أزمة غذاء.
وهبطت الليرة هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء، الأمر الذي ترتب عليه انخفاض الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات، وبالتالي زادت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف عن العام الماضي.
يأتي هذا في وقت حذر فيه برنامج الغذاء العالمي من أن 60 في المئة من السوريين، ما يصل لنحو 13 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو الرقم الأعلى الذي تم تسجيله على الإطلاق منذ بداية الأزمة في البلاد.
حجج الأسد ومعاناة السوريين
ووفقاً لتقرير الصحيفة الأمريكية، كان الاجتماع مع الأسد الشهر الماضي، وبدا فيه الأسد بعيداً تماماً عما يجري على الأرض وبين الناس، بل وظهر عاجزاً منفصلاً عن الواقع أيضا.
وألقى رئيس النظام السوري اللوم فيما وصلت إليه سوريا من ويلات على مجموعة من القوى منها: “وحشية” الرأسمالية العالمية، و”غسيل المخ” من قبل وسائل التواصل الاجتماعي و”النيوليبرالية”.
تأتي تصريحات الأسد بينما يكرس معظم السوريين أيامهم لإيجاد الوقود للطهي وتدفئة منازلهم، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على الخبز؛ في وقت تتواصل فيه أزمة الكهرباء، في مناطق واسعة من البلاد؛ إذ لا تصل لبعض البلدان سوى ساعات قليلة بشكل يومي.
وتسبب انخفاض العملة في تدني رواتب الأطباء وهي الفئة التي من المفترض أنها من أعلى الرتب في المجتمع السوري، إذ بات الطبيب يكسب ما يعادل أقل من 50 دولارا في الشهر، ما اضطر أغلبهم لترك البلاد والسفر.
أين حلفاء الأسد
ما يزيد من أزمة النظام السوري، بحسب “نيويورك تايمز”، عدم قدرة حليفتيه روسيا وإيران، على تقديم المساعدات الإنسانية في ظل معاناة كليهما من قلة الموارد جراء العقوبات الغربية وتبعات الوباء.
ففيما بدا اعترافا روسيا رسميا بالأمر، فقد أكد السفير الروسي في سوريا ألكسندر إيفيموف قبل أيام في تصريحات لوكالة الأنباء “ريا نوفوستي” أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا اليوم صعب للغاية، وأن إرسال المساعدات أضحى “صعبًا جداً” لأن روسيا أيضًا تعاني من الوباء والعقوبات.
الأزمة السورية
ذكرت منظمة الأمم المتحدة، أن جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سوريا رفعتا عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 13.4 مليون شخص، بزيادة 20% عن العام الماضي.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن “قيمة العملة السورية انهارت العام الماضي بنسبة 78%، بينما ارتفعت الأسعار بشكل حاد”.
ويعيش حوالي مليوني شخص في سوريا في فقر مدقع.
وأضاف المكتب أن “هناك حاجة إلى 4.2 مليار دولار هذا العام لمساعدة السوريين في البلاد التي دمرها قرابة عقد من الاضطرابات والحرب الأهلية”.