زومريت داووت شاهدة عيان تحكي مأساتها داخل معتقلات الإيغور
في يوم المرأة العالمي، هل يعلم سكان العالم أن هناك نساء يقبعن في ركن مظلم بمعسكرات اعتقال الإيغور في أقصي شرق الأرض بسبب ديانتهم؟، بسبب ملامحهن التي تعبر عن عرق مختلف هو عرق الإيغور؟، هل يعلمون أن النظام الحاكم في الصين حين قرر طمس هوية الإيغور قرر أيضا كسر المرأة الإيغورية وهدر كرامتها تحت أحذية رجال المعتقلات الصينيين، زومريت داووت (اسمها بالعربية زمرد داوود) وهي إحدى المعتقلات السابقات التي فرت من جحيم المعتقل لتروي ل”أخبار الآن” ما يحدث داخل ظلمات معسكرات الإيغور في الصين.
زومريت داووت: الصين تعتبر الإسلام ورما أصاب الإيغور وتريد اقتلاعه
تحكي زومريت داووت المرأة التي استطاعت الفرار من معسكر اعتقال الإيغور ومن الصين كلها بسبب جنسية زوجها حكايتها مع الاضطهاد فتقول “إن الحكومة الصينية تعتبر دين الإسلام ورمًا أو مرضًا أصاب شعب الإيغور، ويزعمون أن الإسلام جاء فقط من البلاد العربية، وليس جزءًا من الثقافة الصينية إطلاقا.”
وتروي زومريت الكثير من المآسي التي عايشتها في معسكر اعتقال الإيغور والتي تضمنت انتهاكات جسدية عنيفة، وأدوية مجهولة تم إجبارها على تناولها، كما تم حقنها قسرا بحقن مجهولة لم تكن تعلم أنها طريقة لجعلها عقيما بقية حياتها.
فما هي الاتهامات التي اعتقلت بسببها زومريت وكيف تمكنت من الهرب خارج الصين؟
– التهمة المشتركة بين كل السجينات هي اعتناق الإسلام وملامح الوجه الإيغورية
وعن سبب دخولها للمعتقل تقول زومرت “يعاني الكثير من أبناء الإيغور في السجون ومعسكرات الاعتقال فقط لأنهم مسلمون، وقد تم تعقيم العديد من نساء الإيغور قسراً بأمر الحكومة الصينية لمنعهن من الانجاب وإيقاف نمو الشعب الإيغوري. وأنا واحدة من الضحايا اللواتي كن ضحية هذا التعقيم القسري. وأنا على استعداد لأن أقوم بإخبار ذلك للعالم بأسره وأن أقوم بإثبات أن نساء الإيغور يتم تعقيمهن بالقوة، وأنا إحدى الضحايا.”
– جنسية زوجها وعدد أطفالها هي الاتهامات التي قادتها للسحن
كان أحد أسباب اعتقال زومريت هو زوجها الباكستاني وهو نفسه كان السبب في خروجها من المعتقل وهروبها من الصين بعد تدخلات عدة من سفارة باكستان في الصين، فكيف كانت يوميات زومريت والمعتقلات الإيغوريات في المعسكر؟
تروي زومرت كيفية القبض التحقيق معها وتتعجب من الاتهامات التي وجهت اليها فتقول “احتجزتني الحكومة الصينية في معسكرات الاعتقال لمدة 62 يومًا، على الرغم من أنهم اعتقلوني دون أي جرائم ينص عليها القانون الصيني. وفي التحقيق معي كان هناك ثلاثة أسئلة رئيسية طرحوها عليّ أثناء الاستجواب في المعسكر.
السؤال الأول هو ما إذا كنت قد سافرت خارج الصين إلى أي دولة أجنبية؟ والسبب وراء سفري إلى خارج الصين هو أنني ذهبت إلى زوجي في باكستان، وهذه ليست جريمة على الإطلاق.
الأمر الثاني هو أنني تلقيت الكثير من المكالمات من دولة أجنبية، بينما استقبلت كل هذه المكالمات من زوجي، وهو مواطن باكستاني يعيش في باكستان. والتهمة الثالثة التي أخبروني بها هو أنني لدي الكثير من الأطفال، و في الواقع أن لدي 3 أطفال فقط، وهذا ليس مخالفًا للقانون الصيني.
النساء في معتقلات الإيغور يقودهن العجز عن قتل أنفسهن بعد الاغتصاب إلي “عض” أجسادهن
“داخل المعسكر كم رغبنا بالانتحار ولكننا كنا نعجز عن فعل أي شيء” بتلك الكلمات الباكية التي اصطحبتها ملامح مليئة بالألم وصفت زومرت حالتها داخل معتقل الإيغور بالصين فقد كانت زومريت داووت ضحية من مئات آلاف وربما ملايين الضحايا الإيغور في الصين وبالإضافة لذلك فقد كانت شاهد عيان على جرائم حدثت أمام ناظريها داخل المعتقل، فماذا حدث لزينب خان مغسلة الموتى على الطريقة الإسلامية والتي كانت جريمتها مهنتها والمداومة على الوضوء من أجل الصلاة بالإضافة إلى حكايات الإيغوريات المعتقلات بلا جريرة في قبضة النظام الصيني.
أكثر ما شاهدته بشاعة داخل المعسكر أنهم كانوا يقتادون النساء في الليل لاغتصابهن وإذلالهن
تحكي زومرت عن أكثر ما شاهدته قسوة داخل السجن فتقول ” أكثر ما شاهدته بشاعة داخل المعسكر أنهم كانوا يقتادون النساء في الليل لاغتصابهن وإذلالهن، وتحت هذه الظروف المرعبة لم يكن بوسعنا فعل أي شيء، فقد كنا عاجزات حتى عن الانتحار فلم يكن بمقدورنا الإقدام عليه إذ أننا لا نملك حبلًا أو سكينًا أو أي أدوات أخرى، وبالتالي كانت معاناتنا النفسية تفوق الجسدية بمراحل حتى أن بعض النساء كن يعضضن أياديهن من القهر، لم يكن بوسعهن فعل أكثر من ذلك، فلم يكن باليد حيلة لوضع حد لذلك العذاب”.
زينب خان أرادت الوضوء فخلعوا عنها ملابسها وتبولوا على جسدها
تحكي زومريت عن رفيقة لها في زنزانة الاعتقال وتصف ما حدث لها بأنه كان من أكثر المشاهد المرعبة التي رأتها داخل المعتقل ما حدث لامرأة تدعى زينب خان وقد كانت زومريت على معرفة بها قبل أن يلتقيات في المعتقل، فقد كانت زينب تعمل في تغسيل الموتى قبل دفنهم وتكفينهم بطريقة اسلامية.
تم استجوابها وهي عارية وتمعنوا في اذلالها فتبولوا على جسدها العاري
وقد اعتقلت في المعسكر بسبب تواصلها مع صديقة لها في المملكة العربية السعودية بغية الحصول على تأشيرة دخول لأداء فريضة الحج. وقد علمت السلطات الصينية بهذا الأمر وأحضرتها إلى المعتقل. وأثناء تواجدها في المعتقل تم استجوابها وهي عارية وتمعنوا في اذلالها فتبولوا على جسدها العاري، حيث قام حارسان صينيان عبالتبول عليها قائلين ألا تتوضئين من أجل الصلاة لإلهك؟ هذا هو وضوؤك. أصيبت زينب بصدمة وبعد عودتها إلى الحجرة أخبرت زومريت وزميلاتها الأخريات ألا يقتربن منها فقط تبول عليها الصينيون وهي ليست طاهرة.
الحراس في معتقل الإيغور يداومون على سب الإسلام ويقارنون بين الله و”شي جين بينغ”
كما تروي زومريت قصة امرأة مسنة من الإيغور كانت معها بالمعتقل فتقول” كان يوجد امرأة مسنة في المعتقل بعمر الـ 67 عامًا وتعاني من مرض السكري. قبل اقتيادها إلى المعتقل كانت مداومة على حقن الانسولين، في أثناء تواجدها في المعتقل، لطالما شعرت بالضعف والغثيان. وأخبرتني أنها ما كانت لتشعر بهذا الضعف والغثيان لو أنها تملك الطعام.”
ما كان من زومريت إلا أن أعطت العجوز طعامها. وعندما اكتشف الحراس الأمر بدأوا بضرب زومريت لأنها أعطت المسنة طعامها. ولما أبرحوها ضربًا قالت “يا إلهي” من شدة الألم فما كان منهم إلا أن عاودا ضربها لأنها استنجدت بالإله. قالوا لها أن تطلب من إلهها أن ينقذها. تعرضت لضرب مبرح أكثر فقط لأنها قالت ذلك. حتى أنهم استخدموا الهراوات وأدوات أخرى.
وتضيف زومريت “عندما كنت في معسكر الاعتقال، كان حراس الأمن الصينيون يسألوننا ما إذا كان وجود لله؟ وعندما تقول إحدانا نعم، فسوف يضربها الحراس.
يقارنون الله بـ “شي جين بينغ”، وكانوا يقولون إننا لا نرى أي إله، نحن نرى “شي جين بينغ” فقط. وبالتالي، فإن “شي جين بينغ” هو إلهنا.”
وتؤكد زومرت آنه تم أخذ العديد من النساء في معسكرات الاعتقال إلى هناك لا لسبب إلا ممارستهن لشعائر الإسلام، بما في ذلك الصلاة والصوم، وليس لأي سبب آخر.
يوميات معتقلة في معسكر الإيغور.. عقاقير وحقن تجبر النساء على تناولها داخل المعسكر دون العلم بماهيتها
في اليوم العالمي للمرأة لا يعرف الكثيرون ما يحدث للمرأة من عرق الإيغور داخل المعتقلات الصينية ، فكيف تبدأ رحلة النساء إلى هذا المكان الموحش، وكيف يمر اليوم هناك
تقول زومريت ” في المخيم، عانيت من انتهاكات جسدية عنيفة، وعانيت أيضًا من أدوية مجهولة تم إجباري على تناولها، وعانيت أيضاً من حقن مجهولة تم حقني بها قسرًا من قبل مسؤولي المخيم.
تروي زومريت داووت يوميات النساء داخل هذه المعتقلات فتقول ل”أخبار الآن” “كانت البداية في 31 مارس 2018، في ذلك اليوم، لم يكن أطفالي قد عادوا من المدرسة بعد، فتلقيت مكالمة من الشرطة تطلب مني الحضور إلى مركز الشرطة في الحال
وبمجرد ذهابي إلى هناك، قاموا بمصادرة هاتفي ولم يسمحوا لي بالتواصل مع أي شخص، واستمروا في استجوابي لمدة 24 ساعة في إحدى الغرف تحت الأرض، كما استمروا في إعادة طرح هذه الأسئلة مرارًا وتكرارًا.
في معسكر الإيغور النساء محاصرات بكاميرات المراقبة في الزنزانة حتي داخل الحمامات
وتكمل زومريت قصتها في معتقل الإيغور فتقول “بعدها تم احتجازي في المعتقل وفي المعتقل كان يوجد أربعة من كاميرات المراقبة لمراقبتنا في كل الأوقات ومن كل الزوايا حتى عندما ندخل إلى الحمامات التي كانت في زاوية عنبر الاعتقال، لقد كنا مراقبات طوال الوقت. عقب وجبة الإفطار كانوا يسوقوننا إلى قاعة كبيرة يتواجد فيها أشخاص من عنابر أخرى. كانوا يجلسوننا على الأرض حيث لا شيء هناك سوى الأرض الخرسانية.”
لم تقتصر عملية الإساءة للمعتقلات الإيغوريات في الصين على التعقيم القسري والاغتصاب والتنكيل بل غسيل الأدمغة أيضا.
٥ ساعات يومية تقضيها السجينات في الاستماع الاجباري لمحاضرات غسيل العقل
تضمنت يوميات المعتقلات ٥ ساعات يومية من تلقي دروس لغسل الأدمغة وتشويه كل ماله علاقة بالإسلام أو أصل العرق الإيغوري
حيث تضيف زومريت “كنا نجبر على الاستماع لمن تدعى بـ”المعلمة” وقد كانت مختبئة خلف حاجز و داخل خزانة آمنة لا نستطيع رؤيتها لمدة خمس ساعات متواصلة كنا مجبرات على الاستماع لهذا الصوت بينما نحن جالسون على الخرسانة نستمع لكل ما يهدم معتقداتنا وما نؤمن به في ديننا، كان يحضر في بعض الأحيان أفراد جدد بينما يغيب آخرين ولا نعلم السبب إن كانوا قد ماتوا أو اصطحبوا لمكان آخر. ولم يكن يسمح للمحتجزات بالاستحمام فكانت تفوح منهن رائحة كريهة. في فترة الشهرين اللذين مكثت فيهما بالمعتقل لم يسمح لي بالاستحمام. وبسبب الدواء الذي كنا نجبرعلى تناوله لم يكن يأتينا الطمث.”
النظام الصيني لم يكتف بالتنكيل بالإيغور أحياء فنبش مقابر موتاهم وأخرج عظامهم
الجديد الذي تكشفه زومريت لأخبار الآن ليس استهداف الأحياء من الإيغور، فها هم الموتى منهم بات ثراهم مستهدفا، حيث يستولي الآن النظام الصيني على الأراضي المقام عليها مقابر الإيغور والبناء عليها رغم وجود رفات الموتى التي تأن تحتها.
فتقول زومريت داووت: “طلبت الحكومة الصينية منا جميعا إزالة جثامين موتانا من المقابر. وقالوا لنا إذا بقي أي جثمان، فسنبني فوقه منشآت. استطاع البعض إزالة جثامين أقاربهم، كما أُجبرنا على الحفاظ على الجثامين والعظام التي أظهرها لكم في الصورة في المنازل لمدة 20 يومًا لأن ما من أي مساحة أو إذن توفّر لنا لوضع الجثث في أي مكان آخر. طُلب منا أخذها وأُجبرنا على الحفاظ عليها في المنازل.”
وتضيف زومريت “بعد ذلك، سمحوا لنا بوضع البقايا في صناديق، وهي عبارة عن علب مستطيلة. أجبرنا على وضع بقايا الجثامين في هذه الصناديق، وحصل كل واحد على علبة مستطيلة. كان الأمر مؤلمًا ورهيبًا بالنسبة إلى الإيغور والمسلمين فالأموات مقدسون لكن الحكومة الصينية أذلّتنا ولا يمكننا تفسير هذا الأمر إلا للبلدان المسلمة لأن الآخرين لن يفهموا أهمية بقايا موتانا هذا الأمر مرعب.”
الحكومة الصينية تفرض على الإيغور استضافة شخص لا يعرفونه ١٠ أيام في الشهر
لم يتوقف الأمر عند انتهاك قدسية الموتى، فلم يعد شيء مقدس للإيغور في نظر نظام فاشي يستحل العبث بحياة الإيغور أحياء وأموات ، ماذا لو تخيلت أنك مرغم على استضافة شخص لا تعرفه ١٠ أيام كل شهر يعيش معك ومع أبنائك وزوجتك آكلا نائما شاربا خموره وعليك أن تلتقط معه الصور وأنت مبتسم
ترفع زومريت صورة لطفلة من الإيجور تجلس بجوار رجل صيني داخل منزل ثم تقول ” في هذه الصورة يظهر مواطن صيني وطفلة مجبرة على الابتسام، انها ابنتي ورجل لا نعرفه داخل منزلنا، فقد طلبت الحكومة الصينية من الإيغور جميعً أن تستضيف الأسر شريكا صينيًا. ويأتي هؤلاء الأشخاص كل شهر ويمضوا 10 أيام معهم في المنزل، يأكلون من طعام أبنائنا ويشربون وينامون في منزلنا. وهذه هي إحدى الأمور التي تفرضها الحكومة الصينية على الإيغور للبقاء في منزلهم ليراقبوهم.”
النظام الصيني قتل والد زومريت بعد أن أمرها بالصمت ولم تستجب
ترفع زومرت صورة أخرى لرجل عجورز وتبكي بشدة ” انظروا الى هذا الرجل العجوز الذي يظهر في الصورة هو والدي. فقد اعتقلته الحكومة الصينية لأنني أدليت بشهادتي أمام الكونغرس الأمريكي. في البداية طلبوا من أخي منعي من الكلام عبر الإعلام لكني لم أتوقف أبدًا واستمريت في التحدث عن الانتهاكات فاعتقلوا والدي ثم قتلوه. فقد توفي في سجن صيني. ”
وتختم زومرت كلامها فتقول ” لقد تم إطلاق سراحي من معسكر الاعتقال لأن زوجي مواطن باكستاني، وقد ذهب إلى السفارة في بكين وهدد بأن يكشف للعالم أجمع ما يحدث لي وما تفعله الحكومة الصينية. لهذا السبب أطلقت الحكومة الصينية سراحي، لكن هناك الكثير من الرجال والنساء الإيغور الذين ما زالوا هناك ولم يتم إطلاق سراحهم بعد، لأنهم ليس لديهم علاقات مثلي.”
إن زومريت داووت هي واحدة من تسعة أشخاص فقط تحدثوا بالنيابة عن ملايين المعتقلين، وصاروا أبطالا في نظر المجتمع الإيجوري المجبر على الصمت والمهدد بالويلات ولكن كان على زومريت أن تدفع ثمن بطولتها غاليا متمثلا في حياة والدها العجوز ولكنها لم تصمت هل يغير صوتها في يوم المرأة العالمي من مأساة الإيغوريات في الصين؟