ميناء الفاو.. فشل إيران في دعم الشركة الصينية

في اقصى جنوب العراق، اندلعت معركة “طاحنة” بين الاحزاب السياسية المدعومة من إيران والحكومة العراقية، بشأن مشروع ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة، الصراع كان على الظفر بعقد البناء من خلال طرح شركة صينية غير متخصصة في مواجهة شركة كورية متخصصة ببناء الموانئ، وفقاً للتصريحات الرسمية.

تعاقد العراق مع شركة دايو الكورية الجنوبية لتنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير أضر بالمصالح الإيرانية بالعراق

تعاقد العراق في 30 كانون الاول 2020، مع شركة دايو الكورية الجنوبية لتنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير، في خطوة اضرت بالمصالح الايرانية بالعراق، بحسب مراقبين مطلعين.

ويسعى العراق منذ سنوات لإتمام بناء ميناء الفاو الكبير على مياه الخليج بمحافظة البصرة، وتمكن من إنجاز كاسر الموج لكن الأعمال الأخرى توقفت بسبب المخصصات المالية للمشروع.

 

تعليق كوري بشأن الشركة الصينية

عن أسباب هزيمة المقترح الصيني، أشار “جون هوانغ” المدير التنفيذي لشركة دايو المنفذة لشموع ميناء الفاو، إلى أن “شركته لديها خبرة كبيرة في بناء الموانئ، أكبر من الشركة الصينية التي قدمت العرض لتنفيذ المشروع في العراق”.

المسؤول الكوري أوضح في حديثه لـ “أخبار الان“، أن “شركة دايو ملتزمة ببناء المشروع مهما كانت التحديات التي ستواجهها في العراق”.

 

دول الجوار تحاول عرقلة بناء المشروع

سنوات طوال مرت على فكرة انشاء ميناء الفاو، ولا يزال هناك جهات سياسية تحاول عرقلة تنفيذ الميناء في العراق، هذا ما أكده عضو مجلس النواب العراقي يونادم كنا، في حديث لـ “أخبار الان”.

وأشار كنا، إلى وجود دول مجاورة للعراق تتدخل بشكل مستمر لإعاقة تنفيذ الميناء، من خلال اياد موجودة في البلاد تنفذ تلك المهام”.

وبشأن المقترح الصيني لتنفيذ المشروع، قال كنا: “هناك تخوف لدى الشارع العراقي من التعامل مع الشركات الصينية كون الصين تميل لجانب احدى الدول المجاورة للعراق وبالتالي ان اغلب العراقيين رفضوا إحالة المشروع إلى الشركة الصينية وتكليف الشركة الكورية بتلك المهام”.

 

الشركة الكورية تباشر العمل

في غضون ذلك، قال المدير التنفيذي ورئيس مهندسي الشركة العراقية المساعدة في تنفيذ مشروع ميناء الفاو أحمد التميمي، إن ” الشركة الكورية باشرت فعلياً ببناء المشروع بمحافظة البصرة العراقية، حيث ان الميناء سيدر اموالاً كبيرةً للعراق خلال السنوات القليلة المقبلة”.

وأضاف التميمي، لـ “أخبار الان”، أن “العائدات المالية المتوقعة ستكون موازية للعائدات المالية للنفط العراقي المصدر”، لافتا الى وجود “توجه جاد من قبل جميع الاطراف المعنية لاستكمال المشروع على افضل وجه، واذا ما تحدثنا عن الانجازات فان لمشروع ميناء الفاو حصة الاسد لكونه دخل موسوعة غينيس للارقام القياسية وذلك ببناء أطول كاسر امواج في العالم”.

مصدر كبير في وزارة النقل العراقية: “هناك مخاوف كبيرة بخصوص التلاعب بمواصفات الخطة الموضوعة لميناء الفاو”

مخاوف من التلاعب بخطة البناء

وبهذا الصدد أشار مصدر كبير في وزارة النقل العراقية إلى أن “هناك مخاوف كبيرة بخصوص التلاعب بمواصفات الخطة الموضوعة للميناء، كما سعت سابقاً أحزاب سياسية عراقية عن طريق ميليشياتها إلى  خفض عمق الميناء إلى 14 متراً بدلاً من 24 متراً، ما يجعله عاجزاً عن استقبال السفن والبواخر الكبيرة، ما يؤدي إلى خسارة العراق لملايين الدولارات من الرسوم الجمركية”.

وبشأن العرض المقدم من الشركة الصينية، أضاف المصدر المطلع، لـ “أخبار الان”، أن “الشركة الصينية لم تقدم عرضاً حقيقياً لتنفيذ المشروع، وأنما قدمت عروضاً غير واقعية (خيالية) عن طريق الاحزاب الموالية لايران”.

وقال المصدر، إن “الاحزاب الموالية لايران حاولت تجميل صورة الشركة الصينية رغم ان الشركة ليس لها خبرة في بناء الموانئ، في حين سعت الاحزاب إلى زج العراق ضمن محور (الصين –   إيران)، من خلال المشروع”.

وبحسب ما يتداول في الشارع العراقي فإن السياسيين العراقيين في السنوات الـ17 الماضية عملوا على استنزاف ثروات البلاد وتقديم التنازلات لدول الجوار ابرزها إيران لتحقيق مكاسب شخصية واقتصادية لمجموعاتهم وشركاتهم على حساب مصلحة الدولة والشعب.

 

من جهة أخري، قال مدير عام الشركة العامة لموانئ العراق “فرحان الفرطوسي” لـ”أخبار الآن”: “شركة دايو تم اختيارها حسب قرار حسب القرار 63 لعام 2019 وهذا القرار تم اختياره حسب لجنة الدراسة والتحليل وعندما كان لدينا توجه لاستكمال المرحلة الأولى أصبحنا امام خيار وهو تطبيق القرار 63 وبالتالي فان شركة دايو الكورية قادرة على تنفيذ الميناء على أكمل وجه”
وادعى أن ما تم تداوله عن وجود لشركة صينية، فهو لعبة تفاوضية من اجل الضغط على الشركة الكورية لتخفيض الأسعار، ولم يكن هناك وجود لشركة صينية”.

“الاحزاب السياسية منصاعة لإيران“

مواطنون عراقيون علقوا على الموضوع بالقول إن “الحكومة العراقية ومنذ سنوات وهي تتبع النظام الايراني وتنفذ اجندته في العراق وبالتالي من المؤكد ان اي مشروع يضر بمصالح إيران سيدافع عنه جنودها من السياسيين الموالين”.

المواطنون أشاروا خلال حديثهم لـ “أخبار الان”، إلى أن “الشركة الصينية كانت مدفوعة من قبل ايران عن طريق الاحزاب العراقية التي تتحكم فيها، رغم ان الشركة ليس لديها اي خبرة في هذا المجال وبالاخير انتصرت ارادة الشعب على المساعي الايرانية”.

واعتبروا أيضاً أن  “استكمال مشروع ميناء الفاو الكبير يعد ضربة جديدة لايران كون المشروع يعود باموال كبيرة وقد يتراجع العراق عن فتح البلاد امام طهران اقتصادياً”.

يبلغ طول  كاسر الأمواج في الميناء 16  كيلومترا، وتنفّذه شركة دايو الكورية التي تعمل حاليا على 5 مشاريع تتمثل بإنشاء 5 أرصفة من أصل 90 رصيفا، ومشروع إنشاء طريق رابط بين ميناء الفاو وخور الزبير، ومشروع نفق الخور، ومشروع حفر القناة، ومشروع حفر حوض الميناء.

100  مليون دولار إلى التيار الصدري

امام مدخل مشروع ميناء الفاو الكبير، وضعت لافتة تبين تغريدة كان قد نشرها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في كانون الاول ديسمبر الماضي، بشأن تنفيذ الميناء، وقد تم تثبيت تلك اللافتة من قبل عناصر من سرايا السلام الموالية للصدر اثناء انتشارهم بالقرب من المشروع.

ويأتي هذا بعد ان هدد الصدر في تغريدته بالتدخل على  “طريقته الخاصة” في حال فشلت الحكومة العراقية في منع الفساد والتأثيرات الخارجية بملف ميناء الفاو الكبير، كما طلب الصدر من الحكومة العراقية العمل على اجتثاث الفساد والابتزاز الذي يتعرض له مشروع ميناء الفاو، على حد قوله.

مسؤول كبير في أمانة مجلس الوزراء العراقي متورط بمسألة الرشاوى

‏مصادر مطلعة أشارت لـ “أخبار الان“، إلى أن  “التيار الصدري مهتم جداً بضمان تنفيذ المشروع الضخم، من قبل الشركة الكورية، وذلك لتورط قادة بالتيار بالحصول على رشى من الشركة مقابل صفقة للمساهمة باحالة المشروع اليها”، مبينةً أن “من بين الاسماء المتورطة مسؤول كبير في أمانة مجلس الوزراء العراقي”.

المصادر قالت ايضاً إن  “حصة التيار من الصفقة بلغت 100 مليون دولار، وقد تم دفع  عشرة ملايين  دولار الى مدير عام الموانئ المدعوم من قبل التيار الصدر، لتسهيل احالة المشروع للشركة الكورية، وهو الامر الذي تم تنفيذه لاحقا”.

وتتولى شركة البناء الكورية الجنوبية المرحلة الأولى من المشروع التي ستشمل خمسة أرصفة وساحة للحاويات من المتوقع أن يستغرق المشروع أربع سنوات وعند اكتماله يجب أن تكون طاقته الإنتاجية ثلاثة ملايين حاوية سنويًا. كما ستنفذ دايو العمل لإنشاء قناة جديدة أعمق للميناء ، وفقًا لتصريحات المسؤولين العراقيين.