عقب اجتياح الموجة الثالثة من وباء كوفيد- 19 باكستان، تزايد عدد الإصابات وتتضاعف بالتالي عدد الوفيات بعدما أصابت سلالة من الفيروس المتحوّر مدناً عديدة، في البلد الذي يقع جنوب آسيا بتعداد سكّاني يصل إلى 216 مليون نسمة.
وفي أواخر فبراير الماضي، كانت رفعت باكستان معظم القيود المفروضة على الأنشطة التجارية، والمدارس، والمكاتب، ووسائل النقل وأماكن العمل، بالتزامن مع تفشي سلالة متحوّرة من فيروس كورونا في البلاد، يعتقد أنّ منشأها كان بريطانيا.
ويعتبر الفيروس المتحوّر أشدّ فتكاً من الفيروس الأصلي، ويمكن الإستدلال على خطورة هذه السلالة وعدواها، بالنظر إلى أنّه في غضون 42 يوماً، أي من 1 مارس إلى 12 أبريل من هذا العام، أودى الوباء بحياة 2600 شخص وظهرت 150000 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا في البلاد.
وسجلت باكستان خلال 24 ساعة، ما مجموعه 4318 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا بمعدل إيجابي قدره 8.5 %، كما شهد يوم الاثنين الفائت الماضي 118 حالة وفاة.
موت في المنازل
وأعلن مركز القيادة والتشغيل الوطني (NCOC)، وهو أعلى هيئة مسؤولة عن متابعة مستجدات وباء فيروس كورونا ويضمّ مسؤولين مدنيين وعسكريين، أنّ معدّل الوفيات يوم الإثنين الماضي هو واحد من أعلى المعدلات منذ فبراير من العام الماضي، عندما تمّ اختبار أوّل مريض بفيروس كورونا في باكستان.
وتوفي 104 مريضاً في المستشفيات، في حين حدّثت بقية الوفيات خارج المستشفيات، التي لا يذهب عدد كبير من المرضى في باكستان إليها، ويفضّلون البقاء في المنزل وتناول أدوية غير إعتيادية.
إضافةً إلى ما سبق، كان هناك 43 مريضاً من الذين استسلموا للفيروس يوم السبت الماضي، هم يتنفسون عبر أجهزة التنفس الصناعي، واكتظت المستشفيات في مقاطعات البنجاب وخيبر باختونخوا بمرضى كورونا، ومن بين 518 جهاز تهوية يمكن استخدامه في البلاد، تمّ حجز أكبر عدد من أجهزة التهوية في “جوجرانوالا” بنسبة إشغال بلغت 88 %، تليها ملتان بنسبة 81 %، ولاهور بنسبة 79 % وإسلام أباد بنسبة 57 %، مع الإشارة إلى أنّ مقاطعة البنجاب وخيبر باختونخوا المأهولة بالسكان في باكستان، تعرّضت للموجة الثالثة من الفيروس المتحوّر.
وتم إجراء حوالي 50500 اختبار لـ Covid-19 في الساعات الأخيرة من يوم الأحد، بينها 4318 اختباراً كان إيجابياً، علماً أنّ حوالي 631700 شخص تعافوا حتى الآن من الفيروس القاتل في كلّ أنحاء البلاد.
من بين ما مجموعه 721،018 حالة تم اكتشافها حتى الآن، ثبتت إصابة 268،750 حالة في السند؛ 248.438 في البنجاب؛ 98301 في K-P؛ 65700 في إسلام أباد؛ 20241 في بلوشستان؛ 14461 في AJK و 5127 في جيلجيت بالتستان. علاوة على ذلك، من بين 15443 حالة وفاة تمّ الإبلاغ عنها في باكستان حتى الآن، كان هناك حوالي 4529 حالة وفاة في السند؛ 6972 في البنجاب؛ 2618 في K-P؛ 607 في إسلام أباد و 215 في بلوشستان. وتم الإبلاغ عن غالبية الوفيات في البنجاب، تليها خيبر بختونخوا.
وفق الوقت الحالي، يبلغ العدد الإجمالي لحالات Covid-19 النشطة في كلّ أنحاء البلاد 73،875 حالة. تمّ قبول ما مجموعه 4920 مريضاً في كلّ أنحاء باكستان في حوالي 630 مستشفى مخصص لمرضى فيروس كورونا.
“الجائحة تنتشر كالنار في الهشيم”
وقال الدكتور محمد خيزار حياة، رئيس جمعية الأطباء الشباب في البنجاب لـ”أخبار الآن“، إنّ الوضع في تلك المنطقة يزداد سوءاً، مضيفاً: “يزداد عدد المرضى يوماً بعد يوم وهناك قائمة ضخمة من الأشخاص الذين يموتون بسبب الجائحة التي تنتشر كالنار في الهشيم”. وأضاف: “يجب على الحكومة إغلاق الأسواق والأماكن العامة والتنفيذ الصارم لكلّ إجراءات التشغيل الدائمة”.
وفي ما يتعلق بمعدّات الحماية الشخصية (PPE) للأطباء الذين يعالجون مرضى كوفيد-19، قال إنّ “الحكومة لم توفر مثل هذه المعدات في قسم الرعاية الصحية الأولية والثانوية”. وأردف: “رابطة الأطباء الشباب في البنجاب تراقب كلّ العوامل التي تحدث في الوقت الحالي. لا تشمل أولويات الحكومة الأطباء ولا المرضى. البلاد تمرّ بأسوأ مراحل تفشي الوباء، ويعاني مئات الأطباء وعائلاتهم في لاهور وملتان وباهاوالبور وروالبندي من كورونا. الأطباء يموتون، لكن أعضاء الحكومة ودائرة الصحة يتمتعون بمقاعدهم ورواتبهم”.
وحول ما يعرف بـ”الإغلاق الذكي” الذي تمارسه الحكومة في البلاد لمواجهة الجائحة، قال حياة لـ”أخبار الآن“، “إنّه يجب على الحكومة فرض إغلاق كامل في كلّ المدن الحساسة في البلاد”. وأضاف: “بما أنّ معظم طلاب الطب قد تأثروا أيضاً بكورونا، فإنّه من الواجب إغلاق الكليات الطبية وتعليق الخدمات غير الطارئة بالمستشفيات، كما يجب إعادة تنشيط مراكز التطبيب عن بعد في البنجاب”.
وتحاول إدارة البنجاب فرض قانون لخصخصة المؤسسات الصحية الحكومية تحت ستار كورونا. وقال خيزار حياة، إنّ “جمعية الأطباء الشباب في البنجاب ستطلق حركة في كامل الإقليم بشأن أسوأ عجز للحكومة”.
دعوة لعودة الإجراءات الصارمة في باكستان
ويخشى خبراء الصحة من عودة تفشّي فيروس كورونا بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ما يجبر الحكومة على إعلان تعرّض البلاد لموجة ثالثة من الوباء، لافتين إلى ضرورة أن تعطي الحكومة الأولوية للصحة العامة بدلاً من المخاوف المالية، وضرورة رفع القيود فقط بعد التأكد من أنّ 70 % من السكان قد تمّ تطعيمهم ضدّ المرض الفتاك.
ولم تخضع باكستان لتدابير احترازية صارمة، وشهدت الأماكن العامة نشاطات بشرية من دون مراعاة للوباء، كما لم تهتم الحكومة حتى بفرض عقوبات على انتهاك قيود أقنعة الوجه، وتنقل وسائل النقل العام أعداداً هائلة من الركاب، الأمر الذي جعلها مرتعاً خصباً لتفشي كوفيد-19.
وقال الأمين العام للجمعية الطبية الباكستانية (PMA) الدكتور قيصر سجاد لـ”أخبار الآن“، إنّ “الناس لا يتبعون إجراءات الحماية الموحّدة بل يضحكون على من يرتدون أقنعة الوجه”.
وأضاف: “خبراء الصحة لاحظوا نتائج رفع القيود في سبتمبر من العام الماضي عندما تمّ الإبلاغ عن 100 إلى 200 حالة يومية، وفي غضون شهر كان على الحكومة الإعلان عن موجة ثانية من فيروس كورونا”.
وأردف: “أتفهم ضرورة رفع القيود فقط بعد اكتمال تطعيم 70 % من السكان.. الاستجابة لحملة التطعيم في باكستان بطيئة للغاية.. الحكومة مسؤولة عن ذلك”.