فيروس كورونا يستفحل في الهند، فالبلاد تواجه حالة طوارىء صحية إستثنائية لا سابق لها، والحالة هي أشبه بحالة حرب. البلاد سجلت رقماً قياسياً جديداً بلغ بالإجمالي 20 مليون إصابة بفيروس كورونا، وتسجل يومياً رقماً قياسياً للوفيات.
وبالتالي نظراً للأرقام المسجلة مؤخراً، تشهد البلاد 3500 حالة وفاة يومياً. ويحذر الخبراء من أنّ الأرقام أعلى من ذلك في الواقع لأنّ الحكومة تحاول إخفاء الأرقام، وبالتالي تعتبر الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بعشرة أضعاف.
في المدن الكبرى مثل مومباي والعاصمة نيودلهي، لا تتوقف المحارق عن العمل على مدار الساعة وتكاد المقابر تخلو من الأماكن المتاحة نظراً لتدفق الجثث الهائل.
سريناغار، هي أكبر المدن في منطقة كشمير الهندية، في هذه المنطقة أيضاً كسائر أرجاء الهند، ترتفع الإصابات بفيروس كورونا. فمنذ الأسابيع القليلة الماضية، سجل ارتفاع حاد بنسبة ألف % في معدل الإصابات، كما أنّ معدل الوفيات يسجل رقماً قياسياً جديداً كل يوم. ويحذّر الخبراء من أنّ المعدلات لم تبلغ الذروة بعد، وسيصبح الوضع مخيفاً أكثر بكثير. وقد حذّر الخبراء من أنّ النهاية لم تقترب بعد، وثمّة موجة ثالثة من كورونا وستكون أشد فتكاً”.
أزمة حادة في مادة الأوكسيجين
مع الإرتفاع الجنوني بعدد الإصابات وعدد الوفيات، تداعى النظام الصحي في الهند، خصوصاً أنّ الأوكسيجين فرغ من المستشفيات، الأمر الذي زاد من معاناة المصابين بالفيروس، والذين يموت الكثير منهم أمام المستشفيات. الأزمة ضاعفت الضغط على مرافق إنتاج الأوكسجين، التي تعاني أصلاً من ضغوط شديدة من أجل تلبية الطلب المحلي. وتنتشر المرافق التي ستتلقى منها دلهي الأوكسجين، عبر سبع ولايات، تقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر.
ووفق المختصين، فإنّه نظراً لخطورة المادة، يجب نقل كل الأوكسجين السائل في عدد محدود من الناقلات المتخصصة، الأمر الذي يتطلب تخطيطاً مسبقاً لضمان التسليم في الوقت المحدد.
السلالة الجديدة تنتشر بسرعة كبيرة
ويقول الطبيب سمير خان لـ”أخبار الآن“، إنّ “الهند سجلت أكثر من 700 أو 800 سلالة فتّاكة، وبسبب هذه السلالات الفتاكة شهدنا ارتفاعاً حاداً في الإصابات في كلّ أنحاء البلاد، ورأينا آثارها المدمرة بالنظر إلى حدّة الإصابات والوفيات. فهناك عدد متزايد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الأوكسيجين لأنّه ضروري في العلاج من فيروس كورونا، والذين يموتون بسبب النقص في توفّره”.
ويتابع أنّ “نظام الرعاية الصحية محدود جدّاً بالنظر إلى البنية التحتية والدراية التقنية والتجهيزات واللوجستيات. وبما أنّ معدل الإصابات ارتفع ارتفاعاً صاروخياً في الأشهر القليلة الماضية، فقد عجز النظام الصحي عن رعاية الإصابات الهائلة، وبسبب ذلك نرى أشخاصاً كثر يعجزون عن الوصول إلى المستشفيات حيث يتوفر الأوكسيجين. ولكن حتى المستشفيات وصلت إلى التخمة بسبب عدد الإصابات”.
ويوضح خان لـ”أخبار الآن” أنّ “السلالة المنتشرة العام الماضي لم تكن تنتقل بسرعة كبيرة، ولكن هذه السنة تنتقل بسرعة هائلة، قائلاً: “سأعطيك مثلاً عن سلالة تسمى N44TK، لقد تمّ العثور عليها في ولايات هندية عديدة، بما فيها كشمير، وتبيّن أنّها تنتقل 10 مرات أسرع من سلالة العام الماضي. لذلك يزداد عدد المصابين هذه السنة بالمقارنة مع السنة الماضية، وبالتالي إنْ أصيب شخص ما لا يصاب أفراد عائلته بالضرورة، ولكن هذه السنة إنْ أصيب شخص ما، تصاب العائلة برمتها، فالسلالة الجديدة تنتشر بسرعة كبيرة”.
وختم خان حديثه: “يضرب فيروس الكورونا العائلات بقوّة، فيموت الشباب والمسنُون على حدّ سواء. فالمصابون لا يموتون فقط بسبب فيروس كورونا، ولكن أيضاً بسبب اشتداد حالة المرض والنقص الحاد في المعدّات الطبية. فالأوكسيجين مثلاً يكاد ينضب في كلّ المستشفيات تقريباً ويموت المصابون”.
خطأ في التقدير واعتراف بارتكاب خطأ مميت!
لقد ضربت الموجةُ الأولى من فيروس كورونا الهند بين يوليو \ تموز، وسبتمبر\ أيلول من العامِ الماضي، وبحلولِ نوفمبر- تشرين الثاني بدأت الإصاباتُ تنخفضُ بشكلٍ مفاجىء. البعضُ تخيّلَ أنّ البلادَ تعافت من الفيروس بسرعة، وظنّ الكثيرون أنّه لن تكونَ هناك موجةٌ ثانية، ليسود اعتقادٌ بأنّ البلادَ حققت مناعةَ القطيع.
طوال أشهر عديدة، بدا الوضع طبيعياً في الهند، حيث عادت الحياة إلى طبيعتها في الأسواق والتجمّعات الدينية، وبالكاد كان هناك خوف شعبي من الفيروس، لكنّ ما يقال الآن، هو أنّ القائمين على الدعوات للإحتفال وإقامة التجمعات الدينية، يرددون اليوم أنّهم اقترفوا خطأ مميتاً.