القاعدة تستجدي تعاطف اليمنيين في الجنوب فيما تضع الملح على جروحهم
يوماً بعد يوم تزداد خسائر القاعدة في جزيرة العرب، فعلى الأرض، دحرت القاعدة من أهم المحافظات والمدن الاستراتيجية جنوب اليمن، كما أنها خسرت القاعدة الشعبية التي كانت ترتكز إليها في تلك المحافظات والمدن بعد أن تكشفت حقيقتها للمجتمع اليمني المحافظة بوسطية واعتدال.
لعل أبرز ضربة تلقتها القاعدة بعد هذه الخسائر هي الانشقاقات التي تتوالى من صفوفها، وأبرزها انشقاق القيادي البارز فيها أبو عمر النهدي وعدد كبير من مواليه.
في 17 من آيار/ مايو الجاري (2021)، أحبطت قوات الحزام الأمني في مديرية لودر بالمنطقة الوسطى بمحافظة أبين جنوب اليمن هجوماً مسلحاً للقاعدة شنته في وقت مبكر من الصباح على مقر الحزام الأمني بالمديرية، هذا الهجوم المباغت لم يسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية بعد أن نجح جنود الحزام الأمني بالتصدي لمسلحين القاعدة وملاحقتهم خلال فرارهم ولجوئهم إلى معسكرات ومقرات إخوانية.
هذا الفشل قد يكون وراء قيام القاعدة بنشر إصدار مرئي لمؤسسة الملاحم، ذراعها الإعلامي، بعد ثلاثة أيام على فشل هجومها على مقر الحزام الأمني في لودر، إذ بتاريخ 20 أيار/ مايو الجاري، نشرت القاعدة في جزيرة العرب إصداراً مرئياً تضمن تصويراً لعمليتيها الاثنتين اللتين نفذتهما ضد نقطتين أمنيتين لقوات الحزام الأمني في محافظة أبين باليمن في شهر آذار/ مارس الماضي.
في هذا الفيديو الذي قاربت مدته ثمانية دقائق إلا بضع ثوانٍ، تفاخرت القاعدة بقتلها للجنود اليمنيين في النقطتين الأمنيتين في أمريدة وأحور، لكنها غفلت عن ذكر قيام مسلحيها بتصفية اثنين من الجنود ذبحاً عوض تطبيق حق الأسير في الإسلام، كما قفلت عن ذكر قتلها في نفس الهجوم لمواطنيين يمنيين كانوا يمرون بسيارتهم في واحدة من النقاط المستهدفة، وبالتأكيد لم يظهر الإصدار المرئي صور هؤلاء القتلى المدنيين الذين راحوا ضحية هجوم مسلحي القاعدة.
فقد راح ضحية هجوم القاعدة على النقطة الأمنية في أحور يوم 18 آذار/ مارس الماضي، 12 شخصاً، بينهم 8 من جنود الحزام الأمني و4 مواطنين عزل في سيارة، أما في هجوم أمريدة شرقي بلدة الخبر، فقد راح ضحية هجوم القاعدة جندي من الحزام الأمني وأصيب 3 آخرون.
وقد ظهر في هذا الإصدار المرئي، زعيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي متخذاً صورة الفقيه الديني التي دأب عليها في معظم إصداراته السابقة، محاولاً كالعادة استثارة العاطفة الدينية عند اليمنيين بتفسير مفصل على أهواء القاعدة.
وكالعادة أيضاً، حذر باطرفي اليمنيين من أهل الجنوب، حيث نبذهم المجتمع بغالبيته، من معاونة قوات الحزام الأمني، لكنه فعل ذلك بعد أن أسهب في الكلام في محاولة حثيثة وواضحة لاستعاطفهم وتحريضهم على الثورة وتنفيذ المسيرات في المناطق التي دحرت منها القاعدة.
العميد السيد: لدينا القوة الكافية لتطهير محافظات الجنوب من القاعدة
بهدف الاطلاع على الحالة الأمنية في محافظة أبين، التقت أخبار الآن قائد قوات الحزام الأمني والتدخل السريع في المحافظة العميد عبد اللطيف السيد الذي شرح بشكل مبسط واقع الحال على الأرض في هذه المحافظة الجنوبية التي نبذت داعش ودحرتها من أبرز معاقلها.
أوضح العميد عبد اللطيف السيد أنه يعتبر الوضع الأمني في أبين في واقعيّ حال، إذ قال إنه “بسبب وجود القوى السياسية والخلافات والنزاعات والحروب الدائرة في محافظة أبين، فإننا نقيم الوضع الأمني في محافظة أبين إلى شقين، الشق الأول الذي تسيطر عليه قوات إخوانية تتمركز في شقرة امتداداً إلى مديرية أحور، وكذلك الشق الثاني إلى مديرية المحفد، فإن هذه المناطق تعتبر موبؤة بالتنظيمات الإرهابية، وكذلك أعاد كل من تنظيم القاعدة وتنظيم داعش معسكراتهما السابقة التي قام الحزام الأمني بطردهما وملاحقتهما فيها، ثم أعادوا نشاطهم الأمني بعد هذه الخلافات الدائرة بين الشرعية والانتقالي”.
وأضاف قائد الحزام الأمني في أبين أن “الجزء الثاني يتمثل بمديرية عاصمة المحافظة زنجبار، وكذلك مديرية خنفر التي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل تام، ولا توجد هناك أي عناصر إرهابية ولا يوجد أي اختلال أمني، كما تعرفون في هاتين المديريتين، وكذلك في مديريات يافع أبين الثلاث التي هي رصد وسباح وسرار، فهي تنعم بالأمن والأمان بوجود قوات الحزام الأمني في هذه المديريات”.
وبسؤاله عن إجراءاتهم لمنع القاعدة من السيطرة على المحافظة مرة أخرى، أكد العميد السيد أن لديهم القوة الكافية لتطهير باقي المحافظة، إلا أن هناك واقع حال على الأرض يعرقل القيام بذلك في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الحزام الأمني يعمل بدون كلل لضمان الاستقرار في كل المناطق التي طهرها من القاعدة.
العميد السيد: تائبون كثر من القاعدة احتضناهم ولهم دور كبير في تغذيتنا بالمعلومات
وحول عودة تائبين ومنشقين من القاعدة إلى المجتمع المدني في المحافظة، أكد العميد السيد أن “هناك تائبون كثيرون من تنظيم القاعدة وكذلك من تنظيم داعش من أبناء المحافظة الذين عادوا إلى حضن الدولة، وتم استيعابهم وتربيتهم وتوعيتهم وإعادتهم إلى أهاليهم لأن هؤلاء الشباب تم إغراءهم من قبل هذه التنظيمات الإرهابية بسبب صغر سنهم ونحن احتضناهم، والآن هم ينعمون بالأمن والأمان وكذلك لهم دور كبير في تغذية المعلومات والتعاون معنا”.
وبسؤالنا عن نوع التعاون الذي يقدمه التائبون عن فكر القاعدة، وإن كانوا يدلون بمعلومات أو يقومون بمساعدة آخرين على التوبة والانشقاق عن القاعدة وبالتالي العودة إلى أهلهم ومجتمعهم المدني، قال، “طبعاً هذا العمل هو عمل سياسي نقوم به نحن في استقطاب أبناء المحافظة الذين غرر بهم من قبل هذه المليشيات الإرهابية التي تدعو إلى القتل والاقتتال”.
وأضاف العميد عبد اللطيف السيد، “نحن بدورنا نسحب هذه البراعم التي استقطبتها هذه التنظيمات، وبفضل الله قاموا بتعزيزنا بكثير من المعلومات عن هذه التنظيمات الإرهابية، وهم يعملون الآن لدينا في جانب الاستخبارات”.
العميد السيد: المنشق أبو عمر النهدي في سيئون بحضرموت مع القوات الشرعية
أما عن أهمية انشقاق القيادي أبو عمر النهدي وكثير من مواليه عن القاعدة، ومكان تواجده حالياً، فأوضح قائد الحزام الأمني والتدخل السريع في أبين أن “هناك انشقاقات حصلت في تنظيم القاعدة بعد مقتل القيادي قاسم الريمي وتنصيبهم للقيادي خالد باطرفي، إلا أن هناك انشقاقات حصلت في التنظيم وقام “هذا النهدي” بشق الكثير من تنظيم القاعدة، واللجوء إلى قوات الشرعية في مديرية سيئون في حضرموت، وهو الآن متواجد هناك من ضمن قوات الشرعية، وهذا ما ورد إلينا من معلومات”.
وحول أعداد المنشقين عن القاعدة وكم هو عدد القيادات فيهم، لم يرغب العميد السيد في ذكر أسماء قياديين آخرين غير أبو عمر النهدي، لكنه وصفه بالقيادي الأول بينهم، فقال، “طبعاً “هذا النهدي” يعد القيادي الأول من ضمن المنشقين، ولا يسعني القول عن القياديين الآخرين، لكن لم نعرف عدد المنشقين بالضبط، وإنما يقولون هناك انشقاق، لكن لا نعرف عدد المنشقين”.
ورأي العميد السيد أن القاعدة تتعاون مع حزب الإصلاح الإخواني، بل ذهب أكثر من ذلك ليعتبر أن تنظيم القاعدة هو حالياً من ضمن قوات حزب الإصلاح الإخواني.
العميد السيد: المجتمع المدني له دور فعال في إلحاق الهزيمة بالقاعدة ودحرها
وخلال المقابلة، أثنى العميد السيد على المجتمع المدني في محافظة أبين والمحافظات التي دحرت منها القاعدة لما له من دور وأثر في نجاح قوات المجلس الانتقالي والحزام الأمني بإلحاق الهزيمة بالقاعدة وإخراجها من هذه المناطق.
إذ دان العميد السيد نجاحهم في تطهير هذه المناطق إلى، “ثقافة المجتمع المدني في هذه المحافظات التي كنا نعاني فيها من انتشار تنظيم القاعدة، طبعاً المجتمع المدني هو متفاعل ومتعاون إلى جانب قوات الانتقالي والحزام الأمني التي تكافح التنظيمات الإرهابية، وهم بدورهم يقومون بدور كبير في سحب أولادهم وتوعيتهم”.
ووجه العميد السيد رسالة نصوحة لليمنيين في أبين وبشكل عام، فقال، “ننصح إخواننا الذين لم يقوموا بواجبهم أن يحذوا حذو إخوانهم الذين سحبوا أبناءهم من هذه التنظيمات وقاموا بتوعيتهم وقاموا بالتعاون معنا وإعطائنا كافة المعلومات”.
يذكر أن قوات الحزام الأمني وتعرف كذلك بقوات الدعم والإسناد، تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي أكبر قوة جنوبية ويمنية على الأرض التي تستهدفها القاعدة في جزيرة العرب، لما لها من دور محوري ورئيس في مكافحة الإرهاب بدعم من التحالف بقيادة السعودية، وكان لقوات الحزام الأمني الصدارة في تطهير جنوب اليمن من القاعدة، وعلى رأسها محافظة أبين التي كانت أكبر معاقل التنظيم.