“الثعلب في السودان”

السابع والعشرون من مايو 2021، تاريخ ليس لطيفاً بالنسبة إلى روسيا في السودان، وقد يصحّ القول إن موسكو تلقت نكسة في حملة دعائية كانت تقودها مستغّلة .

  • حملات دعائية على حسابات وهمية لتجميل صورة روسيا بالسودان
  • الصفحات ركّزت على الترويج لروسيا كصديق للشعب السوداني
  • أكّد أنّ الصفحات استُخدمت بدافع تدخل خارجي
  • أرجع الشبكة لأفراد شاركوا بوكالة أبحاث تابعة لبريغوجين
  • بريغوجين يحاول أن يُظهر نعومته وإخلاصه إلى الشعب في السوادن
  • تواجد روسيا عسكرياً بالسودان يمنحها رابطاً بالبحر الأحمر ودول أخرى
  • الشبكة الروسية كانت تسرق ملفات وصور وإدخال تعديلات عليها

في هذا التاريخ، أزال شبكة من الحسابات الوهمية التي تعمل على توسيع الحملة المؤيّدة لروسيا، وتبيض صفحتها في السودان. محتوى الصفحات ركّز في المقام الأوّل على الترويج لصورة روسيا كصديق للشعب السوداني، فعملت على نشر قصص إيجابية عن روسيا، مع التركيز بشكل خاص على حُزَمِ المساعدات التي أرسلها طباخ بوتين، يفغيني بريغوجين، إضافةً إلى تضخيم فوائد إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان، وهنا تكمن الحكاية.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

المساعدات من الأرز والعدس والتي تحمل عبارة “مع الحب من روسيا” (تلغرام)

لفت ذلك الأمر الباحثة تيسا نايت التي قادتها حشريتها إلى متابعة القصة من خلال بعض القنوات في السودان، ولم يكن عنوانها “مع الحب، من روسيا” من فراغ، فمن ناحية الشكل هو تيمناً بعنوان فيلم لجيمس بوند بعنوان “من روسيا، مع الحب، وفي المضمون حمل في طياته النيّة الروسية العسكرية المبيّتة، للتمدد والتوسّع.

وتقول نايت لـ”أخبار الآن“: لقد بدأت بمتابعة هذه القصة عن طريق مصدر في السودان، وعندما تمعّنت فيها، لاحظت وجود عدد من الصفحات والملفات الشخصية والمجموعات والحسابات على تطبيق إنستغرام التي تتّخذ من السودان قاعدةً لها، والتي كانت تسوّق للمصالح الروسية، لذلك كان همّهم الأوّل التركيز على بناء قاعدة بحرية في بورتسودان، ونشر أخبار إيجابية عن يفغيني بريغوجين المرتبط بمجموعة فاغنر، والذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي بوتين. وبناءً على هذه التحقيقات، أكّد تطبيق أنّ الأصول استُخدمت بسبب تدخل خارجي، وأن أشخاصاً من داخل السودان كانوا يعملون لصالح مواطنين روس من أجل التسويق لروسيا في السودان، وهكذا قرّر أن يطيح بالشبكة.

أرجع الشبكة إلى أفراد شاركوا سابقاً في وكالة أبحاث الإنترنت التابعة لبريغوجين

بالنسبة إلى صفحتين معينتين، عندما تنظر إلى شفافية الصفحة على تطبيق ، بوسعك أن تعرف أين يوجد المسؤولون عنها. فقد كان المسؤولون عن صفحتي موجودين في روسيا، فيما الباقون موجودون في السودان. كذلك كان بعض المسؤولين موجودين في أوكرانيا، ولكن كان هناك مسؤولان في روسيا. ممّا اكتشفناه أيضاً أنّ عدداً كبيراً من النصوص قد تُرجم من لغة مختلفة، فقد كانت هناك كلمات عربية لا معنى لها، وكذلك جمل لا معنى لها. كما كان هناك الكثير من الأخطاء في القواعد. وبالتالي من الصعب أن نعرف إنْ كان النص مكتوباً بالروسية في الأصل وتُرجم إلى اللغة العربية، لكن النص لا يحمل أيّ معنى بالنسبة إلى أيّ عربيّ يتحدّث العربية كلغته الأم. إذاً لقد اكتشفنا أخطاءً في اللغة العربية ومسؤولين روس وبما أنّ قادر على ولوج البيانات الداخلية لكل حساب، اكتشف أن هذه الشبكة تُشغّل من روسيا.

 

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

كما تحمل أكياس المساعدات عبارة “مساعدة من يفغيني بريغوجين” (تلغرام)

يفغيني بريغوجين، المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية، يحاول في السوادن أن يُظهر نعومته وإخلاصه إلى الشعب هناك، وبالتالي تجميل صورة روسيا. الثعلب الماكر، يلاطف فريسته حتّى ينقض عليها، فخلف هذا الوجه، يخفي يريغوجين مشروعاً أكبر، البوابة العسكرية إلى أفريقيا.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

من الصفحات المحذوفة التي شاركت المنشورات المتداولة عن مساعدات بريغوزين إلى السودان (فيسبوك)

وفي هذا السياق تقول نايت: “لقد أرسل ييفغيني بريغوجين رزماً من المساعدات لأشخاص في السودان، وتضمّنت الرزم مأكولات وأرز وعدس وما شابه. إليك تفسير آخر لعنوان المقالة. لقد كُتب على رزم المساعدات عبارة “من روسيا، مع الحب” إلى جانب رسم لقلب تضمّن العلم الروسي داخله، وكُتب أيضاً “مع تحيات يفغيني بريغوجين”. وكانت كل الصفحات تهدف إلى نشر هذا الخبر، ونحن وجدنا فعلاً إثباتات على أنّ روسيا أرسلت حقاً مساعدات. وكانت الصفحات المذكورة تقول إنّ شحنة ثانية من المساعدات في طريقها من روسيا من قبل بريغوجين، كانت وزارة الصحة في السودان تحاول منع هذه المساعدات من دخول البلاد، فبدأوا بالهجوم عليها. لم نجد أيّ إثبات شرعي على ذلك، لذلك ربّما نحن أمام فكرة مزعومة من نسج الخيال.

ليست المرة الأولى التي يتم فيها التعرف على محتوى مرتبط بروسيا في السودان

كما أنّهم عملوا على تعزيز الروابط العسكرية الروسية مع الجيش في السودان، لذلك حاولوا أن يظهروا أنّ البلدين صديقان مقرّبان طبعاً من أجل تسهيل بناء قاعدة بحرية لوجستية في بورتسودان. فأرادوا أن يظهروا أنّ هذه هي النتيجة الفضلى، وكانوا حقاً يضغطون باتجاه بناء هذا المركز اللوجستي. كما كان هناك معلومات كثيرة يهدف محتواها إلى الإشادة ببريغوجين وتقديمه على أنّه مخلّص السودان وصديقه المقرّب، وبالتالي تجميل صورة روسيا من خلال بريغوجين”.

من عبارة من روسيا، مع الحب، تصل موسكو إذاً إلى ما تخطط له بنعومة تامة، بعبارة أخرى، من أكياس الأرز والعدس وغيرهما، إلى ضبّاط وعسكريين روس عل أرض السودان، في إطار تطوير العلاقة العسكرية، فتواجد روسيا عسكرياً في هذا البلد الأفريقي، يمنح روسيا رابطاً بالبحر الأحمر ودول أفريقية مختلفة، وقارّات أخرى أيضاً.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

وتضيف نايت لـ”أخبار الآن“: “لقد قامت مجموعة فاغنر التي يديرها بريغوجين بإرسال ضبّاط وعسكريين إلى السودان من أجل تدريب الجيش السوداني على مستويات كثيرة. وكانت العلاقة بين البلدين تعود إلى عهد الرئيس البشير. وكانت هناك علاقة لاحقة على مستوى تقديم المشورة العسكرية، وراهناً على مستوى الحكومة الحالية. خلال المجازر في الخرطوم، عرقلت روسيا التحقيق في ما حدث، وطالبت بعدم تدخل المجتمع الدولي في السودان. بالإجمال لقد حاولوا أن يحافظوا على صداقتهم مع السودان. يرجّح البعض أنّ السبب هو نيّة روسيا في بناء علاقة قوية بالسودان لتتمكن لاحقاً من الإنتقال إلى دول أفريقية أخرى، لكنهم لا يملكون بعد قاعدة بحرية دائمة في أفريقيا، لذلك سيكون بناء هذه القاعدة في بورتسودان مفيداً للغاية لأنّه يمنح روسيا رابطاً بالبحر الأحمر ودول أفريقية مختلفة وقارّات أخرى أيضاً”.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

إحدى الصفحات زعمت أنّ الحياة كانت أفضل في ظل حكم البشير (فيسبوك)

وتتابع: “لقد أرسلت روسيا طواقم عسكرية إلى السودان من أجل تدريب الجيش السوداني، لذلك دعمت المجلس العسكري الإنتقالي والحكومة الحالية. كما هناك أدلّة على أنّ بريغوجين في عهد الرئيس البشير كان ينتقد طريقة إدارته للسلطة، وكان يعتبر أنّ الرئيس البشير كان عليه أن يفعل أكثر ممّا فعل. لذا هناك أدلّة على وجود علاقة شخصية بين بريغوجين والبشير. إذاً كان هناك فعلاً علاقة بين بريغوجين أي روسيا والبشير”.

اللجوء إلى والصفحات على منصات التواصل الإجتماعي، كان تكتيكاً روسياً ربّما باء بالفشل، قبل أن يقوم بإفشال المهمة حتى، فهذه الصفحات لم تصل كثيراً إلى السودانيين، وفق ما تقول تيسا، إلّا بعد انتشار أخبار إغلاقها.

ومثال على ذلك، ففي الثامن من ديسمبر 2020، أثار الإعلان الروسي عن توقيع اتفاقية مع السودان على إنشاء مركز دعم لوجستي للقوات البحرية الروسية في السودان، بلبلة كبيرة حول إمكانية بنائه فعلاً، وكانت هناك تساؤلات حول إمكانية ذهاب السودان إلى تطبيق هذه الاتفاقية، إثر تحسُّن علاقاته بالولايات المتحدة، لكن هذا ألمر لم يكن له صدى كبير في أوساط السوادنيين عموماً رغم الضجة التي أحدثها.

رصد قوات مجموعة فاغنر لأوّل مرّة في السودان في ديسمبر 2017

وقالت نايت: “لقد وقّع الروس والسودان على مسودة اتفاق لبناء مركز لوجستي في بورتسودان على البحر الأحمر، من ثمّ حصلت بلبلة حول إمكانية بنائه فعلاً. وزعم البعض أنّ قائد الأركان البرهان قد ألغى المشروع، ونقلت بعض وسائل الإعلام العربية أنّه تمّ تعليق بناء القاعدة البحرية كما عُلّق الإتفاق. لذلك لا يبدو أنّ الكثيرين على علم فعلاً بما يحدث. يبدو اليوم أنّ قائدي الأركان السوداني والروسي التقيا عندما حدثت البلبلة وتحادثا سوياً، ولا يبدو أنّهما توصّلا إلى خلاصة حول ما إذا ما كان الإتفاق يمضي قدماً أم لا، ولكن ما زال الإتفاق مشوشاً للغاية وما زال يبدو معلقاً في الهواء.

من الواضح أنّ روسيا تدفع باتجاه تنفيذه بينما زعم البعض بأنّ عدداً من القادة العسكريين السودانيين رأى أنّ القاعدة قد لا تكون مفيدة بالضرورة كما اعتُقد سابقاً، ولكن بسبب تلك البلبلة بدأت صفحات ومجموعات كثيرة كنت أتابعها بمهاجمة الحكومة السودانية، والقول إنّ قائد الأركان البرهان كان يعمل ضدّ الشعب السوداني وإنّه خائن وأمور أخرى من هذا القبيل. لكن قالت صفحة الرسمية للسفارة الروسية في السودان إنّ هذه المزاعم لا أساس لها على أرض الواقع. إذاً كان هناك مزاعم كثير برزت من عدّة مصادر من دون أن يعلم أحد ماذا كان يحدث فعلاً، وكيف سيكون مستقبل هذا المركز اللوجستي”.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

مقاتلون روس يوزّعون المساعدات على السودانيين (تلغرام)

في المحصّلة أنّ شركة أزالت كلّ الصفحات والمجموعات من تطبيقه، وكذلك الملفات الشخصية على تطبيق إنستغرام الذي تملكه الشركة، وبالتالي لم يعد ممكناً الدخول إلى أيّ منها، في إطار محاربة محاولات خداع الآخرين.

لقد أزال كل الأصول وأعني بها الصفحات والمجموعات من تطبيقه والملفات الشخصية على تطبيق إنستغرام الذي يملكه . لذلك لقد ألغاها كلها ولم يعد ممكناً دخول أي منها. هكذا يتعاطى مع هذا النوع من الأمور ويزيل محتواها إن كان ينطبق عليها ما يسمّى بالسلوك الزائف المنسّق بمعنى آخر إن كان  مجموعة أفراد أو شبكة تعمل معاً لمحاولة خداع الآخرين وفي هذا السياق بالتحديد كان هناك تدخل أجنبي وهذا ما دفع ب بإلغائه. وهنا أعتبر أن لعب دوراً في ذلك لأنه ألغى كل شيء.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

بعد البلبلة حول إنشاء المركز العسكري الروسي في بورتسودان قامت صفحات بتمجيد العلاقة مع روسيا وتهاجم السلطات (فيسبوك)

تيسا نايت كشفت ما كانت تقوم به الشبكة الروسية لناحية التعمية عن الحقائق والتمويه، من خلال سرقة ملفات وصور وإدخال تعديلات عليها، بشكل يصعب تمييزها. وهنا تقول نايت: “يمكنني أنّ أقول شيئاً، لكي يصعب علينا أن نكشف ملفات الشخصية الحقيقية، قامت الشبكة التي كانت تقف وراء كل تلك العملية بسرقة صور رئيسية من الملفات الشخصية لبعض الأفراد من شركة في كاي، وهي شركة روسية تدير منصات تواصل إجتماعي، وعدّلوها ولكنهم عدّلوها بشكل متطوّر جدّاً. لذلك كي لا يعدّلوا لون البشرة في الصور الرئيسية التي سرقوها، عدّلوا أموراً أخرى مثل تغيير لون القميص القطني من الأحمر إلى البرتقالي لأن هذا الأمر من شأنه أن يحبط عملية اكتشاف الشخص من صورته.

بمعنى آخر إنّها العملية التي نأخذ فيها صورة ونضعها على محرك بحث مثل غوغل لنرى إن كان قادراً على معرفة إنْ كانت هذه الصورة قد  نُشرت من قبل أم لا. إذاً كانوا يحاولون أن يمنعونا من أن نلاحظ أنّ هذه الصور هي صور رئيسية قد سُرقت من ملفات شخصية، وأن هذه الصور لا تعود لسودانيين بينما كانت تعود لأعضاء في منصة في كاي الروسية للتواصل الإجتماعي، وبالفعل نجحوا في مهمّتهم فكان محرك البحث الوحيد الذي اكتشف الموضوع هو محرك ياندكس الروسي بعكس محركات البحث الأخرى، التي ظنّت أنّ الصور حقيقية وأصلية، بينما العكس صحيح فقد عُدّلت بشكل متطوّر.

إذاً شركة أزال كلّ الصفحات والمجموعات من تطبيقه، وكذلك الملفات الشخصية على تطبيق إنستغرام الذي تملكه الشركة، وبالتالي لم يعد ممكناً الدخول إلى أيّ منها، في إطار محاربة محاولات خداع الآخرين. وفي هذا السياق بالتحديد كان هناك تدخل أجنبي، وهذا ما دفع إلى إلغائه. وهنا أعتبر أنّ لعب دوراً في ذلك لأنّه ألغى كل شيء.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

إحدى الصفحات زعمت أنّ الحياة كانت أفضل في ظل حكم البشير (فيسبوك)

الصفحات لم تجذب جمهوراً كبيراً

وتختم نايت:” لست واثقة من أن الصفحات تمكّنت من حشد جمهور كبير. صحيح أنّ عدداً كبيراً من المتابعين كان يتابع الصفحات، ولكن العدد لم يكن ضخماً. لقد قال لي البعض إنّ الأخبار كانت مثيرة للإهتمام لكن الصفحات لم يعلم بها الجميع، ولكن يبدو أنّه تمّ تناقل خبر قيام بإقفال الصفحات وانتشار أخبار عن ذلك، واهتمّ الناس بمعرفة ما كان يحصل من دون أن يعرفوا حصرياً بالصفحات أو المجموعات المذكورة. لذا يبدو أنّ الشعب السوداني مهتمّ بالإثباتات على وجود نفوذ روسي نوعاً ما من دون أن يعرف بالصفحات المذكورة أو يتسجّل فيها، أو أن ينضمّ إلى المجموعات المذكورة. لكنني أودّ أن أقول إنّه كانت هناك بضعة ملفات شخصية على تطبيق قد أسّسها البعض وجعلها تبدو كملفات شخصية حقيقية، ولكنهم تناقلوا المحتوى من صفحات إلى مجموعات سودانية شعبية وشرعية على التطبيق نفسه لإيصال المعلومات إليها، وقد تثبّتنا من ذلك، وبالتالي كان تكتيكاً لجأوا إليه. لذلك من الممكن أن يكون البعض قد رأى المحتوى لأنّه نُقل إلى المجموعات الشعبية المذكورة، لكن في النهاية لا يمكنني أن أقيّم الأثر الذي أحدثته هذه الحملة لأنّه من الصعب أن نعرف عدد الأشخاص الذين أدركوا وجود تلك الصفحات او المجموعات”.

 الصفحات الوهمية تضم ما مجموعه 440 ألف حساب مستخدم

أرجع الشبكة إلى أفراد شاركوا سابقاً في وكالة أبحاث الإنترنت التابعة لبريغوزين، والتي اشتهرت بجهود التدخل خلال الإنتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016. وتضم الصفحات الوهمية ما مجموعه 440 ألف حساب مستخدم فردي

كما أنها ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها التعرف على محتوى مرتبط بروسيا في السودان. ففي العام 2019 حدد صفحات مرتبطة بكيانات على علاقة ببريغوزين وشركته العسكرية الخاصة فاغنر. وفي العام 2020 حلل مرصد ستانفورد للإنترنت وجرافيغا 8 صفحات تستهدف السودان كانت مرتبطة بروسيا كجزء من عملية روسية.

وقد زاد الوجود الروسي في أفريقيا بشكل مطرد خلال السنوات القليلة الماضية، حيث وقعت الدولة اتفاقيات تعاون عسكري مع 20 دولة أفريقية على الأقل. تم رصد قوات مجموعة فاغنر على وجه التحديد لأول مرة في السودان في ديسمبر 2017، حيث قدمت التدريب والأسلحة للقوات المسلحة السودانية.

خاص.. بريغوجين ثعلب "ناعم" في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه

صورة تم تفتيحها بحيث تغير لون القميص من الأحمر إلى البرتقالي (فيسبوك)

وفي العام 2018، وضع المستشارون الروس، بقيادة بريغوجين، برنامجًا مصممًا لضمان بقاء عمر البشير في السلطة وأرسلوا متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص لدعم قوات البشير. لكن في أبريل 2019، على الرغم من المساعدة الروسية، تم عزل البشير واستبداله بالمجلس العسكري الانتقالي. وفي 20 أغسطس 2019، تم استبدال المجلس العسكري الانتقالي بمجلس السيادة بقيادة قادة عسكريين ومدنيين مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على رأسه. حمدوك شغل منصب نائب الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا. نتيجة لعلاقاته مع الأمم المتحدة والغرب، صورته الصفحات الموالية لروسيا على أنه “حجر شطرنج” غربي.

بكل الأحوال، ربما أوقفت شركة عملية خداع كانت روسيا تقوم بها، لن يوقف ما تنوي القيا به فعلياً على أرض الواقع، وهي التي تحاول أن تغزو أفريقيا لتوسيع مناطق نفوذها، وفتح قنوات مختلفة على العالم من خلال إرساء منطق عدم الشرعية وتخريب الديمقراطيات وعسكرة الدول. سؤال تبقى الإجابة عنه رهن الآداء الدولي والعالمي لكبح جماح موسكو في التمدد والتوسّع.

شاهدوا أيضاً: أطفال بين ضحايا الفاغنر في أفريقيا الوسطى.. والأمم المتحدة توثق الانتهاكات