يوم فاصل استغلته الصين للتنكيل بالأقليات في البلاد
- أحداث يوليو 2009 شكلت نقطة تحول في تاريخ الأقليات المسلمة في الصين
- بكين استخدمت الرصاص لقمع احتجاجات الإيغور
- الأحداث خلفت عشرات القتلى والجرحى من الإيغور وقومية الهان
- الحزب الشيوعي برر حملته القمعية ضد الإيغور بوجود متطرفين
- بكين ما زالت تمارس القمع ضد الأقلية المسلمة
بعد 12 سنة على أحداث شينجيانغ التي قتل فيها العشرات من أقلية الإيغور المسلمة، تعود بنا الذاكرة مرة أخرى إلى ذلك الإقليم، الذي ما زال القاطنين فيه من الأقليات المسلمة يعانون الأمرين، فيما تصر الحكومة الصينية متمثلة بالحزب الشيوعي الحاكم، على تمييع الحقائق عبر لصق الأحداث التي تفجرت في “أورومتشي” عاصمة إقليم شينجيانغ، بمتطرفين إيغور ذوي نزعة انفصالية.
الأحداث بدأت في مقاطعة “غوانغدونغ” جنوب الصين، بعد اتهام موظفين من الإيغور في أحد المصانع في تلك المقاطعة، بالاعتداء الجنسي على زميلات عمل لهم من عرق الهان الذين يشكلون الأغلبية العظمى من الصينيين. أعقب ذلك تبادل للاتهامات بين الجانبين سرعان ما تحولت إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل اثنين من الإيغور.
لاحقاً في الخامس من شهر يوليو عام 2009، نظم الإيغور القاطنين في “أورومتشي” عاصمة إقليم شينجيانغ احتجاجات للمطالبة بإجراء تحقيق في حادثة غوانغدونغ. الاحتجاجات تلك، بدأت بشكل سلمي لتتحول لاحقا إلى اشتباكات عنيفة بين الإيغور وسكان الهان في المدينة، مع استدعاء القوات شبه العسكرية الصينية لقمع أعمال الشغب، فيما امتدت احتجاجات الإيغور إلى مدن أخرى.
وبالتزامن مع التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطات الصينية، لم يتم الكشف عن النطاق الكامل للاحتجاجات، وارتفع عدد القتلى الرسمي بشكل مطرد، حيث وصل إلى 197 شخصًا، معظمهم من الهان، إضافة الى جرح 1600 واعتقال 1000 شخص، فيما قُتل من الإيغور وفق الاحصائيات الرسمية 12 شخصا على يد قوات الأمن الصينية خلال أعمال الشغب وأُعدم تسعة آخرون بعد أشهر عدة.
الأحداث التي شهدتها غوانغدونغ ومدن أخرى، شكلت غطاء للحزب الشيوعي الصيني ليبطش بالأقليات العرقية في البلاد، ونقطة فارقة في تاريخ الإيغور، لتبدأ السلطات بشن حملة قمع واسعة ضد الأقلية المسلمة ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، فُزج بمئات الآلاف من الإيغور في معسكرات اعتقال جماعية وتعرض الآلاف للاخفاء القسري، وقتل الآلاف غيرهم، وتعرضت النساء للاغتصاب والاعتقال فيما تم تدمير أغلب المقدسات والتراث الإيغوري، وأصبح تعلم اللغة الإيغورية أو حتى قراءة القرآن الكريم والصلاة وإطلاق اللحية والحجاب النسائي تهمة تودي بصاحبها إلى السجن وربما الإعدام، كل ما سبق بررته السلطات الصينية بوجود متشددين إيغور يسعون للانفصال عن الصين.
ما جرى في شينجيانغ
في مقابلة مع أخبار الآن، كشف عبد الوالي أيوب، وهو ناشط إيغوري يقيم في النرويج، عن بعض التفاصيل التي حدثت في شهر يوليو عام 2009، وقال: “بدأت القصة في 16 يونيو عام 2009 بمقاطعة غوانغجو الصينية في معمل للألعاب عندما قامت مجموعة من العمال الصينيين الذين ينتمون لقومية “الهان” بضرب وقتل بعض العمال الإيغور”.
أضاف: “هؤلاء العمال كانوا قد نُقلوا بالقوة من إقليم تركستان الشرقية ومن ثم ضُربوا وماتوا.. بسبب ما حصل تجمّع طلاب جامعيون من تركستان الشرقية ونشروا الخبر على الإنترنت ومن ثم تجمّعوا مجدداً يوم الخامس من يوليو في ساحة شعبية أمام مبنى حكومي في العاصمة أورومتشي وطلبوا من الحكومة المحلية أن تفسّر لهم سبب قتل العمال الإيغور”.
وأردف: “بدلاً من أن تقدم السلطات إجابة عن ما حصل قامت باعتقال بعض الطلاب واستخدمت الغاز المسيّل للدموع. في غضون ذلك حصل تشابك بين أشخاص من الإيغور والشرطة الصينية وقوى مسلّحة وبعض المواطنين الهان، واعتقل في تلك الليلة نحو 10 آلاف شخص من الإيغور.. في اليوم التالي تجمّع مواطنون من الإيغور في شارع آخر وكان معظمهم من النساء اللائي زج بأزواجهن في السجون، وبدأوا بالتظاهر في الشارع.. بعد ذلك قالت مصادر إن الحكومة الصينية حشدت مواطنين صينيين من قومية الهان قاموا بملاحقة الإيغور وضربهم وقتلهم وحصل صراع إثني بعد يومين أي في السابع من شهر يوليو”.
أيوب وصف إجراءات الحكومة الصينية التي اتخذتها عام ألفين وتسعة في شينجيانغ ومحيطها كرد على احتجاجات الإيغور، بـ”القمعية” وقال: “عندما يطالب الشعب بأمر ما يكون الجواب دائماً إطلاق الرصاص عليه وهذا لا يحل المشكلة بل يزيدها سوءاً”.
الناشط الإيغوري دحض رواية الحزب الشيوعي الصيني عن أن اضطرابات ألفين وتسعة في شينجيانغ، سببها متطرفون من الإيغور، قائلا: “أود أولاً أن أفسّر سوء الفهم الذي حصل، لأن المجتمع الدولي اعتقد أن صراعا إثنيا كان يحدث في شينجيانغ.. لكن أشدد على أن علاقتنا طيبة مع الصينيين من عرق الهان وليس هناك أي مشكلة بيننا”.
هل النزول إلى الشارع وقيادة الطلاب هو إرهاب؟ كلا، ذلك يعتبر من قبيل حرية التعبير
أضاف: ” في ذلك الوقت تجمع طلاب في إحدى الساحات الشعبية أمام مبنى حكومي وطالبوا بتحقيق العدالة، كما طالبوا بتقديم تفسيرات لكن الحكومة الصينية دائما ما تدعي أن مجموعات متطرفة تحرك الأحداث.. أنا أعرف قادة الحراك من الطلاب بشكل شخصي فأحدهم يدعى موريللي وهو خرّيج جامعة صينية عريقة والآخر سيدة، وهي مسؤولة حكومية واسمها غوانيرا إيمان”.
وتابع: “معظم المحتجين كانوا طلابا وذهبوا إلى الساحة الشعبية وحملوا الأعلام الصينية الوطنية.. لماذا؟! لأنهم يريدون أن يعرف العالم بأسره أنه لا علاقة لهم بانفصاليين أو متطرفين أو إرهابيين نحن مواطنون صينيون وجلّ ما نريده هو تحقيق العدالة لمن قتلوا.. هل النزول إلى الشارع وقيادة الطلاب هو إرهاب؟ كلا، ذلك يعتبر من قبيل حرية التعبير”.
أيوب شدد على أن أحداث يوليو ألفين وتسعة، لم تأت من فراغ، قائلا: “أعتقد أن أحداث 5 يوليو هي تعبير عن القلق الشديد والقمع والتهميش والبطالة لأن هؤلاء الطلبة يعلمون جيداً انهم لن يجدوا أي وظيفة بعد ان يتخرّجوا من الجامعة ولذلك نزلوا إلى الشارع بسبب تعرضهم للتمييز كما أن النساء نزلن إلى الشارع أيضا لأن أزواجهن أصبحوا في السجون ولأن ثقافتهن أضحت في خطر”.
وتابع: “لقد فعلوا كل ما بوسعهم.. حاولوا أن يكتبوا عريضة ورسائل مفتوحة لكن لم يجبهم أو يستمع إليهم أحد فقرروا النزول إلى الشارع والتجمع أمام مبنى حكومي.. لا أفهم لماذا صمتت الحكومة الصينية حول هذه العريضة؟ بسبب ذلك الأوضاع ساءت واستعملت الحكومة الرصاص بدلاً من تقديم إجابة”.
شاهد عيان على الأحداث
مجلة “The Diplomat” التي تعنى بالشؤون الآسيوية، أوردت تقريرا بمناسبة مرور 12 عاما على أحداث “غوانغدونغ”، مستشهدة بطالب جامعي، عاصر تلك الأحداث عندما كان يقضي فترة استجمام مع مجموعة من طلاب مبتعثين للدراسة في شرق الصين،
وقال للمجلة: “في ذلك الوقت كانت مجموعتي السياحية بعيدة عن الفوضى في أورومتشي، لكنها سرعان ما واجهت حملة الحكومة الصينية في جميع أنحاء شينجيانغ. تضمنت خطتنا للسفر وقتها، الانطلاق من الحدود الصينية الباكستانية (منطقة متنازع عليها مع الهند) لتنتهي في أورومتشي، عبر مسافة تصل إلى نحو 1000 ميل، وزمن يستغرق نحو 10 أيام.. في 4 يوليو 2009 وصلنا إلى كاشغر، ثاني أكبر مدينة في المنطقة، بعدها بيوم تجولنا في سوق المدينة الشهير والمدينة القديمة، وهو اليوم الذي بدأت فيه أعمال الشغب في المنطقة.. حينها لم نشهد أي احتجاجات أو نشعر بأي توتر”.
وأردف: “في 6 من شهر يوليو، توجهنا إلى الحدود الصينية مع باكستان، حيث قررنا وقتها قضاء بعض الوقت للتنزه هناك، إلا أنه تم إعادتنا من نقطة تفتيش حدودية.. بدا شيئاً خارجا عن المألوف، في ذلك الوقت، لم يكن لدى الصين سيطرة كاملة على المنطقة الحدودية، لذلك كانت هناك نقطة تفتيش حدودية وسيطة ربما تم تعيينها على بعد ساعتين من الحدود.. كان نصف مجموعتنا السياحية قد مرت بالفعل عبر هذا الحاجز عندما تلقى حرس الحدود مكالمة هاتفية من بكين، وطلبوا من المجموعة العودة.. كانوا يغلقون الحدود”.
وتابع: “عدنا بعدها إلى المدينة الصغيرة التي كنا نقيم فيها “تاشكورغان”.. وجدنا الإنترنت في فندقنا لا يعمل. في البداية، اعتقدنا أنها كانت مجرد مشكلة في خدمة الإنترنت خاصة بالفندق، لكننا علمنا في النهاية أن الخدمة قٌطعت في جميع أنحاء شينجيانغ، وهي المرة الأولى التي تغلق فيها الصين الإنترنت في منطقة بأكملها منذ اتصال الدولة بشبكة الإنترنت العالمية عام 1994. كان أحد زملائنا في الفصل قد قضى بعض الوقت في أورومتشي وسمع من صديق أن هناك احتجاجات، لكننا بالتأكيد لم ندرك خطورة الموقف في تلك المرحلة”.
سجن جماعي
الطالب الجامعي تابع سرد ما شهده لمجلة ” The Dip[lomat ” قائلا: “انفصلنا أنا ومجموعتي السياحية وسكان شينجيانغ تدريجياً عن العالم. بعد قطع الإنترنت، قٌطعت الرسائل النصية ثم الاتصال الدولي، لتعزل الحكومة الصينية المنطقة بأكملها عن العالم الخارجي، حتى تتمكن من قمع الاحتجاجات. هذه العزلة جعلت من الصعب علينا، التواصل مع أهلنا في الولايات المتحدة الأمريكية”.
وإمعاناً في عزل شينجيانغ ومحيطها عن العالم الخارجي، استمرت الحكومة الصينية بقطع خدمات الاتصال عنها حتى بعد انتهاء الاحتجاجات، ولم تُعاد خدمة الاتصال الدولي إلا في شهر يناير عام 2010، فيما عادت خدمة الإنترنت للعمل بعد قطعها في شهر مايو من العام ذاته.
وقال الطالب للمجلة: “لم نشهد الاحتجاجات بشكل مباشر مطلقًا، لكننا شهدنا بالتأكيد جهود الحكومة الصينية لقمعها واستعادة السيطرة على المنطقة. عندما عدنا إلى كاشغر في 7 يوليو، رأينا المدفعية وقوات الشرطة المسلحة الشعبية تتحرك، كانت كاشغر نفسها مدينة مختلفة تمامًا عما زرناه قبل يومين، حيث أغلقت معظم المتاجر وخلت الشوارع من المارة، واعتقال اثنين من زملائنا في الفصل لفترة وجيزة بسبب التقاطهم صورا للآليات العسكرية”.
أضاف: “سمعنا أثناء سفرنا هتافات صادرة عن محتجين تجمهروا ليلا في أكثر من بلدة على طول الطريق، كما مُنعنا من دخول أكسو في 9 يوليو، حيث قامت الحكومة بإخماد ما بدا أنه احتجاج ثانٍ لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، بعد أن زعمت وسائل الإعلام الصينية أن البلدة هدأت. كان هناك العديد من نقاط التفتيش المرتجلة على طول الطرق السريعة الرئيسية، وكان علينا جميعًا النزول من الحافلة لفحص جوازات سفرنا”.
ماكينة إعلامية في خدمة الحزب الحاكم
في تلك الأثناء، عمل الحزب الشيوعي الصيني، على حشد كامل طاقته عبر ماكيناته الإعلامية ليقلب الحقائق ويطمسها وقال الطالب للمجلة: ” عندما وصلنا إلى أورومتشي في 11 يوليو، فُوجئنا أن حجزنا الفندقي تمت ترقيته إلى أحد أفضل الفنادق في المدينة، كما رحب بنا وزير السياحة في المنطقة.. وزاد من دهشتنا أن فريقا تلفزيون كان بانتظارنا عندما ترجلنا من الحافلة”.
واستدرك: “رغم الحفاوة الغريبة التي تم استقبالنا بها، إلا أن طاقم التلفزيون رفض التحدث مع الطلاب الأمريكيين الصينيين في المجموعة، ورفضوا التحدث كذلك مع زميل كان معنا ويتقن اللغة الإيغورية، لم يكونوا مهتمين حتى بمن يتحدثون لغة الماندرين الصينية، فقط أرادوا التحدث مع زميل لنا أبيض وطويل القامة كان يرتدي قميصًا للبيسبول.. بالنسبة للجمهور الصيني، كان أمريكيًا بجوهره”.
وأوضح: “الهدف من الاستقبال اللافت لمجموعتنا السياحية بات واضح لنا، وهو محاولة إظهار ما تعتبره الحكومة الصينية جهودا ناجحة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة، وشكل السياح الأمريكيين صيدا ثمينا للماكينة الدعائية للحزب الشيوعي. تبين لنا لاحقا أن طاقم التلفزيون من شبكة CCTV الوطنية، وتم بث المقابلة مع مجموعتنا على الأخبار الليلية الصينية للجمهور المحلي. لكن ما رأيناه لاحقًا على شاشة التلفزيون لم يكن مطابقا لكلام زميلي، إذ ترجم ذلك الكلام الذي تضمن مدحاً باللغة الإنجليزية، لتعامل الأقليات العرقية المختلفة التي قابلناها في ريف شينجيانغ – الإيغور والكازاخستان والطاجيك، على أننا نشيد بالتناغم العرقي بين الأغلبية من الهان والأقلية الإيغورية، كما تم تصوير كل شيء على أنه طبيعي، على الرغم من أن معظم المتاجر في أورومتشي كانت لا تزال مغلقة، مع وجود عدد قليل من الناس في الشوارع ووجود مكثف للشرطة”.
لطالما كانت الدعاية للحزب الشيوعي الصيني بارزة في الحياة الصينية، لكن الاستجابة الدعائية السريعة كانت واضحة على الأرض في شينجيانغ، وقال طالب الدراسات الجامعية للمجلة: “في طشقركان حتى قبل أعمال الشغب، كتب على اللافتات الكبيرة أعلى المباني الحكومية (حرر أفكارك – ابحث عن الحقيقة – تقدم مع الزمن – كن رائدًا ومبتكرًا).. عندما عدنا إلى كاشغر بعد بدء أعمال الشغب، أدركنا أن الدعاية المرفقة بالتمثال الكبير لماو تسي تونغ – مؤسس الدولة الصينية الحديثة – قد تغيرت، كانت الشاحنات تتجول في أنحاء كاشغر وهي تطلق دعاية مع لافتات كتب عليها ما يلي: (تعزيز الوحدة الوطنية – معارضة الانقسام العرقي). بحلول الوقت الذي وصلنا فيه إلى أورومتشي، كانت الملصقات الدعائية قد اكتملت بالفعل، ونصت على: (الوحدة الوطنية هي شريان الحياة للشعب من جميع الجنسيات – جميع المجموعات العرقية على العمل معًا لتحقيق الازدهار والتنمية المشتركين)”.
واختتم حديثه للمجلة: “بعد 12 عاما، ما بقي في ذاكرتي من تلك الرحلة السياحية، كان لطف الأشخاص الذين التقينا بهم في شينجيانغ رغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها المنطقة في ذلك الوقت. في طشقورج بينما كنا نتجول في المدينة بعد إبعادنا عن الحدود، التقينا بامرأة طاجيكية دعتنا بلطف إلى منزلها للدردشة وتناول الطعام على الرغم من أن المحادثة والترجمة لم تكن سهلة.. حضرنا حفل زفاف لشاب وفتاة من الإيغور.. رحبوا بنا بأذرع مفتوحة ودعونا للرقص والدردشة معهم”.
ما بعد أحداث 2009
تطورت الأحداث بعد عام 2009 بوتيرة مذهلة، تعرضت شينجيانغ ومناطق قريبة لحملة قمع ممنهجة. عام 2013 قتل 35 شخصًا في اشتباكات في شينجيانغ. ادعت الحكومة الصينية حينها أن متطرفين إيغور حرضوا عليها.
عام 2014 وقع هجوم بالسكاكين في محطة كونمينغ للسكك الحديدية في مقاطعة يونان. ادعت الحكومة أن منفذيها متطرفون إيغور، لتتفاقم التوترات قبل أن تعين الحكومة المركزية عام 2016، “تشين تشوانغو” سكرتيرًا جديدًا للحزب، وهو شخص عُرف عنه القسوة والصرامة في التعامل مع الأحداث التي وقعت في التبت، وهي منطقة مضطربة أخرى في الصين، حيث أشرف على إدخال العمل الشرطي في جميع أنحاء الحياة في الإقليم المضطرب.
تشوانغو بعد تعينه سكرتيرا في منطقة شينجيانغ عمل على توظيف أكثر من ثلاثة أضعاف عدد أفراد الأمن مع التركيز على السيطرة على طول الطريق وصولاً إلى الأحياء الفرعية.
الحملة القمعية تلك، دفعت العديد من الإيغور إلى الهجرة لبلدان عدة حول العالم هربا من الاضطهاد، على الرغم من أن الحكومة الصينية تضغط في الوقت الحالي على العديد من الدول لمراقبة هؤلاء اللاجئين أو حتى إعادتهم إلى الصين.
شينجيانغ اليوم
بعد مرور 12 سنة، أصبحت شينجيانغ كابوسًا للإيغور القاطنين في الإقليم، الاعتقالات بات بالجملة، وبدأ تشوانغو بعد تعيينه مباشرة باحتجاز الأقليات العرقية في معسكرات أطلق عليها “معسكرات إعادة التثقيف السياسي لنزع التطرف”. ويقدر الخبراء حاليا أن 1.5 مليون شخص محتجزون في المخيمات، بمن فيهم مواطنون أجانب.
بداية أنكرت الصين وجود هذه المعسكرات، لكن لاحقا بعد تسرب صور ومقاطع فيديو عن التعذيب والاضطهاد الذي يعيشه المعتقلون هناك، فضلا عن التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية، اعترفت بكين بوجود تلك المعسكرات، لكن ادعت أنها لإعادة تأهيل الإيغور”.
وخارج هذه المعسكرات، يخضع سكان الأقليات في شينجيانغ لمراقبة يومية، بما في ذلك تقنية التعرف على الوجه، والمسح الروتيني للهواتف المحمولة، وحتى اختبار الحمض النووي، ويتم تغذية كل هذه البيانات من خلال نظام مركزي يستخدم خوارزمية لتحديد الأشخاص الذين يعتبرون أنهم مشتبهون بنظر قوات الأمن.
وتشير التقارير إلى أنه ربما تم احتجاز 10 في المائة من مجموع الإيغور القاطنين في شينجيانغ، بما في ذلك ما يزيد عن 40 في المائة في بعض القرى لأسباب واهية، على سبيل المثال، عدم حظر التطبيقات على الهاتف مثل واتساب، والتحدث مع الأقارب خارج البلاد.
شينجيانغ هي مجرد مثال للقمع وانتهاك حقوق الإنسان في الصين، وبعد تسلم شي جين بينغ، منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني. ضاعف من هوس سلفه عبر ما يُعرف بـ “السيطرة الاجتماعية” مدعيا أنه يسعى للـ”الحفاظ على الاستقرار” في جميع أنحاء الصين، لكنه استهدف بشكل خاص فئات من المجتمع دون أخرى، كالأقليات العرقية، وبالتأكيد فإن الهدف من ذلك القمع بات واضحا للجميع، ليس الحفاظ على الاستقرار بل طمس ثقافات شعوب كاملة تعيش في الصين، واحلال مبادئ وتعليمات الحزب الشيوعي الحاكم في البلاد.
5 يوليو 2009…ليلة الإبادة بحق الإيغور التي تسعى السلطات الصينية إلى إخفائها