“طالبان باكستان” تحاول إعادة توحيد صفوفها.. وخشية صينية
- مخاوف بكين ازدادات على ضوء محاولة طالبان باكستان إعادة توحيد صفوفها
- بكين تشرف على مشاريع في مناطق تنشط فيها “طالبان باكستان”
- تعهدات “طالبان أفغانستان” للصين لا تؤخذ على محمل الجد
- طالبان باكستان أكّدت مراراً التزامها بنضال طويل الأمد ضدّ دولة باكستان
أدّت إعادة توحيد حركة طالبان باكستان إلى زيادة مخاوف الصين، خصوصاً أنّ الأخيرة تعمل على مشاريع عديدة في مجال توليد الطاقة الكهرومائية وتطوير البنية التحتية في مقاطعة “خيبر بختونخوا”.
تلك المخاوف تنامت بعد قيام حركة طالبان باكستان باختطاف وقتل مواطنين صينيين في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان، إضافةً إلى انتقال العديد من مقاتلي الإيغور من سوريا إلى مقاطعة بدخشان في أفغانستان المجاورة لإقليم شينجيانغ.
وضمن هذا السياق، قال وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” في 7 يوليو خلال حفل افتراضي بمناسبة مرور 70 عاماً على إقامة العلاقات الديبلوماسية بين الصين وباكستان، إنّ “البلدين بحاجة إلى زيادة التعاون لاحتواء المخاطر الأمنية في أفغانستان بعد تنامي ظاهرة الإرهاب، وذلك للدفاع عن الإستقرار الإقليمي” على حدّ قوله. وطالب باكستان بالضغط من أجل التعاون الثلاثي من خلال زيادة مشاركة أفغانستان في الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، وهو جزء مهم من مبادرة الحزام والطريق الصينية.
مخاوف صينية من تنامي طالبان باكستان
تنبع مخاوف الصين وباكستان، من إعادة تجميع حركة طالبان باكستان لقواتها في مقاطعة “باكتيكا” بأفغانستان؛ رغم أنّ الحركة قالت إنّ مسرح عملياتها لن يكون إلّا في تلك المنطقة، ولن تشكل أيّ تهديد للدول الأخرى.
وكان الجيش الباكستاني قد وجّه ضربة قوية لحركة طالبان الباكستانية في يونيو 2014 من خلال عمليته التي أطلق عليها “ضربة حادة وقطعية”، في منطقة وزيرستان الشمالية؛ أسفرت عن مقتل نحو 3500 مقاتل وفقدان 490 جندياً، مع تهجير أكثر من مليون شخص وتدمير ممتلكاتهم.
ووفقاً للتقرير السابع والعشرين لفريق التحليل والمراقبة التابع للأمم المتحدة الذي نُشر مؤخراً، تعهّدت خمس مجموعات منشقة (شهريار محسود وجماعة الأحرار وحزب الأحرار وجماعة أمجد فاروقي وجماعة عثمان سيف الله)، بالولاء لطالبان باكستان في يوليو 2020، ضمن إطار مبادرة أطلقها المفتي الجديد لحركة طالبان باكستان نور والي محسود؛ والذي تمكّن من كسب دعم الجماعات المرتبطة بالقاعدة وحركة طالبان البنجابية.
ومن الجدير بالذكر أنّ حركة طالبان باكستان، أكّدت مراراً على التزامها بنضال طويل الأمد ضدّ الدولة الباكستانية، إضافة إلى محاولتها استقطاب المزيد من الجماعات عبر ضمّ أعراق مختلفة مثل البشتون والبلوش الساخطين، مع توحيد العديد من الجماعات المنشقة والجماعات التابعة للقاعدة.
ما سبق يرجح أن تكثف حركة طالبان باكستان أنشطتها في المراكز الحضرية في باكستان، حيث كانت لهذه الجماعات شبكات قوية في الماضي.
أفراد طالبان باكستان في العام 2020 تراوح عددهم من 2500 إلى 6000 مقاتل
وفقاً لتقرير حديث صدر عن الحكومة الأمريكية، فقد تراوحت القوّة القتالية لطالبان باكستان في العام 2020، من 2500 إلى 6000 مقاتل وكانت مسؤولة عن أكثر من 100 هجوم عبر الحدود في أجزاء مختلفة من باكستان بين يوليو وأكتوبر 2020، فيما كانت الأهداف الرئيسية لهجمات طالبان باكستان في العام 2020، “الجيش الباكستاني بنحو 73 % من مجموع الهجمات، إضافة إلى تنفيذها نحو 110 اعتداء خلّف 179 قتيلاً”.
ما سبق دفع الأجهزة الأمنية الباكستانية إلى طلب وساطة من حركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني لوقف حركة طالبان الباكستانية هجماتها في باكستان، إلّا أنّ الأخيرة لم تمتثل لتلك الوساطة. كما رفضت مطالب حركة طالبان الأفغانية حول ضرورة عدم تجنيد مقاتلين أجانب وتسجيل أعضائها.
يشار إلى أنّ غالبية قادة حركة طالبان باكستان ومقاتليها يتحدرون من حزام البشتون في باكستان، الذين يرتبطون بعلاقات قبلية وثقافية وثيقة مع نظرائهم الأفغان. كما يقوم مقاتلو حركة طالبان باكستان حالياً بمساعدة حركة طالبان الأفغانية لفرض سيطرتها في مقاطعات عدّة، بهدف الحصول على مزايا في حال استولت طالبان الأفغانية على السلطة.
قلق صيني من طالبان باكستان
وفي الوقت الذي تسعى فيه باكستان إلى تنفيذ أجندة سياسية في أفغانستان من خلال دعمها لحركة طالبان الأفغانية، فإنّ حركة طالبان باكستان والقاعدة وداعش وغيرهم يتبعون أجندة راديكالية لتأسيس دولة لن تروق للكثيرين، كما أنّ أيّ عملية عسكرية مستقبلية ستخوضها باكستان لطرد حركة طالبان الباكستانية من المناطق الحدودية، ستكون أكثر صعوبة بسبب السهولة التي يستطيع بها مقاتلو حركة طالبان باكستان اللجوء إلى أفغانستان واختلاطهم بالعدد الكبير من اللاجئين الأفغان في باكستان.
وكذلك، فإنّ مخاوف بكين ازدادات على ضوء محاولة طالبان باكستان إعادة توحيد صفوفها، وبالذات في مقاطعة “خيبر بختونخوا” والتي تمتلك فيها الصين مشاريع عدة، إضافة إلى قيام طالبان باكستان باختطاف وقتل العديد من المواطنين الصينيين في مقاطعتي خيبر بختونخوا وبلوشستان.
وفي أبريل الماضي، هزّ انفجار فندقاً في كويتا، أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وذلك قبل 5 دقائق من عودة السفير الصيني “نونغ رونغ” إلى الفندق بعد عشاء مع مسؤولين باكستانيين.
وكانت حركة طالبان باكستان، أصدرت بيانات ضدّ الصين، تدين الإضطهاد الذي يواجهه مسلمو الإيغور في ذلك البلد، كما فرّ عشرات من تلك الأقلية إلى أفغانستان المجاورة لإقليم شينجيانغ، حيث تنفذ بكين حملة واسعة لاحتجازهم في معسكرات اعتقال جماعية.
مخاوف بكين ازدادات على ضوء محاولة طالبان باكستان إعادة توحيد صفوفها
وتتصل مقاطعة باداكشان بالصين عبر ممر واخان الضيق، وهو ممر يمكن لمجموعات مسلحة استخدامه لدخول شينجيانغ، وبالتالي تهديد طريق الحرير الذي يربط الصين بروسيا ووسط وجنوب وغرب آسيا وأوراسيا ومنغوليا.
وفي الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم طالبان أفغانستان، سهيل شاهين، إنّه “لن يسمح لمسلحي الإيغور بدخول البلاد ويمكن للمستثمرين الصينيين العودة إلى أفغانستان، معتبراً أنّ الصين دولة صديقة تحظى بالترحيب لإعادة إعمار أفغانستان وتنميتها”.
ومع ذلك، لا يأخذ الكثيرون كلام طالبان على محمل الجد، خصوصاً أنّ الحركة قدّمت وعوداً مماثلة بعدم السماح للقاعدة بمواصلة نشاطها على الأراضي الأفغانية في اتفاق الدوحة للسلام.
نقطة أخرى تجعل من وعود طالبان مصدر شك، فعلى الرغم من التفاهم بين طالبان والصين الذي يعود تاريخه إلى ديسمبر 2000، عندما كان الملا عمر زعيماً لطالبان، إلّا أنّ الإيغور استخدموا مراراً وتكراراً الأراضي الأفغانية في أنشطة مختلفة.
وبالتأكيد فإنّ المعطيات السابقة لن تقف حائلاً أمام صلات بكين مع طالبان؛ طالما أنّ الأخيرة تشرف على حماية مصالحها في أفغانستان، إلّا أنّ الصين ستراقب التطوّرات الجديدة بعناية قبل تقديم أيّ التزامات جديدة لأفغانستان.