التائبون من القاعدة يعتبرون ماضيهم نزوة ومرت
نزوة ومرت، هكذا وصف الشيخ حيدرة دحة الفضلي، مستشار محافظة أبين وأحد أبرز مشائخها، حالَ من كان مغررٌ بهم للالتحاق بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومن ثم تابوا وانشقوا عنها، عائدين إلى أهليهم وقبائلهم، إما بالهرب بكل ما استطاعوا من سرية أو بتنسيق مع المشائخ.
وجود التائبين عن فكر القاعدة وعملية التنسيق لهم، أكدها لنا الشيخ حيدرة دحة الفضلي، مستشار محافظة أبين، وأحد أبرز مشائخ المحافظة، المعروف بنشاطه الكبير في الوساطات والصلح بين أبناء المحافظة وقبائلها وأفرادها، إذ قال الشيخ الفضلي إن “المحافظة موجود فيها منشقون تائبون عن القاعدة، والحمدلله يعيشون في حرية وطلاقة في محافظة أبين ومديرية خنفر وفي مديرية زنجبار، وهم شباب جيدون جداً”.
وأضاف، “نحن في أبين، تقريباً أغلب الشباب الذين انضموا إلى القاعدة هم أبناؤنا، ويمكن أنهم نتيجة لظروف ما، انضموا للقاعدة، ولكن بالنسبة لنا كمشايخ للقبائل، دائماً نحن نرحب بأي شخص يعود إلى صوابه وإلى أهله وناسه، فهذا شيء طبيعي بدلاً من أن ننبذهم ونعاديهم العداء، من المفترض أن نستقطبهم ونأتي بهم حتى يكونوا شباباً صالحين وقادرين على نفع أنفسهم وأهلهم والمجتمع بأكمله”.
الشيخ الفضلي: التائبون صاروا شباباً صالحين يعيشون في إطار المجتمع
بسؤاله عما إذا لجأ عليه أحد المنشقين طلباً للعون والمساعدة، أكد الشيخ الفضلي ذك قائلاً، “ نعم، هناك مجموعات من الشباب كانت تربطنا بهم علاقات وانضموا للقاعدة ثم عادوا إلى المجتمع وطلبوا منا التدخل والصفح من قبل الجهات الأمنية، سواء في الحزام الامني، سواء في الجهات الأمنية وتوسطنا لهم ويعيشون الآن شباباً مواطنين صالحين في إطار المجتمع بمحافظة أبين”.
وأكد الشيخ الفضلي أن التائبين عن فكر القاعدة قد نبذوا العنف، موضحاً أن هؤلاء “يرغبون بنبذ العنف واعتبار ما حدث موجة ومرت، أو نزوة ومرت، وإن شاء الله يعودون صالحين بإذن الله”.
هذه النزوة التي مرت، لم تكن في محافظة أبين فقط، بل شهدتها محافظتا حضرموت والبيضاء ومناطق أخرى من جنوب اليمن، التائبون اليمنيون عن فكر القاعدة كثيرون، يعيشون حيواتهم من جديد ويتحفظون عن كشف أنفسهم لأنهم يعتبرون ذلك ماضٍ لا يريدون البقاء فيه، بل التطلع نحو المستقبل.
أبو الأمير هو اللقب السابق لواحد من هؤلاء، التائبين المنشقين عن القاعدة، التقته أخبار الآن في كانون الأول/ ديسمبر عام 2020 في مكان ما بجنوب اليمن، وروى لنا حينها بعضاً من قصة توبته.
أبو الأمير: من ينشق عن القاعدة يُعدم أو يتهم بالخيانة والعمالة لأميركا
قال أبو الأمير، “طبعا تركت التنظيم عن قناعة في نفسي بعد أن تدربت لمدة شهرين، وجلست هناك لمدة سنة، طبعا كانوا يوهموننا بأننا نحارب الكفار، المرتدين عن الإسلام، المرتدين عن الدين، نحن جالسين نحاربهم، تفاجأت بأنه لا شيء هناك من هذا الكلام، أيضاً التحقت بالتنظيم لأنهم وعدونا برواتب شهرية، ولم نجد أي راتب. في البداية جابوا لنا لمدة ثلاثة أشهر، ثم قطعوا عنا الراتب تماماً، أيضاً سلموا لنا سلاح كلاشينكوف على أساس أن أكون عسكري في التنظيم”.
وبسؤاله عن رتبته التي كان عليها، أوضح أنه “لم يكن لدي أي رتبة، كنت مجنداً من الجنود، وأيضاً كانوا يلقبونني بأبو الأمير، إسمي أبو أمير وهذا لقبي وهذه رتبتي”، مؤكدًا أنه “طبعاً ليس من السهل أن تترك القاعدة أو التنظيم، وأيضاً ليس من السهل أن تدخل فيه، أنا هربت من التنظيم في جزيرة العرب بسرية تامة ولم يتم اللحاق بي أو القبض علي، في ناس هربوا، أعدموهم، اتهموهم بالخيانة والعمالة لأميركا وتم القبض عليهم وتصفيتهم تماماً”.
وكشف أنه رأى إعدام من حاولوا الهرب، موضحاً، “طبعاً نعرف أناساً قد أخذوا هذه الخطوة أو أنهم حاولوا الهرب، لكن حسبما سمعت ورأيت الإعدام لبعض الأشخاص الذين حاولوا الهرب، لا أعرف عددهم بالضبط، أو كم عدد الذين حاولوا الهروب من التنظيم، لكن هناك إعدام وهناك اتهام بالخيانة والتصفية لكل من يحاول أو تسول له نفسه الهرب من داخل التنظيم”.
وأكد التائب الهارب من القاعدة وعنفها أن هناك “أناس يريدون الخروج من هناك ولكنهم خائفين ومذعورين من العقوبة إذا ما تم الإمساك بهم، والعقوبة أنهم سيعدمون وسيصفون، وأيضاً هناك تدريبات ومحاضرات تتم بعد شهرين من التدريب أو في أثناء التدريب لغسل العقول تماماً بحيث لا يكون تفكيرك إلا القتال ثم القتال ثم القتال”.
وعن طبيعة حياته ما قبل التغرير به إلى الارتماء في حضن القاعدة، قال المكنى سابقاً أبو الأمير، “أنا كنت أعيش متل أي إنسان خريج إدارة أعمال، لكن بسبب الأزمات التي حصلت في البلاد، وأيضاً عدم وجود شغل، اضطريت أنا أن التحق بهذه الجماعة لأنهم أغروني براتب شهري، وأيضاً في الدفاع عن الدين وعن الإسلام ما جعلني أنضم معهم وأذهب إليهم”.
وأضاف شارحاً رأيه عن أسباب قدرة القاعدة على التغرير بكثيرين، فقال، “طبعاً اليمن فيه فقر كبير جداً، وأيضاً جهل، كما أن الوازع الديني والإسلامي يجعل أي واحد يتعصب، وخصوصاً اليمني، نحو الجانب الديني والإسلامي بشكل كبير، هذه النقطة استغلها تنظيم القاعدة في جمع الشباب لكي يدافعوا عن دينهم وإسلامهم، وأيضاً لكي يعطوهم مبالغ مالية لأنهم فقراء، وكذلك طغى عليهم الجهل وصدقوا كل ما يقولونه لهم”.
الشيخ بامعس: على القبائل أن تمنع الفتنة
المجتمع اليمني مجتمع قبلي يحتكم إلى حكمة وقرارات شيوخ القبائل، وهو مجتمع متسامح بطبعه يرحب بالتائبين، بل يعمل على إدماجهم بالمجتمع وتشجيعهم على نبذ العنف، كما يقوم شيوخ القبائل بدعوة الأهالي إلى مساعدة أبنائهم على عدم الانجرار وراء الأفكار المتطرفة، خصوصاً لما تعود به من أذى على الأهل والمنطقة والمجتمع.
أهمية وأد الفتنة وأهمية التوعية الدينية الصحيحة من أبرز ما يدعوا إليه مشائخ جنوب اليمن، إن في محافظة حضرموت أو محافظة أبين أو غيرها من المحافظات والمدن الجنوبية.
هذا الأمر أكده الشيخ أحمد عمر بامعس، شيخ قبيلة بامعس في محافظة حضرموت، إذ قال، “طبعاً، وأنا أول من دعى إلى هذا الكلام، وأنا تحملت مسؤولية في مديرية دوعن، كنت مديراً عاماً أثناء وجود القاعدة، وصمدت هناك ودعينا الجميع لنبذ التطرف، والحمدلله استقرت الأمور كافة، من دوعن إلى زارة الفرس، إلى آخر نقطة في حضرموت، استقرت الأوضاع”.
وأضاف الشيخ بامعس، “نحن من بداية الأمر طلبنا من الجميع، وحتى تواصلنا مع بعض القبائل وبعض الشخصيات بأن يمنعوا أبناءهم من الالتحاق بالقاعدة، وأن ينبذوا الأبناء الذين تطرفوا وأن يدعوا مثلاً من لا يستطيعون عليه، أن يمنعونهم من سلك هذا الاتجاه بأن يقولوا لإبنهم مثلاً عليك أن ترحل من بلدنا، من منطقتنا أو قريتنا لكي لا تجلب علينا المتطرفين، لكي لا تحصل الفتنة بين أبناء المنطقة أو القبيلة أو الأسرة، وهذا أكيد، هذا الدور لا بد منه، نتمنى من الجميع أن يعطفوا على أهلهم وينبذون هذا العمل وندعو كل من خالف بأن ليس العيب أن تخطيء، لكن العيب أن تستمر في الخطأ”.
الشيخ المعاري: هناك دين صحيح لكنه ليس دين الدواعش والقاعدة
بدوره أكد الشيخ عبدالله سعيد المعاري، شيخ قبيلة المعاري في حضرموت علَى أهمية التوعية الصحيحة وضرورتها، وقال الشيخ المعاري، “يجب أن توعي المتطرف أن هذا الطريق ليس صحيحاً، تأتي به عند أناس متعلمين ممن يعرفون الدين الصحيح، وليس دين الدواعش ودين القاعدة، هناك دين صحيح، فيجلس العارفون مع المتطرفين لتوعيتهم بأن هذا حرام أن تقتل النفس أو تظلم أو تنهب، فهذا كله خطأ، أو أن تفجر إنسان، هذا خطأ يمشون فيه، ولا بد من توعيتهم وإرجاعهم إلى رشدهم، جميع من يمشون في الطريق هذا”.
وتمنى الشيخ المعاري على “الأخوة في محافظة حضرموت بشكل عام، قيادة وشعباً، بتوحيد كلمتهم والسيطرة على منطقتهم بشكل عام من الساحل إلى الوادي إلى الصحراء، بحيث تكون تحت يد أبناء حضرموت ويساندوهم أبناء الجنوب إذا دعت الحاجة، ونطلب من القيادات العسكرية في حضرموت توحيد الكلمة واختيار القيادات النزيهة في جميع الألوية التي تخدم الشعب، ويكون الشعب في خدمتهم، فيكونون سنداً للشعب والشعب سنداً لهم”.
الشيخ بدر: من السهل الاندماج بالمجتمع المدني إذا كانت توبة المنشق نصوحة
من جهته، قال الشيخ بدر ناصر أحمد عبدالله، أحد مشائخ محافظة أبين، أنه في حال أتاه أي فرد من القاعدة راغباً في التوبة، فلا بد من قبولها ومساعدته، مؤكداً، “نحن نرحب بأي واحد تائب في مجتمعنا المدني هذا، ونرحب بأي شخص كان يتبع تنظيم القاعدة، ونحاول أن نستقطبه ونعينه وننسق له مع السلطة المحلية، ونعينه إلى التوبة، وعلى سبيل المثال، هناك كثير من الأشخاص الذين استغلتهم هذه التنظيمات وهذه الجماعات لظروفهم المعيشية”.
وأشار إلى أن الدعم الذي يوفرونه للمنشقين التائبين عن الفكر المتطرف هو أنه “نسهل لهم الأمر عند السلطات الأمنية، بحيث أننا نلتزم ونصلح بين الطرفين ونعمل التزامات بألا تتكرر عودته إلى تنظيم القاعدة”، واعتبر الشيخ بدر أنه من السهل عودة المنشق للمجتمع المدني “إذا كانت توبته نصوحة وعنده نية مطلقة فيكون ذلك سهلاً جداً”.
وأكد الشيخ بدر أن اليمنيين أصبحوا نابذين للفكر المتطرف، مشيراً إلى أن “استقطاب اليمنيين من قبل التنظيمات المتطرفة كان سهلاً لأن التنظيمات هذه استغلت حاجة اليمنيين الشباب”.
وحول وجود برامج تأهيل للمنشقين من القاعدة من عدمه، أوضح أن “هناك أصحاب خير يقومون بوساطات قبلية، وهؤلاء يلجأ بعض أفراد القاعدة إليهم ويتوبوا، وقد عاد كثيرون إلى صوابهم، كثيرون ممن استقطبتهم القاعدة هم الآن في المجتمع المدني وأمورهم طيبة”.
وشجع الشيخ بدر أفراد القاعدة على تركها والعودة إلى صوابهم، فيرجعون إلى المجتمع المدني ويعينون السلم والسلام والأمن والأمان في محافظة أبين”.
أن تكون التوبة نصوحة، يعني أن يكون التائب نادماً على الفعل الذي تاب عنه، وتركِه لهذا الفعل وعزمه الصادق على ألا يعود مرة أخرى إليه. وهي توبة تنطبق على أبو الأمير الذي لم يندم على أمر واحد فقط، وهو نبذه لفكر القاعدة وهروبه منها عائداً إلى الحياة.
أبو الأمير: لم أندم على هروبي من القاعدة وأدعوا الآخرين لئلا ينخدعوا مثلي
أوضح أبو الأمير، “عشت فترة سيئة جداً، وموجعة، الحمدلله أنني لم أقتل ولم أفعل أي عملية إرهابية، كانوا يريدون أخذي إلى محافظة أبين لكي نهاجم مواقع عسكرية بعد شهرين، ولكن الحمدلله هربت من هناك قبل أن أنفذ أي عملية، والحمدلله لم أندم على هروبي من ذلك المكان، والآن أعيش حياة طبيعية عادية، ولكن الخوف من أن يجد تنظيم القاعدة مكاني حالياً”.
ووجه هذا التائب عن الفكر المتطرف العنيف رسالة لمسحلي القاعدة في جزيرة العرب لكي لا يبقوا مخدوعين بما غسلت عقولهم به، وفي رسالته قال، “أقول لأفراد القاعدة الذين لا يزالون هناك، لا تنخدعوا مثلما أنا انخدعت، وأيضاً، حاولوا بقدر الإمكان أن تعرفوا الطريق الصحيح، طريق الرسول صلى الله عليه وسلم هو الطريق الصحيح، وليس ما يقوله هؤلاء الأوغاد الذين غسلوا عقولنا وأفكارنا بأننا نحارب من أجل الدين ومن أجل الإسلام، فنصيحتي لهم أن يحاولوا قدر الإمكان الابتعاد والانشقاق عن هذا التنظيم وهذه الخلايا”.
أبو الأمير: مبلغ مالي كبير أحضره أحد أمراء القاعدة أحدث خلافاً بين القيادة
استفسرنا من أبو أمير عن الصراعات التي ظهرت بين قياديي التنظيم وانشقاق أبو عمر النهدي مع آخرين كثر، وعن وضع القاعدة برأيه بعد هذه الانشقاقات وفي حال وفاة زعيمها الروحي أيمن الظواهري، وما إذا كانت لديه معلومات يمكن أن يفصح لنا عنها.
وعلى الرغم من الخطابات المتبادلة بين قيادي القاعدة التي أظهرت إلى العلن الخلاف الكبير داخل أجنحتها، و”فك الارتباط” الذي أعلنه أبو عمر النهدي، فهذا الهارب من جحيم القاعدة نفى معرفته بوجود خلافات، أو على الأقل لم يكن يعرف يوم لقائنا به، لافتاً النظر إلى أن قيادة القاعدة تعمل على إخفاء خلافاتها عن الأفراد لكي لا يتسع الشرخ في صفوفها.
فهو قال، “لم أسمع بهذا الخبر أبداً وإنما حدث خلاف شخصي، وهم أيضاً إذا حدث أي خلاف لا يعلنونه أبداً لكي لا يفقد العسكر ثقتهم بأنفسهم، وهم يحلون مشاكلهم فيما بينهم، فأعتقد أنه خلاف شخصي، ولا يمكن أن يكون انشقاقاً”.
كما أشار إلى أنه حتى يوم هروبه، لم يعتقد بوجد أي صراع داخل التنظيم، مؤكداً أنهم “لم يظهروا أي صراعات أمامنا، ولكن أعتقد أنه كانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أن أحد الأمراء – أو ما يسمونه الأمراء أو القيادة – أتى بمبلغ مالي كبير، وأتى به إلى الموقع، وحدث خلاف بين القيادة، ولكن لم يظهروا هذا الخلاف إلى العلن أبداً، وذلك تحفظاً لأعمالهم”.
كما صرح أبو الأمير أنه لم يتعرف على أبو عمر النهدي شخصياً، “ولكن كنا نسمع اسمه في المحاضرات دائماً، وأعتقد أنه كان في مدينة أخرى، لأنني أنا كنت في مدينة البيضاء”.
أما في حال حدوث ذلك حقاً وفق ما بينته الرسائل المتبادلة بين النهدي وخالد باطرفي، الزعيم الحالي للقاعدة في اليمن، والرسالة الصوتية التي وجهها النهدي لأيمن لظواهري، فرأى أبو الأمير أنه “إذا انشق أبو عمر النهدي، فسيحدث تغيير جذري، وتغيير كبير لأنه سيدلي بمعلومات سرية وكبيرة جداً، لأنه يعتبر صندوقاً أسوداً، وسيدلي بمعلومات عن شخصيات كبيرة، وقيادات بارزة في التنظيم.. عشرات القيادات.. سيدلي بهده المعلومات وسيتم القبض عليهم”.
وبيّن التائب عن فكر القاعدة أبو الأمير أن “أبو عمر النهدي، وبشكل عام القيادات في القاعدة يختفون ويختبئون بشكل سري وكبير للغاية، ولا يتم التعرف عليهم”، كاشفاً “أن لديهم هويات وبطاقات تعريفية مزورة كثيرة، وذلك بسبب أنهم عندما استولوا على مقر الخدمة المدنية في مدينة حضرموت أخذوا أجهزة البيانات التي توجد في مقر الخدمة المدنية بشكل كامل، لذلك يتم تغيير الهويات والبطاقات بشكل دائم”.
أبو الأمير الذي هرب من صفوف القاعدة بشكل سري لكي لا يتم إعدامه إذا ما عرفوا بنيته الانشقاق، نفى معرفته بشخصيات أو قيادات قد انشقت عن القاعدة، “بسبب أنهم لا يظهرون هذا للعلن، وإذا حدث أي خلاف أو أي انشقاق فلا يمكن لأي فرد أن يعرف هذا الانشقاق أو هذا الخلل الذي يحدث في القيادة وهم متحفظون جداً في هذا الموضوع”.
وبالنسبة لاحتمال موت الظواهري، فإن قائداً آخر سيأتي بعده، كما قال أبو الأمير، الذي أوضح أن “انتهاء القاعدة يحتاج إلى عمليات عسكرية كبيرة وطويلة، وذلك لأن التنظيم متوزع ومنتشر بشكل كبير في أماكن عديدة، وأماكن وعرة، ولديه جنود متدربين، كما أن هناك غسل للعقول إلى جانب التدريب، فيحتاج انهاءها لعمليات عسكرية كبيرة، وحزم بشكل جدي لكي تُنهي القاعدة وهذا التنظيم، أما اختفاء أيمن الظواهري فسيأتي بعده قائد آخر، وهكذا تتوالى القيادات في التنظيم”.
العميد السيد: التائبون عززونا بمعلومات كثيرة عن القاعدة وداعش
من الواضح أن أبو الأمير غير متأكد بخصوص انشقاق أبو عمر النهدي، لكنه يعلم تمام العلم الثمن الذي ستدفعه القاعدة بانشقاقه.
توجهنا إلى العميد عبد اللطيف السيد، قائد الحزام الأمني في محافظة أبين لنسأله عن كيفية استيعاب التائبين عن فكر القاعدة في المجتمع المدني، ومعلوماته عن انشقاق النهدي.
أكد العميد السيد وجود تائبين كثر من القاعدة، إذ قال، “طبعًا هناك تائبون كثر من تنظيم القاعدة وكذلك من تنظيم داعش من أبناء محافظة أبين الذين عادوا إلى حضن الدولة وتم استيعابهم وتربيتهم وتوعيتهم وإعادتهم إلى أهاليهم لأن هؤلاء الشباب تم إغراؤهم من قبل هذه التنظيمات الإرهابية بسبب صغر سنهم، ونحن احتضناهم والآن هم ينعمون بالأمن والأمان، وكذلك لهم دور كبير في تغذية المعلومات والتعاون معنا”.
حول ما إذا كان تعاونهم في رفد السلطات بالمعلومات أو بمساعدة آخرين على التوبة والانشقاق والعودة للمجتمع المدني، بيّن العميد السيد أن، “هذا العمل هو عمل سياسي نقوم به نحن في استقطاب أبناء المحافظة الذين غرر بهم من قبل هذه المليشيات الإرهابية التي تدعو إلى القتل والاقتتال، ونحن بدورنا نقوم بسحب هذه البراعم التي استقطبتها هذه التنظيمات، وبفضل الله قاموا بتعزيزنا بكثير من المعلومات عن هذه التنظيمات الإرهابية وهم يعملون الآن لدينا في جانب الاستخبارات”.
العميد السيد: النهدي انشق عن القاعدة وهو في سيئون بحضرموت
أما عن أخبار انشقاق قيادات من القاعدة ومكان تواجد القيادي المنشق أبو عمر النهدي، فأكد أن “هناك انشقاقات حصلت في تنظيم القاعدة بعد مقتل القيادي قاسم الريمي وتنصيبهم للقيادي خالد باطرفي، وقام هذ النهدي بشق الكثير من تنظيم القاعدة واللجوء إلى قوات الشرعية في مديرية سيئون في حضرموت، وهو الآن متواجد هناك من ضمن قوات الشرعية وهذا ما ورد إلينا من معلومات”.
وثمّن قائد الحزام الأمني في محافظة أبين العميد السيد دور المجتمع المدني في مكافحة التطرف، قائلاً، “طبعاً ساهمت ثقافة المجتمع المدني في هذه المحافظات التي نعاني فيها من انتشار تنظيم القاعدة بمكافحتها، والمجتمع المدني هو متفاعل ومتعاون إلى جانب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني التي تكافح التنظيمات الإرهابية، وهم بدورهم يقومون بدور كبير في سحب أولادهم وتوعيتهم”.
ونصح العميد السيد، “إخواننا الذين لم يقوموا بواجبهم أن يحذوا حذو إخوانهم الذين سحبوا أبناءهم من هذه التنظيمات، وقاموا بتوعيتهم والتعاون معنا وإعطائنا كافة المعلومات”.
أبو الأمير: القاعدة وداعش يسفكان الدماء وهذا ما ننبذه
عن علاقة القاعدة بداعش، وكيف يراها أبو الأمير، رسم جوابه لوحة من دماء اليمنيين التي ما أراد أن يكون شريكًا بسفكها. وكشف أن “العلاقة بين القاعدة وداعش هي علاقة دم، فالقاعدة تسفك الدم، وداعش يسفك الدم. كلهم تحت راية واحدة وتحت يد واحدة، اللهم اختلاف المسميات فقط، لكن العمل الذي يقومون به عمل واحد وهو سفك الدماء وهذا ما ننبذه”.
في ختام لقائنا معه، سألناه إن كان يتمنى أن يأتي يوم يستطيع فيه التحدث إلينا من دون الاضطرار إلى إخفاء شخصيته، فأكد التائب عن فكر القاعدة المكنى سابقاً أبو الأمير، قائلاً، “طبعاً أتمنى أن أبعد اللثام وأتحدث عن الجرائم والانتهاكات التي تحدث من تنظيم القاعدة، وأقولها بإسمي وأفصح بلساني، وإن شاء الله سيأتي هذا اليوم الذي سأتكلم فيه أمام الناس وأمام العالم عن الجرائم وعن أضرار هذا التنظيم”.
لمتابعة الحلقة: