بعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد، التي شملت تجميد عمل البرلمان وتجريد النواب من الحصانة، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، السؤال هو: ماذا يحدث في تونس؟ هل يجني حزب النهضة الإخواني ما زرعه بنفسه طوال عشر سنوات؟
- قاضية تونسية تكشف تفاصيل عقود الأحزاب المشبوهة وحجم المبالغ المالية
- تقاطع العقود المشبوهة للأحزاب السياسية مع الفترة الإنتخابية
- الإتحاد العام للشغل في تونس لن يتخلى عن دوره السياسي التاريخي
- اتحاد الشغل: تونس تعاني أزمةً سياسية توجب إنهاءها قبل البحث في قضايا الشغل
أيُّ مرحلة تحتاجها تونس اليوم؟ ما هي مسؤولية الإتحاد العام التونسي للشغل في هذا المنعطف المهم من تاريخ الشعب التونسي، الذي عاني فساداً مستشرياً، وقد زاد الفشل في التعاطي مع وباء كورونا من معاناته. لا شكّ أن ما تعيشه تونس اليوم تحدٍّ كبير، بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي.
القضاء التونسي فتح تحقيقاً بشأن ثلاثة أحزاب سياسية، بينها حزبا النهضة وقلب تونس، للإشتباه في تلقيها أموالاً من الخارج خلال الحملة الانتخابية العام 2019، فما هو حجم الأموال؟ وماذا يمكن أن يترتب عن ذلك إنْ ثبُتت هذه الإتهامات؟
الرئيس التونسي قيس سعيد، وفي تصريح له، أكّد أن لا مجال في البلاد اليوم لمصادرة الأموال. وإذ أبدى تقديره لوطنية القائمين على قطاع البنوك والمؤسسات المالية، دعاهم إلى بذل جهد إضافي في هذه الفترة الاستثنائية التي تمر بها تونس، والوقوف في الجبهة نفسها مع الشعب في تونس، وذلك عبر الحط قدر الإمكان من نسب الفائدة المعمول بها ليعود جزء منها الى مجموعة الوطنية. وأكّد سعيد أنّه لا مجال في تونس اليوم للظلم أو الابتزاز أو مصادرة الأموال، فالحقوق محفوظة في إطار القانون.
وتقول فضيلة قرقوري، القاضية في محكمة المحاسبات بتونس، لـ”أخبار الآن“: بحسب الفصل 163 للقانون الإنتخابي، فإنّه إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أنّ هناك تمويلات أجنبية، فإنّها تحكم بإلزام القائمة بغرامة مالية تتراوح بين 10 أضعاف و50 ضعفاً من قيمة التمويل الأجنبي.
فضيلة قرقوري: التمويلات بالنسبة للأحزاب السياسية غابت عنها الشفافية
وتابعت: ومن ناحية ثانية، فإنّ محكمة المحاسبات تحيل الملفات على القضاء العدلي المختص، باعتبار أنّ هناك عقوبة سجنية بحق المرشح. وإضافةً إلى ذلك، فإنّ مرشح القائمة يفقد العضوية في البرلمان في حال ثبت أنّها حصلت على تمويل أجنبي وشبهات حول حملاتها الإنتخابية . كما لا يعد يحقّ للشخص الذي ثبتت بحقّه التهمة، الترشح لمدّة 5 سنوات من تاريخ صدرو الأحكام.
للإطلاع على التقرير العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات للإنتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، والإنتخابات التشريعية لسنة 2019، ومر اقبة مالية الأحزاب، إضغط هنا.
وأشارت قرقوري في حديثها لـ”أخبار الآن“، إلى أنّ المحكمة كانت أصدرت في وقت سابق 3 تقارير، الأوّل حول تمويل الحملات الإنتخابية الرئاسية السابقة لآوانها، تمويل الإنتخابات التشريعية في العام 2019، والأمر الثالث هو تمويل الأحزاب السياسية. وكشفت أنّ ما توقفت عنده المحكمة أنّ التمويلات بالنسبة للأحزاب السياسية غابت عنها الشفافية، وعدم الالتزام من قبل الأحزاب وفق ما ورد في مرسوم 87 الذي ينظم تمويل الأحزاب السياسية.
وختمت حديثها بالقول إنّ محكمة المحاسبات تولّت إعداد مشروع لتنقيح القانون الإنتخابي الحالي، وقد أرسلت مقترحاتها إلى مجلس النواب، أو اللجنة المختصة، بقصد تحسين القانون الإنتخابي.
“لا أحد يحددّ دور اتحاد الشغل في تونس أو يحدَّ منه”
من جهته، الأمين العام المساعد للاتحاد العام للشغل في تونس سامي الطاهري، قال لـ”أخبار الآن“، إنّ البلاد منذ الإنتخابات وحتى اليوم، تعيش أزمة سياسية حقيقية وأزمة حكم، لافتاً إلى أنّ انعكاس الأزمة السياسية على الوضع الاقتصادي والإجتماعي كان كبيراً وفادحاً، ما دفع إلى تراجع الإستثمار الخارجي، وأضعف ثقة المانحين وثقة الدوائر المالية التي كانت تقرض البلاد، كما أنّ الأزمة لم تشجع على الإستقرار داخل تونس، وذلك ما أدّى إلى وضع متأزم.
وشدّد الطاهري على أنّه لا يمكن الفصل بين الأدوار التي يلعبها الإتحاد العام للشغل في تونس، وهي أدوارة مترابطة، على اعتبار أنّ الدور السياسي يؤثّر على الدور الإقتصادي والإجتماعي. وقال إنّ الإتحاد كان تاريخياً يلعب الأدوار مشتركة، ولربما المرحلة اليوم تقتضي تقديم دور على آخر، السياسي على الإقتصادي والإجتماعي، باعتبار أنّ الأزمة الراهنة أزمة سياسية بامتياز، ولذلك يصبح الدور السياسي مهمّاً جدّاً للخروج من الأزمة، وإلّا مع من سيتحاور الإتحاد إذا كانت عجلة الدولة معطلة؟
ولفت إلى أنّ الإتحاد العام للشغل ولد من رحم الحياة السياسية، و”لا يمكن أن نتحدث عن قضايا الشغل من دون حلّ الأزمة السياسية، فنحن نتحدث عن أزمة حكم وسلطة عاجزة عن وضع الحلول، وهنا لا بدّ من أن يلعب الإتحاد دوره السياسي، كما لا يمكن لأحد أن يحدّد دوره والمربع الذي سيلعب فيه، أو يحدّ من دوره”.
الصين أنهكت سوق تونس
وعن مسببات انهيار الوضع الإقتصادي في تونس، فقال الطاهري إنّ الحرب الدائرة في ليبيا أثّرت كثيراً على السوق التونسي، إذ كانت تسمّى الرئة الإقتصادية والمتنفس الإقتصادي للسوق التونسية، سواء من ناحية فرص العمل للتونسيين أو على صعيد التصدير للبضائع التونسية. لكن مع تأزم الوضع في ليبيا وكذلك في المنطقة بشكل عام، تأثر اقتصاد تونس بشكل كبير في العديد من القطاعات كقطاع النسيج مثلاً، إذا أغلق العديد من المصانع وتمّ تسريح الكثير من العمال، وقد هاجمتنا البضائع الصينية وكذلك البضائع التركية والأجنبية بشكل عام، باعتبار أنّ المنافسة في السوق التونسية غير شرعية لناحية وجود عمليات التهريب… وبالتالي فنسبة الإقتصاد غير المنظّم كبيرة جدّاً.
تجدر الإشارة إلى أنّه بعد ثبوت تورّطه في ملفات فساد مالي وسياسي، طالب الشارع التونسي بحل حزب النهضة، فيما ينوي عشرات المحامين التوجه إلى رفع شكوى جزائية، يتمّ إيداعها في غضون الأيام القليلة المقبلة في وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في تونس، لمقاضاة حزب النهضة والمطالبة بتجميد أمواله.