القاعدة تلفظ أنفاسها الأخيرة في جزيرة العرب.. هو ليس ضرب من ضروب التفاؤل، بل حقيقة باتت واضحة بالتزامن مع تصاعد الخلافات بين قادة التنظيم، واتخاذها منحنيات خطيرة أبرزها تراشق الاتهامات بالخيانة والعمالة على الملأ، ومماطلة قيادة القاعدة في حل الخلاف بين أبرز قادتها في اليمن بعد أكثر من عام ونصف على اندلاعه.
- القاعدة تفككت في اليمن بسبب الخلافات بين قادتها
- جمود حل الخلافات بين قادة القاعدة يدفع إلى المزيد من تآكل التنظيم
- ترجيحات بتزايد الانشقاقات عن صفوف القاعدة
- تراشق الاتهامات علناً بين باطرفي والنهدي
- الظواهري فشل حتى الآن في إيجاد حل للخلاف بين باطرفي والنهدي
- النهدي قد يلجأ إلى الانشقاق بسبب ضعف مكانته لدى القاعدة
المثال الأوضح على ذلك، جمود حل الخلافات بين قيادة التنظيم متمثلة بالرجل الأول فيه خالد باطرفي وبين قادة آخرين أبرزهم، أبو عمر النهدي، القيادي الشرعي والميداني البارز، ورفيقه أبو داود الشروري المعروف أيضًا بـ”أبي داؤود الصعيري”، وأبو الوليد الحضرمي، أمير التنظيم في حضرموت سابقًا، واعتزال كذلك النهدي ورفاقه، القاعدة وسط تكهنات بإعلانه الانشقاق رسميا عنها، وهو أمر حال حدوثه سيشكل ضربة قاصمة للتنظيم في اليمن.
الباحث والمحلل سياسي اليمني الدكتور “عمر باجردانه”، أكد في مقابلة مع أخبار الآن، أن القاعدة تعيش وضعا مزريا في اليمن على ضوء تفاقم الخلافات بين قادتها وقال: “القاعدة تضعضعت بشكل كبير، وهذا يرجع إلى حجم الخلافات التي حدثت بين قياداتها جراء اختلاف وجهات النظر بين قادتها، وتضييق الخناق عليها ورفع الدعم عنها”.
وأوضح “عندما يشعر القيادي في القاعدة أن مصالحه زُعزعت، وأن مكانته في التنظيم بدأت بالهبوط، ولم تعد له تلك المكانة التي كان يحظى بها سابقا، فإنه بالتأكيد سيلجأ إلى الانشقاق عن صفوف التنظيم”.
من جانبه اعتبر المقدم “أحمد عمر بامعس”، نائب رئيس كتلة حلف قبائل حضرموت، في مقابلة مع أخبار الآن، أن استقطاب النهدي من شأنه أن يعزز الحضور الأمني في المحافظة، إضافة إلى الأثر السلبي على القاعدة في حال قرر القيادي ترك صفوفها واللجوء إلى قوات الأمن، وقال: “من الممكن أن يقوم أبو عمر النهدي بتحرير نفسه من براثن القاعدة، كما يمكن أن تكون هناك اتفاقات تخدم مصالحه لإنهاء هذا الخلاف، وعلى أي حال أن أرى أن استقطاب النهدي من قبل القوات الأمنية سيكون أفضل من عدائه”.
سقوط حر لتنظيم القاعدة
فشل زعيم القاعدة المركزية أيمن الظواهري حتى الآن في حل الخلاف بين باطرفي والنهدي، وتصاعد عمليات التصفية تحت مسميات الخيانة والعمالة، واتباع باطرفي نهج داعش في تصفية المخالفين، دون أن ننسى الانقسامات التي تنهش بجسد التنظيم، كل ذلك يمهد إلى سقوط حر للقاعدة في اليمن، كل ذلك دون أن ننسى كذلك أثر قتل قاسم الريمي، الزعيم السابق للتنظيم على تماسك القاعدة.
وضمن هذا السياق، أكد بامعس، أن القاعدة تعيش مرحلة التشظي في اليمن، وقال: “من المؤكد أن التنظيم بات في طور التشظي والانقسام، ويمكن القول أنه بات هناك عشرات الجماعات المنشقة عن القاعدة، وهنا يمكن أن نطرح التساؤل التالي: هذه الجماعات تعمل مع من؟! وتنفذ أجندة من؟!”.
بدوره، لفت باجردانه أن الانشقاق عن صفوف القاعدة بات واردا سواء من حيث القيادات أو الأفراد، وقال: “مسألة الانشقاق عن التنظيم وعن هذا الفكر الضال، هي بالتأكيد مسألة واردة إن طال الزمن أو قصر؛ وحتما وسيصل هؤلاء الشباب المغرر بهم، سواء كانوا قياديين أو أفراد إلى أن يكتشفوا الحقيقة، ويعرفوا أنهم مجرد أداة ووسيلة لا أقل ولا أكثر”.
وبالتأكيد فإن كرة الثلج التي بدأت بالتدحرج تشير إلى أن مزيدا من الانشقاقات تنتظر القاعدة، وهو أمر لن يشكل إحراجا لها فقط، بل سيمثل بدون أدنى شك، الفصل الأخير من عمر التنظيم، وقال باجردانه: “الانشقاقات تجعل الكثير من منتسبي القاعدة يرون أن انشقاق زملائهم أمر محرج بما يعود عليهم بالتساؤل عن مصيرهم في التنظيم، وبالتالي فإن مسألة الانشقاقات تحول فكر أبناء القاعدة من مرحلة الشك إلى مرحلة اليقين بأن مصير التنظيم إلى الزوال، وتلك النقطة هامة للغاية، لأن من شأن ذلك أن يشجع الكثيريين على الانشقاق عن القاعدة”.
ما تبقى من جيوب للقاعدة في بعض مناطق اليمن، لن يشكل مصدر قوة للتنظيم، فمعادلة توازن القوى تغيرت في كثير من تلك المناطق، وتحرير محافظة حضرموت من براثن القاعدة عام 2016 خير دليل على ما سبق.