منذ سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول ومناطق شاسعة من البلاد الشهر الماضي، ما زال الكثير من التساؤلات تطرح نفسها حول مستقبل أفغانستان في ظلّ حكم طالبان، وكيف ستؤول إليه الأمور خصوصاً في ما يتعلق بجوانب الحريات وحقوق المرأة وشكل الدولة القادمة وطرق تعاطيها مع المجتمع الدولي.
- زعيم طالبان هبة الله أخوند زاده سيظهر قريباً كما وعدت القيادة
- مقاتل في طالبان لأخبار الآن: نحترم حقوق المرأة وعليهن الإلتزام بالقوانين الإسلامية
- مقاتل في طالبان لأخبار الآن: هناك نساء يدعين أن الحركة تضطهدهن
وعلى الرغم من أنّ عشرات المنصات الإعلامية أجرت مقابلات مع شخصيات بارزة في طالبان بهدف الكشف عن ماهية الدولة المقبلة، إلّا أنّه يمكن لبعض جوانب الغموض أن تتكشف بالنظر إلى طريقة تفكير المقاتلين من ذوي المراتب الدنيا في الحركة، وكيف ينظرون إلى الحريات وحقوق المرأة.
عقاب حنفي، وهو مقاتل في صفوف طالبان وناشط اجتماعي متحمّس للحركة، تحدث لـ “أخبار الآن” عن نظرته إلى زعيم طالبان هبة الله أخواند زاده، الذي لم يظهر بعد، وكيف ينظر ورفاقه إلى المرأة وطرق تعاملهم مع التظاهرات التي اندلعت في مناطق أفغانية عديدة ضدّ حكم طالبان، وقال: “تعتمد طالبان سياسات خاصة بها لكن العالم بأسره ظنّ أن مقاتلي الحركة هم مَن يرتدون العمامة والملابس المعروفين بها، وليس لديهم أدنى فكرة عن السياسة، ولكنهم أظهروا للعالم أنّهم يعرفون التعاطي في السياسة”، وفق تعبيره.
الزعيم سيظهر قريباً
وأضاف: “أنا لم أرى الزعيم حتى الآن، وهو سيظهر هبة الله أخوند زاده قريباً، لكن طالبان لم تعلن بعد عن موعد ظهوره العلني، لكنّه سيظهر قريباً وسيتمكن الجميع من رؤيته… نتمنّى أن يظهر قريباً على الملأ ويراه الجميع. لا يمكن الإعلان عن ظهوره بعد لدواعٍ سياسية لكنه سيظهر قريباً جدّاً”.
النساء.. معضلة طالبان الكبرى
شكّل تعامل طالبان مع النساء وحقوقهن معضلة كبرى للحركة استناداً إلى تاريخ طالبان في التعاطي مع حقوق المرأة، فلا يكاد يمر بحث أو تقرير أو حتى مجرد خبر في الصحافة العالمية عن طالبان، من دون ذكر المرأة وحقوقها ومستقبلها في ظلّ حكم الحركة.
ويبدو أنّ قادة طالبان قد أدركوا أن الحديث عن النساء وحقوقهن في أفغانستان تشكّل نقطة غاية في الحساسية أمام المجتمع الدولي، فبدأوا بتلطيف لهجتهم تجاه النساء والتشديد على مقاتليهم بضرورة التعامل بحذر بالغ مع هذا الملف، وقال عقاب حنفي: “نحن نلتزم بتعليم النساء، ولكن خلال السنوات العشرين الماضية سوّق أعداء طالبان في عقول الشعب لأفكار تقول إنّ الحركة تعارض تعليم النساء، لكنّنا سنثبت للعالم أنّنا لسنا ضدّ تعليم النساء، بل نريد أن تتعلم النساء لأنهن أمهاتنا وشقيقاتنا ونحن نحترمهن”.
وأضاف: “ربما شاهدتم في وسائل الإعلام تصرفات كثيرة مناهضة للمرأة في أماكن العمل والمدارس وتحدث الجميع عنها، واعتبروا أن طالبان تمارس التمييز بحق النساء وهناك عمليات تحرش جنسي في أماكن العمل. نحن لا نريد هذا النوع من التربية. نريد تربية تشعر الفتيات بالأمان وتعطيهم الحق بالذهاب إلى المدرسة. لا نريد أن يتم التحرش بالنساء. هذا بلد إسلامي ونريد أن تشعر النساء بالأمان ويذهبن إلى المدرسة، ونريد أن نعطيهن الحق الكامل بالتعلم ونحن ملتزمون بذلك”.
عقاب حنفي حاول تبرير عدم وجود نساء يعملن مع طالبان، وقال: “الموضوع ليس عمل المرأة في الحكومة، فقد سمحنا للمرأة بلعب دور في الحكومة ورأى الجميع ذلك.. حالياً ثمة عدد كبير من النساء اللواتي حصلن على وظائف حكومية غير رفيعة، لكن ربّما سترون قريباً وجوهاً نسائية”.
وزعم عقاب أنّ “المشكلة هي أنّ عدداً كبيراً منهن مرتبطات بالخارج لذلك يردن أن يظهرن في وسائل الإعلام أن حياتهن بخطر وأنهن يردن مغادرة البلاد لأنّهن عملن في الحكومة السابقة، وكانت أجورهنّ مرتفعة جداً بسبب الفساد، ولكن مع مجيء طالبان توقف الفساد وبات عليهنّ قبض أجور عادية ولكنهن لم تتقبّلن عدم سيطرتهن على زمام الأمور، فحاولن أن يظهرن في وسائل الإعلام أن حياتهن بخطر ولكن هذا ليس صحيحاً”.
وتابع: “نحن نريد أن تعمل المرأة في الحكومة بحسب القانون الإسلامي، أي بشرط أن ترتدي الحجاب، وهكذا يمكنها مزاولة عملها السابق، لكن هذه النساء تطالبن بأمور أخرى بعيدة تماماً عن العمل في الحكومة أو الاضطلاع بدور فيها أو تمثيل النساء فيها، ولكن كما قلت سابقاً هن يحاولن التسويق لفكرة معينة من خلال التظاهرات في الشارع، ويردن أن ينظر العالم إليهن كضحايا لكنهن لسن كذلك على أرض الواقع”.
ماذا عن التظاهرات؟
وفي معرض سؤالنا لعقاب حنفي عن تظاهرات النساء في أفغانستان بسبب عدم شعورهن بالأمان منذ وصول طالبان إلى الحكم، وعن حقيقة أشرطة فيديو التي تظهر كيف تعرضن للضرب من قبل مقالتلي الحركة، وكذلك منع عدد من الصحافيين من مزاولة مهامهم من قبل طالبان، أجاب عقاب: “الوضع في الوقت الحالي متوتر وغير مستقر، لذلك طلبنا منهن ملازمة المنزل لبعض الوقت إلى أن يستتب الامن لأن بعض الحوادث ما زالت تحصل، والبعض يأخذون الثأر ويسلمونهم لطالبان ويطلقون عليهم نعوتاً بشعة. لهذا السبب طُلب إلى بعض الصحافيين ملازمة المنزل لكنهم سيعاودون حتماً عملهم بشكل طبيعي ما أن تعلن حكومتنا أن الأمن استتب، وأن كل شيء آمن لأننا ما زلنا نواجه مشاكل أمنية، لكن ما أن نصلح النظام الأمني سيصبح الجميع بأمان ويعود إلى عمله بمن فيهم الصحافيون”.
وأضاف: “لم تكن التظاهرات تتعلق بالتعليم بل بموضوع مختلف تماماً وقد وقفت وراءها بعض الدول مثل فرنسا والهند، ومعظم المتظاهرين أتوا من وادي بانشير وحاولوا خلق المتاعب وحاولوا أن يظهروا للعالم بأنه ما زال هناك مشكلة، وأرادوا استفزاز طالبان ليتمكنوا من أن يظهروا للعالم أن الحركة تتصرف بوحشية، وهي ضد النساء ولكن هذا الأمر لا يتعلق بالتعليم لأن التعليم لم يتوقف”.
شاهدوا أيضاً: ما لم تكشف عنه طالبان حتى الآن.. وتلك البداية