مهاجر عراقي ينجو من مأساة الحدود البيلاروسية البولندية
- وضعت وارسو أسلاكا شائكة للتصدي للمهاجرين
- الأمم المتحدة: أزمة المهاجرين غير المسبوقة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا “غير مقبولة”
حاملا طفلته ذات العام والنصف على صدره، محملا بما استطاع إليه سبيلا على ظهره، يمشي في ظلمات غابات حدود بيلاروسيا وبولندا، مدفوعا بحلم الهجرة إلى ألمانيا.
بهذه الطريقة استطاع المهاجر العراقي الشاب آدم حسين عبور حدود بيلاروسيا إلى بلد الاتحاد الأوروبي بولندا ليصل إلى هدفه الأخير بصحبة طفلته وزوجته ووالدها إلى برلين.
يعد حسين مع أسرته الصغيرة من المحظوظين الذين استطاعوا الإفلات من المأساة التي يعيشها معظم المهاجرين حتى اللحظة بين حدود البلدين.
وباتت تتصاعد حدة أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا في ظل محاولات مهاجرين تقطعت بهم السبل، معظمهم من العراق وسوريا وأفغانستان، اختراق الحدود البولندية عدة مرات في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على بيلاروسيا.
فوضعت وارسو أسلاكا شائكة لتصدي للمهاجرين ونشرت قوة عسكرية كبيرة لمنعهم من دخول أراضيها.
ويتهم الأوروبيون منذ أسابيع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بتأجيج التوتر من خلال إصدار تأشيرات للمهاجرين وإحضارهم إلى الحدود انتقاما للعقوبات الأوروبية التي فرضت على بلده لقمعه حركة معارضة بعد الانتخابات الرئاسية في 2020.
ويحكي حسين أنه سافر إلى مينسك إنطلاقا من بغداد إلى دبي، واستخرج تأشيرة سياحية رسمية من مطار العاصمة البيلاروسية وقال ” كانت الرحلة قانونية وسلسة وتم تفتيشنا في المطار من ثم استخرجنا تأشيرة الدخول السياحية”، وأشار إلى أن المطار لم يكن فيه ازدحام وكانت الأعداد طبيعية.
لكنه لفت في نفس الوقت إلى أن مطار مينسك كان ممتلئ بالمسافرين من الجنسية السورية والعراقية واليمنية.
وتُظهر آخر البيانات المتاحة من “فونتيكس”، وهي قوة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، لشهر سبتمبر/أيلول، أن البلدان الرئيسية التي قدم منها المهاجرون الذين وصلوا في ذلك الشهر إلى الحدود البرية الشرقية للكتلة، هي العراق وسوريا وأفغانستان وتركيا وإيران.
أهوال الغابة وعذاب البرد
يسرد المهاجر العراقي كيف أن المشي لعشرات الأميال في غابات بيلاروسيا ومستنقعاتها هو الأصعب. ويقول” كنت الأكثر تعبا بين أسرتي لأنني كنت بين الخوف على طفلتي التي أحملها على صدري وبين الحاجيات التي أحملها على ظهري”، وتابع” فتجد أنني كنت أكثر الناس غوصا في المستنقعات أثناء المشي لثقل الوزن” .
وأشار الشاب حسين إلى أن هناك من مشوا أكثر من مئة ميل من ثم تم رصدهم على الحدود وتمت إعادتهم إلى نقطة الصفر.
وقال حسين إن “درجة الحرارة وصلت إلى الواحدة تحت الصفر في الوقت الذي هربوا فيه بينما الآن أصبح الطقس أشد برودة على المهاجرين مما يجعل النجاة أشبه بالمستحيل”.
وتحدث كيف باتوا يشربون من مياه المستنقعات خلال رحلتهم بين الحدود بعد تصفيتها، قائلا ” كان لون الماء أسود من ثم أصبح أصفر بعد تصفيته، الحمدلله أننا لم نصاب بالتسمم”.
يذكر أن آدم حسين فر من العراق بغاية الهجرة إلى ألمانيا، عقب تهديده من قبل ميليشيات لم يذكر أسمها لقضية شخصية. وتقدم بشكوى للمحكمة في العراق.
واتخذ حسين الذي يملك مستودعا للقطع المستعملة قرار الهجرة بعدما بات لا يشعر بالآمان في بلده العراق.
لا تستعملوا المهاجرين المساكين ورقة ضغط سياسي
عبّر حسين عن أسفه لما يحدث للمهاجرين على الحدود وناشد المجتمع الدولي والطرفين البيلاروسي والاتحاد الأوروبي أن لا يساوموا بالمهاجرين كأداة سياسية.
وكانت اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أن أزمة المهاجرين غير المسبوقة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا “غير مقبولة”، مؤكدة على ضرورة ألا يقضي اللاجئون ليلة أخرى عالقين بين البلدين.