استقرار الأمن العالمي مهدد ما السبب؟
- هذا ما يحدث في العراق: مدن مهددة بالغرق.. وأخرى مهددة بالجفاف
- البصرة مهددة بالغرق
مع قيام الثورة الصناعية في عام 1750, برزت إلينا من أهم المشاكل التي واجهت العالم وهي جنوح المناخ العالمي، حيث ظهرت التداعيات الكارثيه لاستخدام الوقود الأحفوري بالإضافة إلى الانبعاثات والمخلفات الغازية والمحروقات التي ينتج عنها مجموعة من الغازات التي تؤدي إلى احتباس الحرارة وتسببت في رفع حرارة كوكب الأرض إلى 1.2درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية .
وإن أهم مخاطر التغير المتسارع أنه أدى إلى تفاقم المشكلات في مختلف النظم البيئية والحيوية المهمة كالغذاء والمياه وهو ما يهدد استقرار الأمن العالمي حيث أن بعض المدن مهددة بالجفاف والبعض الآخر مهدده بالغرق و خاصة المدن أو المناطق الساحلية.
ومن هذه المدن هي مدن الحوض الأدنى لوادي الرافدين وبالتحديد البصرة فيتوقع أنها من المناطق التي تتأثر بارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لتأثير تغير المناخ.
تقع البصرة في جنوب شرق العراق و بالتحديد على الضفة الغربية لشط العرب الذي يمثل ممرا مائيا شكله اتحاد كل من نهري دجلة والفرات وتمثل البصرة الميناء البحري الرئيسي و الوحيد للعراق.
فهي مطلة على الخليج العربي وتتميز المدينة بأن الأرض متباينة التضاريس. أراضٍ صحراوية وهضاب وأراضي سهلية منبسطة بالأضافة إلى كونها تحتوي على مسطحات مائية من أهوار وأنهار. و تمثل البصرة أكثر جزء منخفض من العراق.
العراق مهدّد
وبحسب الدراسات العالمية، من المتوقع أن تزيد درجة الحرارة للأرض بحوالي عام 2040 الى 2.2 درجة مئوية. وربما تتجاوز 3.8 درجة مئوية في بعض المناطق في عام 2100. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مستوى سطح البحر إلى 30 سم تقريبا حسب بعض الأبحاث العلمية للتأثير المناخي والذي سوف يؤدي إلى غرق بعض المناطق المحيطة بشط العرب. إضافة إلى خور عبد الله ومساحات مائية لأهوار البصرة الأمر الذي يهدد بحدوث هجرة ونزوح من هذه المناطق إلى مناطق أخرى مما يعني تدهور النسيج المجتمعي وتضرر المزارع والأراضي الخضراء المحيطة بالأنهار بالأضافة إلى تأثيره على المشاريع العمرانية والسكانية في هذه المناطق المتأثره.
وقد بلغ ارتفاع مستوى سطح البحر خلال القرن العشرين 20 سم. وكان للذوبان المتسارع للغطاء الجليدي في القارة القطبيه الجنوبية مشكله وخطر كبير حيث تؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر عدة أمتار حتى مع احتمال عدم تجاوز الاحتباس الحراري العالمي مقدار 1.5 درجة مئوية.
وبحسب أسوء الفرضيات والتوقعات المستقبليه حول ارتفاع مستوى سطح البحر قد يصل من 190-52سم عام 2100 حسب التنبؤات العالمية، وذلك نتيجة قلة دقة هذه الدراسات لعدم وجود المحاكاة العالمية والتفاعلات بين الخليج العربي وتأثير الاحتباس الحراري.
فلو حدثت هذه الفرضية في أسوء الاحتمالات، سوف تغرق أجزاء ومناطق إضافية من البصرة منها الأهوار والقرى القريبة من نهر كرمة علي وجزيرة بوبيان إضافة إلى تأثر الأراضي المجاورة لهور شرق الحمار وهذه الأراضي جميعها خصبة وتستخدم في زراعة المحاصيل الزراعية المهمه مما يعني تهديد بانخفاض الموارد الغذائية والزراعية الضرورية لحياة الأفراد واستمرارية الحياة .
وبحسب ما تقدم من أطروحات ونظريات افتراضية يتبين الأهمية الكبرى في عقد المؤتمرات الدولية التي من شأنها وضع الحلول السريعة والتي تأخذ البعد العالمي والدولي للسيطرة على ظاهرة الأحتباس الحراري السبب الرئيس في الجنوح الكبير الحاصل في التغير المناخي .
يعتبر العراق أسوة بمعظم الدول العربية والنامية من الدول الأكثر هشاشة وعدم الأستقرار بسبب التغير المناخي على الرغم من الانتاج الضئيل للغازات الدفيئة بسبب الفعاليات المؤثره على البيئة والتي ينتج عنها غازات الكاربون والغازات الدفيئة الأخرى التي تكون سبب في الاحتباس الحراري (بطاقات الكاربون وفقا للتقرير الذي ينشر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية).
عليه بات جليا ملاحظة موجات الجفاف وأثرها السلبي على مصادر المياه والحياة العامة التي تأتي بنتائج حتمية وواضحة بتدهور الأراضي الزراعية (قلة الغلة الزراعية) , ومن المتوقع أن ينتج عن ذلك هجرة من الريف إلى المدينة وتسبب تنافسا كبيرا على الخدمات المدنية والبنى التحتية.
ومن خلال الاطلاع على التقرير الخاص بالانبعاثات الصادر في عام 2019 ( التقرير المرحلي العالمي عن العمل المناخي ) يتبادر إلى الذهن وبشكل لا يقبل الشك بأننا نعيش الفرصة الأخيرة المتاحة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والإبقاء على سخونة الأرض دون 1.5 درجة مئوية ” كل ذلك مناط بالالتزام بالاتفاقيات الدولية وآخرها اتفاقية باريس “.
لوحظ في مؤتمر المناخ في عام 2021 من خلال برنامج الأمم المتحدة الانمائي والحكومة العراقية انبثاق وثيقة المساهمة الوطنية المحددة (NDC) والتي من شأنها إيجاد الأسس الداعمة للاستدامة البئية والاجتماعية والاقتصادية. كما تحدد الأولويات اللازمة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية والتوافق معها والتي تكون ورقة عمل وزارة البيئة العراقية التي تقدمها في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ.
حدد الوفد العراقي ضمن ورقة عمله أنه لا بديل عن مقررات غلاسكو للمناخ والتزام الدول العظمى بها وبما يسعف من حيث الكم والزمن للسيطرة على التطرف المناخي والمباشرة بالحلول دوليا للسيطرة على سخونة الأرض والحد منها و تقليل انبعاثات الفعاليات الصناعية ذات التأثير السلبي والكبير والتي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري.
لعل الدور المؤثر للمنظمات الدولية الداعمة لحماية البيئة وتحسينها أسس إلى خطى ثابتة باتجاه الاقتصاد الأخضر ودعم المشاريع التي من شأنها رفد البيئة بعناصر ايجابية تقلل الخطر والمؤشر السلبي لظاهرة الاحتباس الحراري وكان لهذه المنظمات دور المشاركة والدعم للمؤسسات البيئية الحكومية في العراق وفقا للمعايير المعتمده و التوصيات بأتجاه المشاريع صديقة البيئة والضامنة الى عدم زيادة الكارثة الناتجة عن الثورة الصناعية في الدول العظمى والتي تسببت بالمأساة المتوقعة بأرتفاع درجة حرارة الأرض .
ولتجنب حدوث هذا التغير الديموغرافي ونزوح السكان من هذه المناطق التي شهدت قيام أقدم الحضارات البشرية وازدهارها يجب اتخاذ بعض التدابير والاجراءات المهمة ومنها:
- إجراء دراسات أكثر تعمقا وبمعايير عالمية في منطقة الحوض الأدنى لوادي الرافدين.
- وضع خطط مشتركة مع الدول المجاوره كالكويت وإيران لمواجهة هذه المشكلة المحتملة .
- التشجيع على استخدام مواد بناء ملائمة للتغيرات المناخية.
- استخدام مصادر الطاقة البديلة بدل من الوقود الأحفوري والحد من الملوثات التي تزيد من الاحتباس الحراري.
- العمل على إنشاء تقنية تقوم بتنقية الهواء من الكاربون الموجود وإعادة استخدامه.
- العمل على تغيير نمط الحياة الاستهلاكي للبشر ووضع عقوبات صارمة على المعامل والمصانع التي تخالف المعايير البيئية .
- استبدال وسائل النقل التقليديه التي تعتمد على الوقود بوسائل نقل تعمل على غازات او مواد صديقه للبيئة .
- وضع خطة طوارئ في المدن التي تتأثر بالتقلبات المناخية وتدريب كوادر الدفاع المدني للأستعداد لحدوث أي كارثه طبيعية.
- اعادة تدوير المخلفات وتحويلها الى طاقه كهربائية بدل من حرقها او طمرها في الأرض.
- إنشاء مدن جديدة بالاستفادة من الصحاري الشاسعة الموجودة.
- الترشيد في استخدام الموارد الطبيعية والعمل على توعية المواطنين بذلك (التنمية المستدامة و حساباتها بما يضمن وجود موارد للأجيال القادمة.
- دعم المبادرات الفردية والجماعية ونشر برامج التوعية البيئية .
- الاستفادة من الضرائب البيئية في تأسيس مشاريع تخفف من وطأة التطرف المناخي و تفضل ان تكون مشاريع اقليمية و دولية لها الأثر الايجابي الشامل كمشاريع (تثبيت الكثبان الرملية, استخدام التقنيات الحديثة في الري و …..الخ).
أخيرا نأٌمل بالعمل الجماعي و الطوعي من اجل بيئة امنة للجميع .