مليشيات الحوثية تغازل تنظيم القاعدة بتكريم عارف مجلي
منح رئيس حكومة مليشيات الحوثي الانقلابية في نهاية نوفمبر الماضي، القيادي في تنظيم القاعدة عارف مجلي درع ” وسام القبيلة العربية” تثميناً “لدوره في حشد الكثير من المقاتلين من التنظيم والزج بهم في صفوف مليشيا الحوثي، هذا التكريم لم يكن مفاجأة، فالقيادي المتطرف مجلي ذو التاريخ الكبير في تتظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهو واحد من الثلاثة وعشرون شخصا الذين فروا من سجن الامن السياسي في 2006، كان قد عائد الى صنعاء عقب انتهاء فترة الخصومة والحرب بين التنظيم والحوثيين.
داب زعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي في خطابته منذ سيطرة مسلحيه على العاصمة صنعاء، على التأكيد بإن العدو الاول هما تنظيمي القاعدة وداعش، و (ان مسلحي مليشياته يخوضون) معارك ضد الارهاب في محافظات مأرب وأبين والبيضاء وشبوة.
في أكتوبر من 2014 اندلعت مواجهات عسكرية في مناطق مختلفة بين مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة في محافظتي البيضاء ومأرب، كما ان مواجهات عسكرية محدودة اندلعت في محافظة أب.
الاقتتال في محافظة البيضاء اندلع مديريات عدة الا ان مواجهات مدينة رداع عاصمة المحافظة ومحيطها كانت هي الاعنف عقب وصول مسلحي الحوثيين الي المديرية للسيطرة عليها، إلا أن المواجهات لم تستمر طويلا حتى انسحب عناصر تنظيم القاعدة وتسيطر جماعة الحوثي على كامل المحافظة، بينما استمرت المعارك في محافظة مأرب مدة اطول قبل تنسحب مليشيات الحوثي بعد تدفق ابناء القبائل في مأرب ضدهم، الامر الذي استغله تنظيم القاعدة لتجنيد ابناء القبائل، وبعد فشلة غادر مأرب المناطق الجبيلة في محافظة شبوة وابين و حضرموت.
وفي عام 2015 تواجد عناصر تنظيم القاعدة في بعض الجبهات المشتعلة بين صفوف المقاومة لمواجهة الحوثيين بمحافظة تعز في محاولة منه لإستقطاب الشباب المتحمس لمواجهة الحوثيين، إلا غادر المحافظة بعد ان سيطرة حزب الاصلاح وجماعات سلفية على قيادة المقاومة وضيقوا الخناق على عناصر التنظيم.
دخل عناصر التنظيم بصفوف المقاومة لمواجهة الحوثيين من جديد في العاصمة المؤقته عدن، فقد شهدت المدينة خمسة اشهر من المواجهات العسكرية شارك عناصر التنظيم في أغلبها، إلا انه وعقب سيطرة المقاومة على المدينة فشل التنظيم في بسيط سيطرته على موانئ عدن والمعلا والذي كان يهدف ان يوفر له اموال طائلة، الأمر الذي جعل عناصره تغادر الى حضرموت.
انسحب عناصر تنظيم القاعدة من معارك المشتعلة ضد الحوثيين في الكثير المحافظات كان مؤشرا على انتهاء فترة الخصومة والحرب بين الجماعتان المتطرفتان.
ذوبان الجليد وتوحيد بنك الأهداف
أخذت العلاقة بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومليشيات الحوثيين منحى اخرء عقب توقف المواجهات بين الطرفين، فلم تشكل الاختلافات الايدلوجية والاستراتيجية بين تنظيم القاعدة ومليشيات الحوثي، عوازل تحول دون اي تعاون مشترك ، فخلال فترة الحرب وبهدف تعزيز علاقتها مع تنظيم القاعدة افرجت مليشيات الحوثي عن 252 سجينا (على دفعات) من أفراد التنظيم المحتجزين في سجن جهاز الأمن والمخابرات منذ 11 عامًا، منهم القيادي في تنظيم القاعدة عبدالله على علوي لحمر البركاني والقيادي البدوي الذي افرجت عنها المليشيا في يناير 2021، واخرها كان في أغسطس 2021، أطلقت المليشيا الحوثية سراح عيدروس المسعودي وعبدالله المسعودي، المعتقلان في سجن الأمن القومي بصنعاء منذ عدة سنوات.
بالإضافة إلى السماح للتنظيم بإنشاء معسكرات في مناطق مختلفة في محافظات البيضاء وأبين وشبوة إبان سيطرة الحوثيين عليها.
في المقابل ابرم تنظيم القاعدة تفاهمات سرية بين مع مليشيا الحوثي، حتى توصل الطرفان إلى اتفاق غير معلن لضربِ استقرار المناطق المحررة.
توحد بنك الاهداف للجماعتين، وبات كل تجمع او مؤسسة عسكرية او مسؤول حكومي فرصة ضربها سانحة هدفآ؛ حدث ذلك باستهداف الحوثيين للمساجد و التجمعات السكانية والمسؤولين بالقصف الصاروخي و بالعبوات الناسفة والسيارات المخففة، كما هو الحال مع تنظيم القاعدة التي اقدم على شن عمليات استهداف واغتيالات انتحارية بسيارات مفخخة لمسؤوليين حكوميين سقط فيها مدينيين، وبسقوطهم، سقط الحديث الدائم لتنظيم القاعدة عن التزام القاعدة الاخلاقي تجاه المدنيين.
أن تقارب التكتيكات بين الحوثيين والقاعدة و توحيد بنك الاهداف يؤكد بتبلور مشتركات ثنائية حفزت التقارب الحوثي القاعدي على نحو اعمق.
ففي المعارك التي تخوضها الشرعية اليمنية ضد مليشيات الحوثي، قاتل عناصر تنظيم القاعدة بصفوق مليشيات الحوثية، وقد اسرت القوات الحكومية عناصر التنظيم منهم موسى ناصر الذي اسر وهو يقاتل بصفوف الحوثيين.
التعاون بين عناصر القاعدة و الحوثيين بلغ ذروته مع ازدهار شبكات التهريب المخدرات والاسلحة والاتجار بالبشر التي يستخدمونها من أجل تمويل أنشطتهم الإرهابية والتخريبية.
لماذا يعلن تنظيم القاعدة عن عمليات محدودة ضد الحوثي؟
“بهدف كسب أبناء القبائل تعود القاعدة عمليات استهداف محدودة لحوثيين”
انحسار الهجمات العسكرية لمليشيات الحوثية صوب مدينة مأرب وأستأنف العمليات العسكرية لقوات التحالف والقوات الحكومية في محافظة مأرب وتراجع مليشيات الحوثي في معركتها مع الجيش وابناء القبائل، يرى التنظيم بإن عودة استهداف مليشيات الحوثي في ظل الزخم العسكري والشعبي لليمنيين المناهضين للحوثيين سوف يساهم في اكتسابه شعبية في أوساط المجتع و القبلية.
استهداف شباب القبيلة اليمنية من قبل تنظيم القاعدة واحدى من اهم استراتيجته لتجنيد العناصر، فالتنظيم وبعد كل تلك الضربات التي تلقاها من الطائرات دون طيار، والعمليات العسكرية من قبل القوات الحكومية والتحالف العريي في محافظات ابين وشبوة وحضرموت، وانحسار وجوده في مناطق سيطرة الحوثيين. يحاول التنظيم اليوم استعادة وجودة بين ابناء القبائل عبر تقديم نفسه كمدافع عن أبناء المذهب السني أمام الحوثيين، لكن كل تلك العمليات التي قام بها التنظيم لن تغير الافكار التي اضحت راسخة بين القبائل اليمنية بأن تنظيم القاعدة ومليشيات الحوثي وجهان لعملة واحدة.