نظام كيم جونغ أون يتعمّد نشر الرّعب في النفوس ليرسّخ حكمه على قاعدة القمع والدم
يثير التقرير الذي نشرته مجموعة “العدالة الإنتقاليّة” بعنوان “رسم خرائط عمليّات القتل تحت قيادة كيم جونغ أون: إستجابة كوريا الشماليّة للضغوط الدوليّة” والذي يتناول إشراف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على عمليات إعدام علنيّة ضجّة حول العالم، فالقائد الشاب وفي السنة العاشرة من حكمه، يتعمّد إثارة الرعب بين مواطنيه ليرسّخ نظام حكمه على قاعدة القمع والدم.
وقد تمكّنت المجموعة بالإستناد إلى مقابلات مع هاربين من كوريا الشماليّة كانوا شهوداً على عمليّات الإعدام، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعيّة من توثيق 27 عملية إعدام قامت بها كوريا الشمالية، ورداً على الانتقادات الدولية لها، قامت الأخيرة بتشديد الخناق على تسريب المعلومات المحتمل من خلال اختيار مواقع الإعدام التي يسهل السيطرة عليها.
ويقدم التقرير تحليلاً معمقًا لمواقع القتل المحددة في مدينة هيسان قبل وبعد تولي كيم جونغ أون السلطة، فماذا في تفاصيل التقرير وهل يمكن لنتائجه أن تحقّق العدالة لملايين الكوريّين الشماليّين الذين يعيشون في خوف وطغيان؟
تأمل مجموعة “العدالة الإنتقالية” بحسب ما أوضحت المؤلفة الرئيسية للتقرير والباحثة في مجموعة العدالة الإنتقالية أيونغ بارك لتلفزيون الآن أن يسهم عملهم في تحقيق العدالة واستعادة كرامة جميع الناس في كوريا الشمالية حيث يعيشون ويتأثرون بالعنف الممارس بوحشية ولاإنسانية من قبل الحكومة، وقالت في حديث الى أخبار الآن: نريد أن نوضح تماماً أن عملنا وحده لا يمكن أن يحقق ذلك، وبالتالي إنه من المهم جداً للمجتمع الدولي أن يتحرك وأن ينشر التوعية حول هذه المسألة وأن يتحدث نيابة عن كوريا الشمالية حيث يتأثر الناس بأعمال الحكومة بشكل يومي”.
أوضاع حقوق الإنسان في كوريا ليست في تحسّن!
تشير نتائج التقرير بحسب بارك إلى أن “نظام كيم يولي المزيد من الاهتمام لقضايا حقوق الإنسان كرد فعل على زيادة التدقيق الدولي بشأن خطورة الوضع في كوريا الشمالية، لكن هذا لا يعني أن أوضاع حقوق الإنسان في تحسّن هناك، وذلك لأنه، وبناءً على البحث الذي قمنا به، إن عمليات القتل الحكومية لا تزال تحدث بطرق قد لا تكون مرئيّة للجمهور كما كانت في الماضي، لذلك نحن بحاجة إلى إيلاء المزيد من الإهتمام إلى الطرق المختلفة التي تمارس بها الدولة القتل داخل كوريا الشمالية حتى وإن كانت تتم بطريقة غير علنيّة مثل القتل السري أو غير المباشر”.
وشرحت بارك المنهجية التي اعتمدتها المجموعة في عمليّة جمع البيانات والمعلومات، فقد تراكمت المعلومات ككرة الثلج أو عن طريق ما يسمى بعينة الراحة “وهو ما يعني عمليًا أننا جمعنا الأشخاص الذين تمت مقابلتهم من خلال نظام الإحالة، على سبيل المثال بمجرد الانتهاء من مقابلة أحد الهاربين من كوريا الشمالية، كنت أسأله إذا ما كان يعرف شخصاً آخر في استطاعته تقديم معلومات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان أو إذا كان لديه معلومات عن أصدقاء أو عائلات قد عانوا من العنف في كوريا الشمالية، لهذا السبب نأخذ موضوع بناء الثقة مع المجتمع الكوري الشمالي على محمل الجد، خصوصاً وأنه يكاد يكون من المستحيل الحصول على عينة عشوائيّة، لذلك اعتمدنا على الأشخاص الذين تمت مقابلتهم والذين هربوا من كوريا الشمالية للحصول على بيانات لبحثنا، وأؤكد أنه ما كان يمكن إنجاز هذا العمل بدون الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات”.
وأوضحت أن المنهجية في الماضي استندت إلى شهادات الأشخاص الهاربين وبالتالي كانت المعلومات نوعيّة لكننا قمنا بتطوير منهجيتنا مع استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل GIS أو Google Earth ما سمح لنا بتتبع المعلومات غير المرئية التي لا تكشف عنها القصص وهذا مهم جدًا في تنفيذ نظام المعلومات الجغرافية، وقد سمحت لنا التكنولوجيا طوال عملية البحث بتحديد المواقع المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان داخل كوريا الشمالية ومع ذلك أؤكد أنه بدون مساعدة الهاربين من كوريا الشمالية، ما كان ليكون عملنا ممكنًا لأنهم المصدر الرئيسي لبياناتنا”.
وشدّدت على أن ما تريد المجموعة التأكيد عليه من خلال خلاصات التقرير هو أن “عمليات القتل لا تزال مستمرّة في كوريا الشمالية، وما نراه ونلاحظه أن الحكومة تستجيب للضغوط الدولية ما يعني أنه يجب علينا مواصلة الضغط على كوريا الشمالية وزيادة الوعي حول هذه المسألة لدى المجتمع الدولي”.
ولفتت إلى أنه بالإستناد إلى القصص التي رواها الهاربون “اكتشفنا أن الناس يستجيبون لدوامة العنف في كوريا الشمالية بطرق مختلفة، لذلك في تقريرنا الأخير، ذكرنا النتيجة التي مفادها أن بعض الناس ينظرون إلى مثل هذه الممارسات اللاإنسانية والوحشية التي تأخذ شكلاً من أشكال الإعدام العلني كحدث عادي لذلك قالوا في شهاداتهم خلال المقابلات أنهم لم يشعروا بأي صدمة أو لم يشعروا بأي شيء نتيجة مشاهدتهم لعملية إعدام علنية، في المقابل ذكر آخرون أنهم يعانون من صدمة، وأن تلك الصدمة لا تزال تطاردهم حتى يومنا هذا وبالتالي نرى أن هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن أن تظهر بها تداعيات العنف الذي ترتكبها الحكومة الكورية في حياة الناس”.
الرعب أبرز وسائل ترسيخ حكم كيم
تعتبر بارك أنه من الواضح بحسب التقرير أن “حكومة كوريا الشمالية تستخدم استراتيجية العنف هذه لغرس الخوف والسيطرة بين المواطنين الكوريين الشماليين وتشديد الرقابة الصارمة على سكانها من خلال القمع، وأشدد على أن عملنا وحده لا يمكنه أن يمنع الجرائم ضد الإنسانية ولا بدّ أن يكون هناك جهدًا جماعيًا للحد من ذلك، لذلك سيساهم عملنا في الدفع نحو المساءلة، وهدفنا هو العثور على المسؤول عن عمليات القتل هذه التي ترتكبها الدولة وأن نقوم بمحاسبته، وثمة هدف آخر نركز عليه في أبحاثنا وعملنا وهو إعادة رفات الموتى إلى عائلاتهم”.
واعتبرت أنه من المهم جداً تسليط الضوء “على حقيقة أنه لمجرد انخفاض عدد عمليات القتل التي قامت بها الدولة والتي سجلناها خلال عهد كيم جونغ أون، لا يعني بالضرورة أن أوضاع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية آخذة في التحسن إذ لا تزال عمليات القتل الشبيهة التي تقوم بها الدولة تحدث بطرق قد لا تكون مرئية للجمهور كما كانت في الماضي لذلك فإن تركيزنا التالي في بحثنا سيكون إيلاء اهتمام أكبر للطرق المختلفة التي تحدث بها عمليات القتل العلني أو القتل الشبيهة التي تقوم بها الدولة في كوريا الشمالية، سواء كان ذلك يحصل بشكل سري أو علني، فقد مرّ عشر سنوات على حكم كيم وعمليات القتل مستمرة من خلال الممارسة الوحشية وغير الإنسانية المتمثلة في تجريد الأشخاص من إنسانيتهم وممارسة العنف ضدهم”.
وأضافت “يحاول كيم عبر نظامه السيطرة وقمع مواطنيه وبمجرد أننا نتلقى أعدادًا أقل من عمليات القتل العلنية داخل كوريا الشمالية فإن ذلك لا يرسم صورة دقيقة لما يحدث بالفعل خاصة وأن الإجراءات الوقائية التي فرضها وباء كورونا أعاقت بشدة تدفق المعلومات داخل وخارج كوريا الشمالية. لقد أصبح من المهم بشكل متزايد الاستمرار في تتبع الطرق المختلفة التي يتبعها نظام كيم ومواصلته ممارسة القتل داخل كوريا الشمالية”.
ولفتت إلى أن عدم قدرة كيم “على إحلال السلام في كوريا الشمالية وفي شبه الجزيرة الكورية ككل قد أثر على ملايين الناس كما تظهر أبحاثنا، إن عمليات القتل مستمرة وعلى المجتمع الدولي المساعدة في وقف الممارسات الوحشية وغير الإنسانية، ولأن الناس في كوريا الشمالية لا زالوا يعانون، فإن عملنا مهم للغاية لبناء قاعدة بيانات حول القتل والعنف الذي يرتكبه نظام كيم وحكومة كوريا الشمالية، لهذا السبب يجب أن نواصل أبحاثنا وجمع المواقع المختلفة المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، والتي ستكون بمثابة بيانات وأدلة حاسمة وهامة تدين نظام كيم وتساعدنا على محاسبة حكومة كوريا الشمالية”.