لعلّ معارك شبوة الأخيرة عرّت التعاون بين افراد تنظيم القاعدة الإرهابي و مليشيات الحوثي ولا سيما بعد تأكيد مصادر عسكرية لأخبار الآن أن قوات الجيش اليمني، وألوية العمالقة، أسروا أفرادا تنتمي للقاعدة، وذلك أثناء قتالهم بجانب الحوثي في منطقة بيحان.
فما يبدو غريبًا في عالم السياسية يبدو منطقيًا في ميدان المعارك! فالتعاون الذي كُشف عنه مؤخرًا عن التعاون والتنسيق بين الحوثيين وعناصر من تنظيم القاعدة، وأحدث حالة من المفاجئة لدى المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني، لم يكن له الوقع ذاته بالنسبة للجيش اليمني، والذي كان أول من رصد وجود تعاون مشبوه بين القاعدة والحوثي، كيف لا؟ وهم من موقعهم يستطيعون مواجهة الحقائق دون مواربة مهما حجبها دخان الاشتباكات.
جبهة “الضغينة” الموحدة
وعن سؤاله لماذا لم يعتبر التعاون بين القاعدة والحوثي أمرًا مستغربًا؟ أجاب القائد الميداني في جبهة مأرب، العقيد أحمد الأشول: ” فيما يخص وجود دلائل على وجود تعاون بين القاعدة وجماعة الحوثي، لا غرابة في أن يحدث تنسيق بين ميليشيات تعمل خارج إطار الدولة تحمل فكرًا متطرفًا”.
ويضيف الأشول أن الفكر المتطرف الذي يجمع التنظيمين يؤدي في نهاية المطاف إلى “إزهاق الأرواح وسفك الدماء” تحت أي مبرر من مبررات تحقيق الأهداف المشتركة بينهما.
كما يوضح الأشول أن هذا التنسيق أمر وارد لدى أي ميلشيات خارج إطار الدولة، فالميليشيات غالبًا لها أهداف معينة ، فتلتقي في أكثر من نقطة، وتلتقي في أكثر من هدف ، سواء كان الهدف يتمحور حول زعزعة الأمن والاستقرار أو الاعتداء على أبناء الجيش الوطني بحجة التكفير، أو بحجة التخادم بين أجهزة أخرى هم يعملون لصالحها.
“سيلفي” على جبهة القتال
وعن سؤالنا حول الطريقة التي كشف بها الجيش اليمني عن التعاون بين القاعدة والحوثيين، شدد الأشول أن الجيش اليمني أشار منذ البداية إلى وجود مثل هذا التخادم بين الجماعتين، بغض النظر عن الأشخاص الذين عرفوا بانتمائهم للقاعدة، فالتنسيق يبدو أمرًا منطقيًا على ضوء ما يحدث في الميدان. ويوضح :” الحوثيون تنظيم ميلشاوي كامل يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار ومحاربة وحدة اليمن، وهو في سبيل ذلك سيتعاون مع كل من يحقق له هذه الأهداف، والقاعدة ليست استثناءًا.
ويستدرك الأشول قائلًا :” فيما يخص الدلائل على وجود التعاون بين القاعدة وجماعة الحوثي، هو ما كان يجده أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الأماكن التي تحرر من أيديهم، سواء كانت عن طريق وثائق أو حتى عن طريق صور لأشخاص كانوا متواجدين معهم، أو لأشخاص كانوا يتلقطون صورًا في أرض المعركة أثناء مواجهتهم للجيش اليمني والمقاومة الشعبية”.
ويضيف القيادي الميداني في جبهة مأرب، أن العديد من الأشخاص الذين تم رصدهم في الصور ، ثبت انتماؤهم لتنظيم القاعدة. كما عثر الجيش اليمني على “ملازم” وكتب تحمل فكرًا متطرفًا ويشتهر عن التنظيم ترويجه لها وتدريسها لكوادره.
الحوثي يفرج عن ٢٥٢ سجينا من عناصر القاعدة
وكانت ميليشيا الحوثي قد أفرجت عن 252 سجينا من عناصر القاعدة، كما أفرجت عن أحد مخططي الهجوم على السفينة “يو إس إس كول”، مشيرا إلى أن عمليات الحوثيين على القاعدة في اليمن عمليات صورية، وأن 55 من عناصر التنظيم في صنعاء تحت رعاية الحوثيين. بحسب تقرير أرسلته الحكومة اليمنية، في مارس ٢٠٢١، عبر بعثتها في الأمم المتحدة، موجهاً إليها وإلى أعضاء مجلس الأمن
ولفت التقرير المدعم بالصور والجداول، إلى أن تلك العلاقة الحوثية بالمنظمات الإرهابية وصلت إلى حد التنسيق المشترك، وتبادل الأدوار المهددة لأمن واستقرار ووحدة اليمن ومحيطها الإقليمي، وخطوط الملاحة الدولية، بصورة تحتم على المجتمع الدولي الرافع لراية الحرب على الإرهاب.
واستعرض التقرير أسماء لأبرز العناصر الإرهابية التي أقامت في مناطق الميليشيات ومواقع إقامتهم، وتسكينهم في شقق مفروشة بالعاصمة صنعاء، وترددهم، بكل حرية على مناطق “قيفة – رداع – يكلا” في محافظة البيضاء، وذلك على مرأى ومسمع من الميليشيات.
وكشف التقرير عن قيام الميليشيات بمنح بطاقات شخصية مزورة لعناصر من تنظيمي “القاعدة وداعش” الإرهابيين، لتسهيل تحركاتها وتنقلاتها بين المحافظات اليمنية وعبورها بشكل آمن كأحد شروط الصفقة المبرمة بينهم.
معادلة الميلشيات
سألنا الأشول إن كان هناك إحصائيات – ولو تقريبية – تبين نسبة مشاركة عناصر القاعدة في جماعة الحوثي، وكانت الإجابة أنه لا توجد إحصاءات، لكن العديد من وسائل الإعلام تحدثت عن الموضوع، وما عثرنا عليه يعد دليل واضح لا غبار عليه على التنسيق بين الحوثي والقاعدة.
كلا الجماعتين، الحوثي والقاعدة، يسعيان إلى هدف واحد: هو مواجهة الدولة وجيشها وإفشال مشروع اليمن الموحد، الذي يسعى الرئيس اليمني المشير عبدربه منصور هادي إلى تحقيقه وإرساء قواعده.
سألنا في ختام لقائنا فيما إذا كان التنسيق بين جماعة الحوثي والقاعدة يعد تحديًا جديدًا للجيش اليمني على نحو يربك المشهد في ميدان المعارك؟ وفي إجابته أكد العقيد أحمد الأشول أن وضع تنظيم القاعدة مثل وضع أي ميلشيا خارج نطاق القانون، وهي في هذا الإطار وضعت نفسها – أي القاعدة – بنفسها ، ولذلك فهي تجد نفسها في هذا الموضوع خارج النظام القانون و في مواجهة الجيش الوطني والدولة ومؤسساتها.
على الرغم مما يبدو عليه التنسيق مع القاعدة كنقطة لصالح “الحوثيين” على الصعيد الاستراتيجي، إلا أن توحد صفوف من يستهدفون مؤسسة الجيش الوطني اليمني في بوتقة واحدة من شأنه أن يقلب كفة الأحداث إلى صالح دولة المؤسسات في مواجهة ميلشيات خارجة عن القانون ..والوطن.