معارك شبوة تفضح دور الطابور الخامس للقاعدة في اليمن
في تصريح خاص لأخبار الآن أكدت مصادر عسكرية يمنية،السبت، إن قوات الجيش اليمني، وألوية العمالقة، أسروا عناصر تنتمي للقاعدة، وذلك أثناء قتالهم في صفوف ميليشيا الحوثي في منطقة بيحان بمحافظة شبوة. وكانت مصادر متطابقة قد أكدت أن ميليشيا الحوثي، نقلت مقاتلين من تنظيم القاعدة إلى محافظة شبوة، عقب اتفاق مشترك بين الحوثيين وقيادات التنظيم الإرهابي في محافظة البيضاء.
وفي الربع الأخير من ٢٠٢١، أعلن تنظيم القاعدة عبر قناته الرسمية عن هجمات ضد الحوثيين في البيضاء، وكان ذلك مستغربًا بالنظر إلى الانحسار في تبني هجمات العام الماضي بحسب رصد الخبيرة في شؤون اليمن الدكتورة إليزابيث كيندال من جامعة أكسفورد.
بينما أوحى زعيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي وفي ”لقاء خاص“ نشرته الملاحم الذراع الإعلامية للتنظيم في نوفمبر الماضي، بأن التنظيم انحاز عن قتال الحوثيين في مأرب لما قال إنه ”طعنة في الظهر“ تلقاها التنظيم.
لكن مصادر مكافحة الإرهاب في اليمن تقول إن باطرفي والقيادي في التنظيم إبراهيم القوصي “خبيب السوداني” يسكنان في المنطقة الممتدة من وادي شبوة إلى مأرب؛ بل إن كثيرين شاهدوا السوداني في مسجد معروف في المنطقة.
وبحسب زعيم قبلي من البيضاء يفضل عدم ذكر اسمه، يتسلل عناصر القاعدة إلى منطقة ما بأوامر من الحوثيين ويبدأون القتال. لكن القبائل السنية في تلك المنطقة يدركون أنهم قاعدة ”فيتجنبونهم“ ولا يختلطون بهم الأمر الذي يشتت قواهم: فهم مشغولون بقتال الحوثيين من ناحية ويتجنبون مناطق القاعدة من ناحية أخرى. الأمر الآخر الذي يخدم به القاعدةُ الحوثيين هو أن وجودهم يعطي دائماً مسوغاً على الأقل معنوياً وللتاريخ بأنهم يقاتلون الإرهابيين.
ومن جهة أخرى، دخل لواء العمالقة الحضرمي مدينة عتق مركز محافظة شبوة في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي. وخلال ساعات أطلق الحوثيون صواريخ مستهدفين مطار عتق الدولي. الجنوبيون على وسائل التواصل الاجتماعي أشاروا إلى أن الحوثيين طوال الفترة الماضية لم يضطروا إلى إجراء عسكري كهذا نظراً للترهل العسكري في المحافظة وانتشار أعوان الحوثيين من القاعدة فيها.
ولا تنتهي القصة هنا.. مع تحرك الحضرميين تجاه شبوة، تناقل ضباط يمنيون معلومات استخباراتية ”على الخاص“ تشير إلى أن أوامر بالتحرك وصلت إلى خلايا القاعدة النائمة في عدن وأبين – حيث سعد العولقي على ما يبدو – وأنهم يتوقعون هجمات هناك للالتفاف على المد الحضرمي.
وبالنظر إلى كل ما تقدم، يتضح أن دور القاعدة في اليمن تحوّل إلى دور ”الطابور الخامس“، حيث يؤكد التنظيم أنه ضد الحوثيين علنًا، بينما في السر، يسدد ضرباته في ظهر التحالف.
فما هو الطابور الخامس؟
يُطلق مصطلح الطابور الخامس على مجموعة من الناس تعمل غالبًا على محاولة محاصرة المدينة من الداخل، ويكون ذلك إما في صالح جماعة العدو.. أو لصالح جماعة معارضة لنظام الحكم في دولة ما.
وتتنوع أنشطة الطابور الخامس ما بين علنيةً أو سريةً.. وفي بعض الأحيان تقوم هذه المجموعة بمحاولة حشد الناس علنًا لمساعدة هجوم خارجي على البلاد.
ويمكن لهذه الأنشطة السرية أن تشمل أعمال تخريب وتضليل وتجسس يُنفذها مؤيدو القوة الخارجية ضمن خطوط الدفاع في بلدهم أثناء الحروب.
متى ظهر؟
أما عن بداية ظهور مصطلح الطابور الخامس، فقد كان ذلك في النصف الأول من القرن العشرين، فما معناه؟ وكيف استخدم في تحريك الأحداث داخل الدول وأثناء الحروب؟ وما المقصود بهذا الوصف بالتحديد؟.
ظهر مفهوم الطابور الخامس مثل معظم المصطلحات السياسية والعسكرية قبل أن تظهر التسمية الفعلية له، فأثناء الحرب العالمية الأولى، لم يكن المصطلح موجودًا، ولكن كان هذا الأسلوب في التجسس منتشرًا لدرجة أن وزير الحرب الفرنسي آنذاك قال وهو يتحدث إلى جنوده: ”اصمتوا واحذروا! فإن آذان العدو تستمع إلينا“.. في إشارة إلى انتشار جواسيس القوات المعادية داخل خطوط الدفاع الفرنسية.
الحرب الأهلية الإسبانية سبب انتشار مصطلح الطابور الخامس
أما التسمية وظهور مصطلح الطابور الخامس.. فقد حدث ذلك خلال الحرب الأهلية الإسبانية التي دارت بين عامي 1936 و1939.
واندلعت الحرب الأهلية الإسبانية بعد أن أدت انتخابات فبراير عام 1936 إلى انتصار الجبهة الشعبية اليسارية على الجبهة القومية اليمينية. وخشي اليمين الإسباني حينها من أن تؤدي نتيجة الانتخابات إلى اندلاع ثورة اشتراكية في البلاد على غرار ما حدث في الاتحاد السوفييتي.
أما اليسار الإسباني، فقد سيطرت عليه المخاوف من أن يقوم اليمين بانقلاب على الحكم وينشيء نظامًا فاشيًا على غرار ما حدث في ألمانيا وإيطاليا في تلك الفترة أيضًا.
وكان الجناح اليميني الإسباني يضم المتزمتين والقوميين البورجوازيين الذين يكرهون الأفكار الاشتراكية ويخشون ثورة الشعب.. وما كانوا يثقون في الانتخابات النيابية ولا بقدرة البرلمان على حماية البلاد وحفظ النظام.
وبعدما اندلعت الحرب بين الطرفين.. حشدت الجبهة القومية اليمينية قوة عسكرية لاقتحام العاصمة مدريد، وكانت هذه القوة بقيادة الجنرال إميلو مولا“. وفي إحدى تصريحاته، أراد الجنرال مولا أن يُرعب الجمهوريين داخل مدريد، ويُشجِّع جيشه المكون من أربعة طوابير.
فقال إنه سوف يحاصر مدريد من 4 جهات، مضيفًا أن هناك ”طابور خامس“ يتكوّن من المتعاطفين معه الذين يتواجدون داخل المدينة.
الطابور الخامس كان عنصر الحسم في الحرب الأهلية الإسبانية
ومن أجل بث الرعب في صفوف من يسمعه من الجناح الجمهوري، قال الجنرال مولا أن عناصر الطابور الخامس مدججون بالسلاح.. ويعملون سرًا لصالح قواته، وينتظرون وصول طلائع الجيش المكونة من 4 طوابير لبداية الهجوم على الجمهوريين.
أثار قول مولا موجة من الشكوك في صفوف الجمهوريين، وفتح الباب أمام تبادل الإتهامات في صفوفهم، حتى وصل الأمر إلى حد القتل والاغتيالات بسبب الشكوك.. وأصبحت جميع العناصر في الجناح الجمهوري محل اتهام، ما تسبب في انقسام حاد في صفوفهم أثناء الحرب.
وفي النهاية كان للجنرال مولا ما أراد، واهتزت صفوف الجمهوريين ليخسروا المعركة، ودخلت طوابير القوميين الأربعة بقيادته إلى العاصمة مدريد منتصرة.
ومنذ ذلك الحين، انتشر مصطلح ”الطابور الخامس“ على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وتم استخدامه في الصحافة للدلالة على ”الجواسيس والعملاء“ الذين يعملون في أي بلد لصالح العدو أثناء الحروب.