معسكرات تدريب مشتركة للحوثيين والقاعدة
لا يزال خبر تكريم جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن للقيادي في القاعدة عارف مجلي ومنحه درع “وسام القبيلة العربية” في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي 2021، كما تعيينه وكيلًا لمحافظة صنعاء، يلقى صداه على الصعيد السياسي والإعلامي في اليمن.
فهذا الفعل لا يصب إلا في خانة المصادقة على المعلومات الاستخباراتية والحقائق التي تشير إلى تخادم وثيق ومستمر بين القاعدة والحوثيين، والذي كان قد كشفه تقرير أمني سري صادر عن جهازي الأمن القومي و الجهاز المركزي للأمن السياسي اليمني في آذار/ مارس من العام الماضي 2021.
التقرير أورد في طياته العديد من الشواهد والأدلة التي جمعها الجيش الوطني اليمني في الميادين والتي تثبت بالأدلة القطعية وجود هذا التنسيق الذي يسفر عن سفك الدماء واستمرار رحى الحرب في البلاد.
كما أورد معلومات عن صفقة الإفراج عن أفراد وقيادي القاعدة في سجون العاصمة صنعاء حيث يسيطر الانقلابيون الحوثيون، وهي الصفقة التي اعتبرها محللون سياسيون يمنيون ومطلعون بالشأن اليمني صفقة مفصلية في هذا التعاون الحوثي القاعدي، خصصت له تحليلات ودراسات بارزة.
تتوالى كذلك المعلومات الصحفية من مصادر مطلعة بشأن معسكرات تدريب مشتركة لجماعة الحوثي والقاعدة في كل من العاصمة صنعاء ومحافظتي ذمار والبيضاء، وفق ما نقلت “وكالة خبر” اليمنية.
الجبري يستعرض بعض أوجه التعاون بين الحوثيين والقاعدة
حول موضوع التخادم والتنسيق بين الحوثيين والقاعدة، التقت أخبار الآن مدير المرصد الإعلامي اليمني رماح الجُبَري لإلقاء الضوء عن أهم الآثار المترتبة على هذا التعاون.
بدأ رماح الجُبَري استعراضه لآثار هذا التعاون بالحديث عن إرسال ميليشيا الحوثي لشخصيات وعناصر إرهابية من القاعدة إلى المحافظات المحررة بهدف تنفيذ عمليات انتحارية، كان من بينهم “هشام باوزير” المعروف باسم “طارق الحضرمي”، والذي تم القبض عليه في مدينة مأرب.
وأشار الجبري إلى أن “الحضرمي عاش لمدة ثلاث سنوات في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتنقل بين الفنادق والأحياء السكنية قبل أن يتم إيفاده إلى مأرب”، موضحًا أن “هذه المعلومات رصدتها أجهزة الاستخبارات أو عيون الاستخبارات التابعة للحكومة الشرعية في اليمن”.
وأضاف مدير المرصد الإعلامي اليمني أن التقرير ذكر كذلك، “الإرهابي عبد العزيز سالم الديني، الذي تم القبض عليه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 في مدينة مأرب، بعد أن جاء إليها، وأقر بتلقيه العلاج في عدة مستشفيات تابعة أو تحت سيطرة الميلشيا الحوثية”، قبل أن يتم تكليفه بمهام إجرامية في مأرب، وفق التقرير.
الجبري: مدن الحوثي محصّنة ضد هجمات القاعدة
لفت الجبري إلى وجود ما يشبه الاتفاق بين الميليشيا الحوثية وتنظيم القاعدة، تضمن فيه الأخيرة عدم تنفيذ عمليات انتحارية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. مبيّنًا أن، “ما يدلل على ذلك هو عدم وقوع أي عملية إرهابية للقاعدة في تلك المناطق”.
“هناك أوجه تنسيق جلّية للعيان، منها مثلًا صفقات تبادل الأسرى بين قيادات الميلشيا الحوثية والقاعدة. فالقاعدة أفرجت عن قيادات أو شخصيات حوثية كانت مختطفة لديها”، تابع الجبر قبل أن يستدرك قائلًا أن “التخادم والتنسيق بين هذه التنظيمات والجماعات مسمى في إطار عملية التحشيد. فهناك قيادات عسكرية أو قيادات كانت في صفوف القاعدة وتحولت إلى مشرفين في ميلشيا الحوثي”.
تحالف الدّم والاستثمار بالعنف
حول عمق هذا التعاون، قال الجبري إن “هذا التنسيق بدأ خلال السنوات الماضية، وتحديدًا خلال السنوات الخمس الماضية منذ اجتياح ميلشيا الحوثي العاصمة صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة بما فيها أجهزة استخبارات الأمن القومي والسياسي، إذ أفرجت الميلشيا الحوثية عن 252 عنصرًا من العناصر الإرهابية التي كانت محتجزة أو التي كانت في سجون الاستخبارات لأنها ارتكبت جرائم إرهابية”.
واستذكر أهم الشخصيات الإرهابية التي أفرج الحوثيون عنها في حينها، قائلًا، “لعلّ من أبرز هذه الشخصيات الإرهابية “جمال بدوي”، أحد العقول المدبرة لتفجير المدمرة الأمريكية “يو أس أس كول” في خليج عدن عام 2000″.
وتابع أنه وفق التقرير الأمني فإن، “من بين الشخصيات الإرهابية التي تم الإفراج عنها من قبل الميلشيا الحوثية، “ميّاد الحمادي”، أحد مدبري العملية الإرهابية في ميدان السبعين التي استهدفت الجنود وهم في تدريبات استعدادًا لاستعراض عسكري”، كان سيجري بمناسبة يوم عيد الوحدة اليمنية.
كما أفرج الحوثيون عن “سامي ديان”، أحد مدبر عمليات اغتيال القائد العسكري اللواء الركن “سالم علي قطن“، و”ماهر الرميم”، أحد أعضاء خلية محاولة اغتيال الرئيس اليمني “عبدربه منصور هادي”.
وثائق وأدلة استخباراتية وعلنية
أوضح الجبري أن جميع المعلومات التي ذكرها لنا أوردتها الحكومة اليمنية في تقرير مفصًل أرسلته في آذار/ مارس الماضي (2021) إلى مجلس الأمن الدولي، جاء بناءًا على تقرير استخباراتي لأجهزة الاستخبارات اليمنية، وتضمن وثائق تكشف عن وجود 55 شخصية وعنصرًا إرهابيًا يعيشون بسلام في مناطق سيطرة الحوثيين.
كذلك لفت إلى أن هناك عناصر وقيادات كانت في تنظيم القاعدة وأصبحت قيادات حوثية، منها على سبيل المثال عارف مجلي، مسؤول خلية أرحب الإرهابية التابعة للقاعدة، وهو تحوّل إلى مشرف وقيادي حوثي، “فقبل أيام تابعنا تسليم المليشيا الحوثية له درع باسم “وسام القبيلة العربية”، وهو الشخصية الإرهابية الذي فرّ من سجون الأمن السياسي في محافظة البيضاء”.
الحوثيون وداعش.. القاعدة ليست استثناءًا
شدد الجبري على أنها ليست المرة الأولى التي ينسق فيها الحوثيون مع تنظيمات إرهابية، “فقد كان هناك تنسيق وتخادم مشترك بين الميليشيا الحوثية والمسلحين التابعين لداعش. كان هناك تنسيق وعمليات متبادلة في قيفة، إذ كان الحوثيون يسهلون مرور المواد الغذائية وأيضًا امدادات الأسلحة لعناصر داعش أثناء المعارك في البيضاء“.
وأضاف مدير المرصد الإعلامي اليمني، “كان الجيش الوطني ينفذ عمليات عسكرية لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة وداعش في البيضاء، بينما كانت المدفعية الحوثية تساند المسلحين التابعين لعناصر داعش في مديرية القريشية بمحافظة البيضاء”.
الجبري: تعاون الإرهاب للحرص على عدم وجود دولة
حول السبب الذي يدفع الحوثيين للتحالف مع القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية، فسّر رماح الجبري ذلك بأن “التنظيمات الإرهابية تجد في استمرار الحرب أو الفوضى المناخ الملائم لاستمرار أنشطتها الإرهابية|.
وختم بالقول، “ففي اليمن، تنظيمات الإرهاب داعش والقاعدة وأنصار الشريعة والحوثي، هذه التنظيمات تجد أن في استمرار الحرب المناخ الملائم لاستمرار عملياتها لتتمكّن على الأرض. تشترك هذه التنظيمات في هدف واحد تسعى إليه جميعها، وهو إضعاف النظام والحرص على عدم وجود دولة”.