للمرّة الأولى منذ عودتها إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس الماضي، يقوم وفد من طالبان برئاسة وزير خارجية حكومتها أمير خان متقي، بزيارة إلى أوروبا، في إطار إجراء محادثات سعياً لاعتراف دولي بالحكّام الجدد.
- بطالبان تسعى إلى اعتراف دولي يمكنّها من تثبيت شرعيتها واستعادة الأموال المجمّدة
- تحديات وصعوبات كثيرة أمام طالبان فيما المجتمع الدولي يطالب الحكّام الجدد بجملة شروط
- المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد يكشف لـ”أخبار الآن” تفاصيل المحادثات في النرويج
- مجاهد: نعمل على حل مسألة تعليم الفتيات لكن لا موعداً محدداً لعودتهن إلى المدارس والجامعات
- مجاهد: تواجد داعش في أفغانستان ليس كحجم تواجده بسوريا والعراق وأمن مطار كابول محكم
تلك المحادثات لا تعني الإعتراف بـ طالبان دولياً حتى الآن، إذ تقف حكومتها أمام تحدّيات كثيرة، خصوصاً أنّ المجتمع الدولي يضع جملة من الشروط، تدخل في صلبها حقوقُ المرأة، تعليمُ الفتيات، إشراكُ الإثنيات والأقليات في الحكم، محاربةُ التنظيمات الإرهابية في أفغانستان لا سيّما داعش، وغيرُ ذلك. ووسط كل تلك المجريات، يبحث المجتمع الدولي عن ضمانة تلزم طالبان بوعودها. إذاً المجتمع الدولي يتحدث اليوم مَعَ سلطات الأمر الواقع في أفغانستان، وفق ما يقول وزير الخارجية النرويجي، تلافياً لأن يقود الوضع السياسي أفغانستان، إلى كارثة إنسانية أسوأ.
فماذا عن الجوع في أفغانستان؟ متى تعود الفتيات إلى المدارس والجامعات؟ هل تمكنت طالبان من إرساء الأمن؟ ماذا لو واجهت طالبان هجوماً مشابهاً لهجوم داعش في الحسكة السورية، كيف يمكن أن تتعامل مع الأمر؟ ما أهم النقاط التي يطالب بها المجتمع الدولي للإعتراف بطالبان؟
يقول ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان ونائب وزير الإعلام في حكومتها، إنّ “طالبان تحاول تلبية كلّ احتياجات الشعب الأفغاني من أجل حياة كريمة”، مشيراً إلى أنّه بالإضافة إلى العمل على إرساء الأمن في أفغانستان، تواصل طالبان العمل لتحسين الوضع الإقتصادي للشعب الأفغاني.
وأضاف في لقاء خاص مع “أخبار الآن“: “الفقر في أفغانستان ليس قضية حديثة، بل إنّه متفاقم بسبب الحرب في أفغانستان. وحربٌ من 40 إلى 45 سنة من الحرب، دمّرت كلّ بنيتنا التحتية واقتصادنا. لذلك شعبنا يعاني من مشاكل إقتصادية، ونحن نعمل ونحاول إيجاد وظائف لشعب أفغانستان، من أجل ازدهار التجارة وتحسين الإقتصاد”. وتابع: “كل الدخل القومي أو كلّ عائدات الضرائب الجمركية، يجب أن توضع كلّها في خزانة الدولة بأمانة، وبعد ذلك يجب إنفاقها على احتياجات الناس، ومن هنا، فمن الضروري الدخول في الدورة الإقتصادية وإرساء اقتصاد أفضل للبلاد في المستقبل”.
واعتبر أنّ “سبب كلّ تلك المشاكل الإقتصادية هو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية فرضت عقوبات على أفغانستان وجمّدت أموال الشعب الأفغاني”، لافتاً إلى أنّ “هناك عقوبات في المصارف الأفغانية ولا يمكن تحويل الأموال إلى أفغانستان”. وتابع: “نحاول حلّ مثل تلك المشاكل لتحسين الوضع الإقتصادي للشعب، لكن أيضاً يمكن القول إنّ الوضع الإقتصادي الحالي في أفغانستان ليس بسبب الأحداث الأخيرة، ففي السنوات الـ20 الماضية كان الوضع الإقتصادي سيئاً أيضاً بسبب الحرب والبؤس المستمر منذ عقود”.
لا مشكلة مع تعليم الفتيات لكن لا موعد محدد لعودتهن للمدارس والجامعات
وردّاً على سؤال بشأن تعلّم الفتيات الذي تحوّل إلى مشكلة في أفغانستان، قال: “ليس هناك أيّ مشكلة. الآن، من 65 إلى 70 % من فتياتنا يذهبن إلى المدرسة وإلى الجامعات، باستثناء بعض المناطق المزدحمة بسبب كثرة السكان، وفي تلك الحالة نحاول الخروج بإجراءات وقوانين جديدة، وبالتالي مع تلك الإجراءات الجديدة، يمكن للفتيات الذهاب إلى المدرسة لبدء تعليمهن بأمان كامل، ذهنياً وجسدياً… فنحن نعمل وقريباً سيتمّ حلّ تلك المشكلة”.
وعمّا إذا كان بإمكانه تحديد موعد لعودتهن إلى التعليم، قال: “لا أستطيع إعطاء موعد محدد، لكن نحاول حلّ ذلك في العام المقبل بالدرجة الأولى. الأمر الثاني، فقد تمّ حل ما نسبته 70 % من تلك المسألة الآن، وهناك 30 % فقط من المشاكل ترتبط جزئياً بالجوانب الإقتصادية، فالمشكلة الإقتصادية مقلقة أيضاً، ونحن نحاول تبديد تلك المخاوف أيضاً”.
في تصريح له قال إنّ الأمن على مستوى الدولة لم يتم تأسيسه بعد، وثمّة وثمّة قوات معادية التي قد تكون لها مخططات شائنة، فمن هي القوات المعادية؟ في ذلك السياق ردّ ذبيح الله: “أوّلاً ليس هناك من مقاومة في أفغانستان، وقد انتهت الحرب. في بعض الأحيان تحدث أمور ما، وذلك أيضاً لأنّ المدنيين يعمدون إلى إثارة المشكلات أحياناً، أو أنّ هناك تحركاً من قبل بعض الجماعات غير الفعّالة”. وأضاف: “داعش مجرّد مجموعة، غادر بعض عناصرها، ومخابراتنا تبحث عمّن تبقى لاعتقالهم ومعاقبتهم. بخلاف ذلك لا توجد مقاومة ولا حرب ضدنا، ومهما كانت فقد انتهت الآن، أفغانستان اليوم تعيش بسلام”.
وعن التهديد الذي يواجه إدارة طالبان، قال: “إنْ شاء الله لا نواجه أيّ تهديدات لحكومة أفغانستان، باستثناء المشاكل الإقتصادية التي نتجت عن عقود من الحرب، وأيضاً بسبب أزمة وباء كوفيد الذي أثّر على العالم بأسره، لكنّه أثّر على أفغانستان بشكل أكبر.
ثانياً، كانت هناك 40 عاماً من الحرب في أفغانستان، وبالتالي تأثرت كلّ البنية التحتية الإقتصادية لأفغانستان. وثالثاً، أيضاً بسبب العقوبات الأمريكية على مصارفنا ومواردنا الإقتصادية، خصوصاً الآن بعدما جمّدت أصولنا بواسطتها… كل ذلك له آثاره، لكن هناك أمل في أن يتمّ حلّ تلك القضايا قريباً. ليست لدينا مشاكل أو تهديدات أخرى، عدا عن قضايا إقتصادية نحاول التغلّب عليها”.
هال تخشى طالبان هجوماً مشابهاً لهجوم الحسكة؟
وعمّا إذا كان لدى طالبان أيّ قلق من هجوم كبير لداعش على هدف استراتيجي مثل مطار كابول، ردّ بالقول: “ليس لدينا أي قلق في ذلك الصدد، فلا أحد يستطيع الإقتراب من المطار… المطار آمن وأمنه محكم للغاية. بالطبع في الأيّام الأولى لحكومتنا، عندما كانت الولايات المتحدة متواجدة في أفغانستان، حصل هجوم على المطار، حينها لم يكن أمن المطار بأيدينا، ولم يكن تحت سيطرتنا، لكن منذ أن توليّنا المسؤولية، لم يحدث أيّ انفجار أو شيء من ذلك القبيل. لقد تمّ تأمين المطار بجدية بالغة من قبل قواتنا، ولا يمكن لأحد الإقتراب منه لتنفيذ تفجير”.
وعمّا إذا كانت طالبان تخشى أن تواجه أفغانستان هجوماً مماثلاً لما حدث في مدينة الحسكة السورية مؤخراً، أكّد ذبيح الله أنّ “لا وجود لتنظيم داعش في أفغانستان كما هو الحال في العراق وسوريا، حيث تمّ تركيز تواجده هناك ولديه عدد أكبر من المناصرين، كما أنّ مصادره المالية مضمونة هناك.
ذبيح الله: طالبان تراقب تقدّم تنظيم داعش ولا نتسامح معهم، كما أنّ قسم الإستخبارات لدينا يراقب عن كثب أنشطتهم
في أفغانستان ليس الأمر كذلك، فالناس في أفغانستان ضدّ أيديولوجية داعش، وليس للتنظيم فرصة للتواجد هنا، وكذلك لأنّ الأفغان لا يتفقون مع أيديولوجية داعش، فهو لن ينجح. بذلك المعنى، فنحن لا نرى أيّ خطر من مثل تلك المجموعة، وهنا، لا قوّة لداعش وإنْ شاء الله نستطيع تدميرهم. لكن إلى الآن، ليس لدينا داعش في أفغانستان حتّى بنسبة 1 في المئة”.
ينفي المتحدث باسم طالبان وجود تنظيم داعش، لكن السؤال يبقى مشروعاً، فما نوع المساعدة الدولية التي تحتاجها حكومة طالبان لحماية أفغانستان من خطر التنظيم؟ في ذلك الصدد، أجاب ذبيح الله: “لا، نحن نراقب تقدّم داعش ولا نتسامح معهم. أيضاً قسم الإستخبارات لدينا يراقب عن كثب أنشطتهم، لكن التنظيم لا يسيطر على أيّ منطقة، ولا عنواناً محدّداً له في أفغانستان، ولا يشكّل قوّة.. بل هم ينفذون بعض التفجيرات بين عامة الناس، وهي أيضاً غير فعّالة ونادرة. باستثناء ذلك، توقّف تقدم داعش في أفغانستان ولم يعد التنظيم قادراً على الهجوم والعمل في أفغانستان”.
محاربة تنظيم يحتاج إلى تعاون غستخباراتي دولي، هنا قال ذبيح الله لـ”أخبار الآن“: “داعش ليس جماعة قوية نطلب المساعدة من أجلها أو نطلب المساعدة من دول أخرى لهزيمتها، فالشعب الأفغاني نفسه، كما قلت، يعارض أفكار داعش ويعارض أفعاله. وبالتالي، لا نحتاج إلى مساعدة أحد لمنع تقدم داعش، فشعبنا لديه القدرة على إدارة الأمور ووقف داعش”.
وعمّا يمكن أن تقدّمه الدول العربية في إطار دعم جهود مكافحة الإرهاب، قال: “الدول العربية هي بلادنا الشقيقة، ونأمل أن يساعدوا أبناء أفغانستان من أجل تحسين حياتهم ووضعهم الإقتصادي والمساعدة في رفع العقوبات. ونحن نؤكّد لكل الدول خصوصاً الدول العربية، أنّ داعش ليس تهديداً كبيراً هنا، لدينا خطط لهزيمته. يجب أن يساعدوا شعب أفغانستان، وكذلك الحكومة الأفغانية في ما يتعلق بالإعتراف بالإمارة الإسلامية، وتحسين الشؤون الإقتصادية والأعمال”.
هل انتهت الحرب في أفغانستان؟
في ذلك السياق، يقول ذبيح الله مجاهد لـ”أخبار الآن“: نعم لقد انتهت الحرب ومرّت 6 أشهر، ولم نشهد أيّ حرب في أفغانستان، حيث لا يوجد أيّ نوع من الجبهة ضدّنا، ولا توجد مقاومة ضدّنا. كل شيء انتهى. تلك هي المرّة الأولى في الـ 40 سنة الماضية التي تنتهي فيها الحرب ولا توجد حرب في أفغانستان. حتى في بانجشير هناك أمن، الناس هناك يتعاونون معنا، وأولئك الذين أرادوا القتال والحرب، غادروا أفغانستان”.
لكن ماذا عن التفجيرات والإعتداءات السرية الني يقتل فيها مواطنون أفغان أبرياء؟ هنا لم ينفِ ذبيح الله الأمر قائلاً: “نعم أؤكّد حصول أمور من ذلك القبيل، لكن كما قلت، فإنّ داعش أحياناً يتمكن من الدخول بين صفوف بين المدنيين، في المساجد، في المستشفيات، ويقوم ببعض التفجيرات… وتلك حالات نادرة أيضاً، ربّما مرّة واحدة في الشهر”. وأشار إلى أنّ الأسلحة منتشرة في أفغانستان بين الناس، وعلى نطاق واسع. لقد انتصرنا للتو في الحرب وسيكون ذلك الوضع تحت السيطرة قريباً جدّاً”.
وتابع: “بشكل عام، ليست لدينا مشكلة كبيرة من جانب داعش الذي تمّ صدّه، ودائرة استخباراتنا تراقبهم. نشهد ذلك النوع من الأحداث في بلدان أخرى أيضاً، فعلى سبيل المثال، تحصل أحياناً انفجارات في باكستان، وفي دول أخرى، لكن ذلك لا يعني أنّ لديهم قوّة في أفغانستان، أو أنّ لديهم جبهة هنا، فنحن نمنعهم من التوسّع”.
متى يظهر زعيم طالبان هبة الله أخوند زاده إلى العلن؟
“أخبار الآن” سألت المتحدّث باسم طالبان عن موعد ظهور زعيمها هبة الله أخوند زاده، فردّ بالقول: “إنْ شاء الله سيكشف عن نفسه للعالم أجمع في الوقت المناسب. أميرنا مشغول بعمله، فهو يلتقي مع الشعب الأفغاني بشكل يومي، وسافر مؤخراً إلى ولاية هرات، وإقليم هلمند، وإقليم فرح، وإقليم قندهار، وإلى مقاطعات أخرى أيضاً، حيث التقى بالأهالي. وفي الوقت المناسب، سيظهر على الملأ”.
وعمّا إذا كان ظهوره مرتبط بالإستقرار الأمني، قال: “مساحة أفغانستان تحت سيطرتنا إلى حدّ ما، لكن ليست لدينا معدّات كافية للتحكم بكلّ شيء. ليس لدينا نظام دفاع جوي لحماية فضائنا بشكل صحيح، وهناك مخاوف أخرى في ذلك الصدد. نحاول الحصول على تلك المعدّات من أجل السيطرة على مساحتنا وحمايتها. ومع ذلك، وإلى أن نكون متأكدين من ضبط الأمن، فمن الضروري حماية قادتنا، ووجود القادة مهم حقاً للنظام، ومن ثمّ فإنّ الإجراءات الضرورية تقتضي منعهم من الكشف عن أنفسهم حتى ذلك الحين”.
ذبيح الله: الأمر المهم أنّ المجتمع الدولي بات جاهزاً للحديث والأخذ والرد ونحن جادون في حماية حقوق المواطنين
وعن محادثات النرويج، اعتبر ذبيح الله أنّ “الأمر المهم الذي تحقّق هو أنّ العالم بات جاهزاً للحديث والأسئلة والأجوبة. يسافر ممثلونا أيضاً إلى دول أخرى في العالم وإلى دول مختلفة، لإقناع العالم باتخاذ خطوات للإعتراف بنا، وإقناع الدول التي أساءت فهمنا ولديها شكوك حول شمولية الحكومة، وحقوق المواطنين، خصوصاً حقّ المرأة في التعليم.
يجب التخلّص من سوء الفهم ذلك، لأنّنا جادون في حماية حقوق المواطنين، وسنحل تلك الأمور. إنّ شعب أفغانستان بحاجة إلى المساعدة، وعليهم أن يشاركونا مخاوفهم من خلال الديبلوماسية. ونحن على استعداد للتعامل معهم من خلال الديبلوماسية والتوصّل إلى تفاهم معهم”.
ماذا يريد المجتمع الدولي؟
“يقولون إنّ الحكومة الأفغانية يجب أن تكون حكومة شاملة، حكومتنا شاملة بالفعل”، يقول ذبيح الله مضيفاً: “كلّ المجموعات العرقية لها ممثلون في حكومتنا، الطاجيك والبشتون والهزار والتركمان والأوزبك، كلّ المجموعات العرقية لها وجود في مجلس الوزراء، هذا أوّلاً. ثانياً، يقولون إنّه يجب احترام حقوق الإنسان، ونحن جادون في ذلك، فأيّ حق منحه الإسلام للإنسان، نحن نحترمه، وعلى ذلك النحو، لديهم مخاوف بشأن حقوق المرأة، ومدارس الفتيات، وقلت إنّ تلك القضايا سيتمّ حلّها في المستقبل. لدينا مشاكل إقتصادية كثيرة، ونحاول خلق فضاء إسلامي للتعليم. إنّ القيام بذلك، بالطبع، سيستغرق بعض الوقت، ولذلك، يجب أن نتحلّى ببعض المرونة”.
وأردف: “تلك الحقوق هي حقوق شعب أفغانستان، تلك ليست حقوق دول العالم الأخرى، عندما يتم الاعتراف بدول أخرى، يتمّ الإعتراف بسيادتها. هناك سيادة، والأمن ساد، ونحن نسيطر على كلّ أنحاء البلاد، لذلك من حقنا أن تقبلنا الحكومات الأخرى، وتعترف بحكومتنا وتساعد حكومتنا”.
امتعاض روسي وصيني من طالبانّ!؟
على صعيد آخر، تفيد معلومات بأنّ الصين غير راضية عن رفض طالبان العمل ضدّ الحركة الإسلامية في أوزبكستان وتنظيم داعش، ما يصّعب على شركاتها العمل على استخراج المعادن، وكذلك ثمّة امتعاض روسي مماثل، فعلّق ذبيح الله: “أوّلاً، أودّ أن أقول إنّنا لا نسمح لأيّ شخص أن يهدد أيّ دولة أخرى من أراضي أفغانستان. الصين، روسيا، الدول المجاورة لنا، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان، إيران، كل تلك الدول دول مجاورة لنا، ونؤكّد لكل الدول أنّه من الأراضي الأفغانية، لن يواجههم أيّ تهديد”، مشيراً إلى أنّ “تنظيم داعش ليس قوياً بما يكفي في أفغانستان لإثارة المشاكل هنا، أو تعريضها للخطر من الأراضي الأفغانية”. وقال: “لقد قدّمنا ذلك التأكيد لكلّ من الصين وروسيا”. وكرر أنّ “أراضي أفغانستان ليست للإستخدام ضدّ دول أخرى، وإذا كان هناك أيّ تهديد، فسنعلم به”.
وعمّا إذا كانت طالبان قد تغيّرت فعلياً، ردّ بالقول: “الأمر الحقيقي هو أنّ الإمارة الإسلامية قد تحسّنت بشكل ملحوظ، واكتسبت السلطة والخبرة، وتعلّمت التسامح… نعم، لقد حدث ذلك التغيير، لكن ذلك لا يعني أنّنا قد غيّرنا معتقداتنا، أو إيديولوجيتنا أو عقليتنا. على أيّ حال، أفغانستان وطننا وقد وعدنا بإعادة بنائها، فأخرجناها أوّلاً من حالة انعدام الأمن، والآن أخرجناها أيضاً من الحرب، ونحاول إنشاء حكومة مسؤولة تكون لصالح الشعب الأفغاني، وتضمن الإتصال والتواصل والتفاعل السياسي والمشاركة الديبلوماسية مع العالم، لذلك فإنّ جهودنا مستمرّة ونحن نعمل على ذلك”.
هل تدعو طالبان الأفغان الذين غادروا إلى العودة للمشاركة ببناء الدولة؟
ردّاً على ذلك السؤال قال ذبيح الله لـ”أخبار الآن“: “بالطبع هناك بعض المشاكل والخلافات، ولدى البعض مشكلة مع الطريقة التي تُدار من خلالها الأمور، لكنّنا بشكل عام وعدنا كلّ الناس ونريدهم أن يعودوا إلى منازلهم. إنّ أفغانستان منزل الجميع وعلينا جميعاً العمل معاً لبنائها. إنّ شعبنا عانى كثيراً، فقد ظل تحت وطأة الحرب لسنوات، لذا فنحن بحاجة إلى مساعدة الجميع. يجب على الجميع التعاون معنا حتى نتمكن من الوقوف على أقدامنا”. ولفت إلى أنّه “في الحكومة التي أنشأتها طالبان 80 % من المتعلمين والأساتذة والمهنيين. وعلى الرغم من ذلك، فإنّنا ندعو أولئك الذين غادروا أفغانستان إلى العودة، هناك أمن، وثمّة فرصة لهم. عليهم أن يعودوا للعمل مع بلدهم، ونحن لسنا سعداء لأنّهم غادروا أفغانستان”.
الخلاف بين الأوزبك والبشتون
وعن الخلاف الذي حصل مؤخّراً في منطقة فارياب، بين الأوزبك والبشتون داخل طالبان نفسها، قال ذبيح الله: “لا يوجد خلاف بيننا، ففي حكومتنا، وحتّى في قيادتنا، هناك أوزبك”. وأوضح: “في مقاطعة فارياب كانت هناك مشكلة، ثمّة شخص تم اعتقاله وهو كان قيد التحقيق لارتكابه جريمة، وقد ساد الحزن جرّاء احتجازه… يمكن للناس الإحتجاج على أيّ شيء، وطالبان تمنح الناس الحق في الإحتجاج، لكن ذلك لا يعني الخلاف ولا يعني انتهاك حقوق شخص ما. وهذا الشخص مازال في السجن وهناك تحقيقات جارية. لم يكن ذلك الإشكال لأسباب عرقية، بل لأمن ومصلحة الوطن كله. في أفغانستان تسود أجواء أخوية بين الجماعات العرقية، والإمارة الإسلامية تحترم كل المجموعات العرقية”.
حليفة طالبان تضطهد الإيغور والأخيرة تلتزم الصمت
وعن اضطهاد الصين لأقلية الإيغور، قال ذبيح الله لـ”أخبار الآن“: “النقطة الأساسية هي أنّ تلك القضايا المتعلّقة بالصين نعتبرها شؤوناً داخلية للصين. بالطبع في ما يتعلق بحقوق المسلمين التي تمّ انتهاكها هناك، نطلب من الصين أن يعيدوا للمسلمين حقوقهم. لكنّ بكين أخبرتنا مرّات عديدة في اتصالاتنا أنّها تمنح الإيغور حقوقهم، وقد بنوا لهم مساجد ووفّروا لهم العديد من التسهيلات. نحن نقول مرّة أخرى إنّ تلك قضية داخلية في الصين. لقد انتهينا للتو من الحرب، ونحن نحاول تحسين وضعنا الداخلي لتحسين أحوال شعبنا، وإنّنا نركّز على تحسين الإقتصاد والوضع في أفغانستان، ولا علاقة لنا بالشؤون الداخلية للدول الأخرى”.