بوجود حماس.. هذا هو مصير عائلات فقراء غزة
- وافق الجانب الإسرائيلي على لم شمل 6000 فلسطيني بالضفة الغربية، و3500 فلسطيني بقطاع غزة.
- يقطن في غزة ما يقارب الـ 10 ألاف مواطن لا يمتلكون هويةً فلسطينية.
وافقت السلطات الإسرائيلية لأول مرة على إصدار بطاقة لم شمل لـ 10 آلاف شخص في قطاع غزة والضفة الغربية، وكان هذا الملف عالق منذ أكثر من 26 عاماً.
وبدأت وزارة الشؤون المدنية، منذ مطلع العام الجاري، إصدار دفعات باسم العائلات التي حصلت على لم شمل، كان آخرها في 24 كانون الثاني/ يناير، ضم حوالي 500 اسم.
تلك الموافقات صدرت بعد اجتماع بين الرئيس محمود عباس ووزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس في 28 كانون الأول/ ديسمبر، إذ وافق الجانب الإسرائيلي على لم شمل 6000 فلسطيني بالضفة الغربية، و3500 فلسطيني بقطاع غزة.
على الرغم من هجوم حماس على السلطة الفلسطينية بسبب ذلك الاجتماع، إلا أنها تجني ثمار ذلك الاجتماع عبر تحصيل رسوم معاملات لم شمل المواطنين في قطاع غزة، في الوقت الذي قرر مجلس الوزراء في جلسته رقم (143)، التي عقدت في 17 كانون الثاني/ يناير، التنسيب للرئيس عباس بإعفاء مواطني قطاع غزة الحاصلين على موافقات لم الشمل، من دفع رسوم المعاملات الخاصة بها، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع.
رسوم معاملة استخراج هوية “لم الشمل” تصل قيمتها لما يقارب 130 دولار
يُشار إلى أن رسوم معاملة استخراج هوية “لم الشمل” تصل قيمتها لما يقارب 130 دولار، ولم يتمكن عشرات المواطنين من التوجه إلى وزارة الداخلية لبدء إجراءات تلك المعاملة بسبب الرسوم، إذ يعتاش أغلب هؤلاء المواطنين على مخصصات الشؤون الاجتماعية، ولا يوجد لديهم دخل يمكنهم من دفع تلك الرسوم الباهظة بالنسبة لهم، رغم أنهم ينتظرون الحصول على لم الشمل منذ سنوات.
وأكد أحد المواطنين الذي حصل على “لم شمل” ورفض الكشف عن اسمه لـ”أخبار الآن” أن حماس ترفض إعفائهم من دفع رسوم معاملة لم الشمل، وتحتج بأنها بحاجة إلى الأموال لتيسير أمور الحكومة المالية، كما أنها تحتج أنها تتبع إجراءات القانونية في جباية هذه الرسوم.
قال: “كنا نتوقع أن تعفينا حكومة حماس في غزة من الرسوم تلقائياً لا أن تفرض علينا، بينما الحكومة في رام الله قررت إعفاءنا منه”، وأكد أنه يخشى فقدان حقه في لم الشمل، إذا لم يستطع تدبر المبلغ المالي اللازم لاستخراج الهوية، كونهم مقيدين بفترةٍ زمنيةٍ محددة.
تصاريح الزيارة في غزة مقتصرة على الأقارب من الدرجة الأولى
وأكدت إيمان حمودة التي تحمل جواز أردني منتهي الصلاحية منذ ما يزيد عن 20 عاماً لـ”أخبار الآن” أنها دخلت فلسطين عام 1999 بتصريح زيارة عن طريق معبر “بيت حانون” وتزوجت من مواطن فلسطيني مقيم في غزة، ولم تقوَ على مغادرة القطاع بسبب انتهاء مدة تصريحها وجواز سفرها.
ودعت حمودة أهلها لزيارتها في غزة، إذ استشهد زوجها بعد 3 سنوات من إقامتها في القطاع، إلا أنهم لم يستطيعوا بسبب عدم امتلاكهم هوية فلسطينية، إذ كانت تصاريح الزيارة مقتصرة على الأقارب من الدرجة الأولى.
وتوفي والدا إيمان دون أن تتمكن من رؤيتهم، وسافر أحد أبنائها إلى الأردن مسقط رأسها في عام 2018، وتزوج وأنجب طفلاً، وهي عالقة في غزة.
يقطن في غزة ما يقارب الـ 10 ألاف مواطن لا يمتلكون هويةً فلسطينية، استخرجت حكومة حماس لهم ما يعرف بالهوية “الزرقاء” في عام 2008 كإثباتٍ تعريفيٍ لهم فقط في القطاع على نطاق المؤسسات الحكومية، شرحت إيمان أن تلك الهوية لم تضف لهم شيئاً ولم تحل أي شيء من معاناتهم، وقالت: “أفضل إظهار جواز سفري المنتهية صلاحيته على أن أظهر هذه الهوية التي لا تغني”.
وقالت: “استطعنا مع عددٍ من الزملاء تأسيس حراك “لم الشمل حقي” للمطالبة بحقوقهم في الحصول على هوية فلسطينية أسوة بباقي المواطنين”.
برقت عيناها من الفرح حين أتت لها رسالة على هاتفها المحمول، تفيد بأن عليها التوجه إلى الشؤون المدنية لاستلام ورقة لم الشمل، والبدء بإجراءات استخراج الهوية، لكي تتمكن من السفر ورؤية ابنها وأحفادها.
خذلتها عينها حين سقطت منها دمعات، قائلةً: “حلمي تهدَّم حين عرفت أثناء إجراءات تلك المعاملة بأنني مريضة ويجب أن أتعالج في مستشفيات الشق الثاني من الوطن”.
أبدت حمودة استغرابها من استمرار حكومة حماس في غزة بجباية رسوم إصدار “لم الشمل” في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع، في الوقت الذي أصدر فيه الرئيس عباس مرسوم الإعفاء .
وقالت: “أنا تمكنت من دفع تلك الرسوم، لكن مئات الفقراء لا يستطيعون ذلك، وقد يفقدون حقهم في استخراج الهوية”.
محلل سياسي: لا يوجد أي مبرر لإصرار حكومة حماس على تحصيل الرسوم رغم مرسوم الإعفاء
من ناحيته، قال المحلل السياسي ناجي شراب لـ”أخبار الآن”: “لا يوجد أي مبرر لإصرار حكومة حماس على تحصيل الرسوم، خاصةً وأن تلك الموافقات بفعل السلطة الفلسطينية عن طريق التنسيق”، وتابع: “لا دور لحماس بهذا الملف”.
وأكد أن حماس تريد من خلال تحصيل رسوم “لم الشمل” من المواطنين الحاصلين عليه، رغم إيعاز الحكومة في رام الله بالإعفاء، إيصال رسالة واحدة أنها لا تعترف بالسلطة الفلسطينية، وأنها هي صاحبة القرار في القطاع”.
وشرح أنه من غير المبرر أن يتلاشى حلم هؤلاء المواطنين بالحصول على الهوية الفلسطينية منذ سنوات، بسبب عدم قدرتهم المادية على تسديد تلك الرسوم، وتعنت حماس بعدم إعفاءهم.
وقال: “لا أعتقد أن هذا قرار سليم، بل سيكون له مردود سلبي على المواطن الفلسطيني”.