من سيكون الخليفة الجديد “المجهول” لـ داعش
- لن يكون مستغرباً إن أعلن داعش الرسمي أنّ من قُتل لا علاقة له أصلاً بالتنظيم
- أيّاً كان التصريح الرسمي، فإن ما حدث سيضع التنظيم في حرج أمام أنصاره وإن أظهروا خلاف ذلك لجهل أو كبر
- داعش الرسمي لم يعلن قط عن الهوية الحقيقية لأبي إبراهيم؛ ولم يُسمع له صوت أو يُرى له رسم
حتى بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن قتل خليفة داعش المزعوم، أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، وأنه هو حجي عبدالله قرداش، لا يزال السؤال المهم هو: هل سيؤكد داعش الرسمي أن ”الخليفة“ هو حقاً قرداش؟
سيناريوهات ما بعد قرداش
لن يكون مستغرباً إن أعلن داعش الرسمي أنّ من قُتل لا علاقة له أصلاً بالتنظيم؛ أو ربما أن المقتول هو فعلاً حجي عبدالله قرداش ولكنه ”جندي“ من جنود ”الخليفة“ الموجود في مكان ما في هذا العالم؛ أو قد يعلن أن قرداش هو الخليفة وأن آخر سيحمل اللقب ويواصل.
أيّاً كان التصريح الرسمي، فإن ما حدث سيضع التنظيم في حرج أمام أنصاره وإن أظهروا خلاف ذلك لجهل أو كبر.
فداعش الرسمي لم يعلن قط عن الهوية الحقيقية لأبي إبراهيم؛ ولم يُسمع له صوت أو يُرى له رسم. قد يدّعي أنصار التنظيم أن هذا جاء لغايات أمنية؛ لكنها ليست المرة الأولى التي يضع فيها داعش الكذب موضع الحقيقة.
نعلم هذا مما ينشره جماعة ”تيار البنعلي“ وهم طلاب علم ومشايخ انشقوا عن داعش يوثقون شهاداتهم عن خبايا التنظيم تنبيهاً وتحذيراً لأنصاره من مواصلة دعمه.
يُعرف هؤلاء بأتباع رجل الدين تركي البنعلي وكان قاضياً شرعياً اشتُهر بمخالفته للمغالين في التنظيم أو ما يُعرف بتيار الحازميين. كان من أشد مخالفيه أبو محمد فرقان المسؤول الإعلامي وأهم قيادات الصف الأول. سُجن البنعلي في الأيام الأخيرة للتنظيم. وقُتل في غارة على سجنه في المنطقة الشرقية من سوريا في مايو ٢٠١٧. ويعتقد أنصاره أن البغدادي وحاشيته مسؤولون عن قتله.
هؤلاء المنشقون لم ينضموا إلى أي تنظيم آخر أو يشكلوا تنظيماً خاصاً بهم. يكتفون بنشر الأدبيات التي تفند كل ما هو داعش، ويستخدمون لذلك منصات على التلغرام هي: التراث العلمي، الوفاء الإعلامية، والمعارج.
الكُنية أولاً
فمن يكون أبو إبراهيم الهاشمي القرشي؟ هل عُرف أحد داخل التنظيم بهذه الكنية أو اللقب؟ نستطيع أن نسأل، لكن حقيقة هذا غير مهم عند داعشّ فهم يبتدعون الاسم أولاً ثم يأتون برجل يلبسونه عليه.
ومن قبيل هذا ما يوثقه أبو عيسى المصري وكان شرعياً وخطيباً إبّان ذروة داعش. في نوفمبر ٢٠١٩ كتب ملفاً بعنوان ”سلطان باريشا“ نسبة إلى قرية باريشا التي قُتل فيها “خليفة” داعش الأول أبو بكر البغدادي في أكتوبر من العام نفسه.
ينقل أبو عيسى شهادة عن أبي محمد المصري وكان عضواً في اللجنة المفوضة. يقول: “ثم حدثني أن البغدادي نفسه حدثه عن طريقة تنصيبه أميراً لـ’دولة العراق الإسلامية’، فقال: ’إن قيادة الجماعة اجتمعوا بعد وفاة أبي عمر البغدادي فوضعوا اسماً وهمياً هو (أبو بكر البغدادي) للأمير الجديد الذي لم يُعيّن بعد، وجاءوا بأبي دعاء السامرائي (وهي كنية قديمة استعملها إبراهيم بن عواد البدري المكنى بأبي بكر البغدادي)، فقالوا له: نعينك أميراً حتى نجد قرشياً مناسباً، فقال لهم أبو دعاء، أنا قرشي، فقالوا له: اذهب فأتنا بنسبك، فذهب فجاءهم بنسبه، فقالوا: أنت إذاً أبو بكر البغدادي!“ بهذه البساطة.
القرشي القرداشي: مخالفة شرعية
قد يُقرّ داعش الرسمي بأن أبا إبراهيم الهاشمي القرشي هو حقاً حجي عبدالله قرداش. وهنا، على أنصار التنظيم أن يُدركوا أمرين. أن قرداش كان سفاحاً وحسب. الرجل افتقر إلى الشروط الشرعية المرتبطة بلقب ”خليفة.“ نقول ”الشروط الشرعية“ لأنّ داعش اشتهر بتعنته في النص فما كان يقبل تأويلاً ولا تمهيداً أو تدرجاً. فحقّ أن يُعمِل تعنته عندما يختار ”خليفته.“
في نوفمبر ٢٠١٩ كتب المدعو ابن جبير، وهو أيضاً من جماعة البنعلي، ملفاً بعنوان ”سقوط الخرافة،“ على وزن “الخلافة.” في الملف، يذكر ابن جبير اسم حجي عبدالله ”التركماني“ قرداش. يقول: “وعن ’حجي عبدالله’ فحدّث ولا حرج، ولا ننسى أنه صاحب المقولة الشهيرة (بالدارجة العراقية): ’آني ما يهمني كل هذي المسائل العقدية، آني أهم شي عندي ’الدولة’.“ فالرجل كان جاهلاً؛ والعلم شرط من شروط التسمية خليفة.
كذلك أبو عيسى في “سلطان باريشا،” يستبعد أن يكون قرداش هو الخليفة. يقول: “فمعروف أن الرجل مبتور الرجل اليمنى، وهذا قادح في أهليته لجماعة أو كتيبة أو سرية جهادية، فضلاً عن أن يكون إماماً للمسلمين، فأهل العلم نصّوا على أن سلامة الحواس والأعضاء شرط من شروط صحة الإمامة، فضلاً طبعاً عن بقية الشرائط.”
من بقي ليتولى قيادة التنظيم؟
في مايو ٢٠٢٠، كشف الخبير العراقي هشام الهاشمي، قبل قتله، عن أسماء قادة داعش المعروفين في ذلك الوقت. ونشر في Newlines Magazine مخططاً للهيكل القيادي لداعش. هشام الهاشمي كان من القلائل العارفين بشؤون داعش من خارج دائرة التنظيم الإرهابي.
من بين ستة أشخاص في قمة الهرم القيادي لداعش، اثنان فقط يُعتقد أنهما حرّان وهما زياد جوهر عبدالله أو أبو الحارث العراقي عضو اللجنة المفوضة وبشار خطاب غزال الصميدعي أو حجي زيد. الآخرون إما مسجون أو قتيل. في أسفل الهرم، يقبع قادة من الصف الثاني أمراء على ”ولايات“ تقلصت إلى خلايا مطاردة.