وكأن أزمات مدغشقر لا تكفيها كي يزيد إعصار باتسيراي من أزماتها ويفاقم وضعها الإنساني الحرج، فقد خلّف الإعصار الذي ضرب الجزيرة في الخامس من فبراير الفائت دماراً هائلاً خصوصاً في مدينة مننجاري الساحليّة متسبباً حتى الآن بمقتل 120 شخصاً ونزوح 60 ألف وتضرر 125 ألف شخصاً.
- مدغشقر هي أول بلد في العالم يعاني من أزمة غذاء نتيجة التغيّر المناخي
- في المناطق الجنوبية تحديدًا يعاني أكثر من مليون ونصف شخص من مجاعة حادة
- لجأ الآلاف إلى العاصمة وغيرها من المدن بحثًا عما يسد رمقهم
بالإضافة إلى ما خلّفه الإعصار من ضحايا ووفيات ومنازل مدمّرة ومدن منكوبة، شكل ضرب الإعصار للمنطقة الساحلية الزراعية الممتدّة على طول 150 كلم، تدمير حقول الأرز داخل البلاد والتي تعتبر خزان مدغشقر أحد أقسى التداعيات التي خلّفها باتسيراي والتي قد تمتدّ إلى أشهر مفاقمة من تدهور الوضع الإنساني في البلاد.
تعتبر مدغشقر إحدى أفقر دول العالم وتعاني منطقة واسعة في جنوبها منذ أشهر من الجفاف ما أدّى إلى حالات كثيرة من سوء التغذية وضرب سكانها بالمجاعة.
نصف مليون طفل في جنوب مدغشقر يعانون من سوء تغذية حاد بينهم 110 آلاف طفل مهددون بحياتهم
ويتخوّف برنامج الأغذية العالمي من تفاقم أزمة المجاعة في مدغشقر بعد الإعصار الأخير مع تضرر حقول الأرز وفقدان المحاصيل، محذراً عبر مديرة برنامج الأغذية العالمي في البلاد باسكوالينا ديسيريو من أن الأمن الغذائي لسكان مدغشقر سيتأثر بشكل هائل في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة ما لم يتم التحرك على الفور.
فكيف ستكون عليه أوجه الأزمة في الأشهر المقبلة؟ أخبار الإعصار وقصص المجاعة لا تبشّر بالخير، خصوصاً مع القصص الإنسانية الموجعة التي ينقلها لكم أخبار الآن في هذا الوثائقي عن المجاعة في مدغشقر.
بعد التقرير الوثائقي الاستقصائي الذي قمنا به عن التغير المناخي وتأثيره على هذه الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، سنتعرف هذه المرة، في هذا الوثائقي الجديد، على ما آلت إليه أحوال البشر فيها.
في مدينة أمبوفومبي الواقعة جنوب مدغشقر أقام اللاجئون إليها بسبب التغيّر المناخي مخيمًا عشوائيًا. إنه ليس المخيم الوحيد، فالعديد من المخيمات الشبيهة به انتشرت في أنحاء واسعة من الجزيرة.
هؤلاء الذين فقدوا كل ما يملكون، باتوا يعيشون في خيم مصنوعة من مختلف أنواع الاقمشة للمبيت فيها. إنهم يحتاجون للحد الأدنى من مقومات العيش اللائق. فالتجهّم والقلق واضحان على وجه كلّ منهم كما على وجوه أطفالهم، وقد رقّت أجسادهم وظهرت عظامهم.
كل هذا التعب واليأس والبؤس دليل واضح على ما يعانون من جوع وسوء تغذية. فذلك هو ما يسميه سكان مدغشقر بالـ «كيري» أي المجاعة الكبيرة، وغالبية من طالتهم هذه المجاعة هم أهالي المناطق الجنوبية.
بين الغبار والرمال، جلست نويلين تيريزوا، وهي إحدى المستفيدات من تلك المساعدات. إنها في العشرين من العمر وهي أم لخمسة أولاد، فقبل عام، فرت من قريتها أنجيكي بيانغنانتارا لتلجأ إلى مخيم أمبوفومبي هذا، ولتأمين الغذاء والمال لعائلتها، كان عليها بيع جلد بقر الدَّرْبانِيّة المجفف.
أخذت نويلين تصف لنا حالتها وحالة أولادها “نعاني أنا وأولادي من أوجاع في البطن لأننا لم نأكل شيئًا منذ فترة، وكل ما أملك هي هذه العلبة التي أستخدمها كقدر للطبخ”.
هذه المرأة التي تخشى على أولادها من الموت لأنهم لا يأكلون شيئًا تقول “منذ أن حلّ الجفاف، أنا وأولادي لا نأكل ما يكفي منذ 4 سنوات. حتى الماء والحد الأدنى من احتياجاتنا لا يمكنني تأمينها. في قريتي وصل ثمن عشرين ليترًا من الماء إلى 1500 أرياري، أما هنا فسعرها أقل. لهذا السبب هربت من قريتي لأبحث هنا عن الطعام”.
أما كيف كانت تعيش، فتتذكر “حين كان المناخ جيدًا، وكانت هناك أمطار، كنت أعيش بهناء في قريتي، كنت أزرع البطاطا الحلوة. لكنّ المناخ تغيّر كليًّا فكان عليّ أن أهرب لآتي إلى هنا حيث أقوم بتجفيف جلود البقر كي أبيعها بهدف شراء الغذاء لعائلتي”.
«كي أبقى على قيد الحياة، آكل أوراق الصبّار…»
وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فإن مدغشقر هي أول بلد في العالم يواجه أزمة غذائية تسبب بها الاحتباس الحراري، وحذّر من تزايد خطورة هذه المجاعة المستعرة منذ أكثر من عام في جنوب البلاد، فهذه المجاعة ليست كسابقاتها التي مرت بها البلاد، فقد تصبح أكثر خطرًا وأطول فترة.
وكما نويلين التي تحدثنا إليها، فإن دامي فانجيهياي هو أيضًا لاجئ بسبب التغيّر المناخي إلى مخيم أمبوفومبي.
لم يعد يذكر آخر يوم أكل جيدًا فيه، فهو حاليًا، يقتات من أوراق الصبّار، وما الشيخوخة المبكرة التي أصابته والإرهاق الذي يمنعه من الوقوف على ساقيه بلا عصا يتكىء عليها سوى مثال لما يمرّ به سكان جنوب مدغشقر.
ويتذكر دامي كيف كانت حياته سابقًا “في السابق كانت تهطل الأمطار وكانت لدي ماشية، أما الآن مع الجفاف المسيطر خسرت كل شيء، فقدت كل ممتلكاتي. كي أبقى على قيد الحياة، آكل أوراق الصبّار وما أجده في الشارع أو يعطيني الناس إياه. إنني لا آكل كالآخرين”.
قرية بتسيميدا نموذج للفقر والمجاعة
خلال جولتنا، توجهنا إلى قرية بتسيميدا، الواقعة في الجنوب، والتي تحولت لمكان قاحل لم يبق فيه سوى القليل القليل من النباتات مثل الصبّار، هناك وجدنا تسيكوكاي يحتضر تحت إحدى الأشجار.
يقول جيرانه وزوجته، إنه فقد قواه ومنهك لأنه لم يأكل منذ فترة طويلة، فهو اليوم معرّض للموت كعشرات الأشخاص غيره. في هذه القرية، قضت المجاعة على حياة أكثر من عشرة أشخاص.
كلّ مرة تحدثنا فيها إلى السكان، كانوا يتذكرون الماضي، وكذلك تسيكوكاي الذي يحتضر بسبب المجاعة “غابات كثيرة وأمطار كانت موجودة هنا، كنا نزرع ونقطف بغزارة لكن اليوم ليس لدينا أمطار بسبب التغيّر المناخي. لا أدري لماذا تغيّر كلّ ذلك، أحيانًا تمطر قليلًا جدًا، لكن دون أن يسمح ذلك لنا بالزراعة، ولهذا السبب لم يعد لدينا ما نأكله”.
هذا وتخشى زوجته هاوفا عليه من الموت، فذلك وارد في أي لحظة إذا لم يلقَ المساعدة، كما تخشى على أولادها، وها هي تصرخ طلبًا للمساعدة “استمرار الأمر بهذا الشكل لن يبقِ أحدًا على قيد الحياة. لا نملك ما يبقينا على قيد الحياة، لا شيء نأكله، ولا شيء لمعالجة زوجي المريض. لا نملك شيئًا. نحن جالسون هنا طيلة النهار ولا شيء يحمينا. زوجي بهذه الحالة نتيجة هذه المجاعة، لأنه لا يملك شيئًا ليأكله. في النهاية ما ينتظره هو الموت. لقد سبق وتوفي العديد من الأشخاص هنا للأسباب عينها، فما علينا سوى الأمل بالموت”.
سوء التغذية يهدد الأطفال بحياتهم وباستمرار الفقر
هذا ويرى الرئيس الملغاشي أندري راجويلينا أن 1.5 مليون شخص طالتهم المجاعة حاليًا في مدغشقر غالبيتهم في المناطق الجنوبية وهي أكثر المناطق فقرًا في البلاد.
واكثر المناطق التي ضربتها المجاعة هي مناطق الجنوب الثلاث وتحديدًا منطقتي أندروي وأنوسي، وتعيش 13 مديرية حالة طوارئ و3 مديريات أخريات في حالة تأهب، ومديريتان تحت المراقبة، لكنّ مديرية أمبوازاري في منطقة أنوسي هي الأكثر تضررًا من المجاعة حسب خبراء منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وتشير أرقام المنظمات الدولية إلى أن نصف مليون طفل في الجنوب يعانون من سوء تغذية حاد بينهم 110 آلاف طفل مهددون بحياتهم إذا لم يتلقوا المساعدات الطارئة.
هذا وتحذّر منسقة المكتب الوطني للتغذية البروفسور فولولونتيانا، من استدامة الفقر بسبب سوء التغذية الذي يتعرض الطفل له ابتداء خلال الأيام الألف الأولى له “منذ لحظة تكوينه في أحشاء أمه وحتى سن الثانية، إذا عانت الحامل من سوء التغذية فالجنين سينمو مع سوء تغذية، وإذا لم تُعالج صحته حتى سن الثانية، فلن تتحسن بعدها إطلاقًا. سيبقى صغيرًا ومحدودًا لناحية نموه الحركي النفسي. أي طفل يعاني من تأخر في النمو أو من سوء التغذية المزمن لن يملك أكثر من 37 ٪ من قدراته حين يبلغ سن الرشد، وهذا يعني استدامة الفقر”.
يجمع الخبراء والسياسيون على أن السبب الرئيسي لهذه الحالة الخطيرة من سوء التغذية والمجاعة تسبب بها التغيّر المناخي.
جذور هذه المجاعة وسوء التغذية تكمن في التغيّر المناخي وآثاره على هذا البلد على مستوى الجنوب
التعرية الريحية وانتشار الرمال يزيدان من خطورة الوضع
ويقول ممثل برنامج التغذية العالمي عليّو ديونغ أن جذور هذه المجاعة وسوء التغذية تكمن “في التغيّر المناخي وآثاره على هذا البلد على مستوى الجنوب، وحين ننظر ناحية التأثير، لدينا التعرية الريحية، وانتشار الرمال، كما لدينا مسألة المياه في هذه الأراضي حيث يجب أن نقوم بالزراعة، وقد يكون لهذه المسألة تأثير خطير على الانتاج والانتاجية في هذا البلد”.
الجفاف أهم أسباب سوء التغذية وعدم الأمن الغذائي
بالنسبة للرئيس الملغاشي أندري راجويلينا فإن “سوء التغذية وعدم الأمن الغذائي في المناطق الجنوبية، وهي الأكثر فقرًا، ناتجان عن الجفاف الذي تسبب به التغيّر المناخي ورغم أن هذه المجاعة موجودة منذ العام 1938، لكن خطورتها تزايدت مع التغيّر المناخي وذلك بسبب هجرة الأراضي وأيضًا بسبب تراجع هطول الأمطار الذي تسبب به الانحباس الحراري في مدغشقر”.
عدم تنظيم الأسرة
وبين الأسباب أيضًا، التي أثّرت بتفاقم المجاعة هي عدم القدرة على السيطرة على تنظيم الأسرة، ففي هذا البلد، الفتيات يلدن كثيرًا في سن مبكرة. غالبيتهن يبلغن 20 عامًا وقد أنجبن بين 4 و 5 أولاد، وهذه هي حال نويلين التي قابلناها آنفًا في مخيم اللاجئين في أمبوفومبي. وقد أشار الرئيس أندري راجويلينا لهذه النقطة في مؤتمره الصحفي.
الغلاء وندرة الغذاء
ودومًا وفق الرئيس راجويلينا فإن “ندرة الغذاء والارتفاع الحاد بأسعار المواد الأولية نتيجة عدم وصول المساعدات الغذائية” في وقتها بسبب الطرقات السيئة والبنى التحتية التي تحتاج لإعادة بنائها، هي أيضًا عوامل إضافية ساهمت في زيادة حدة المجاعة.
وعن هذا الموضوع صرّح الرئيس راجويلينا “تدركون أن الطريق هي الشريان الحيوي للنمو لأن المواد الأساسية التي يتم نقلها من العاصمة إلى جنوب مدغشقر تكلفتها مرتفعة جدا، الكهرباء في جنوب مدغشقر تكلفتها مرتفعة جدًا لأنها توليدها ناتج عن مولد حراري في حين أنه في العاصمة، وعلى سبيل المثال: في العاصمة سعر الكيلو وات يساوي 12 سنتيمًا من اليورو في حين أنه في الجنوب يصل سعر الكيلو وات إلى 20 سنتيمًا. إذًا من المستحيل تقريبًا إيجاد أو ملاحظة النمو في جنوب مدغشقر”.
برنامج التغذية العالمي لتطوير برامج إنمائية مستدامة
لمواجهة هذه المجاعة، قامت الحكومة بمساعدة المنظمات الأممية والمؤسسات الأهلية المحلية والعالمية بمدّ هؤلاء اللاجئين بالمساعدات الغذائية والبدء بمشاريع إنمائية تساعد سكان الجنوب الأكثر فقرًا في البلاد.
البرنامج الأممي قدم المساعدة لحوالى 55 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرًا ويعانون من سوء التغذية
ويقول ديونغ إنه إضافة إلى توزيع الحصص الغذائية الطارئة على الأهالي، يقدم البرنامج الأممي الدعم أيضًا لأكثر من 700 ألف مدرسة وذلك من خلال تموين مطاعمها وأيضًا “قدمنا المساعدة لحوالى 55 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرًا ويعانون من سوء التغذية”.
بالنسبة لديونغ فإنه من الهام جدًا الحصول على تمويل من أجل مكافحة المجاعة وأسبابها المتأصلة ومرافقة هؤلاء السكان. ويرى أن هذا التمويل يساعد في عملية دعم السكان بطريقة مستدامة “عبر برامج تطوير قدراتهم على التكيف والمرونة ودعمهم من خلال بعض النشاطات التي تجمع بين الزراعة واستغلال الاحراش وتربية الماشية، وهذا ما نحن في طور الحصول عليه حاليًا”.
مراكز تنسيق عملية لمواجهة المجاعة
هذا ووضعت الحكومة مراكز تنسيق عملية لمواجهة المجاعة ويديرها المكتب الوطني للتغذية. مركز أمبوفومبي هو واحد منها، إنه مشروع رائد تم إنشاؤه في وسط المدينة ويهدف أيضًا لإحصاء أولئك الأشخاص الذين طالتهم المجاعة، كما لنقلهم إليه، ولتأمين الغذاء لهم والعناية بهم في مركز للعناية الصحية أُقيم داخل هذا المركز، كما ينسق ويحدد مهام كلّ من الشركاء ومساهماتهم من أجل توخي عدم الحصول على مساعدة مزدوجة.
الشركاء العاملون على مساعدة الشعب الملغاشي هم على وجه الخصوص: المؤسسات الرسمية المحلية والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية واليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة).
إنهم يتشاركون مهمات تتراوح بين سوء التغذية وتوزيع الأدوية وتوزيع الماء وحصص الحماية إضافة إلى التوزيع الشامل الذي ينفذه العسكريون.
برنامج « التوزيع المالي »
في مقابل كل ذلك، ودومًا مع الشركاء، تم تأسيس برنامج “التوزيع المالي” الذي تدعمه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
ويقوم هذا البرنامج على تخصيص مبلغ 100 ألف أرياري لكل عائلة (ما يعادل تقريبًا 25 دولارًا أميركيًا في الشهر) وذلك من أجل تحقيق استقرار مالي للعائلات في مواجهة الأزمة القائمة.
لفك عزلة الجنوب وريّ أراضيه الزراعية
ولأن الوضع، حاليًا، معقد بما فيه الكفاية، وسيزداد تعقيدًا بين تشرين الأول/ أكتوبر وشباط/ فبراير اللذين يعتبران أكثر أشهر المجاعة خطرًا، يحتاج الجنوب لمساعدات طارئة.
ويرى الرئيس الملغاشي أن الحلّ الآني هو “فك عزلة هذه المناطق من خلال تعبيد طريق تعبر الجنوب الكبير، وهو مشروع يموّله الاتحاد الأوروبي والحكومة الملغاشية وتبلغ تكلفته 200 مليون دولار. إنه أحد مشاريع التنمية الطارئة الثلاثة الذي سيطلقها قريبًا. أما المشروع الثاني فهو إنشاء خط أنابيب يبدأ من فور دوفان ويصل إلى أمبوفومبي ويهدف لريّ 150 ألف هكتار من الأراضي الزراعية”.
حسب الرئيس راجويلينا فإن صندوق النقد الدولي سيساهم في تمويل شق وتعبيد الطرقات إضافة لمشروع إنشاء خط أنابيب الري، فهذا المشروع الأخير هام جدًا لأولئك المزارعين الذين بدأوا زراعتهم وتنقصهم المياه.
التنظيم الأسري مشروع جديد
ويرى الرئيس أن التنظيم الأسري هو أحد الحلول للوضع الخطير القائم، كما أنه مشروع لم يتم التخطيط له أو تنفيذه سابقًا. ويقول الرئيس عن هذا المشروع “التزمت مع الشركاء التقنيين والماليين وقد منحوني لقب «بطل التنظيم الأُسري» في أفريقيا الفرانكوفونية، وذلك من أجل الوصول إلى الهدف المنشود وهو متابعة 60 ٪ من النساء برنامج تنظيم الأسرة. الدولة ستساهم وسنقوم بحملات توعية ومرافقة ومعالجة في كل مدغشقر وعلى وجه الخصوص في جنوب جزيرة مدغشقر. الهدف هو تحديدًا تمكين السكان”.
مصنع لإنتاج الأغذية العلاجية
كما أوجدت سيدة مدغشقر الأولى حلًا آخر وهو عبارة عن مصنع متخصص بإنتاج الأغذية العلاجية الجاهزة للاستهلاك والتي تستهدف الأطفال ضحايا سوء التغذية الحاد. وهذا المصنع الذي أُطلق عليه اسم “نوتري سود” جرى افتتاحه مؤخرًا في مدينة فور دوفان.
ففي 15 آذار/ مارس من العام 2021، في العاصمة أنتاناناريفو، وقعت جمعية « فيتيا» التي تترأسها السيدة الأولى ميالي راجويلينا مع مؤسسة «ميريو» الأهلية ومجموعة «نوتريسيت» الفرنسيتين، اتفاق شراكة لإقامة في فور دوفان هذا مصنع «نوتري سود» هذا لصناعة المواد الغذائية الخاصة بأولاد مناطق الجنوب.
سيدة مدغشقر الأولى التي كررت القول إن مدغشقر هو أول بلد في العالم يتحمل المجاعة الناتجة عن الاحتباس الحراري، تحدثت عن هذا المصنع مشيرة إلى أنه “سينتج 600 طن من المواد الغذائية أي ما يعادل 8 مليون وحدة من المحلول الغذائي وسيسمح بإمداد مطاعم المدارس بها، وكذلك بتوزيعها مجانًا على جميع مدارس منطقتي أنوسي وأندروي”.
وأضافت أن هذا المصنع سيسمح بخلق وظائف عديدة “وستحظى النساء بفرصة المشاركة بتشغيله وانتاج المواد الأولية عبر إقامة تعاونيات، وبالتالي سيتمكنّ من تحقيق مستقبلهن كما سيساهم في تغيير مجتمعاتهن”.
رغم كل هذه المشاريع لاحتواء الأزمة الحادة وإيجاد حلول مستدامة لها، ما زال صندوق النقد الدولي يدقّ ناقوس الخطر. بالنسبة له، يجب تأمين 6.8 مليون دولار أميركي من أجل تحقيق عمليات القضاء على الوضع المتردي القائم حاليًا في جنوب مدغشقر مع الحفاظ على الزراعة فيه وتطوير قدرة سكانه على المواجهة، إضافة إلى المكافحة الفعالة للمجاعة فيه حيث أن أكثر من مليون شخص لا يجدون ما يسد جوعهم، كما يشير برنامج الأغذية العالمي.