الوشاية أطاحت بالمسؤول العسكري لقاعدة اليمن صالح عبولان
- قتل عبولان شكل حرجاً للتنظيم
- بعد كل هذه السنوات، لا يزال التنظيم مخترقاً في أعلى المستويات
قد لن يمضي وقتا طويلا قبل أن يطرح تنظيم القاعدة في اليمن إصداراً جديداً من إصدارات الجاسوسية يُحمّل فيه أحدَهم مسؤولية ”تشريح“ والوشاية بمسؤول التنظيم العسكري صالح عبولان، العم سعد أبي عمير الحضرمي، الذي قتل في غارة في يناير الماضي.
قتل عبولان شكل حرجاً للتنظيم. فبعد كل هذه السنوات، لا يزال التنظيم مخترقاً في أعلى المستويات. الحدث جاء أيضاً بعد شهرين تقريباً على لقاء الملاحم الخاص مع زعيم قاعدة اليمن خالد باطرفي الذي قلّل من مسألة الجاسوسية باعتبارها أمراً ”عادياً“ في أي تنظيم. لكنه ليس كذلك.
من وشى بـ عبولان؟
مصدر قريب من مكافحة الإرهاب في اليمن أخبرنا أنهم يترقبون أمراً قد يثير انقساماً آخر في التنظيم على غرار انقسام جماعة أبي عمر النهدي فيما عُرف بالاعتزال الكبير في الفترة من فبراير إلى مايو ٢٠٢٠.
فعلى ما يبدو، قام قياديان مقربان من سعد عاطف العولقي أمير التنظيم في شبوة باتهام قياديين آخرين من أنصار باطرفي بأنهما وضعا شريحة لـ عبولان. ويضيف المصدر أن جماعة سعد استندوا في اتهامهم إلى أن الاثنين كانا آخر من التقاهم عبولان في محلّ إقامته في المحفد، أبين؛ وأن الاثنين أرادا إزاحة عبولان من الطريق حتى تخلو لهما الساحة.
المصدر أضاف أن الموضوع منظور عند خبيب السوداني القيادي في قاعدة اليمن الذي بدأ باحتواء المسألة بأن التقى العولقي المقيم في مكان ما في شبوة؛ والتقى لاحقاً مع باطرفي المقيم في الصومعة، البيضاء. مهمته كانت تسوية الخلاف على مستوى القيادة العليا حتى ليا يتسرب الأمر إلى القياديين المتهمين بالتشريح وإلا ”ستحدث مذبحة“ نظراً لأن هذين القياديين متنفذان في منطقة المحفد؛ وقد يثير حفيظتهما هذا الاتهام.
الاعتزال الكبير
لم ينجح تنظيم القاعدة في اليمن في مواجهة الجاسوسية. فبحجم القادة الذين قتلتهم قوات التحالف في اليمن، يوجد على الجانب الآخر قياديون قتلهم التنظيم نفسه لاتهامهم بالتشريح كان أبرزهم أبو مريم الأزدي وكان طالب علم مخضرم أمضى وقتاً في أفغانستان. أعدم بتهمة الجاسوسية في أكتوبر ٢٠١٩.
وهذا أطلق شرارة الانقسام الذي قاده أبو عمر النهدي ومنصور الحضرمي فيما عُرف بالاعتزال الكبير. النهدي والحضرمي دعيا باطرفي وسعد العولقي للاحتكام الشرعي وحلّ المسائل المتعلقة باتهامات الجاسوسية؛ وطلبا نقل رسالة إلى زعيم القاعدة أيمن الظواهري للتدخل والبت في المسألة. لكن باطرفي والعولقي لم يرسلا الرسالة وانتهى الأمر بأن انشق النهدي ومن معه.
تشرذم قاعدة اليمن
باطرفي الذي تولى الزعامة عن قاسم الريمي في فبراير ٢٠٢٠، فشل في لمّ شمل التنظيم، بل إنه ساهم في تشرذمه كما حدث في قصة النهدي.
مسألة أخرى مهمة في قصة تشريح عبولان هي أن المتهمين هما من أنصار باطرفي، وقد اتُّهما بتشريح رجل مقرب من باطرفي. كيف إذاً يحكم باطرفي بين أنصاره وأنصار غيره من القياديين الوازنين؟ كيف يتخذ الإجراءات الأمنية لحماية كبار ضباطه ومعاونيه مثل المقاتل المخضرم عبولان؟
ثالثاً، وساطة خبيب تكشف عن توتر في العلاقة بين سعد وباطرفي. يخبرنا المصدر أن أنصار سعد يعتبرونه أولى بالزعامة من باطرفي. بل إنهم كانوا يتوقعون أن يتولى الزعامة من الريمي نفسه، كما يقول الخبير في الشأن اليمني غريغوري ينسن. ويضيف أن سعد له علاقات مع قبائل الشمال والجنوب في اليمن، بخلاف باطرفي الذي يجد قاعدة واسعة في الجنوب؛ إلا أنه يتفوق على سعد بحضوره الإعلامي على مستوى العالم. وهذا زاد حظوظه بتولي الزعامة.
الطريق إلى سيف العدل
تنظيم القاعدة في اليمن بات هشاً. وكل أفعاله تصب في مصلحة طرف واحد هو الحوثيون. في المقابل، لا يزال جزء كبير من القاعدة ومنهم باطرفي نفسه يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة الحوثيين، فيغضون الطرف نهم. وهنا تكتمل الصورة. فإن كان مُحرّك القاعدة المركزية، سيف العدل، يعيش في طهران حرّاً طليقاً؛ فلا بأس إذاً إن سعى باطرفي في اليمن إلى خدمة الحوثيين. الطريق إلى سيف تبدأ من صنعاء.