لقاء خاص مع كريشنيك أحمتي عن حرب كوسوفو وما يجري الآن في أوكرانيا
حرب كوسوفو التي درات من فبراير 1998 إلى يونيو 1999، وجرت فيها عدة مذابح على يد قوات الصرب راح ضحيتها الكثير من ألبان كوسوفو. ما حدث مؤخرا في أوكرانيا أعدنا بالذاكرة إلى ما حدث في كوسوفو ففي عام 1990 طردت القوات الصربية نحو 1،5 مليون من أبناء كوسوفو والجميع يتذكر الصفوف الطويلة من اللاجئين الذين كانوا يحاولون الهرب إلى ألبانيا ومقدونيا والآن نرى أزمة لاجئين أخرى، ملايين اللاجئين لكن هذه المرة الأوكرانيون يتوجهون إلى بولندا، إلى رومانيا، الى المجر، تحدثنا حول هذا الموضوع مع كريشنيك أحمتي نائب وزير خارجية كوسوفو.
مئات آلاف من الأشخاص سيقتلون ويغتصبون وآلاف المنازل أحرقت ونحن نرى الحرب نفسها، نفس الجرائم، جرائم الحرب التي تحدث الآن في أوكرانيا، وبالطبع أعادت الذكريات إلى “كوسوفا”
كريشنيك أحمتي
وسألناه بماذا شعرت عندما رأيت هذه المأساة الجديدة؟
وقال أحمتي: “لقد أعاد هذا الأمر الذكريات كما قلت، وخلال التسعينيات تم ترحيل أكثر من نصف السكان الألبان بعنف من كوسوفو في عملية عسكرية من الحكومة الصربية تسمى حذوة الفرس بمعنى أن الطريق الوحيد إلى الأمام سيكون باتجاه ألبانيا، حيث معظم اللاجئين غادروا من بين بلدان أخرى، مثل شمال مقدونيا الآن والجبل الأسود كانت إبادة جماعية. كان مشروعا للإبادة الجماعية”.
وأدانت مؤسسات جمهورية كوسوفو فورا في 24 شباط/فبراير العدوان العسكري للاتحاد الروسي وكذلك الغزو والاعتراف غير القانوني بما يسمى استقلال منطقتين في أوكرانيا كنا من بين أوائل الدول التي انضمت إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول ديمقراطية أخرى لذلك لم يكن تلك معضلة بالنسبة إلينا في ما يتعلق بهذه القضية” .
وبشكل ملموس، ماذا يمكن لكوسوفو كدولة صغيرة أن تفعل لمساعدة الأوكرانيين؟
يجيب “أحمتي” انه تم اتخاذ خطوات نحو ذلك فقد تم دعوة واستضافة 20 صحفي أوكراني، وليس فقط استضافتهم كأشخاص، بل استضافتهم مع أسرهم.
ويضيف: نحن نهيئ الظروف لهم للعمل من كوسوفو وإلى جانب ذلك، التزمنا باستضافة 5000 لاجئ وقبولهم واستضافتهم، “كوسوفا” صغيرة نسبيا من حيث عدد السكان والأراضي وبالمقارنة مع بلدان أخرى، مثل بولندا وبلدان أخرى. قمنا أيضا برفع نظام التأشيرة مؤقتا لكي يتمكن اللاجئون الأوكرانيون من الوصول بسهولة والعبور إلى “كوسوفا”، لذا هناك عدد من التدابير المفيدة التي تتخذها “كوسوفا” وبالطبع، دائما حسب قدرتها”.
سمح لجميع اللاجئين الكوسوفيين بالعودة إلى ديارهم بعد 78 يوما من قصف الناتو لصربيا، كيف تعتقد أن المجتمع الدوليّ يمكن أن يعيد اللاجئين الأوكرانيين إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن؟
يقول “أحمتي” بدأت الحرب في “كوسوفا” قبل قصف الناتو للنقاط العسكرية للجيش اليوغوسلافي السابق والجيش الصربي والمرحلة الأخيرة من حرب التحرير تلك كانت أيضا عندما تدخل الناتو وبعد أن غادر الجيش الصربي “كوسوفا” مباشرة حتى يمكننا جميعا العودة وكأن روسيا تفشل في مشروعها في أوكرانيا والآن نرى أخبار عن أن عدد اللاجئين يعود إلى أقاليم داخل أوكرانيا وأعتقد أن وضع عقوبات على الإتحاد الروسي وبيلاروسيا باستمرار ومساعدة الأوكرانيين بطرق متنوعة من شأنها أن تساعد في إنهاء هذه الحرب بالنصر الأوكراني”.
هل تعتقد أن الناتو يجب أن يتدخل مثل ما حدث في كوسوفو عام 1999؟ أو هل تعتقد أن الأمر أكثر تعقيدا لأن روسيا هي قوة نووية عظمى بينما صربيا ليست كذلك بالطبع؟
حول هذا التسائل يقول “أحمتي” “نحن، كبلد، لدينا حلف الناتو داخل “كوسوفا” وقوات الكي-فور وبوصفنا بلدا ديمقراطيا، هدفنا هو أن نصبح جزءا من الناتو و اليوم توافق الذكرى الـ 73 لتأسيس حلف الناتو، ونتطلع إلى أن نحصل في أقرب وقت ممكن على عضوية كاملة في الحلف والحصول على عضوية الشراكة من أجل السلام، وأن نكون جزءا من تدبير الأمن الإقليمي الذي وضعته الولايات المتحدة، وأعتقد في هذا السياق، عندما نكون عضوا في منظمة حلف الناتو يمكننا أن نبدي رأينا في هذه القضايا أعتقد أنه بمساعدة الجيش الأوكراني والمدنيين الأوكرانيين، كما فعلت البلدان الغربية حتى الآن أعتقد أن ذلك سيساعد على وضع حد لهذه الحرب وستكون درسا للاتحاد الروسي”.
تحدثت عن انضمام بلدك إلى الناتو هل هناك أي شيء محدد يتم القيام به أو هل تحدثتم إلى بروكسل حول ذلك؟ هل هناك شيء محدد يتم القيام به حول ذلك؟
يجيبنا أحمتي ويقول “نعم، نحن نعمل. نحن نقوم بما يسمى الواجب المنزلي للاستعداد لذلك ولكن علينا أن نفهم أنها عملية وأنها لا تحدث بين عشية وضحاها ولكننا نتعاون تعاونا وثيقا، ولا سيما مع جيش الولايات المتحدة على سبيل المثال بعض جنودنا في الكويت مع حرس الولايات المتحدة الوطني لذا فهناك خطوات يجري اتخاذها لتعميق وتوسيع علاقاتنا ولكن علينا أن نفهم أن الحصول على العضوية الكاملة في حلف الناتو يتطلب وقتا طويلا”
هل هناك موعد محدد بخصوص الإنضمام للناتو؟
فقال: “أن الجميع يقول أن هناك العديد من الأصوات التي تقول إنه يتعين على “كوسوفا” والبوسنة أن تجتمع مع أعضاء الاتحاد الأوروبي بسبب الوضع الحالي، ليس هناك موعد نهائي ولكنني أعتقد أنه بمجرد أن تصبح “كوسوفا” جزءا من حلف الناتو، سيساعد ذلك في الاستقرار الإقليمي ولا يصب فقط في مصلحة “كوسوفا”. إنه في مصلحة البلقان وبالتالي في مصلحة الاستقرار الأوروبي لأننا يجب أن نعرف أن لدينا وكيل روسي على حدودنا وهي صربيا إن لصربيا صلات كثيرة، ليس فقط علاقات تاريخية بل أيضا علاقات عسكرية واقتصادية جارية مع الاتحاد الروسي وقد رأينا أن صربيا الوحيدة التي لم تنسق ولم تتخذ عقوبات ضد الاتحاد الروسي أو بيلاروسيا”.
نعلم انكم تتحدثون عن الإنضمام إلى حلف الناتو، لكن هذا لم يحدث بعد هل تعتقد ان كوسوفو تحتاج إلى مزيد من قوات الكي-فور التابعة للناتو للحفاظ على الهدوء على الارض؟
قال أحمتي: “في إطار تعاوننا مع الناتو والجيش الأمريكي أيضا، فقد اقترحنا عددا من الخطوات التي يمكن إتخاذها يوجد عدد من جنود كي-فور هنا وأعتقد أنه لا يوجد خطر عدم الاستقرار داخل “كوسوفا”، ولكن قدمنا اقتراح طويل الأجل إلى الولايات المتحدة علنا، ودعوناهم إلى إقامة قاعدة عسكرية دائمة في “كوسوفا” وفي الوقت الحالي، توجد قاعدة “بوندستيل” غير الدائمة، ولكننا نعتقد أن وجود قاعدة عسكرية دائمة من شأنه أن يساهم في الاستقرار في “كوسوفا” وفي المنطقة، ولكن يجب أن أقول لا يوجد خطر من الداخل. الخطر لا يأتي إلا من الشمال، أي من صربيا”.
ما هو نوع السيناريو المزعزع للاستقرار الذي يمكن أن نراه في كوسوفو؟
يقول أحمتي: ” لدى صربيا عدد من القواعد الأمامية لجيشها على خط الحدود مع “كوسوفا”، ونحن في حالة تأهب قصوى ولقد رأينا في نهاية العام الماضي عندما قررنا كحكومة أن يكون لدينا معاملة بالمثل فيما يتعلق بلوحات ترخيص السيارات، رأينا صربيا تحلق بطائرات تبرعت بها روسيا على حدودنا وتوتر الوضع وتجمع جيشها لذلك أنت لا تفهم مقصدهم حتى القضايا التافهة قد تثير ردة فعل من قبلهم، لكنني أعتقد أن هذا واقع ليس فقط بالنسبة لكوسوفا ولكن هذا واقع بالنسبة للبلدان المجاورة الأخرى المعرضة للخطر من صربيا “.
ويضيف أحمتي: “صربيا عامل من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة وليست عاملا من عوامل الاستقرار لأنها لا تعمل من أجل السلام وتعمل على الاستفزازات”.
كيف تستعدون لاضطرابات محتملة؟
أحمتي يجيب “مؤسسات “كوسوفا” يقظة، ونحن لسنا قلقين، إنها ليست حالة تنذر بالخطر، ولكننا نتوخى اليقظة ونراقب الحالة”.
هل هناك أي خطوات ملموسة اتخذتموها على الأرض من أجل الاستعداد لأي اضطرابات محتملة؟
يقول أحمتي: ” لا يوجد ما يشير إلى اضطرابات محتملة لأنني أرى أن الخطر لا يأتي من الداخل لكن قواتنا الأمنية تعمل كما هو الحال دائما، والوضع مستقر وتحت السيطرة”.
تحدثنا ايضا مع أحمتي عن البوسنة لأن لديهم نفس الوضع مع وجود صرب البوسنة الذين يحصلون على الدعم من صربيا ومن روسيا وهددوا بالانفصال عن البوسنة وسألناه عن وجود اتصال مع حكومة البوسنة في ساراييفو وتنسيق للإجراءات من أجل الحفاظ على الهدوء في البلقان؟
فقال: “نحن على اتصال مع الجيران الآخرين أيضا ومع السلطات في البوسنة ولا يمكننا التنسيق بقدر كبير بسبب جمهورية صربيا برئاسة دوديك حليف فوتشيتش، ولكن لدينا تنسيق وثيق مع كيانات أخرى في البوسنة، ومن المؤسف أنه بعد سنوات عديدة لا يزال يتعين علينا التعامل مع المخاطر القادمة من مشروع الهيمنة لصربيا الذي يقع في إطار ما يسمى بالعالم الصربي الذي يشبه العالم الروسي الذي رأيناه في أوكرانيا”.
يقول بعض الناس إن الجانبين الصربي والروسي ضعيفان بسبب خسائر روسيا في أوكرانيا، هل تعتقد حيث أن روسيا الحليف الرئيسي لصربيا وبما أنها ضعيفة الآن، هل تعتقد أن هناك فرصة اتفاق دائم بشأن كوسوفو بين حكومتكم وبلغراد؟
يقول أحمتي: “لا يمكن أن تكون هناك صفقة بشأن “كوسوفا” مع صربيا، لقد أعلنا الاستقلال في عام 2008 ونحن بلد مستقل، يمكن أن يكون هناك اتفاق نعمل عليه بين “كوسوفا” وصربيا وهذا الاتفاق نعتقد أنه ينبغي أن يتمحور حول الاعتراف المتبادل كما صرح الرئيس بايدن عدة مرات لذلك، نحن كما تعلمون في حوار في بروكسل ولا تتقدم المحادثات بسبب الخطوات غير البناءة التي تتخذها صربيا، من جانبنا، اقترحنا ستة اتفاقات بعضها لم يؤخذ في الاعتبار حتى من قبل فوتشيتش والبعض الآخر تم رفضه أو عرقلته بطريقة أو بأخرى، ولكننا على استعداد لمواصلة العملية، ولكن يتعين علي أن أقول إن أفضل نتيجة قد نحصل عليها هي أن نعترف ببعضنا ولكن يمكننا أن نواصل العيش بدون اعتراف صربيا، وتشهد “كوسوفا” زيادة اقتصادية كبيرة، وبورصتها آخذة في الارتفاع، والفساد آخذ في الانخفاض، ونحن نكافح الجريمة هذه هي الأولويات التي يريدنا المواطنون أن نعمل من أجلها لقد وصلت حكومتنا إلى السلطة بأكثر من 50 في المئة من الأصوات بسبب التزامين وهما الوظائف والعدالة”.
خلال المفاوضات، يتعين على الجانبين تقديم تنازلات هل ستقدم تنازلات تذهب بموجبها الأراضي التي يسيطر عليها صرب كوسوفو إلى صربيا؟
أحمتى: “علينا أن نفهم أن التاريخ لا يبدأ من هذه الحكومة لقد قدمت “كوسوفا” تنازلات منذ العام 2008 ويوجد رفض قاطع لتبادل الأراضي من قبل حكومتنا ولن يؤدي عدى عدم كونه حلا للعلاقة بين صربيا وكوسوفا، فإنه لن يؤدي إلا إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها”.
هل يمكن لشمال كوسوفو وميتروفيتشا أن يحصلا على وضع خاص داخل كوسوفو على سبيل المثال؟ لأنك بحاجة إلى الخروج من المأزق وتحتاج إلى أفكار جديدة هل هذه الأفكار مطروحة على الطاولة أم أن هذا لا يناسب حكومتكم؟
حول هذا التسائل يقول أحمتى: “لا بد لي من القول إن هذه الأفكار ليست جديدة هذه الأفكار قديمة، وقد تم رفض هذه الأفكار حتى الآن كان لدينا فترة وجيزة ناقش فيها بعض مسؤولينا هذه الأفكار ولكن هذا هو السبب كونهم لم يعودوا في السلطة هذه الأفكار لا يمكن أن نمضي فيها إننا بلد متعدد الأعراق ومواطنونا يعيشون مع بعضهم البعض بغض النظر إلى عرقهم وان هذا النوع من طلب الحكم الذاتي لمناطق معينة أو طبقة ثالثة من السلطة لم يأت أبدا من المواطنين الصرب في “كوسوفا” وهذه مشاريع صربيا بداية لتقويض سيادة “كوسوفا” ووحدتها، وأيضا لامتلاك نفوذ دائم لزعزعة استقرار “كوسوفا” والمنطقة لذلك، لا يمكن أن يكون هناك سلام مع مثل هذه المشاريع، نحن كحكومة لا ننظر إلى مواطنينا من خلال عرقهم بل ننظر إليهم جميعا بنفس الطريقة ونعتقد أنه يمكننا العيش معا”.
هل هناك أي تغيير من الجانب الصربي؟ هل تشعر أن بلغراد مستعدة لتقديم تنازلات؟
يقول أحمتى: “لقد انتهت الانتخابات بالأمس في بلغراد ولديهم ولاية جديدة أدعوهم إلى النظر في مسألة “كوسوفا” عليهم أن يعترفوا بحقيقة أن “كوسوفا” دولة مستقلة معترف بها من قبل معظم أعضاء الأمم المتحدة وهي حقيقة لن تزول لذلك بمجرد أن نصدر اتفاقا ملزما قانونا يتمحور حول الاعتراف المتبادل، يكون ذلك أفضل لكلا البلدين “.
كوسوفو دولة صغيرة ويوجد حاليا قوات لحفظ السلام في بلدك، إذا كان هناك في نهاية المطاف اتفاق سلام في أوكرانيا ووافقت جميع الأطراف على إرسال قوات حفظ السلام الدولية إلى أوكرانيا، فهل تقبل كوسوفو أن تفعل ذلك أيضا؟
ختم نائب وزير خارجية كوسوفو كريشنيك أحمتي حديثه بقوله:” نعم، لقد أظهرنا استعدادنا منذ اليوم الأول للعدوان العسكري الروسي على أوكرانيا،لقد أظهرنا استعدادنا بأنه مهما قرر شركاؤنا بخصوص إرسال قوات أثناء الحرب أو بعدها فنحن مستعدون للمساهمة، لذا نعم “كوسوفا” مستعدة”.