الحوثي يستخدم القاعدة لضرب استقرار اليمن
على الرغم من التطورات الأخيرة على الساحة اليمنية والمشاورات التي أجريت في العاصمة السعودية الرياض، والتي أظهرت رغبة الشعب اليمني ومختلف الفصائل في توحيد الصف ووقف القتال وإنهاء الحرب وإحلال السلام والأمن، تظل ميليشيات الحوثي شوكة في الظهر.
وبينما يحرز اليمنيون تقدمًا نحو السلام، يجب أن يتأكدوا في الوقت ذاته من عدم تعرّضهم لطعنة في الظهر من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والذي بات يلعب دور الطابور الخامس لخدمة الحوثيين.
يومًا وراء الآخر تتكشف التفاصيل المتعلقة بالعلاقة بين ميليشيا الحوثي وعناصر تنظيم القاعدة في اليمن، للدرجة التي جعلت القاعدة تلعب دور الطابور الخامس للميليشيات المدعومة من إيران.
فمن بطاقات هوية مزورة، وإطلاق سراح مطلوبين، إلى قتال مشترك في شبوة.. تتنوع أوجه التعاون المستمر بين القاعدة والحوثي باليمن.
التعاون الذي كُشف عنه مؤخرًا بين الحوثيين وعناصر من تنظيم القاعدة، وأحدث حالة من المفاجئة لدى المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني، لم يكن له الوقع ذاته بالنسبة للجيش اليمني، والذي كان أول من رصد وجود تعاون مشبوه بين التنظيم والحوثي.
وأكد التنظيم بصورة غير مباشرة وجود روابط وعلاقات بين مجموعة خالد باطرفي داخل تنظيم القاعدة اليمني، وبين جماعة الحوثي، حيث كشف مقتل أميره العسكري (سابقًا) أبو عمير الحضرمي، والذي عُدّ أحد أعضاء الدائرة القيادية المقربة من باطرفي، في غارة جوية نفذتها طائرات بدون طيار، أن قادة التنظيم استفادوا من علاقتهم مع الحوثيين في الحصول على وثائق وهويات مزورة للهرب من الملاحقة والتخفي تحت أسماء جديدة.
ما هو الطابور الخامس وكيف ظهر هذا المصطلح تاريخيًا؟
افراج عن سجناء ورعاية لعناصر القاعدة
في شهر مارس من عام 2021، أرسلت الحكومة اليمنية تقريرا عبر بعثتها في الأمم المتحدة، موجهًا إليها وإلى أعضاء مجلس الأمن.
وأراد هذا التقرير إثبات العلاقة بين ميليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية مثل داعش وقاعدة اليمن، والتعاون الوثيق بيهم.
كما أوضح التقرير أن ميليشيات الحوثي أفرجت عن 252 سجينًا من عناصر القاعدة، وكذلك أفرجت عن أحد مخططي الهجوم على السفينة ”يو إس إس كول“، وأشار إلى أن عمليات الحوثيين على القاعدة في اليمن هي مجرد عمليات صورية، وأن 55 من عناصر التنظيم في صنعاء تحت رعاية الحوثيين.
وبحسب التقرير، أخلت القاعدة عدة مناطق وسلمتها للحوثيين للالتفاف على الجيش، وأشار إلى أن عناصر من داعش قاتلت في صفوف الحوثيين، وأن الجيش الوطني أسر عناصر من القاعدة قاتلوا مع الحوثيين.
كما لفت التقرير إلى أن علاقة الحوثيين بالمنظمات الإرهابية وصلت إلى حد التنسيق المشترك بينهما، بالإضافة إلى تبادل الأدوار، وهو ما يمثل تهديدًا لأمن واستقرار ووحدة اليمن، وكذلك أمن محيطها الإقليمي.
واستعرض التقرير أسماء لأبرز العناصر الإرهابية التي أقامت في مناطق الميليشيات ومواقع إقامتهم، وتسكينهم في شقق مفروشة بالعاصمة صنعاء، وكذلك ترددهم بكل حرية على بعض المناطق في محافظة البيضاء، وذلك على مرأى ومسمع من الميليشيات.
ورصد هذا التقرير هوية قرابة 33 قياديًا وعنصرًا في التنظيمات الإرهابية، فروا إلى مناطق الميليشيات، وذلك للحصول على الملاذ الآمن والاستفادة من التنسيق بين الجانبين للقيام بعمليات إرهابية تستهدف استقرار المناطق المحررة.
وبعد كل ما تقدم، لم يعد يخفى على أي متابع أن تنظيم القاعدة بات يلعب دور الطابور الخامس بالنسبة لميليشيات الحوثي في اليمن، فهذا التنظيم لا يبالي سوى بمصالحه فقط، بوضع فكرة ”الجهاد العالمي“ التي يتبناها سيف العدل فوق كل اعتبار، دون النظر لمصالح الشعب اليمني الذي يعاني وضعًا إنسانيًا كارثيًا.
ومن أبرز علامات التعاون المشترك بين ميليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة في اليمن، ما حدث في شهر يناير الماضي، عندما أفرجت ميليشيا الحوثي عن 80 عنصرًا من تنظيم القاعدة من سجن عطان بالعاصمة اليمنية صنعاء، بعد أن تعهدوا بالقتال معها في معارك شبوة.
وحينها، قالت مطلعة لـ أخبار الآن إن مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء أفرجت عن 80 عنصرًا من عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بعد أن حصلت على تعهد من عناصر التنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية في محافظة شبوة.
منشأة بلحاف تفضح تعاون القاعدة والحوثي
وفي الوقت الذي تحاول فيه مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة إنكار التعاون بينهما، جاءت حملات التحريض الممنهجة لمنشأة بلحاف في محافظة شبوة اليمنية من قبل عناصر مليشيات الحوثي وقنوات تنظيم القاعدة في اليمن لتؤكد توحيد الأهداف بينهما.
ففي شهر مارس الماضي، قامت مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة في اليمن بحملات تحريض ممنهجة وبشكل متزامن ضد واحد من أهم المشاريع الاستراتيجية في اليمن وهي منشأة بلحاف، وفي هذه الحملة تداول إعلاميّ مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة صورًا قديمة لمنشأة بلحاف مرفقة بتحريض وفق ما قيل بإنه هناك مهندسين فرنسيين وصولوا إلى المنشأة لإعادة تشغيلها.
ولم تختلف حملة التحريض التي أطلقها تنظيم القاعدة، والتي انطلقت بالتزامن مع حملة مليشيات الحوثي، وإن أختلف التنظيم عن المليشيا في المسمى، إلا أن ما نشره عناصره جاء وفق نفس سياق حملة الحوثي.
وتحدث تنظيم القاعدة في حملته التحريضية حينها عن ”وجود الصليبين“ في المنشأة، متوعدًا باستهدافهم واستهداف من يعمل معهم، كما قال أنه لن يقبل بوجود المشركين في المنطقة، داعيًا اليميين ألا يعملوا مع ”الكفار“ حسب قول عناصره.
زيادة التنسيق بين القاعدة والحوثي
ونجح تنظيم القاعدة في تكوين شبكة علاقات لا بأس بها مع ميليشيات الحوثي، وهو ما أكده إبراهيم أبو صالح المصري، المسؤول الأمني لقاعدة اليمن وأحد رفاق خالد باطرفي المقربين.
واعتمدت تلك العلاقات على المنفعة المتبادلة القائمة على عمليات التجارة في السلاح، بالإضافة إلى توفير ملاذات آمنة لقادة التنظيم وتهريبهم عبر الحدود اليمنية، وهو ما حدث في حالة أبو عمير الحضرمي وغيره من قادة القاعدة البارزين.
وفي عام 2014، أبرمت جماعة الحوثي صفقة سرية نيابة عن طهران، مع قيادة تنظيم القاعدة لإطلاق سراح 5 من أبرز قيادات تنظيم القاعدة المحتجزين في إيران وهم: سيف العدل محمد صلاح زيدان (نائب أمير القاعدة حاليًا)، وأبو محمد المصري عبد الله أحمد عبد الله (نائب أيمن الظواهري، حتى مقتله في 2020)، وأبو القسام الأردني (عضو مجلس شورى القاعدة العالمي حتى مقتله في 2020)، وساري شهاب (القيادي بفرع القاعدة السوري سابقًا)، بالإضافة لأبو الخير المصري (نائب أيمن الظواهري حتى مقتله في 2017 بسوريا)، مقابل الإفراج عن دبلوماسي إيراني اختطفه التنظيم في صنعاء.
الجيش اليمني يوضح تفاصيل العلاقة بين تنظيم القاعدة والحوثي
وتلك العلاقات الثنائية بين الجانبين تم استثمارها خلال الفترة الماضية، وتمثل ذلك في تنسيق تسليم مناطق عديدة للجماعة المتمردة، كما تم الاتفاق على صفقات غامضة لتبادل الأسرى بينهما.
وفي النهاية، أسفرت تلك الصفقات عن إطلاق سراح نحو 400 مقاتل من القاعدة، وهو ما سمح للتنظيم بتعويض خسائره البشرية جراء حملات مكافحة الإرهاب، وبالتالي الاستمرار في العمل في اليمن.
وفي المقابل، استفادت جماعة الحوثي من نهج تنظيم القاعدة وممارساته في الترويج لروايتها الخاصة حول دورها في مكافحة الإرهاب، ففي خضم معارك شبوة ومأرب والتي تلقت فيها الجماعة خسائر موجعة، بث التنظيم إصدارًا مرئيًا للتحريض على قتال التحالف العربي لدعم الشرعية والقبائل اليمنية الموالية له، في ما بدا وكأنه خدمة لمصالح الحوثيين وتخفيفًا للضغط على الجماعة.