بنين تكافح لحماية الفتيات عبر قوانين تسمح بالإجهاض وتفرض إلزامية التعليم
- 200 فتاة تموت في بنين سنوياً بسبب عمليات الإجهاض غير الشرعي
- البرلمان البينيني أجاز الإجهاض للنساء غير الراغبات في الإحتفاظ بأجنتهن
- القانون واجه اعتراضاً قوياً من قبل المجتمع في بنين وكذلك من الكنيسة
- غالبية الفتيات تجهضن بمساعدة أطباء تقليديين يطلق عليهم لقب “الدجالون”
- الصحة العالمية: خطر الموت من الإجهاض غير الآمن أعلى بأفريقيا منه في بقية العالم
- القانون الجديد يعاقب المغتصب بالسجن الجنائي من 5 إلى 10 سنوات، فما نوع العقوبة؟
يفتك الموت سنوياً بـ200 فتاة في بنين بسبب عمليات الإجهاض غير الشرعي التي تتم في المنازل ولدى القابلات
في خطوة لافتة ومشجعة، تجهد بنين الدّولة الأفريقية الواقعة في غرب القارة السوداء، في العمل على تمكين المرأة وحمايتها كما وحماية الفتيات القاصرات من كلّ المخاطر التي تتعرضن لها، بسبب البيئة الذكورية والعادات والتقاليد الاجتماعية والعائلية التي تقيّد حياة الفتيات وتسلبهن الحرية وحتى الأمان.
وبين تلك الخطوات، إقرار قانون يشرّع الإجهاض لحماية الفتيات من الوفيات التي تتسبب بها عمليات الإجهاض غير الشرعي، بالإضافة إلى فرض إلزامية التعليم للفتيات وجعلهن نساء منتجاتيقمن بدور أساسي ومتساوٍ مع الرجل في نهضة وبناء المجتمع، وأخيراً الإعتماد على الرياضة كمحفّز ينمّي شخصية الفتاة ويزيدها ثقة بنفسها. فماذا في تفاصيل كل مشروع من تلك المشاريع؟ وإلى اي مدى تتلمس الدولة البنينية نتائج ملموسة لخططها على أرض الواقع؟.
يفتك الموت سنوياً بـ200 فتاة في بنين بسبب عمليات الإجهاض غير الشرعي التي تتم في المنازل ولدى القابلات، هذا عدا الحالة الصحية والنفسية السيئة والمحبطة التي تتركها عمليات الإجهاض في أجساد ونفوس من يبقين أحياء.
أمام ذلك الواقع، أجاز البرلمان البينيني بعد مناقشات حادة، عمليات الإجهاض للنساء غير الراغبات في الإحتفاظ بأجنتهن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
شروط لإجازة عمليات الإجهاض
ووضعت الجمعية الوطنية بعض الشروط لإجازة عمليات الإجهاض منها المشكلات الصحية المعقدة، وسفاح القربى والاغتصاب وتسبّب الحمل بمشاكل مادية أو معنوية للأم.
واجه القانون اعتراضاً قوياً من قبل المجتمع والكنيسة فالأخيرة تعتبر الإجهاض جريمة قتل بحق الطفل وحقه في الحياة، فيما يرى وزير الصحة أن القانون يرمي إلى حماية الأرواح وليس إزهاقها.
وأمام جدليّة حق الطفل بالحياة وحق الأم بإنهاء حملها، هل يحمي هذا القانون فعلاً النساء والفتيات؟.
تبلغ أوليفيا من العمر 20 عاماً، وهي إحدى أولئك اللواتي عشن تجربة الإجهاض غير الشرعي، هي يتيمة الأب فيما والدتها لا تعمل، وقد اضطرّت إلى إجراء عمليّة الإجهاض وهي في صف الثانوية العامة، فالأخيرة حملت من زميلها في الصف وعندما أدركت أن الوضع لا يسمح لها بالحمل قررت الإجهاض.
وتخبر أوليفيا قصتها معلنة أن حملها “حصل في صف الثانوية العامة، فقد وجدت نفسي حاملًا من زميلي في الصف ولم يكن ذلك خبراً ساراً لأن الأمر كان صعب علينا من الناحية المادية. فقد نظرت حولي إلى أجواء منزلي، لم يكن لدي والد لأنه توفي وأمي بالكاد تتمكن من إطعامي أنا وإخوتي. نظرت حولي وقلت في نفسي إنه لن يكون في إمكاني الإستمرار بالحمل في هذا الوقت بسبب الوضع المادي، وصديقي أيضاً لم يكن موافقاً على الإحتفاظ بالحمل فاتّخذنا قرار الإجهاض لكني لم أكن أعرف أحداً وكنت خائفة من الذهاب إلى المستشفى فكيف سينظرون إلي وماذا سيقولون؟”.
ولأن الذهاب إلى المستشفى كان متعذراً ذهبت أوليفيا إلى قابلة أعطتها بعض الحبوب التي تناولتها، لتتوالى بعد ذلك أحداث لم تكن متوقّعة.
الإحباط والندم
بعدما كان الذهاب إلى المستشفى متعذراً تدبّر صديق أوليفيا الأمر واتفق مع قابلة أتمّت عملية الإجهاض في منزلها. وقالت أوليفيا “لقد وثقت به، أعطتني السيدة حبتين لأبتلعهما لكنني كنت خائفة على حياتي، كنت أرغب حقًا في الحفاظ على حملي ولكنني لم أستطع بسبب الإمكانيات المالية والمدرسة، فقد اضطررت أن أواصل دراستي”.
بعد تناول الحبوب استمرّ نزيف أوليفيا طوال أسبوع، لكنه لم يكن مجرّد نزيف فقد ترافق مع لحظات فيها الكثير من الألم والندم الشديد، غير أن الندم لم ينته مع انتهاء آلام النزف، فهو يرافق أوليفيا يومياً وهي تشعر به لأنها تعتبر أنها قتلت إنساناً.
وقد أوضحت أنها لم تستطع تحمّل تكاليف الحمل فأجرت عملية الإجهاض “وأيضاً لأن الأهل صارمين بعض الشيء فإن ذلك دفعني لإجراء عملية الإجهاض، كنت خائفة للغاية ولم أستطع الاستمرار في الحمل. ذهبت لرؤية صديقة وأخبرت أختها الكبرى بذلك، قالت إن هناك شخصاً في إمكانه مساعدتي في إجراء العملية. فجاء الرجل وذهبت إلى منزل الصديق وتناولت بعض الحبوب مثل هذه، عندما طلب مني تناول الحبوب بدأت بالنزف بعد يومين. نزفت لمدة أسبوع ومن ثمّ توقف، وفي الأسبوع التالي عاد مرة أخرى. قلت لنفسي إنه لا شيء وبعد ذلك توقف. انقطعت دورتي الشهرية لمدة 4 أشهر، كنت خائفة في البداية، ذهبت لرؤية صديقتي للتحدث إليها عن ذلك وقالت إنه من الأفضل أن أذهب إلى المستشفى، عند ذلك اعترفت لأمي”.
كان علي أوليفيا الذهاب إلى المستشفى منذ البداية وأن يتمّ إرسالها بعد ذلك إلى مركز اجتماعي كي تتمكن من استعادة راحتها النفسية ومواصلة دراستها.
في معظم الحالات الشبيهة بحالة أوليفيا، تجري العديد من الفتيات عمليات إجهاض سرية في بنين خوفًا من مواجهة ردود الفعل السلبية للوالدين والدائرة الإجتماعية والأسرة والمجتمع.
عن القانون وتجارب الفتيات
كارمن كما أوليفيا هي فتاة أخرى أجهضت بسبب نقص الإمكانيات المادية وخوفاً من رد فعل والدها، كان عليها أن تجهض بمساعدة صديقتها وهي لا تزال تستخدم الحبوب، لكن هذا الإجراء كان من الممكن أن يكون قاتلاً بالنسبة لها لأن دورتها الشهرية انقطعت لأشهر بعد آلام مبرحة، وقد دفعها خوفها أخيراً للإعتراف لوالدتها التي رافقتها إلى المستشفى.
تشير إحصائيات وزارة الشؤون الإجتماعيّة إلى أن هناك 200 فتاة تموت سنوياً بسبب الإجهاض المبكر، وقد أكد رئيس قسم الأمراض النسائية في مستشفى أبلاهوي د. سيرياك ناندوهو تلك الأرقام.
ويقول ناندوهو أنه “من 2019 إلى 2021 تمكنت من معالجة حالات أخرى، ثلاث حالات مماثلة، ماتت واحدة واثنتان لا تزالان على قيد الحياة، فقدت واحدة رحمها فيما كان من الصعب إزالته لدى الأخرى لكنها بقيت على قيد الحياة. لا تزال مشكلة الإجهاض السري قائمة، وقد أقرّ المجلس حاليّاً قانون الصحة الإنجابيّة الجنسيّة حيث تم تعديل المادة 17 من القانون القديم، والآن إذا صدر المرسوم التنفيذي سيكون لدينا إطاراً لجميع النساء اللواتي يردن إنهاء الحمل للتعبير عن أنفسهن، حتى أنه يمكننا أن نتناقش معهن”.
وأضاف “في العام 2020 كان عليّ إدارة 26 حالة وهن نساء تتراوح أعمارهن بين 8 و 40 عاماً. في العام 2021 كان لدي 53 حالة اعتداء جنسي بالإضافة إلى حالتين مصابتان بضربات وإصابات غير طوعية لنساء حوامل. في الأسبوع الماضي نقل إلي مركز شرطة كوكيكامي 4 حالات اعتداء جنسي، وهناك 3 حالات زواج قسري من سن 7 إلى 17 – 18 عامًا، أخبرتني الفتيات الصغيرات أن السبب في ذلك هو أن الوالدين أرادوا تزويجهن بالإكراه، ونظرًا لأن لديهن أصدقاء فقد اضطررن للإنضمام إلى هؤلاء الأصدقاء”.
تقوم غالبية الفتيات بعمليّات الإجهاض في بنين بمساعدة أطباء تقليديين تطلق عليهم السلطات لقب الدجالون. يُتم هؤلاء عمليات الإجهاض عن طريق كشط الرحم للفتيات الصغيرات إما في بنين أو في نيجيريا المجاورة، وتكون عواقب ذلك وخيمة على هؤلاء الفتيات اللواتي يبدو لاحقاً أن أمعاءهن ورحمهن بات مثقوباً، وبعضهن أصبحن عاقرات فيما البعض الآخر فقدن حياتهن في النهاية.
وبحسب ناندوهو “في الإجمال ثمّة حالات ستة وقد تحدثت عن حالتي وفاة وقد حصلا بسبب ثقب في الرحم وقد وجدنا قضيبًا من مخلفات العملية لدى إحداهن، الأخريات أعتقد أنهن خضعن لعملية كحت لأن ذلك حصل في نيجيريا ولكن بما أنهن بينينيات أدت التعقيدات إلى نقلهن إلينا.أعتقد أن الفتاتين الأخريين كان عليهما الخضوع للكشط ولكن بسبب تعقيدات الالتهابات أصيب رحمهما بالغرغرينا. شخصيًا هذا هو تقديري، لأننا غالبًا ما نقول إن الاستماع هو أفضل من التصرف التعسفي، لذلك هناك إطار عمل يمكننا من خلاله الاستماع إلى الشخص، ولأننا استمعنا وناقشنا، تمكنا من تحديد الأسباب”.
وتابع: “ربما يمكنها الموافقة على إعادة النظر في قرارها ويمكنها الحفاظ على حملها، ولكن إذا لم نستمع إليها وتركناها تتصرف بحسب أساليبها الخاصة، فلا بد أن تصادف الدجالين وبهذه الطريقة يمكن أن تسلك طريق الموت. إن الإطار الذي تم وضعه هو بمكانه في رأيي، ثمّة مراكز يسمونها على ما أعتقد أصدقاء الفتيات الصغيرات حيث يحاول ضباط الشرطة في تلك الأماكن أو المراكز تبادل التثقيف الجنسي. وفي الكليات يوجد آباء معلمين يتم تدريبهم أيضًا ويستمرون في رفع مستوى الوعي بالنظافة خلال الدورة الشهرية، وما إلى ذلك”.
حول القانون وأهميّة التوعية
بحسب منظمة الصحة العالمية، إن خطر الموت من الإجهاض غير الآمن هو أعلى في إفريقيا منه في بقية العالم.
ولمواجهة هذا الوضع قرّرت الحكومة بمساعدة البرلمان الموافقة على القانون الجديد الخاص بالإجهاض، فقد أقرّ القانون في البرلمان في أكتوبر الماضي وبذلك أصبحت بينين واحدة من الدول القليلة التي أجازت هذا القانون في القارة بعد جنوب إفريقيا والرأس الأخضر وتونس والموزمبيق.
“تعلو الأصوات في بنين التي تعتبر أن الموضوع هو مسألة حياة أو موت”
انتقد رجال الدين الكاثوليك هذا القانون ووصفوه بأنه هجوم على الحياة وبالتالي على القانون الإلهي، فبالنسبة للأب سودوهون كوفي جانفييه كاهن رعية توفيكلين في كوفو، إن الحياة هبة من الله علاوة على أنها ثمينة، لذلك لا يمكن تصوّر إلحاق الضرر بها، وبالنسبة له يجب أن يكون للرجل رأياً في اتخاذ قرار الإجهاض.
إلى جانب الكنيسة، يعارض الزعماء التقليديّون هذا القانون، فبنين مجتمع متجذّر بعمق في التقاليد ويعطي مكانة مهمة للأسرة وكذلك للأطفال، لكن تحاول السلطات في أبلاهوي حث الناس والكنيسة على الاستماع إلى العقل بشأن مزايا مثل ذلك القرار.
وبحسب المحافظ، فإن كل شيء يبدأ بالتوعية وشرح ماهية هذا القانون وتشعباته. أمّا بالنسبة لناندوهو “إن هذا القانون ليس بهذا السوء لأنه في ضوء المواقف التي مر بها بين عامي 2019 و 2020 كان من الضروري اتخاذ مثل هذا الحكم، لأن هذا القانون لا يشجع بشكل مباشر على الإجهاض لكنه يوفر إطاراً للنقاش يسمح للفتاة بمناقشة وضعها، لأنه لا ينبغي أن يكون حلاً اعتباطياً لكن المناقشة ستحدد الأسباب التي تدفع الفتاة إلى الرغبة في الإجهاض. المناقشة يمكن أن تسمح للفتاة أيضًا بإعادة النظر في قرارها”.
ولفت إلى أنه بمجرد صدور القانون “جاء إلي ما لا يقل عن سيدتين صغيرتين أتتا للسؤال عما هو هذا، هل يمكننا الآن القدوم إلى المستشفى لتقديم طلب مماثل؟ فقلت نعم، لكن هذه هي فقط البداية فقد تم تمرير القانون لكن ليس لدينا بعد المرسوم التنفيذي. هناك المساعدة الاجتماعية التي يجب أن ترافق الفتاة في الداخل والأطباء ولكن نظرًا لأننا لا نملك ذلك فهذه مجرد خطوة أولى لذلك يتعين علينا حقًا انتظار عرض الحزمة بأكملها حتى نعرف من يفعل ذلك وأين يمكننا القيام بذلك، من هم المضيفون والتكاليف التي سيتم ربطها بهذه الرعاية”.
وتعلو الأصوات في بنين التي تعتبر أن الموضوع هو مسألة حياة أو موت، لأجل ذلك ولإنقاذ الأرواح فإن القانون وحده لا يكفي وبالتالي لا بدّ من نشر الوعي بالصحة الجنسية والإنجابية فإن ذلك بحسب المعنيين والمطلعين على الموضوع يعتبر مسألة ضرورية.
ما الذي يجب القيام به كي لا تموت بناتنا من دون داع، فهن لا يعرفن إلى أين يذهبن وماذا يفعلن عندما يكن في تلك المواقف العصيبة المرتبطة بحملهن غير المرغوب فيه
فيرونيك توغنيفود
وفي هذا الإطار، تقول وزيرة الشؤون الاجتماعية في بنين د. فيرونيك توغنيفود إن “ثمّة أشخاص لا يفهمون أن ما جعلني أتساهل في هذا الموضوع هو حقيقة أنني كطبيبة أمراض نسائية كان علي أن أواجه العديد من المضاعفات الناجمة عن عمليات الإجهاض السرية هذه، ما جعلني أضع جانباً قناعاتي الدينية من أجل القيام بما يتطلبه الأمر لإنقاذ هؤلاء الشابات”.
وأضافت “ما الذي يجب القيام به كي لا تموت بناتنا دون داع بسبب غياب الملاذ؟ فهن لا يعرفن إلى أين يذهبن وماذا يفعلن عندما يكن في هذه المواقف العصيبة المرتبطة بحملهن غير المرغوب فيه. في كل مرة أكمل نشر التوعية حول منع الحمل غير المرغوب فيه، أشعر أن ذلك بات التزاماً وسنستمر في هذا الاتجاه، لذلك قمنا بزيارة الكثير من المدارس الثانوية لكن مجموعاتنا مفككة، لذلك تتولى الأقسام أيضًا تنظيمها على نطاق أصغر لأننا لا نستطيع الذهاب إلى كل المدارس الثانوية والكليات”.
ولفتت إلى أنه “خلال هذه الحملات تحصل تبادلات فنحن لا نعطي مجرد حصة فقط. لقد بدأنا بالفعل بجمع قطع صغيرة من الورق تحمل أسئلة الفتيات والفتيان وهي ذات أسماء مجهولة لأنه من المهم معرفة ما هي مخاوفهم المتعلقة بهذا الموضوع، وبالتالي من خلال إجابتنا على أسئلتهم نتناقش في جميع الموضوعات بدون محرمات، لأنه من المهم كسر المحرمات بعض الشيء حول هذه الأسئلة، وجعلهم أكثر قدرة على التعبير وإعلان آرائهم، فنحن وبسبب العادات السائدة في مجتمعنا غير معتادين على إعلان مثل تلك الأمور المرتبطة بمواضيع مماثلة”.
وأضافت “تستهدف الحملة الفتيات، الطالبات وأحيانًا غير المتعلمات، وذلك لدفعهم نحو تقدير أنفسهن. بالنسبة لنا، من الضروري أن نكون قادرين على النجاح بدقة في هذا البرنامج”.
آليات اتخاذ قرار الإجهاض
في ما يخص الموافقة على طلب الأم بالإجهاض فإن الأمر بحسب توغنيفود متروك للطبيب ليقرره استنادًا إلى الأسباب المرتبطة بكل حالة، فهو يقرر ما إذا كان يجب إجراء الإجهاض أم لا، لأنه في النهاية يعود الأمر له وحده لاتخاذ القرار.
وتقول “بالنسبة للشابة التي ترغب في إنهاء حملها لأسباب أخلاقيّة وتربوية، أمامها عدة سيناريوهات فهي سترى الطبيب أولاً وستحصل على تعزية لأن الاتصال الأول سيكون وقبل كل شيء لفهم سبب رغبتها في إنهاء حملها، قد يكون هناك حلاً لتجنب القيام بذلك وإذا لم يكن هناك من حل وكان من الضروري تمامًا القيام بذلك، فيمكن إجراء الإجهاض في ذلك الوقت بمساعدة الأخصائيين الاجتماعيين. لماذا؟ تحديداً لأن الناس غالبًا ما يذهبون إلى الجهات المروج لها لشرح مشاكلهم وفي ذلك الوقت يمكننا توجيههم نحو الهياكل العامة التي تم تدريبها لتكون قادرة على إدارة هذا النوع من المواقف. وقد أنشأنا نوعاً من محكمة لقمع الجرائم وهي ستكون قادرة على ضبط هذه الأمور وإدارة تلك الحالات”.
وأضافت “ثمّة أيضاً الكثير من التدابير المتخذة للاستثمار في تمكين المرأة لتمكينها من الوصول إلى الأنشطة المدرة للدخل، وللحصول بنفسها على التمويل الصغير، للإزدهار، فإن ذلك سيسمح للمرأة بالمساهمة بنشاط بدعم نفسها كما سيمكّنها من المساهمة بنفس الطريقة مثل الرجل بتنمية بلادنا”.
وعلى الرغم من كل هذا الجدل الذي يدور حول القانون، فإن أوليفيا وكارمن سعيدتان إلى حد ما بإقراره. لأنه لو كان هذا القانون موجوداً من قبل، لكانتا قد أجهضتا في ظروف جيدة وحتى بدون الوقوف عند رأي والديهم، وكان ذلك سيسمح لهما بمواصلة دراستهما، لأن غالبية الضحايا من الفتيات يذهبن إلى المدرسة وبعد ذلك يجبرن على التوقف عن الدراسة بسبب هذا الوضع.
وتقول أوليفيا في هذا المجال “كنت أفضل ذلك حينها لأنني لو ذهبت إلى المستشفى في ذلك الوقت لكان سيكون من الصعب الاتصال بالأطباء لإخبارهم أنني سأجري عملية إجهاض، ولكن نظرًا لأن القانون أصبح موجوداً الآن، يمكن الاقتراب بسهولة من مساعدة اجتماعية والقول لها بأنك تريد الإجهاض، وهناك يمكنها مساعدتك بسهولة، فهذا أفضل من إجراء عملية إجهاض في المنزل والتي يمكن أن تجلب لك الكثير من المخاطر وفقدان الأرواح”.
وأضافت “أودّ أن أقول إن القانون موجود الآن، إذا كانت لديهن مشكلة خاصة يمكنهن رؤية الفريق الطبي والتحدث عنها، سيرحبون بهن، لم يعد ذلك ممنوعًا يمكنهن الذهاب والقيام بما يلزم وهو أمر جيد”.
ليس الإجهاض والاغتصاب مشكلة الفتيات الوحيدة في بنين، إذ لا يزال الزواج القسري أو المبكّر يشكّل مشكلة كبيرة بالنسبة للفتيات هناك
ومع ذلك لا يبدو القانون وحده كفيلاً بحماية الفتيات، فحمايتهن تتطلب أولاً محاسبة المغتصبين وكل من يسيء إلى حياتهن الجنسية، ويتطلب ثانياً توعيتهن على مخاطر حملهن في سن مبكرة وما لذلك من تأثير على مستقبلهن وحياتهن.
وليس الإجهاض والاغتصاب مشكلة الفتيات الوحيدة في بنين، إذ لا يزال الزواج القسري أو المبكّر يشكّل مشكلة كبيرة بالنسبة للفتيات هناك، وقد وصفته الجمعيات بأنه يتسبب بمحنة كبيرة لهن إذ يتم تزويجهن من كبار في السن قبل بلوغهن سن الـ 18 عاما، بدءاً من الـ 11 والـ 15 عاماً أو بدءاً من أول دورة شهريّة لهن. في شمال البلاد الغارقة في التقاليد، يحصل الرجل على وعد بتزويجه من الفتاة بعد أول دورة شهرية لها، وهي قاعدة تضمن بالنسبة لهم التماسك الإجتماعي.
في تلك المواقف التي يتسبب بها الفقر، غالبًا ما يكون الطفل هو بمثابة المهر لأسرة المرأة.
تلك هي حال إستيل البالغة من العمر 18 عامًا والتي تم اختطافها قسراً للعيش مع عشيقها، ومع مرور الوقت أصبح الاختطاف من أجل حفلات الزفاف مقبولًا من قبل الناس هناك.
تخبر إستيل قصتها فتقول “كنت تلميذة لكن بعد الشهادة المتوسطة لم أعد أذهب إلى المدرسة. قبل صف الشهادة المتوسطة كان هناك صبي يُدعى فيتريس تحدث معي وطلب مني الزواج، لكن والديّ كانا معارضين ولأن والديّ كانا يعارضان قررت الذهاب إلى أخي الكبير في كوتونو. وصلت إلى هناك وبقيت نحو شهرين ونصف ومن ثم قرر أخي الكبير أن أتابع تعليمي في توبو وقرر أن أذهب إلى القرية لإبلاغ والديّ. عندما ذهبت إلى هناك، لا أعرف كيف اكتشف فيتريس ذلك. طلبت مني أمي بإعداد دقيق الذرة فأمسكوا بي وأنا في الطريق، ولأن والديه لم يقبلا أن أتزوجه لأنهما اعتقدا أنني أنا من قرر الذهاب إلى هناك. مكثت لديه واصطحبني إلى قرية تسمى باناتي لم أكن أعرفها. مكثت هناك معه لمدة شهرين على الأقل، وبعد ذلك وجدت نفسي حاملاً، وبدأت الأحداث، كان يضربني ولم أستطع حتى العثور على طعام وفي أحد الأيام قررت بنفسي أن آخذ شيئًا لأشربه وأموت”.
سوء معاملة وضرب
وقعت إستيل ضحية سوء المعاملة، فأرادت قتل نفسها دون جدوى، استطاع أهلها إرجاعها وقد قاموا بعد ذلك بالشكوى والتنديد بما حصل في مركز اجتماعي. وفي تفاصيل قصة إستيل أنها ذهبت إلى المستشفى بعد أن سمّمت نفسها لتموت “تم إبلاغ والدي فأرسل أختي الكبرى لتسألني ما الذي دفعني لأخذ شيء للموت، بمجرد وصولها شرحت لها كل ما كان يحدث، لقد كانت أختي الكبرى هي التي أبلغت والدي عندما ذهب إلى رئيس مركز الدعم الاجتماعي الذي اتصل بنا وقدم النصيحة لفيتريس الذي لم يكن يستمع إليه وكانت الأمور تتواصل وكان يضربني وكان يفعل بي أشياء لا يمكن القيام بها تجاه امرأة. ضربني ولم يعطني طعامًا، كان يضربني حتى وأنا حامل، فأريت الكدمات لمركز الدعم الإجتماعي. بعد أن مكثت هناك أنجبت طفلي وكانت أمي هي التي تهتم بإرسال الطعام لي، قررت العودة إلى أمي ذات يوم إذ أراد أن يضربني مرة أخرى، فهربت وعدت إلى المنزل حوالي الساعة الواحدة صباحًا”.
استمرّ جحيم إستيل حتى بعد أن ولدت طفلها، وللأسف لم يكن والداها يريدان تقديم شكوى لدى الشرطة بما يحصل، “عندما عدت، اتصل بي مركز الدعم الإجتماعي وسأل عما إذا كنت ما زلت أرغب في الزواج منه فرفضت، فبالنسبة لي عندما يكبر طفلي قليلاً سأتابع تدريبًا وقد منحني المركز مبلغ 20000 لأتصرف بها فبدأت نشاطًا تجاريًا وكنت على المسار الصحيح. أثناء القيام بذلك، أصبت بخرّاج في ثديي فذهبت إلى المستشفى وقرر الأطباء إجراء فحص أجريته 12 مرة فدفعت المبلغ الذي منحوني إياه على الرغم من مساعدة إخوتي الكبار لي، وبقي معي 10000 فبدأت عملي مرة أخرى”.
وأضافت “ذات يوم ذهبت إلى السوق وبقيت حتى الساعة 10 مساءً وذهبت لشراء شيء ما ورأيت فيتريس، طلب مني طفله فطلبت منه الحضور إلى المنزل لرؤيته ثم أمسك بالحقيبة التي أضع فيها المال وأخذ منها مبلغ الـ 7000 التي وجدها في الحقيبة حاولت اللحاق بالحقيبة ووجدت نفسي على الأرض لكنني لم أصب بجروح، صرخت وطلبت النجدة ولكنه تمكّن من الفرار. ذهبت إلى الشرطة للادعاء عليه فاتّصلوا بوالدي مرتين ولكنه لم يأت وقرر تركه قائلاً إنه لن يكون ذلك الشخص الذي يرسل أحدهم إلى السجن”.
تشريعات وتمكين إقتصادي وإجتماعي للفتيات
إن ما يحصل في بنين خطير ويستدعي التدخل الفوري من قبل السلطات لوضع حدّ لما يجري ولاتخاذ كل التدابير اللازمة لمعاقبة هذا النوع من الأشخاص.
بحسب وزير الشؤون الاجتماعية في بنين د. فيرونيك توغنيفود إن فيتريس مجرم “وبالتالي إن مرتكبي هذا النوع من الأفعال يتعرّضون الآن لعقوبات سجن شديدة تصل إلى 20 عامًا عندما تكون هناك أعمال بربرية يثبت أنها استمرت لفترة طويلة وعندما تكون هناك بربرية في الاغتصاب. في القانون الجديد عندما يكون هناك اغتصاب، يكون السجن الجنائي من 5 إلى 10 سنوات ولكن عندما يكون هناك حالات يتسبب خلالها المغتصب بالضعف أو بحالات إعاقة للضحية تمتد العقوبة من 10 إلى 20 عامًا”.
وأضافت “إن رؤية رئيس الدولة ورؤية الحكومة في كل ما قلناه، تتمثل في استثمار أكبر قدر ممكن في التعليم من أجل الحفاظ على الفتيات في المدرسة لحمايتهن على مستوى الصحة الجنسية والإنجابية، ولهذا السبب نجد كل هذا الإحساس بالمسألة وكل تلك الإجراءات التي تم وضعها لأننا نعتقد أنها حقًا رافعة لتنمية الأمة في السنوات القادمة. تمكنت تلك النساء وتلك الفتيات من المضي قدمًا في تيار التمكين هذا، وبالتالي التمكن من استمرار الفتيات الصغيرات في الحصول على التدريب والتعليم النوعي من أجل الوصول إلى أقصى حد ممكن، وبالنسبة للنساء أيضًا لن يكون هناك تمكين إجتماعي وإقتصادي فحسب إذ سيتم الاهتمام بصحتهن أيضاً”.
لقد تمّ تمرير قانون في البرلمان بهدف زيادة الوسائل المتاحة لمكافحة العنف ضد الفتيات والنساء، كما تمّ إنشاء مراكز التعزيز الاجتماعي بهدف تحقيق توازن ديناميكي للأشخاص الذين يواجهون أوضاعاً صعبة في بلد تظل فيه النساء أدنى منزلة من الرجال.
ميرفاي أكلوسو هي المسؤولة عن مركز الدعم الاجتماعي في أبلاوي، وقد تابعت حالة إستيل.
تقول إكلوسو “إن حالة إستيل صدمتني قليلاً، فهي كانت تواعد رجلاً عندما علم أنها ستسافر للقيام بتدريب احترافي، فذهب لخطفها حتى لا تهرب منه. قلت لنفسي إنه إذا كنت تحب شخصًا ما حقًا فستتركه لتحقيق مستقبله ويمكنك الانتظار حتى ينتهي من تدريبه فيعود وتعودان معًا، هذا ما فاجأني قليلاً. لقد تناقشنا مع الوالدين في مناسبات عديدة وقد استفادا من عدة زيارات منزلية لكنهما لم يرغبا في الشروع في الإجراء القانوني لأن الرجل هو من دائرة عائلتهم، فهو شخص من بيئتهم ويهتمون قليلاً بنظرة الآخرين إليهم فماذا سنقول لقد أرسلنا أحد الأقرباء إلى السجن؟ تلك هي الحواجز وتلك هي الأشياء التي تمثّل مشكلة بالنسبة إلينا”.
الاختطاف والاغتصاب منتشران بشكل كبير في بنين، وفي الكثير من الأحيان تبقى تلك الجرائم دون دعاوٍ بسبب العائلة التي ترفض التبليغ عما حصل
ميرفاي أكلوسو
تشير أكلوسو إلى أن ممارسة الاختطاف والاغتصاب منتشر بشكل كبير في بنين، وفي الكثير من الأحيان تبقى تلك الجرائم دون دعاوي بسبب العائلة التي ترفض التبليغ عما حصل.
وتقول “نعم في كوفو في الواقع إن المسائل لها علاقة بالثقافة والتقاليد بعض الشيء هنا، فقد استفسرت عن ذلك عندما وصلت إلى هنا وقيل لي إنه على مدى أجيال تلك هي الطريقة التي نتزوج بها من المرأة، فدون خطف المرأة لا قيمة لها. عندما تتزوج امرأة دون أن نختطفها لا قيمة لها في الأسرة. تتمتع المرأة بمكانة أقل قليلاً من الرجل في هذه البيئة”.
وشددت على أن “حالات الاختطاف والمصادرة تعتبر جريمة لذلك عندما تكون لدينا معلومات مباشرة منذ اختطاف الشخص نرسل المعلومات مباشرة إلى الشرطة المسؤولة عن إجراء التحقيقات للعثور على مكان وجوده بمساعدة السيرة الذاتية للشخص ومعارفنا الإجتماعيين ورؤساء الأحياء، وبفضل هذه الشبكة نحاول العثور على مكان الفتاة ثم تقتحم الشرطة المنزل لاستعادة الفتاة. بالنسبة لضحايا الاغتصاب فإن الشرطة أيضًا هي التي تهتم بالأمر بشكل مباشر، ونتأكد من توفير الرعاية النفسية والاجتماعية لهن فنستقبل الضحية ونحاول طمأنتها والتحدث إليها ومدّها بالثقة، ولكن قبل كل شيء وبادئ ذي بدء، يجب أن ترى طبيب الأمراض النسائية كي تتمكن من معرفة مدى الضرر ومعرفة ما إذا كانت بحاجة إلى عمليات وما إلى ذلك… الشرطة مسؤولة عن العثور على مرتكب الاغتصاب ونحن نتابع الإجراء ويتم تقديمه إلى المدعي العام”.
بفضل مراكز الدعم الإجتماعي التي تروّج لها الحكومة، تمكنت الفتيات الصغيرات مثل إستيل من إعادة بناء حياتهن بفضل الأساليب التي يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون.
وقالت أكلوسو “إنهن بحاجة في البداية إلى المساعدة لأنهن محبطات ومصابات بأضرار نفسية، نحاول طمأنتهن لنُظهر لهن أن كل شيء سيكون على ما يرام لتهدئتهن ولإظهار أن كل شيء لم ينته رغم أنهن كن ضحايا عمليات اغتصاب فهذا ليس ذنبهن. نحاول طمأنتهن على وضعهن عبر مدّهن بالثقة كي يحاولن أن يجدن أنفسهن قليلاً، صحيح أنهن غالبًا نساء بدون عمل ولا تدريب مهني، لذلك فإننا نساعدهن بما يسمح لهن بالحصول على عمل مدرّ للدخل. إذا كانت شابة، فيمكننا مساعدتها من خلال الإندماج المهني في دورة تدريبية من اختيارها”.
وأضافت “في الواقع نحن بحاجة إلى التركيز أكثر على التوعية والقمع، هذا ما نفعله، نحن مستمرون في القيام بذلك. لقد أدت التوعية إلى تعميم القوانين من خلال المرور عبر المجتمعات لتوضيح أن ما يفعلونه ليس جيدًا وهو أمر محظور ويعاقب عليه القانون وبدورها تتولى الشرطة موضوع القمع. في الوقت الحالي، نحن نبذل المزيد من أجل إظهار المثال عن حالات عوقب مرتكبوها بموجب القانون، عند تكرار عرض تلك النماذج مرة أو مرتين فهذا يساعد في التهدئة”.
وأوضحت “لا أعتقد أن القانون يحمي المرأة كثيرًا لأنه يجعلها متروكة لذلك يجب أن يكون هناك ما يطمئنهن حتى يعرفن أنهن في مواقف معينة لسن وحدهن، فخلفهن هناك القانون الذي يحاول حمايتهن”.
التعليم الإلزامي
الطريقة الأخرى للنضال هي تعزيز تعليم الفتيات عن طريق التعليم المجاني والالزام القانوني بالتعليم، وهي وسيلة لتعزيز تحرّرهن ومكافحة الزواج القسري.
إن السؤال المطروح الآن على السلطات هو الاستثمار في تعليم الفتاة الصغيرة، في بلد تُزوّج فيه الأغلبية في سن مبكرة على حساب المدرسة.
للقيام بذلك، يجب علينا الآن زيادة الوعي. يتم نشر الوعي من خلال المدرسة والجمعيات والهدف هو أن يتمكنوا من إظهار أهمية التعليم بالنسبة للفتيات وإقناع أولياء الأمور بأهمية التعليم ودوره بالنسبة لهن.
القانون يشدد الإجراءات في ما يتعلق بالمغتصبين المحتملين.. ولكن!
يقول التلميذ في الصف الثانوي الثاني نابوليون تيفي إن “الفتيات يتمتعن بنفس الحقوق التي يتمتع بها الفتيان لأنه في السابق لم يفهم أسلافنا أن الفتيات أكثر ملاءمة للعمل من الرجال، لذلك يجب على الفتيات أيضاً الذهاب إلى المدرسة وأن يصبحن أيضاً كادرات مهمة لها دورها في إدارة المجتمع بشكل أفضل لأنهن يعرفن كيفية الإدارة والاقتصاد أكثر من الرجال في رأيي”.
وأضاف “في ما يتعلق بحقوقهن، فإن الإنصاف ضروري لتنمية أي بلد وبالتالي يجب احترام حقوق كل فرد. تسمح الفتيات أيضًا بتكاثر السكان وهذا أمر جيد جدًا بالفعل، لذلك هن لا يستحققن أن يتم انتهاكهن لأنهن أول من يصنع الأمة. في أيها الأصدقاء والآباء والأجداد توقفوا عن إساءة معاملة الفتيات لأنهن عامل قوي في تطوير البلد، وفي ما يخص الفتيان توقفوا عن اغتصاب الفتيات لأنه من خلالهن تمكنتم من الحصول على الحياة”.
في بنين، لم يعد الإجراء يتعلق بالفتيات بموجب القانون الجديد فحسب، بل يتعلق أيضًا بالنساء والنساء المسنات اللواتي يتعرّضن باستمرار للاغتصاب.
فعلى الرغم من أن القانون يشدد الإجراءات في ما يتعلق بالمغتصبين المحتملين، إلا أن الإجهاض لا يزال حتميا حسب الوزيرة توغنيفود التي قالت إن الأمر “لا يتعلق بالفتيان المراهقين فحسب، بل يتعلق بكبار السن أيضًا. ثمة قضية عن سيدة كانت بائعة عصيدة على جانب الطريق، وثمة منزل مجاور يعيش فيه رجل طلب إليها أنه تبيعه من العصيدة وأن تحضرها له، وقد فعل ذلك ليمسكها ويغتصبها”.
وأضافت “ننظم كل عام اجتماعات عامة لترتيب الأطباء حسب الأقسام، تحدثنا خلال هذه المناسبات عن هذا القانون ولكن ثمة تدخلات كانت مناهضة لذلك وفي المقابل ثمة من يطالبون بتشريع الإجهاض لأن كثر من الفتيات يمتن بالإجهاض السري. إن القانون الذي شاركناه مع المادة 17 القديمة تحدث فقط عن الانقطاعات العلاجية حيث تكون حياة الأم في خطر أو الطفل مشوه، يسأل الزملاء إذا كان هذا هو ما يقتل الناس، هم يعتقدون أنه من الأفضل إضفاء الشرعية على عمليات الإجهاض، وإن احتمال رفض الناس لذلك ضئيل”.
تبدو إجراءات حماية الفتيات في بنين عبر التشريعات والتوعية مسألة ملحة وضرورية، فالموت والقهر والتمييز يتربص بالفتيات البنيات في أي مكان، وما من مكان آمن بالنسبة لهن حتى منازلهن.
بفضل مراكز الدعم الإجتماعي التي تروّج لها الحكومة، تمكنت الفتيات الصغيرات مثل إستيل من إعادة بناء حياتهن بفضل الأساليب التي يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون. وتعمل بنين على تعزيز تعليم الفتيات عن طريق التعليم المجاني والالزام القانوني بالتعليم، إذ ترى في ذلك وسيلة لتعزيز تحرّرهن ومكافحة الزواج القسري.
إلى ذلك، تلجأ السلطات والجمعيّات مؤخراً عبر الرياضة إلى تمكين المرأة ودعم الفتيات ومدّهن بالثقة بهدف تحريرهن من موروثات وتقاليد المجتمع الثقيلة التي تكبلهن وتسلبهن الحرية والأمان والسلام، فبعد المدرسة تنخرط الفتيات في النشاطات الرياضية وأبرزها كرة القدم، وقد بات لكل فريق من فرق الدرجة الأولى فريق نسائي منذ أن اتخذت السلطات القرار بذلك، وتلجأ إحدى الجمعيات أيضاً إلى الاعتماد على كرة القدم كوسيلة للإندماج الاجتماعي والمهني للفتيات الصغيرات.
لأجل ذلك ولد مشروع Milokpehou بهدف جمع الفتيات الأكثر حرماناً لتدريبهن وتعليمهن كرة القدم بعد المدرسة.
تودوم فيديل هي إحدى تلك الفتيات التي أمضت 14 عاماً في هذا الملعب بعد أن بدأت تمارين كرة القدم في عمر العشر سنوات وقد أخبرتنا عن تجربتها بفرح وافتخار: “بدأت بلعب كرة القدم عندما كنت في العاشرة من عمري، كرة القدم هي شغفي، إنها لعبة ممتعة تستمتعون بها في الملعب، إنها لعبة تتطلب الوعي وذكاء”.
وأضافت “أود أن أثبت نفسي في المجتمع عبر كرة القدم التي هي شغفي، أحب حقًا لعب كرة القدم على أرض الملعب ففي كل مرة أقوم بذلك أستمتع كثيرًا حتى أنني أنسى كل المشاكل التي أواجهها”.
لدى فيديل أحلام كبيرة “أحب لاعبين مثل كاكاتو في باريس سان جيرمان، والذي يلعب أيضًا مع منتخب فرنسا لأنه بمجرد دخوله إلى الملعب يبذل قصارى جهده. لدي الكثير من الأحلام في ما يخص كرة القدم مثل اللعب للمنتخب الوطني والسفر، إنه عمل بالنسبة لي وسيسمح لي بالاعتناء بأسرتي”.
الرياضة وسيلة للتحرر وإثبات الذات
بالنسبة لوزير الرياضة أوزوالد هوميكي إن المرأة تتمتّع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل ولا بدّ لها من ممارسة الرياضة وحتى احترافها لأن ذلك مهم لتوازنها وتطورها.
وأوضح هوميكي التالي: “نحن نعلم أن الرياضة، وعلى مستوى عالمي، هي وسيلة للتحرر وإثبات الذات والتنمية المحلية. ثم نعلم جميعًا أن الفتاة الصغيرة في مجتمعاتنا تعتبر أحيانًا أضعف من الرجل، وقد قررت بنين أن تثبت أن ما يمكن للرجل أن يفعله فالمرأة أيضًا قادرة على فعله، لذلك تم إطلاق هذه البرامج التي أظهرت نجاحاً ونتائج مشجعة جداً تثبت أن المرأة قادرة تمامًا على تحقيق المآثر تماماً كالرجل وأن هناك مساواة تامة بينهما من حيث الذكاء والإمكانات، وإن تطوير البلد يتطلب بوضوح مشاركة فعالة من قبل النساء”.
وأضاف “إن بنين محظوظة لوجود امرأة كنائب لرئيس الجمهورية، بنين هي أيضًا بلاد الأمازون، ففي جميع الألعاب الرياضية لدينا فرق رجال وفرق سيدات. وعلى مدى السنوات الثلاثة الماضية حصلت النساء على ميداليات أكثر من الرجال، لذلك فإن هذا يثبت أن الخيار الذي اتخذناه لمنح الفتيات الصغيرات الفرصة لممارسة الرياضة بمساواة مع الرجال هو اختيار جيد وسنواصل تعزيز هذا الخيار”.
وأكد أن خيار بنين هو “الاحتفال بالنساء، بكل ثروتهن، بكل ما لديهن من مواهب وبكل عبقريتهن للتأكيد على أنه قبل بضع سنوات في هذا البلد كان هناك جيش من النساء يسمى الأمازون وقد دافعوا بشجاعة عن أرض الأجداد ولا زالوا موجودون في بنين الحديثة التي تظهرها النساء”.
تضفي تلك المعطيات والمؤشرات الكثير من الإيجابية والتفاؤل والأمل حول ما يمكن أن تصبح عليه بنين في الأعوام المقبلة، وحول وضع النساء والفتيات في ذلك المجتمع التقليدي، فإن مجموع الجهود تلك ستسمح لبنين بالارتقاء إلى مراتب البلدان التي نجحت في تحقيق التكافؤ بين الجنسين، حتى وإن كان أمامها بعد الكثير لتفعله.