تفشي متلازمة طهران في صفوف القاعدة بعد مقتل الظواهري
بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية مقتل أيمن الظواهري في غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار استهدفت مخبأه بكابول في أفغانستان، يبرز اسم سيف العدل كالمرشح الأهم لتولي قيادة التنظيم.
فما خلفية الرجل؟ ولماذا كذب بشأن ماضيه؟ وما تأثير استقراره في طهران على قرارات تنظيم القاعدة؟
بعد مقتل الظواهري.. سيف العدل المرشح الأول لخلافته
تظل الأساطير المصاحبة لشخصية سيف العدل رائجة في أوساط الجهاديين، بينما تكشف وثائق ومراسلات أسامة بن لادن عن حقيقة ”أسطورة سيف العدل“.
وفي إحدى الرسائل المتبادلة في عام 2010 بين أسامة بن لادن، وعطية الله الليبي مسؤول العمليات الخارجية الأسبق بالقاعدة، اقترح الليبي 3 من قيادات القاعدة الذين كانوا مسجونين في إيران، وهم: أبو محمد المصري الشهير أيضًا بـ أبو محمد الزيات، وأبو الخير المصري ، وسيف العدل، لكن “بن لادن” رد على الترشيح قائلًا إن سيف العدل لا يرقى لمكانة القائدين الآخرين وإنه قد يصلح في الأمور العسكرية التي هي دون القيادة العليا.
ووفقًا لتصريحات أدلى بها الدكتور عمرو عبد المنعم، الباحث المتخصص فى شئون الحركات الاسلامية والجماعات المتشددة، لـ ”أخبار الآن“، فإن هناك ثلاثة أشخاص يحملون اسم سيف العدل في تنظيم القاعدة.
وأضاف عبد المنعم: “بخصوص سيف العدل واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، فقد تم القبض عليه لتزايد نشاطه، وكان ينتمي لإحدى المؤسسات الهامة في مصر، وبدأ نشاطه يزداد مع مجموعة تم رصدهم وفصلهم وتم اعتقاله عام 1987 في قضية عرفت بـ قضية إعادة تشكيل تنظيم الجهاد ورقمها 401 لسنة 1987″.
وواصل: “ومكث في السجن قرابة عامين ونصف حتى أفرج عنه اوائل التسعينات، والقضية لم تحول إلى القضاء المدني لعدم كفاية الادلة كما أنها تضمنت ملابسات كثيرة وكان فيها أكثر من شخصية مهمة وكان فيها شخصيات قريبة من إيران مثل محمد الصاوي، وفيها صحفيين وإعلاميين والقضية ضمت قرابة 600 شخص معظمهم من الشرقية والمنصورة”.
ويكشف التدقيق في مسيرة “سيف العدل” الجهادية أنها بدأت عقب خروجه من مصر، في ثمانينيات القرن الماضي، متوجهًا إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، قبل أن ينتقل إلى أفغانستان للقتال ضد القوات السوفيتية، كما أنه لم يكن ضابطًا كبيرًا بالقوات الخاصة المصرية، وإنما خدم كضابط احتياط بسلاح المظلات.
ويقول الدكتور عمرو المنعم: “من السعودية رحل سيف العدل إلى أفغانستان، ولم يكن حينها تنظيم القاعدة قد تشكل لكن كان هناك شخصيات بدأت تظهر، ومنها أيمن الظواهري الذي رحل إلى أفغانستان بعد الإفراج عنه سنة 1983، كما رحل شخص يدعى “أبو حفص” محمد صلاح أبو ستة، وأبو عبيدة واسمه الحقيقي علي البنشيري وهو من عين شمس، وهؤلاء الثلاثة سيشكلون فيما بعد النواة الأساسية لما عرف فيما بعد بتنظيم القاعدة”.
وأُدرج سيف العدل على قائمة أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي منذ عام 2001، ورُصدت جائزة عشرة ملايين دولار قدرها لمن يدلي بمعلومات عنه، وهو مقيم مع أسرته في إيران مع عدد من قادة القاعدة منذ سقوط نظام حكم طالبان عام 2001.
وتزوج سيف العدل من أسماء مصطفى حامد، ابنة الرجل الذي يُعرف بـ“مؤرخ القاعدة” ويشتهر بكنية “أبي الوليد“، وقد نشر قصة زواج ابنته مطلع فبراير/شباط الماضي على موقعه الشخصي “مافا السياسي” الذي يصدر من إيران، في مقال بعنوان “عقد قران سيف العدل : أفراح عرب قاعدة الجهاد فى قاعدة جاور“، يشرح فيه الجوانب العملية والرمزية لهذه الزيجة.
الأسطورة الزائفة.. ماذا تكشف وثائق أبوت آباد عن قيادي القاعدة سيف العدل؟
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور عمرو عبد المنعم: “هناك في أحد المعسكرات التي تسمى “الجور” أو الجورة” كانت مجموعات الجهاد المصري تمكث هناك وفي بداية العام 1990 تعرف أبو الوليد على سيف العدل وكان يمازحه أحيانا بالقول أذكى ما فيك أنك انتميت للقاعدة”.
وبالتدقيق في رحلة مصطفى حامد.. يمكن رؤية أعراض مرض يمكن تسميته بـ ”متلازمة طهران“ بوضوح، ويظهر ذلك في كتاباته. فقصته مشهورة وموثقة، فقد احتُجز مع أسرته لسنوات في إيران، وفي عام 2011، سُمح له بالعودة إلى مصر، ومع ذلك بعدما وجد نفسه منفردًا في بلده قرر العودة إلى إيران، مثل الأسماك التي لا تستطيع البقاء على قيد الحياة خارج الماء، لم يستطع حامد البقاء خارج إيران.
ولسنوات طويلة.. ثارت التساؤلات حول سبب بقاء سيف العدل في إيران، على الأقل منذ عام 2015 حين عقدت القاعدة صفقة مع طهران تم بموجبها تحرير أعضاء التنظيم هناك وسُمح لهم بالسفر إلى الخارج، لكن سيف العدل لم يغادر!.
والآن.. لم يعد أمام القاعدة خيارات عديدة للأشخاص المرشحين لإمارة التنظيم في مرحلة ما بعد أيمن الظواهري، ولكن ترشُّح سيف العدل لهذا المنصب سيثير العديد من التساؤلات حوله، خاصةً مع استمرار علاقته بالاستخبارات الإيرانية.
ويضيف الدكتور عمرو عبد المنعم: “وجود سيف العدل على رأس القاعدة حتى الآن غير محسوم، لأن الهيكلية التنظيمية للقاعدة تؤكد على ضرورة أن يكون من يتبوأ هذا المنصب نقي العقيدة، وسيف العدل على علاقة بإيران إلى حد كبير وبالتالي يمكن أن يحصل اختراق للتنظيم وخلاياه المنتشرة في العالم”.
وأردف: “بالإضافة إلى أن سيف العدل من الناحية الشرعية ليس قويًا، كما أن من سيتولى القيادة العليا لتنظيم القاعدة يجب أن يتمتع بقيادة عسكرية صلبة عاصرت المعارك التي خاضها التنظيم في مختلف جبهات الصراع”.
ويمكن القول إن سيف العدل، الذي يصوره البعض داخل تنظيم القاعدة كقائد كاريزمي، لا يبدو أنه يتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة التنظيم بالفعل، إذ يرى أصدقاءه وخصومه أنه لا يمتلك الذكاء الكافي لأداء مهامه، كما أنه يتصف بالبراجماتية والتي تضاف إلى قائمة طويلة من الصفات غير الحميدة التي يُوصف بها الزعيم المحتمل للقاعدة.