مصطفى حامد.. مؤرخ القاعدة المصاب بمتلازمة طهران
من مكانه في إيران.. يحاول مصطفى حامد المُلقّب بـ ”مؤرخ القاعدة“ أن يلفت الأنظار إليه بتصريحات تفضح علاقاته بطهران باعتباره أحد رؤوس المتشددين.
فبعد أيام من مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بضربة صاروخية أمريكية في كابول، هاجم حامد اتفاقيات الدوحة والتي من بينها مطالبة جماعة طالبان بقطع علاقاتها كليًا بتنظيم القاعدة، معتبرًا أن مقتل الظواهري في كابول مؤامرة كبيرة، زاعمًا أن العملية تمثل جزء من قطع طريق الحرير الجديد للصين.
من هو مصطفى حامد وما هي علاقته بإيران؟
وللإجابة على هذا السؤال، قالت د. دلال محمود، أستاذ مساعد العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن مصطفى حامد كان جزءًا من علاقة إيران بتنظيم القاعدة، وهذه ليست جديدة عليه وهو يرى أن إيران لها مشروع إسلامي وهي تدعم المسلمين شيعة وسنة، وهذه كانت نقطة خلافية بينه وبين بعض قيادات القاعدة.
وفي البداية، كان التحفظ على التعامل مع إيران على اعتبارها شيعية، لكن الرد الذي كان يسوقه مصطفى حامد في سبيل تقريب المسافات هو أن الإسلام هو الأصل والمذهب هو الفرع، وإيران تعمل على نشر الأصل، ووجود دولة اسلامية.
وتُعد علاقة مصطفى حامد بإيران من أكثر النقاط المثيرة للجدل في حياة هذا الرجل، ويقول إنه دخل إيران مضطرًا وكاد يُقتل خلال عبوره الحدود بصحبة مجموعة مجاهدي حزب النهضة الطاجيكي، خلال فراره من الغزاة عام 2001، وبعد ذلك اعتُقل في إيران لنحو 10 سنوات إلى أن غادرها مع أسرته إلى مصر في 2011 بعد إطلاق سراحه.
لكن هذه الرواية مجتزأة ومحرفة، فالرجل كان همزة الوصل بين النظام الإيراني والجماعات الجهادية في أفغانستان، واستطاع تطوير علاقات قوية مع الطرفين وأصبح وسيطاً مقبولاً بينهما.
أعراض متلازمة طهران
كما مثّلت عودته إلى إيران مجددًا صدمة لجميع المراقبين، ففى أواخر سبتمبر 2016 غادر مصطفى حامد مصر متجها إلى قطر ومن هناك عاد إلى إيران، فما الذي دفعه ليعود مختارًا ويسلم نفسه طوعًا لمن ندم قبل ذلك على وثوقه بهم بعدما قيدوا حريته وأذلوا أسرته وسببوا المعاناة لأقاربهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها من أجل إنقاذهم من الأسْر الإيراني؟!.
ويحمل حامد مسؤولية اعتقاله في إيران مع غيره من القيادات في 2001 إلى المجاهدين العرب في أفغانستان، ومن الممكن أنه يرى أن عدم التزامهم بالتعليمات أوجد فرصة لملاحقتهم أمنيًا، كما أوجد فرصة لمكافحتهم من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي عملية مطاردة القيادات اضطر إيران إلى أن تضع حد حتى لا تتحول هي الأخرى إلى هدف لهذه المكافحة.
هجوم مصطفى حامد على السلفية الجهادية
ومن مواقفه المثيرة للجدل أيضًا.. هجومه على السلفية الجهادية، ففي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2021 كتب مقالا بعنوان “موقف السلفية العربية من الإمارة الإسلامية” هاجم فيه أعضاء القاعدة الذين لا يزالون يدعمون أميرها الثاني، أيمن الظواهري، بشراسة دون أن يسميهم بل اكتفى بمناداتهم بـ ”السلفية العربية“، واتهمهم بأنهم يحاولون نسبة انتصار طالبان لهم وبالتالي شكلوا تهديدًا لحكومتها، وحذر من لجوء الجهاديين بشكل استفزازي إلى أفغانستان بعد وصول طالبان للحكم في أغسطس/ آب 2021، دون التنسيق مع الحركة أو مراعاة حساسية موقفها.
وتقول د. دلال محمود أن اتهامات حامد للسلفية الجهادية نابعة من أمرين: الأول هو ان التنظيمات التي تتبع السلفية الجهادية ومنها القاعدة ثم داعش بتصرفاتها الغير مسؤولة أجبروا الدول الكبرى على مهاجمتهم، ومن وجهة نظره لو كانوا انضموا إلى طالبان في فترة حكمها الأولى خلال التسعينات كان يمكن أن يحقق دولة اسلامية مركزية عالمية، وكانت نقطة خلاف كبيرة بينه وبين قيادات القاعدة بدءاً من أسامة بن لادن إلى القيادات اللاحقة، وكان يرى بأنه لو بايع تنظيم القاعدة طالبان أو حل نفسه ليصبح التنظيم العالمي فإنه كان سيوحد حركة الجهاد في العالم.
ولا يمكن الحديث عن مصطفى حامد دون التطرق إلى علاقته الوثيقة بـ سيف العدل، القيادي البارز في القاعدة والمرشح الأول لخلافة الظواهري في إمارة التنظيم، وقد تزوج سيف العدل من أسماء ابنة مصطفى حامد.
وفي هذا الصدد، تقول د. دلال محمود أن كتابات مصطفى حامد كانت مليئة بعبارات الإعجاب بسيف العدل، بدءًا من أنه صهره وزوج ابنته الكبرى أسماء، أيضًا الحماسة التي وجدها بسيف العدل، وفي أكثر من مناسبة تكلم عن بدايات التعارف بينهم حيث كان سيف العدل ينفذ عمل ضد بعض قيادات القاعدة المنشقين أو المخالفين للرأي ما كان سيسبب ضرر، وبهذا وجد فيه شاب يحمل صفات القائد وحماسة الجهاد، ولديه مشروع لإقامة دولة إسلامية مركزية ولديه القدرة على ذلك، وبالتالي هو يتطابق مع مصطفى حامد على المستوى الفكري.
وبالنظر إلى قصة مصطفى حامد، واعتقاله هو وأسرته في إيران، مرورًا بعودته إلى مصر بعد مطالبات عديدة بإطلاق سراحه، وصولًا إلى عودته إلى إيران طواعية بعد ذلك، يصبح واضحًا جليًا أن هذا الرجل جزء أصيل من العلاقة الارتباطية بين تنظيم القاعدة وإيران رغم الاختلاف الأيديولوجي بينهما، وأنه من أحق الأشخاص بلقب المريض الأول بمتلازمة طهران.