لماذا اختار سيف العدل الإقامة في إيران؟
علاقة جمعت النقيضين في معسكر واحد.. ورأى كل طرف بالمعسكر أنه يستخدم الآخر ويسخره لخدمة أهدافه، فالقاعدة رأت في إيران الملجأ والمعبر الآمن في عصر تتداعى عليها الدول والقوى الدولية وتطارد عناصرها حول العالم، بينما كان الإيرانيون أعمق مكرًا وأطول نفسًا في هذه العلاقة.
فبعد عقدين تقريبًا من احتماء التنظيم ببلادهم أصبح لهم عليه الكلمة النافذة بشكل غامض حتى بالنسبة لمنتسبي التنظيم أنفسهم، الذين يجهلون الوجهة التي يُساقون إليها بعد ارتماء قادتهم في قبضة طهران وارتهانهم لقرارها.
وفي هذا الصدد، يقول حسن أبو هنية، الباحث في شؤون الجماعات الجهادية في مقابلة خاصة مع أخبار الآن: ”تنظيم القاعدة منذ تأسيسه ارتكز على الحجازيين منطقة الخليج والسعودية تحديدًا والمصريين، والجناح المصري كان له صلات تاريخية طويلة مع إيران ، كانت تدعى الجماعة الإسلامية، جماعة الجهاد، الظواهري وغيرهم إلى إيران بشكل دائم وبالتالي هذه العلاقة نسجت في مرحلة مبكرة“.
ويضيف: ”عندما تشكل تنظيم القاعدة والجبهة الاسلامية لقتال اليهود والصليبيين عام 1998 وانضم بالتالي جناح الجماعة الإسلامية في ذلك الوقت وكذلك جماعة الجهاد الظواهري بعد الانقسام وخروج الدكتور فضل سيد إمام الشريف، بقيت العلاقات مع إيران وهي لم تنقطع، فالعامل المشترك ليس فقط مع القاعدة إنما كل الجهادية العالمية والإسلام السياسي هي العداوة مع الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل والأنظمة المحلية“.
سيف العدل ومصطفى حامد.. أبرز المصابين بمتلازمة طهران
ومن الواضح أن قادة القاعدة في إيران أصيبوا بما لا يمكن وصفه إلا بـ ”متلازمة طهران“، فطوال سنوات عديدة لم يستنشقوا إلا هواء إيران ولم يشربوا سوى مياهها حتى صار ولاؤهم لها ولم يعودوا يعرفون لهم وطنٌ سواها، وأضحت طهران عاصمة التنظيم الدولي للقاعدة.
ومن أبرز المصابين بمتلازمة طهران.. الثنائي، سيف العدل، ومصطفى حامد.
ويقول أبو هنية: ”إذا نظرنا كمثال إلى مصطفى حامد أبي الوليد المصري الذي يمتلك علاقة وثيقة مع طالبان أو القاعدة ويكتب افتتاحيات في طلائع خرسان، يدافع عن هذه العلاقة مع إيران ويعتبرها استراتيجية وينظر إلى الثورة الإيرانية على أنها نموذج كبير“.
ويضيف: ”وسيف العدل كذلك رغم أنه لا يظهر ذلك كثيرًا إلا أنه يؤمن في هذا بشكل كبير، وأعتقد أنه حتى عندما تمت صفقة التبادل ليس فقط الإيرانيون هم من منعوا سيف العدل من الخروج إنما هو شخصيًا رفض الخروج من إيران وأصر أن يبقى في حماية إيران وهذا نتيجة البعد التاريخي للعلاقة بين الجماعات الإسلامية والقاعدة بمكوناتها المختلفة مع إيران“.
علاقة طهران مع القاعدة قد تمنحها القدرة على التدخل في اختيار الشخصية التي ستخلف أيمن الظواهري في زعامة التنظيم، فقد أصبحت المحرك الرئيسي والأساسي للقاعدة والملاذ الحقيقي لقياداتها الحالية وخلفائهم المنتظرين كذلك، من أجل استخدامهم في مواجهة أعدائها.
ويوضح حسن أبو هنية أن لإيران تأثير كبير على الحالة التي وصل إليها تنظيم القاعدة، فالعلاقة بين إيران والتنظيم علاقة استعمالية، فبعد أحداث سبتمبر لجأ أكثر من 500 من قادة القاعدة وعوائلهم إلى إيران، حيث كان يتم تصنيفهم بحسب من هو مع إيران ومن هو ضدها.
وأردف أبو هنية: ”كان هناك استخدام لهؤلاء حيث احتفظوا بهم أحيانًا كرهائن، وهذا الأمر سبب مشكلة لتنظيم القاعدة وأتباعه وأنصاره وكان عاملاً أساسيًا في إضعاف القاعدة وظهور تنظيم داعش“.
وفي الوقت الحالي.. تستضيف طهران أغلب قيادات القاعدة المتوقع أن يخلف أحدهم الظواهري، وبعد مقتله، نرى هؤلاء مُتحفظ عليهم في إيران، وبذلك تضمن طهران التحكم في التنظيم أيًا كان اسم زعيمه المقبل، طالما كان من ضمن المقيمين على أراضيها.