في خطوة جديدة، فرض البرلمان الأوروبي عقوبات على 11 فرداً إيرانياً وأربعة كيانات، وذلك لدورهم في مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني وقمع الإحتجاجات المستمرة. وأضاف المجلس الأوروبي، وهو المؤسسة التي تحدّد التوجّهات السياسية العامة وأولويات الاتحاد الأوروبي، هؤلاء الأفرد وتلك الكيانات إلى قائمة الإتحاد الأوروبي للأشخاص الخاضعين لإجراءات تقييدية، في سياق نظام عقوبات حقوق الإنسان القائم على إيران.
وقد دان الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الاستخدام الواسع النطاق وغير المتناسب للقوّة ضدّ المتظاهرين السلميين، معتبراً أنّ ذلك غير مبرر وغير مقبول. وتتكون أحدث الإجراءات من حظر السفر وتجميد الأصول، بالإضافة إلى حظر مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي من إتاحة الأموال للأفراد والكيانات المدرجة في القائمة. وتشمل العقوبات أيضاً حظراً على الصادرات إلى إيران من المعدات التي يمكن استخدامها لقمع الاحتجاجات ومعدات لمراقبة الاتصالات والمراقبة.
عبير السهلاني “تقص شعرها”
في الرابع من شهر أكتوبر الجاري، انتشر إسم النائبة في البرلمان الأوروبي عبير السهلاني (Abir Al Sahlani)، السويدية، ذات الأصول العراقية، التي قدَّمت خطاباً لاذعاً من على منصة البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية، مفاده ضرورة الوقوف بوجه النظام الإيراني وإدانته لقتل شعبه، معترضةً على سياسة السكوت عن ارتكاباته بحق شعبه.
في ذلك الخطاب، انضمت النائبة السهلاني إلى حملت النساء الايرانيات والمتضامنات معهنَّ اللواتي قصين شعرهنَّ، إذ أمسكت مقصّاً وكرّرت شعار التظاهرات الشهير “إمرأة، حياة، حرية” بينما كانت تقصّ شعرها، ثمّ غادرت المنصة بعد تهجمها بالمباشر على جوزيب بوريل (José Borrell) ممثل الإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بسبب مواقفه التي وصفتها بتلك التي تفتقر للشجاعة المطلوبة، وذلك لأنَّه لم يقم بـ”اغتنام الفرصة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة” للدفاع عن المرأة الإيرانية. وأضافت: “يكفي بيانات صحافية الآن، يكفي تلعثم، حان الوقت للتحدّث بصوت عالٍ حان وقت العمل”.
ما هو سبب غضب السهلاني ممَّا يجري في إيران؟
في ذلك السياق، أجرت “أخبار الآن” مقابلة مع النائبة السهلاني للوقوف عند عملها البرلماني دعماً للقضية الإيرانية، ولمعرفة ماذا دار في البرلمان الأوروبي بعد موقفها العلني، وما إذا كان قد أنتج تغيّراً في السياسة الأوروبية تجاه النظام الإيراني. وقالت بدايةً في سياق تفسير مواقفها، “قبل الصعود إلى المنصة جمعت مشاعر الأمهات والنساء الإيرانيات، وما قمت به يأتي لأنَّني أستطيع تخيّل عمق الوجع الذي يشعر به الأهل إنّ تم قتل أبنائهم أو بناتهم، وفي إيران، الأهل حتى لا يقدرون توديع الأولاد في الرحلة الأخيرة، فانظروا ما حدث مع نيكا شاكرمي التي قتلت وأخفى النظام الإيراني جثتها لـ 10 أيام من ثمّ أتت الجثة وتمّ ت عرقلة الدفن”.
وأضافت: “تلك المشاعر كلّها كانت في داخلي عندما ذهبت إلى المنصة بعد كلمة جوزيب بوريل الذي تحدث بصوت خافت ولم يذكر نساء إيران في كلمته، لذلك اعتبره قيادياَ فاشلاً فهو لم يمتلك الشجاعة للقول إنَّ مطالبات النساء الإيرانيات شرعيّة وعلينا دعمهنَّ، في وقت تأخذ فيه حقارة ذلك النظام وغياب الإنسانية أبعاداً مستحيلة لم نكن نتصورها”.
ميوعة الإتحاد الأوروبي في التعامل مع الملف الإيراني
السهلاني قالت لـ”أخبار الآن” إنّ “حرب بوتين الدامية تأخذ الجزء الأكبر من الاهتمام الأوروبي لأنَّها تدور في قلب أوروبا، وتأتي بعدما قالت كل القيادات الأوروبية وسط القرن العشرين، أي بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، علينا التعلُّم من تلك التجربتين الأليمتين، ليأتي بوتين بحربه وتكون الصدمة، فتشتت الموقف الأوروبي من جرائم النظام الإيراني على ضوء الانشغال في تلك الحرب”.
وأضافت: “السبب الثاني يتمثل باعتبار الاتحاد الأوروبي إيران دولة مستقرة مع الأسف، فمهما كان طغيان نظام الملالي على الشعب الإيراني، إلا أنَّ إيران بنظر الإتحاد دولة مستقرة في الشرق الأوسط ليست كلبنان والعراق وسوريا مثلاً أو غيرها من الدول التي تعاني أزمات مختلفة”. أما السبب الثالث، بحسبها، فهو “محادثات الاتفاق النووي الايراني التي تجمع أوروبا بالنظام الإيراني”.
الخطوات التي يجب اتخاذها
السهلاني، كانت من أولى أعضاء البرلمان الأوروبي الذين عملوا منذ مقتل مهسا أميني على معاقبة النظام الإيراني، وربّما تكون الوحيدة. وهي قد اقترحت في البرلمان حزمة من القوانين التي من شأنها محاسبة ذلك النظام على جرائمه. وتتحدث عمَّا اقترحته في لجان البرلمان المرتبطة بالشأن الإيراني، قائلةً: “يجب تحجيم السفارات الايرانية في دول الاتحاد الأوروبي لأنَّ النظام الإيراني يستخدم تلك السفارات لترهيب الايرانيين الموجودين في أوروبا، وعلينا أيضاً أن نؤمن للشعب الإيراني حقّ الوصول إلى شبكة الإنترنت لأنَّ النظام اليوم يمنع دخول الصحافيين ويقطع الانترنت وبالتالي البروباغندا الإيرانية وحدها هي التي تُضخ في الإعلام، بالإضافة إلى ضرورة تجفيف الموارد التابعة لرجال الأعمال في المصارف الأوروبية”.
مواجهة لوبي الملالي ووضع حزمة عقوبات
السهلاني أكَّدت لـ”أخبار الآن” يقظتها من اللوبي الإيراني المنتشر حول العالم، والذي يهدف لتلميع صورة النظام رغم كلّ ما يرتكبه. وذلك اللوبي بحسب معلومات خاصة لـ”أخبار الآن” يُدار من عواصم عالمية عديدة، ويضمّ شخصيات تُظهر على مواقع التواصل الاجتماعي وقوفها بصف المتظاهرين وتدعمهم، فيما على أرض الواقع تكتب تقارير لنظام الملالي حول الإيرانيين الذين يؤيّدون الانتفاضة، لاسيّما الذين يشاركون في التظاهرات التي تقام في العواصم الأوروبية، ذلك ما أكَّدته لنا ناشطة إيرانية تمنَّت عدم ذكر اسمها.
في السياق، تقول السهلاني: “تلقيت تحذيرات من شخصيات إيرانية عديدة في أمريكا وكندا عن بعض المنظمات التي تتبع للوبي الإيراني، ونقلت للجهاز الأمني لدى البرلمان الاوروبي ضرورة التنبه من بعض الأمور التي تدور في الأفق، وذلك لمنع اللوبي الإيراني والحكومة الإيرانية من الدخول إلى قبَّة البرلمان لأنَّنا نؤمن بالحرية”. وأضافت: “يوم شنَّ بوتين حربه على أوكرانيا، منعنا اللوبي الروسي من الدخول إلى البرلمان الأوروبي، لذلك يجب اليوم منع اللوبي الإيراني المرتبط بنظام الملالي من الدخول إلى البرلمان الأوروبي”.
شاهدوا أيضا: النظام الإيراني دمَّر حياتي.. تعرّفوا على قصَّة بيجي كرامي التي قتلوا والدها وشقيقها