في ختام المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، ضَمَنَ شي جين بينغ 5 سنوات إضافية في الحكم، ووضع لجنة دائمة تجاهر بولائها له لا للحزب. لكنّ مشاهد إخراج الرئيس الصيني السابق “هو جينتاو” من القاعة، كان المشهد الأكثر جدلأً، فلماذا أخرج؟
- قبل طرد الرئيس السابق كانت هناك جلسة سرية لاختيار أعضاء اللجنة الدائمة
- الرئيس السابق اعترض على الأسماء فأطفوأ مذياعه وطرد مع دخول الصحافة إلى القاعة
- اعتراض “”هو جينتاو”” وغيره يأتي بسبب عدد من التعيينات منها تعيين لي شيانغ بمنصب الخلف
اختتم الحزب الشيوعي الصيني الحاكم مؤتمره العام السنوي في العاصمة الصينية بيكين يوم السيت 22 أكتوبر، بعد جلسات “فولكلورية” امتدت لـ5 أيّام متتالية. المؤتمر أعلن لجنته المركزية الجديدة التي تضمنت 205 اسماً بينهم 11 إمرأة، يتميزون بالولاء المطلق للرئيس شي جين بينغ نفسه، الذي بدوره ضَمَنَ ولاية رئاسية ثالثة والبقاء في الحكم لما لا يقل عن السنوات الـ5 المقبلة واستمرار تزعمه للقوّات المسلحة الصينية. في الجلسة الختامية التي عُقدت يوم السبت عيَّنت اللجنة المركزية أعضاء المكتب السياسي الـ25 إلى جانب أعضاء اللجنة الدائمة التي تملك وحدها سلطات حقيقية في البلاد إلى جانب شي جين بينغ.
تألفت اللجنة الدائمة من 7 أسماء تعتبر الأكثر دفاعاً عن شي جين بينغ وإطاعةً له، في حين أُجبر الرئيس الصيني السابق “هو جينتاو” (Hu Jintao)، الذي كان جالساً إلى جانب شي جين بينغ، على الخروج من القاعة العامة قبل إعلان أعضاء تلك اللجنة أمام الإعلام الصيني والعالمي،
فما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء طرد رئيس سابق للحزب والبلاد خارج قاعة المؤتمر؟ وماذا عن أعضاء اللجنة الدائمة؟ وهل من رابط بين الملفين؟
لماذا طرد شي جين بينغ “هو جينتاو”؟
مشاهد طرد جينتاو من المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام العالمي. في حين يبقى السؤال عن سبب اتخاذ شي جين بينغ هذا القرار لاسيما أن عدسات الإعلام وثقتها، ما يعني أنَّها كانت حاضرة. في ذلك السياق، تشرح الباحثة الصينيّة المتخصصة بالحزب الشيوعي الحاكم جنيفير زينغ (Jennifer Zeng)، تفاصيل الحادثة وما حصل قبل الطرد. وتقول في حديث خاص لـ”أخبار الآن“: “بدأ المؤتمر السنوي العام للحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر واستمر لـ7 أيام، وقد أُخرج الرئيس السابق هاو جينتاو في 22 أكتوبر، بالتالي نظرياً طيلة تلك الفترة الزمنية، كانت هناك اجتماعات يومية تتمّ فيها مناقشة أسماء جديدة لتولّي اللجنة الدائمة، وفي اليوم الأخير من المؤتمر أي حين تمّ إخراج جيتاو، هو اليوم الذي يفترض بهم أن يصوتوا فيه، أو بالأحرى أن يوافقوا على الأسماء المطروحة على القائمة”.
وتُضيف زينغ: “قبيل إخراج جينتاو من القاعة كانت تقام عملية تصويت سرية لم يسمح للصحفيين الصينيين أو الأجانب حضورها وهكذا لم يعرف أحد ما حصل فعلاً في تلك الجلسة، إنَّما من الواضح أن هاو جينتاو كان يشارك فيها أيضاً ولكن قبل السماح للإعلاميين الأجانب بالدخول، كان لهاو جينتاو تصريح معين ووجد أنّ مذياعه كان قد أُطفىء عمداً وأدرك أنّه تمّ إسكاته عنوةً”. وتوضح مقاطع الفيديو غضب الرئيس السابق الذي أسكت، وتقول زينغ: “لربما عندها قرر شي جين بينغ أنه حان الوقت لإخراجه من القاعة”.
الحكومة الصينية علَّلت ما حصل، أي مشهد اقتياد سلف تشي خارج القاعة وكأنّه متهماً أو مجرماً، بأنّ ذلك يعود لحالته الصحية. واللافت في الأمر أنَّ الحكومة الصينية أصدرت هذا التوضيح على صفحتها الرسمية الناطقة بالإنكليزية في حين لم يصدر أي شيء باللغة الصينية، أي كتوضيح للمواطنين.
تقول زينغ في ذلك السياق لـ”أخبار الآن“: “أصبح اسم هاو جينتاو محظوراً في الصين، وتوضح المعلومات أنّ طرده يعود للفرضية التي تقول إنَّ هاو جينتاو اكتشف في الدقيقة الأخيرة أنّ أسماء القادة الجدد سيكون مغايراً لما ورد في اللائحة فغضب كثيراً وأراد إثارة هذه المسألة والتصويت ضدها، لذلك تم اسكاته وطرده”.
تصرّف تشي ذلك يرى فيه البعض هدفاً آخر أبعد من إسكات سلفه، إذ اعتبر ناشطون وصحافيون صينيون ومنهم الباحثة جنيقير زينغ، أنّ تشي الذي ينوي البقاء في الحكم إلى الأزل، سجَّل موقفاً للحزبيين والسياسيين وعموم المواطنين مفاده أنَّه الزعيم الوحيد وأن قراراته منزلة ولا تتبدَّل فالقوة كلّها معه.
وهنا تقول زينغ: “يقول تشي في ذلك التصرّف للقيادات: لا تُشكّكوا في قوتي بعد اليوم، لأنَّه بالأساس وقبيل انعقاد المؤتمر الـ20 للحزب الحاكم برزت شائعات كثيرة عن استبدال تشي بشخصية أخرى، وقيام قادة الحزب الكبار والمتقاعدين بتحرك لإزاحته، وبالتالي، أثرت هذه الشائعات على قادة الحزب المتوسطين والصغار الذين لم يعرفوا قائداً غيره، وهكذا أراد تشي أنّ يظهر للجميع بأنه ما من فصائل أخرى داخل الحزب الحاكم وأنَّه من الآن فصاعداً هو الزعيم الوحيد الذي يفترض بهم أن يستمعوا إليه”.
ما هو الاسم الذي عارضه الرئيس السابق؟
على ذلك الخط، تشير معلومات “أخبار الآن” التي أكَّدتها الباحثة جنيفير زينغ في حديثها، إلى أنَّ الاسم الأبرز الذي عارض الرئيس الصيني السابق جينتاو وضعه ضمن اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي الحاكم، وهي اللجنة الحاكمة فعلياً عى الأرض، هو رئيس الحزب في مقاطعة شانغهاي لي شيناغ (Li Qiang) الذي كسر تشي كلّ الأعراف والقوانين لتسليمه منصب “خلف الرئيس” (China’s Premier)، ذلك المنصب الذي يُعطى دائماً لمن شغل في السابق مهام نائب الرئيس، إنَّما تشي سلمه لشيانغ نظراً لحساسية هذا المنصب وقدرة تشي على حفظ ماء وجهه أمام الصينيين إن استلم شيناغ الحكم بعده.
زينغ شرحت لـ”أخبار الآن” أسباب اختيار تشي لشيناغ قائلة: “ظنّ كثيرون أنّ لي شيانغ لن يحصل على ترقية نظراً للاعتراضات الجمة التي واجهته لدى فرضه الأقفال التام في شانغهاي الذي أثَّر سلباً على كثيرين وعلى الاقتصاد في المدينة، لذلك اعتبر الناس أن آداءه هذا سيء وأنه سيعاقب عليه أو يجدر به أن يُعاقب عليه ولكن المفاجأة كانت أنه قد نال مكافأة على ما فعله وبالتالي فإن شي جين بينغ نفسه قد تعرض لحملة كبيرة من الانتقادات والشكوك حيال السياسة التي انتهجها لعدم تسجيل أي إصابات بفيروس كورونا وهكذا كان هدفه أن يعتمد خلفه أو رئيس وزرائه السياسة نفسها للحؤول دون مطالبة أحد بإلغاء تطبيق هذه السياسة أو البدء بانتقادها، ولهذا السبب بالذات عمل على ترقية لي شيانغ أي لكي يضمن عدم الإطاحة بسياسته أو الإزاحة عنها”.
تشي إذاً، أراد أن يحرص على أنّ خلفه أو أنّ المقربين منه يطبقون سياسته، وترقية شيناغ كما وصفتها زينغ، تأتي تقديراً لنهجه القاسي والوحشي الذي نفذ سياسة صفر إصابات كورونا التي وضعها تشي بجدارة واتقان. وبذلك، تختم جنيفير زينغ ححديثها لـ”أخبار الآن” بالقول: “كما نقول في الصين، هناك منطقان في العالم، المنطق العادي ومنطق الحزب الشيوعي الصيني”.
شاهدوا أيضاً: بالعين المجردة 16 | نكشف بالوثائق هيمنة الصين على قرارات الامم المتحدة للإطاحة بمسلمي الإيغور