جائحة الكوليرا في سوريا تضع مواطنيها في خوف شديد
- بلغ عدد الإصابات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام 21 ألفاً و483 حالة
لم يلبث للسورين الخروج من تداعيات التي فرضها عليهم شبح وكابوس كورونا ليدخلوا بكابوس الكوليرا والذي أصبح انتشاره في مخيمات شمال غرب سوريا ليس أمرا متوقعا بل بات حقيقة، بعدما دقت السلطات الصحية في شمال غرب سوريا “ناقوس الخطر“، كاشفةً عن تسجيل المئات من الإصابات بمرض “الكوليرا“، وبعض الوفيات أيضا، من كبار السن والأطفال.
ورغم أن الفاشية انتشرت في معظم أنحاء سوريا حتى أنها تسللت إلى الجارات الشقيقة (لبنان) لكن تسللها إلى مخيمات شمال غرب سوريا ينذر بكارثة حقيقة خاصة أن المنطقة تعاني من هشاشة القطاع الصحي والطبي ولفقدانها البنى التحتية من جهة أخرى .
ومنذ الإعلان عن تفشي مرض الكوليرا مطلع الشهر الماضي (سبتمبر) لم يتوقف عداد الإصابات بمرض “الكوليرا” في عموم المناطق السورية. وما بين اليوم والآخر تظهر الإحصائيات الرسمية تضاعفا أكبر الأرقام.
وبلغ عدد الإصابات المشتبه فيها، بحسب إحصائية وحدة تنسيق الدعم “ACU”، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمالي وشمال شرقي سوريا 21 ألفاً و483 حالة، وعدد الحالات المؤكدة 365 حالة، في حين بلغ عدد الوفيات 34 حالة وفاة، وذلك حتى تاريخ الـ26 من تشرين الأول الجاري.
بدورها، أعلنت “وزارة الصحة” التابعة لحكومة النظام السوري أن عدد الإصابات المؤكدة بلغ 942 حالة، في حين بلغ عدد الوفيات 44 وذلك حتى الـ22 من تشرين الأول الجاري.
الدكتور عبد الله الحاج حمادي طبيب في مديرية الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ شمال غرب سوريا يقول إن مرض الكوليرا أصبح منتشر في جميع المحافظات السورية ولم يعد هناك منطقة خالية منها.
وهناك خوف من أن يصبح الأمر كارثة لعدم تداركه في ظل ضعف البنى التحتية الصحية وغياب الحلول المناسبة للقضاء على الجائحة ويتابع أنه هناك 34 حالة وفاة فقط في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري شمالي وشمال شرقي سوريا وذلك حتى تاريخ الـ26 من تشرين الأول الجاري والعدد قابل للزيادة في ظل الأوضاع الراهنة والانتشار السريع للمرض وكما يتابع أنه نحاول التعامل مع الامر بشكل سريع من خلال تجهيز عدة نقاط أو غرف خاصة لمرضى الكوليرا ومن المحتمل أن تصبح وحدات قريبا خاصة مع تزايد الحالات بشكل يومي وأيضا نخطط لإنشاء وحدات في المشافي خاصة لعلاج مرض الكوليرا وكما سيكون هناك تجهيز عدة مشافي كوحدة كاملة متخصصة بعلاج مرض الكوليرا.
الطبيب عبد الله أكد من ان المخاوف التي كانت مخيفة وعائق تجاه المدنيين والعاملين في القطاع الصحي من تحول الكوليرا لجائحة وهو ما حدث حاليا خاصة مع انتشاره في المخيمات المكتظة بالناس وخاصة بسبب وضع الحرب وعدم تواجد نظام صحي في شمال سوريا كذلك عدم وجود صرف صحي في هذه المناطق خاصة المخيمات والمخاوف من تحول المرض لجائحة أصبحت واقع وسط عجز في القطاع الصحي مع التعامل مع المرض بشكل جيد.
وكما أكد الطبيب عبد الله أن الاستجابة من قبل الجميع حتى الان ضعيفة جدا وليست تتماشى مع الانتشار السريع للمرض ولهذا يجب تسريع وتيرة الاستجابة من قبل الجميع ولا يمكن وضع اللوم على جهة لوحدها انما الجهات جميعها هي المسؤولة والتي سوف تحاسب امام الله عن أرواح الناس الأشد فقرا والمحرومين والغير قادرين على الوصول لأي خدمات صحية
وكما أشار على العالم بشكل عام والجهات المعنية بشكل خاص القيام بالخطوات الازمة في هذا الوقت خاصة أن المرض أصبح كارثة والمخاوف من أن يصبح جائحة قد حصلت وعليهم حماية أرواح السوريين الذين أنهكوا بسبب النزوح والحرب والشتاء القادم وأصبح أمامهم مرض الكوليرا منتشرا بينهم ومنذرا بخطر كبير تجاههم
وأشار بحديثه بنصح للأهالي باتباع بعض الإجراءات والتي قادرين عليها في ظل غياب الدعم حتى التوعوية وأهمها غسل اليدين باستمرار بالمياه والصابون أيضا غسل الخضار والفواكه بشكل جيد وعدم تناول الخضار والفواكه الغير مغسولة بشكل جيد وكذلك عدم تناول الأطعمة المكشوفة وعدم تناول اللحوم النيئة والغير مطهوة بشكل جيد رغم أنها غير متواجدة كما يصف.
واختتم حديثه في الوقت الذي يعتبر فيه مرض الكوليرا من الأمراض الخطيرة التي تعلو نسبة وفيات المصابين بها، فإن علاجه والوقاية منه سهلة. وتشمل إجراءات الوقاية كلاً من ضمان نظافة الطعام والشراب، فضلاً عن غلي المياه أو إضافة الكلور إليها. كما تتضمن إجراءات الوقاية تسخين الطعام والمحافظة على نظافة اليدين.
ووفق بيان نشره فريق “منسقو الاستجابة في الشمال السوري” أعلن أن “مخيمات الشمال السوري دخلت مرحلة الخطر، بشكل كبير، بعد تسجيل الإصابات“.
وحذر مدير الفريق الإنساني، محمد حلّاج من توسعها بشكل كبير، و“عدم القدرة على السيطرة على الانتشار“، بسبب “ضعف الإمكانيات اللازمة لمواجهة المرض“، مشيرا إلى أنهم أطلقوا سابقا نداء لتمويل عاجل للمخيمات في قطاع المياه والإصحاح، وذلك لاحتواء الكوليرا قبل تحول المخيمات إلى “بؤرة انتشار للمرض“.
وكما أنه يعتبر تلوث مياه الشرب أحد أبرز وأهم الأسباب التي أدت إلى ظهور المرض في سوريا، بعد غيابه عنها منذ عام 2009
خاصة وان تركيا تواصل حرمان مليون سوري في الحسكة وريفها من مياه الفرات وتستخدمه كسلاح ضد المدنيين وأرجعت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا أسباب انتشار وباء الكوليرا إلى انخفاض منسوب مياه نهر الفرات وقد أكد الرئيس المشترك لهيئة الصحة في “الإدارة الذاتية” جوان مصطفى، أن التحاليل التي أُجريت على مياه نهر الفرات أثبتت وجود بكتيريا “ضمة الهيضة” المسؤولة عن مرض الكوليرا. وقد حذر من كارثة بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات، وانقطاع المياه عن مدينة الحسكة
وزعم مصطفى أن التحاليل التي تم إجراؤها أثبتت جميعها وجود الكوليرا بمياه نهر الفرات، متهماً الجانب التركي “بحبس مياه النهر، وتحويله في كثير من المناطق إلى مستنقعات“.
وأشار إلى أن التحاليل التي تم إجراؤها أثبتت وجود الجرثومة في ريف دير الزور الغربي والرقة، مضيفاً أن كثيرا من الخضراوات تزرع بالقرب من النهر وتسقى منه وهو ما يسبب انتشار المرض.
وشدد مصطفى على الأهالي في شمال شرق سوريا “عدم الشرب من مياه الفرات أو استخدامها للسقاية، واستخدام وسائل الحماية كالنظافة الشخصية واستخدام الكلور في مصافي المياه وتعقيم الخضراوات وطهوها جيداً قبل تناولها“.
وعلى مدى السنوات الماضية تم استهداف أنظمة المياه عن عمد في سوريا، وبشكل مستمر، ولم يتم تنفيذ الصيانة المناسبة.
وفي حديث خاص لموقع تلفزيون الآن تقول أم محمد الإدلبي (اسم مستعار ) نازحة و أرملة من سكان مخيم أهل التح في باتن : نحن من سكان هذا المخيم العشوائي في الشمال السوري وكوننا أحد المخيمات العشوائية المنسية مثل باقي المخيمات لا نملك شبكات لصرف الصحي ولم يكن هناك من قبل السلطات المعنية يمس موضع توفير البيئة الصحية المناسبة لكل سكان المخيمات وأرض المخيمات هنا تشكل تجمعات من المستنقعات من المياه المستعملة للنظافة الشخصية و الغسيل وهذه المياه تشكل قلق كبير لنا كسكان المخيم خاصة و أن أطفالنا تلعب وتركض فوق هذه التجمعات المياه الوسخة ومما أنعكس سلبا على انتشار الحشرات وانتشار حبة الاشمانيا وأيضا هناك حالات إسهال شديد وأيضا ظهر جليا على أطفالنا أمراض لا نعرفها وهناك حالات مرضية في الرئة و الفقاع الجلدي.
وتواصل أنه اردت لفت النظر أن الأمراض منتشرة بشكل مخيف هنا دون لفت النظر لها وليس فقط الكوليرا والكوليرا مرض انتشر من بين هذه الامراض التي ذكرتها
وتقول أننا حاولنا مع مدير المخيم هنا مناشدة المنظمات والسلطات المعنية مشيرة إلى مديرية الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ لمرات عديدة وكل المرات نسمع منهم وعود وحتى اليوم ومع انتشار الكوليرا بشكل مخيف لم نراهم هنا على الإطلاق ولم يتم تقديم لنا حبة قش واحدة.
وعندما ما ناشدناهم كنا نطلب منهم الحصول على مياه صحية وشبكات صرف صحي واضافة اليها كلور بمقاييس الكترونية وليست بدائية ولكن للأسف الشديد لم نسمع منهم إطلاقا
وتتابع حديثها حول انتشار الكوليرا بشكل كبير لتجيب أنه أصيب معظم أقاربي ومن بينهم أبن أخي وهذا ما شكل خوف شديد تجاهي على أطفالي خاصة أن جميع من أعرفهم و أصيبوا بهذا المرض لم يكن لديهم الخبرة الكافية للتعامل معه وهذا ما أدهشني حقا وسط غياب المنظمات المسؤولة عن تقديم التوعية لهذه الأهالي التي تعاني بصمت من هذا المرض كما عانت من جميع المآسي وتقول أنه حقا في حال أصبت أنا أو أطفالي في هذا المرض ليس لدي الخبرة الكافية على التعامل معه إطلاقا إلا انني أحاول السماع من قبل جيراني ومن حولي كيف يمكن التعامل معه رغم أنني على يقين أن جميعها طرق بدائية ولن تمنع انتشاره وهذا الأمر يحمل على السلطات المعنية التي اختفت في هذا الوقت والذي من الواجب تواجدها معنا.
وكما تقول أم محمد أنه الخوف الأكبر بين أهالي المخيم من المرض كونه تتواجد له البيئة المناسبة للانتشار وهذا ما حصل فعلا خاصة لأننا نفتقر لشبكات الصرف الصحي والمياه النظيفة والمخيم الذي نعيش فيه هو مخيم لا يملك أي بنية تحتية ويفتقر لكل مستلزمات الحياة
وفي الوقت نفسه حذر فريق منسقو استجابة سوريا العالمين في شمال غرب سوريا من أنه قد ارتفاع عدد المخيمات التي تعاني من انعدام المياه إلى أكثر من 658 مخيماً من أصل 1633 منتشرة في مناطق شمال غربي سوريا، بعد تسجيل 34 مخيماً جديداً توقف عنها دعم المياه من قبل المنظمات الإنسانية العاملة، في ظل تزايد تفشي مرض الكوليرا في البلاد.
وقال فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيان، إن انقطاع دعم المياه تركز في المخيمات الجديدة ضمن منطقة عفرين شمالي حلب والتي تعاني بالأصل من مصاعب أخرى أبرزها فيروس كورونا والذي سجل أكثر من 2864 إصابة منذ مطلع العام الحالي من أصل 10665 إصابة في مناطق شمال غربي سوريا.
وحذر البيان كافة الجهات من استمرار أزمة المياه وخاصةً في ظل تفاقم الظروف المعيشية للأفراد وارتفاع أسعار مياه الشرب في العديد من المدن والأرياف، ووجود نسبة كبيرة من السكان لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة بشكل منتظم، والتي ستشكل تهديداً فعلياً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان في أماكن وجودهم، أو ستجبرهم على النزوح إلى أماكن أخرى بحثاً عن الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه بجودة مقبولة.
وبالتأكيد يتطلب تأمين مياه الشرب النظيفة إصلاح البنية التحتية للمياه، بما في ذلك مرافق معالجة المياه وأنظمة الصرف الصحي
وقد يصبح مرض الكوليرا مرض “مستقر” في سوريا، إن لم يتم إيجاد الأسباب الهيكلية الناتجة عن مجموعة من العوامل بما فيها تسييس المياه والصحة واستعمالهما كأداة حرب“.
من جانبه مدير مختبر الرصد الوبائي في مدينة إدلب شمال غرب سوريا في حديث خاص لموقع تلفزيون الآن قال أن الوضع الصحي في سوريا خلال السنوات الأخيرة وبسبب الحرب هو وضع سيئ جدا بسبب تدمير البنى التحتية أو سوء الخدمة الصحية بشكل عام وكذلك اضافه عليه انتشار مرض الكوليرا معاناة وأكثر سوء خاصة تجاه النازحين في المخيمات .
ويتابع حديثه أن الكوليرا على الأرجح قد دخلت سوريا من إيران أو العراق وانتشرت في مناطق شرق الفرات في الرقة ودير الزور وكان انتشارها في دير الزور بأعداد كبير جدا ومن ثم انتشرت في مناطق شمال غرب سوريا بدءً من جرابلس حيث كانت هناك أول حالة مرورا بإعزاز و الباب وعفرين وصولا إلى مخيمات إدلب والمخاوف من تفشي الكوليرا بإعداد أكبر قد حدث خاصة أنه هناك تزايد بالأعداد بين ساعات وكما أنه هناك أعداد أكبر بكثير في مناطق سيطرة النظام السوري غير التي يفصح عنها حيث انتشارها في حلب بشكل أكبر بكثير حسب شهود كما يصف
ويتابع أنه يعد الكوليرا مرضاً شديد العدوى وينتج عن طريق بكتيريا “فيبريو كوليرا” المنتشرة في المياه الراكدة وغير المعالجة بالكلور الصحي. وينتقل هذا المرض عبر تناول الطعام والشراب الملوث. ويتسبب الكوليرا بالإسهال والقيء، ما يؤدي إلى الجفاف بصورة سريعة. وفي حال لم يتلقَ المريض الرعاية الفورية، فإن ذلك قد يقود إلى الوفاة في غضون ساعات.
ويتابع أنه اللقاحات لم تصل إلى مناطق شمال غرب سوريا بعد خاصة وأنها كلفة جدا ولم نحصل عليها بعد إنما الخطة الحالية هي التوعية ومن ثم مراكز العلاج
من جانب آخر لا توجد مؤشرات حتى الآن عن قرب وصول لقاحات من جانب منظمة الصحة العالمية، وهي التي كانت قد أعلنت اعتمادها “استراتيجية الجرعة الواحدة“.
ويبلغ عدد مخيّمات النازحين في شمال غربي سوريا 1489مخيما، يسكنها نحو مليون ونصف مليون نازحا، من بينها 496 مخيما عشوائيا.
ويفتقر النازحون في مناطق شمال غرب سوريا لمقومات الحياة، وتعيش المخيمات الواقعة قرب الحدود السورية التركية، أزمة إنسانية هي الأسوأ منذ سنيين، بسبب قلة الدعم المقدم من قبل المنظمات العاملة في المنطقة، إضافة لسوء الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن التضخم العالمي.
وسجلت سوريا عامي 2008 و2009 آخر موجات تفشي المرض في محافظتي دير الزور والرقة.
وبعد نزاع مستمر منذ 11 عاما، تشهد البلاد أزمة مياه حادة، على وقع تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ما دفع الكثير من المواطنين للاعتماد على مياه شرب غير آمنة، وبالأخص من نهر الفرات.