ما إنْ تنسحب القوّات الروسية من المناطق التي كانت تسيطر عليها في أوكرانيا، حتّى تبدأ فرق تقصّي الحقائق بجمع الأدلّة والشهادات من الضحايا لتوثيق الفظائع الروسية. قوّات روسيا لم تكن ناعمة إطلاقاً في الأماكن التي دخلتها، بل على العكس، فقد ارتكبت الكثير من الجرائم والفظائع التي يرويها الناجون للمنظمات الدولية ووسائل الإعلام.
“تعذيب المعتقلين بشكل روتيني”
في إيزيوم، وهي مدينة تقع في منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا، قامت القوّات الروسية بشكل روتيني بتعذيب المعتقلين لانتزاع معلومات منهم. وروى ناجون أنّهم تعرّضوا للصعق الكهربائي، الإيهام بالغرق، الضرب المبرح، كما أجبرو على البقاء في ظروف قاسية لفترات طويلة. وقد حددوا ما لا يقل عن 7 مواقع في المدينة، بما في ذلك مدرستان حيث قالوا إنّ الجنود اعتقلوهم وأساؤوا معاملتهم.
وفي تقريرها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنّ “القوات الروسية وغيرها من القوات العاملة تحت قيادتها عذّبوا المحتجزين بشكل روتيني أثناء احتلالهم إيزيوم الذي استمر 6 أشهر. أخبار الآن أجرت لقاءً خاصاً مع بلقيس والي (Belkis Wille)، وهي باحثة في مجال الأزمات والنزاعات في منظّمة هيومن رايتس ووتش، توضح: “لم تكن أعمال العنف والإساءات الوحشية في إيزيوم حوادث عشوائية، وقد أطلعنا العديد من الضحايا على روايات موثوقة عن تجارب مماثلة، من التعذيب أثناء الاستجواب في مرافق خاضعة لسيطرة القوّات الروسية ومرؤوسيهم، ما يشير إلى أنّ تلك المعاملة كانت جزءاً من سياسة الروس وخطتهم”.
قتل واغتصاب على مسمع المعتقلين
في أوائل أكتوبر، تحدثت والي مع 15 شخص في إيزيوم كانوا هناك أثناء الاحتلال الروسي للمدينة، وقالوا إنّهم تعرّضوا للتعذيب، وجميعهم كانوا مدنيين. ووصفت والي لـ”أخبار الآن” تفاصيل زيارتها قائلةً: “خلال وجودنا في إيزيوم أجرينا مقابلات مع 15 شخص اعتُقلوا من قبل القوّات الروسية، وتعرّضوا للتعذيب، كانوا 14 رجلاً وإمرأة واحدة، جميع الرجال الذين تحدثنا معهم أخبرونا أنّه تمّ اعتقالهم، إمّا من منازلهم أو من نقاط التفتيش المنتشرة في الشوارع، أو من المحال التجارية، ثمّ تمّ اقتيادهم إلى مجموعة من أبنية معينة احتلتها القوات الروسية وقرّرت تحويلها إلى مراكز عسكرية ومراكز للإعتقال والتعذيب، وقد تضمنت تلك الأبنية المدارس المصانع وعدداً من الأبنية الحكومية والبيوت الخاصة، المنازل المدنية التي قرّرت القوات الروسية احتلالها واستخدامها لحجز الناس وتعذيبهم”.
وتابعت: “المرأة التي تحدثنا معها أخبرتنا أنّه خلال الـ 24 ساعة التي احتُجزت فيها تعرضت للتهديد من قبل جندي، كانت محتجزة بمفردها وزوجها كان محتجزاً مع مجموعة كبيرة من الرجال في غرفة أخرى من المستشفى التي حولها الروس إلى مركز للتعذيب، كانت محتجزة بمفردها والجندي هددها وقال لها إنّها يجب أن تحضر نفسها لأنّه سيحضر جندي لاغتصابها، ولحسن حظّها لم تتعرض للاغتصاب، لكنّنا علمنا بأمر إمرأة أخرى كانت محتجزة في المبنى نفسه، لكن في وقت آخر، احتُجزت لعشرة أيّام وقد تم اغتصابها فعلاً. كما تحدثنا مع رجل تمّ اعتقاله في نفس الفترة وكان محتجزاً مع رجل آخر في غرفة أخرى بنفس المبنى، وقد سمع عن التعدي على هذه المرأة”.
اعترف شهود العيان على وجود 7 منشآت في المدينة، استخدمتها القوّات الروسية كقواعد ومراكز احتجاز: مدرستان، مركز شرطة، مجمع مستشفى سابق، محطة مياه وصرف صحي، مسكن خاص ومصنع خاص. وتمكّن الباحثون من دخول 4 من تلك المراكز والتحقق من أنّها استخدمت بالفعل كمرافق احتجاز.
الروس يرتكبون جرائم حرب
تجدر الإشارة إلى أنّ قوانين الحرب تحظر القتل العمد والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية للمقاتلين والمدنيين الأسرى في الحجز. كما أنّ أيّ شخص يأمر بمثل تلك الأعمال أو يرتكبها عمداً، أو يساعد ويحرّض عليها، يكون مسؤولاً عن جرائم حرب. أيضاً، قادة القوّات الذين علموا بتلك الجرائم لكنّهم لم يحاولوا منعها أو معاقبة المسؤولين عنها، فهم مسؤولون جنائياً عن جرائم الحرب من واقع مسؤولية القيادة… ومن هنا، فإنّ ما سبق لابدّ وأنّه ينطبق على ما تقوم به روسيا من فظائع وجرائم بحق الشعب الأوكراني مدنيين وعسكريين.
شاهدوا أيضاً: “مات والدي بين يديّ”.. يورا الناجي من ما حدث في بوتشا يروي التفاصيل كاملة!