من هم فاغنر؟ كيف بدأوا وامتدوا في ليبيا؟
- عناصرها هم مرتزقة بحسب وصف تقارير لجنة رصد المرتزقة في الأمم المتحدة
- التدخل في ليبيا والتعدي على المدنيين
- تفاوتت أعدادهم بين 1500 مسلح من عناصر المرتزقة إلى 1800
كلمة ترددت في أكثر من مكان، وعندما تسمعها أو تقرأها يليها خبر مفجع أو رائحة دماء. نخبة من المرتزقة، برواتب عالية وتجهيزات ودعم كامل، لهم مهام عديدة و موزعة بدءاً من نشر الإشاعات وحتى زراعة الألغام.
فاغنر..كلمة غريبة على الأذن العربية، أصبحت مؤخرا مألوفة في مناطق النزاع في عدد من المناطق العربية منذ سنوات عدة، وارتبطت بسفك المزيد من الدماء؛ فأينما ظهرت ملامح هؤلاء الأشخاص الروس ذوي الوجوه الحمراء والأجساد الضخمة، فاحت رائحة الدم وانقطع الأمل في إيقاف آلة القتل.
فاغنر هي شركة أمن روسية مقرها موسكو، وعناصرها هم مرتزقة بحسب وصف تقارير لجنة رصد المرتزقة في الأمم المتحدة في مناطق النزاع.
بدأ ظهور أفراد فاغنر في النزاع السوري إلى جانب قوات بشار الأسد في العام 2016، وبعد عامين ظهرت الوجوه الحمراء نفسها في ليبيا بذريعة حراسة المنشآت وحماية الأرواح، (وأحد أذرع الهجوم والقتل في الغرب الليبي ورغم ذلك مازالت روسيا الرسمية تنكر تواجدهم داخل الدولة الليبية!)
“أخبار الآن” كشفت في هذا التحقيق عن تواجد عناصر فاغنر داخل ليبيا رغم إنكار النظام الروسي المستمر لوجودهم وقيامهم بجرائم حرب وقتل للمدنيين كجزء خفي من آلة اشعال الحرب بين شرق وغرب ليبيا.
“دخول قوات فاغنر على الخط في معارك العاصمة طرابلس كان له دور كبير في الحرب، فقد كان معهم أسلحة متطورة جدا وكان لديهم رغبة كبيرة وإصرار في التقدم باتجاه العاصمة، لقد كانوا متواجدين على الخطوط في المحاور الرئيسية في المعارك مثل محور صلاح الدين ومحور الخلاطات.”
هكذا يشرح العقيد عبد الباسط تيكا، آمر عمليات الدعم والإسناد بقوة مكافحة الإرهاب في الجيش الوطني لحكومة الوفاق الليبية، لأخبار الآن كيف تم رصد هؤلاء المرتزقة وأنشطتهم في الحرب الليبية.
عن حقيقة وجود مرتزقة فاغنر كمشاركين في النزاع على أرض ليبيا يقول عمار الأبلق عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب الليبي لـ”أخبار الآن”: “أعتقد أن هذا الأمر لا يخفى على أحد، لأن وجود مرتزقة فاغنر ملاحظ وملموس، إضافة إلى أسر عدد منهم في حرب جنوب طرابلس، إلى جانب التقارير الدولية التي تدين تواجدهم في ليبيا، نحن نعرف بأن لهم وجودا كبيرا جدا في قاعدة الجفرة، وكذلك قاعدة براك في جنوب ليبيا وأيضا على الساحل في القرضابية جنوب سرت، والحقيقة أن هؤلاء فاغنر متواجدون في ليبيا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018.”
وكان العقيد عبد الباسط تيكا شاهد عيان على تواجد مرتزقة فاغنر في محور صلاح الدين بجنوب العاصمة طرابلس، حيث شاهدهم هو ووحدته على كاميرات المراقبة الخاصة بهم ويقول ” كانت عملياتهم منحصرة في المدفعية الموجهة والأجهزة الدقيقة والتصوير الدقيق، كانوا كلما يقومون بعملية يقومون بإطلاق غازات ذات ألوان مختلطة لكي يتمكنوا من سحب قتلاهم أو جرحاهم, وكانوا يستميتون من أجل سحب هؤلاء الجرحى والقتلى حتى لا يتركوا أي دليل على وجودهم ولا يتم التعرف على هوياتهم، ووجدنا وثائق كثيرة جدا تدل على وجودهم مثل الهواتف المحمولة والمذكرات والكتابات على جدران أماكن إقامتهم، وذلك القتيل الذي وجدنا جثته بعد المعركة، خير دليل على وجودهم إضافة إلى نوع الأسلحة التي لم تكن موجودة إلا معهم”.
كم عدد مرتزقة فاغنر؟
ورغم أن “فاغنر” ليسوا جيشا نظاميا ولا طرفا في الصراع الليبي، فقد تفاوتت أعدادهم بين 1500 مسلح من عناصر المرتزقة إلى 1800، وهي الأرقام التي تم رصدها في التقارير الرسمية، بينما الحجم الحقيقي لهذه القوى المرعبة يفوق هذه الأعداد، فما هي أعداد فاغنر التقريبية في ليبيا بحسب التقارير الرسمية الدولية والليبية وشهود العيان؟
نستطيع أن نخمن حجم تلك القوة المدمرة في ليبيا حين يخبرنا أحمد عامر سالم، والد أحد ضحايا فاغنر في ليبيا عن عدد من استولوا على ورشته الصغيرة في مدينة ترهونة جنوب طرابلس حيث يقول “من اقاموا في ورشتنا فقط كانوا من 15 إلى 20 عنصرا ، بينما في المحلات الاخرى كانوا أكثر من ذلك بكثير ( لأنهم كانوا في أماكن غير مأهولة بالسكان فلم يكونوا كثيرين)
ويتحدث عمار الأبلق عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب الليبي عن رصد وزارة العدل لحكومة الوفاق الليبية لأعداد فاغنر : “تقول تقاريرنا أن مرتزقة فاغنر في ليبيا أكثر من 1200 يقدمون الدعم اللوجيستي من حيث تحليل المعلومات والعمل المخابراتي وتوفير الحماية الجوية عن طريق منظومات الدفاع الجوي المتقدمة والتشويش الالكتروني، إضافة الى القتال المباشر واستهداف قوات جيش الوفاق الوطني، وها هي طائرات الجيل الرابع من ميج 29 وسوخوي 24 الروسيتان تجوبان فضاء مدينة سرت.”
هذا ما يوضحه عمار الأبلق، عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب الليبي، لأخبار الآن فيقول “أطماع روسيا في ليبيا وربما في أفريقيا كلها قديمة، ليبيا تعتبر قاعدة عسكرية روسية قديمة، فقد كان نظام القذافي على تواصل دائم مع الاتحاد السوفيتي السابق، سلاح الجيش الليبي والذخائر من الاتحاد السوفيتي، كذلك عدد كبير من الضباط وقيادات الجيش السابق تخرجوا من الاتحاد السوفيتي، وبذلك أعتقد أن روسيا حريصة على تكرار هذا الدور في ليبيا، وأنا أعلم يقينا وكنت على دراية تامة أنه كان يوجد في ليبيا عشرات الآلاف من الضباط والجنود الروس في عهد القذافي، في أعمال التدريب والسيطرة الإلكترونية خصوصا في فترات الصراع الموهوم الذي كان يقوم به القذافي مع أمريكا في البحر المتوسط في فترة الثمانينيات من القرن الماضي”
ماهي مهام مرتزقة فاغنر في ليبيا؟
- الدعم اللوجيستي والتقني
- زرع الألغام في المناطق السكنية
- إدارة معارك جنوب طرابلس والحدود بين الشرق والغرب
- استخدام المدفعية الليزرية لاستهداف قادة القوات المضادة
- إطلاق الشائعات للمساعدة على استمرار الحرب الأهلية
- عمليات القناصة واستهداف قيادات الطرف الآخر
- تدريب وتأهيل المرتزقة الجدد القادمين من سوريا
- مقاتلين مشاة في الصفوف الأمامية للمعارك
- حفر الخنادق لتحصين أماكن تواجدهمتنفيذ عمليات إعدام لمدنيين خارج إطار القانون
قام فاغنر بالاستيلاء على ممتلكات الليبيين والإقامة بها دون حق الاعتراض ولكن كيف استطاع أفراد فاغنر الاستيلاء على هذه المنشآت و اتخاذها مسكنا ومركز عمليات لجرائمهم يفخخونه قبل الرحيل، هل كان ذلك يتم عنوة بأمر من الطرف الليبي المستخدم لمرتزقة فاغنر فقط، أم أن ماتعرض له السكان المحليون في هذه المناطق. من غسل أدمغة جعلهم يتعاونون مع من ظنوا أنهم حلفاء ومصدر أمن للمنطقة ليكشتفوا انهم مجرد تجار دماء فحيث يوجدون ينتشر الموت .
يقول أحمد سالم والد عمار ضحية فاغنر في ترهونة “بالنسبة للحقبة التي عاشوا بها ومسكوا زمام الأمور في منطقة ترهونة، من كان يقدر يقول لا؟، ومن كان يستأذنك كي يستعملوا منزلك أو ورشتك؟، ابني المغدور رحمه الله أتى يهرول لي، يقول يا أبي هناك جيش في الورشة، فقدمت مفزوعا ووجدتهم لا يتكلمون عربي ولا عارف أتعامل معاهم بأي لغة، فقد وجدتهم روس وليسوا عرب ومعهم مترجم سوري بادرني بإخباره لي أننا أخوة ولا يجب أن أغضب، واستولوا على الورشة، بحجة أنهم جاءوا ليؤمنوننا، كانوا يأخذون من المحلات بدون مقابل ليس فقط غصبا ولكن كان بعض أصحاب المحلات فرحين بهم ويقدمون لهم البضائع مجانا، لم نكن نرى الصورة الصحيحة وأنا أحد من تم تضليلهم، وأنا منهم لا أبرئ نفسي، أخبرونا أن الحكم بالغالب فرحبنا بالروس، ثم لاقينا منهم ما لاقينا ، وما كان هذا إلا بأبيدينا وأيادي أقرب الناس لنا.”
كما تؤكد ماكلويد على أنه لا يجب استخدام المرتزقة وهناك اتفاقية جنيف التي تمنع استخدام المرتزقة في النزاعات المسلحة، وتضيف “ويوجد أيضا معاهدة أخرى وهي معاهدة حول استخدام المرتزقة وتم توقيعها منذ 30 عاما وتتبناها 36 دولة فقط في العالم يحوي العالم 190 دولة ومع ذلك لم يوقع إلا 36 دولة على معاهدة تمنع وتجرم استخدام االمرتزقة الموضوع جدلي من ناحية تحميل الأفراد مسؤولية أنشطة المرتزقة ففي حال لم تكن الدولة عضوا في المعاهدة فهذا يعني ان تحميل الفرد مسؤولية جرائم حرب خلال النزاع أمر مستحيل ولكن اتفاقية جنيف واضحة بأن على الدول عدم اللجوء للمرتزقة .”
إن هؤلاء الأشخاص الذين ينشرون صورهم على وسائط التواصل الاجتماعي في روسيا في أعياد ميلاد أبنائهم هم انفسهم الذين يسافرون عبر ألاف الأميال ليقتلوا أحلام أب عربي في أن يرى ابنه يكبر أمامه ويتعكز عليه كبيرا، هم أنفسهم الذين يصورون ضحاياهم وهم يذبحونهم في سوريا ويجعلونهم يركعون معصوبي العينين أمام بنادقهم في طرابلس قبل أن تنطلق ضحكاتهم مع طلقات سلاحهم التي لم تشبع من دماء العرب ولا من نقودهم، إنها كنوز الشرق التي طمعوا بها قديما و يشترونها بدماء أبنائها اليوم.
مجموعة فاغنر تحت الأضواء.. وروسيا مطالبة بالإجابة
تتزايد الضغوط شيئا فشيئا على روسيا لرفع عباءة السرية عن مجموعة فاغنر، لا سيما بعد أن قدّمت 3 منظمات غير حكومية شكوى في روسيا ضدّ هذه المجموعة التي يتوقع أن لها علاقة مع الكرملين، على خلفية قضية قتل مواطن سوري (حمادي) بطريقة بشعة.
ويتم الضغط على روسيا بشكل كبير مؤخرا للكشف عن مجموعة فاغنر ومحاسبتها على أعمالها الوحشية وتحديدا في 3 محاور رئيسية وهي:
المحور الأول: أول دعوى قانونية تسلط الضوء على فاغنر
تعتبر الدعوى القضائية المقدمة حاليا في روسيا ضد الاعمال الوحشية لمجموعة فاغنر المحاولة القانونية الأولى في هذا الصدد.
حيت قالت المنظمات ال3 (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومركز ميموريال الروسي لحقوق الإنسان) إنّ تلك الدعوى تُعتبر المحاولة الأولى من نوعها من قبل عائلة ضحية سورية لمحاسبة المشتبه بهم الروس على الجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا.
وذكرت أنّها قدمت أدلّة تثبت بوضوح هوية أحد المتهمين وتورّطه مع مجموعة فاغنر في تعذيب وقطع رأس منشق مفترض عن النظام السوري.
كما أكد رئيس مركز ميموريال لحقوق الإنسان ألكسندر تشيركاسوف لوكالة فرانس برس، أنّ “تلك الدعوى مهمّة لأنّنا لا نتعامل مع جريمة واحدة، إنّما مع سلسلة كاملة من الإفلات من العقاب”.
المحور الثاني: عائلات المرتزقة تطالب بإجابات كما العائلات السورية
تترافق مطالبات العائلات السورية لمحاسبة القتلة، بمطالبات على الجهة الأخرى من عائلات المرتزقة الذين قتلوا أيضا في النزاع السوري.
وترد السلطات الروسية على مطالبات عائلات المرتزقة بأن أبنائهم ماتوا في سوريا، دون أي تفسير لكيفية وصولهم إلى هناك.
في حين أن هذه المطالبات تتزايد والأسئلة تتوالى حول علاقة الكرميلن بهؤلاء المرتزقة الذين يتواجدون في الأمكان التي لروسيا مصالح سياسية فيها بالتحديد.
المحور الثالث: مجموعة فاغنر تشكل تهديدا على الشعب الروسي في حال غياب المحاسبة
حيث عبرت المنظمات غير الحكومية في روسيا عن قلقها من أن هؤلاء المرتزقة قد يعودوا إلى روسيا ما يعني أنهم يشكلون تهديدًا على المواطنين في حال غياب محاسبتهم.
وقالت منظمة ميموريال الروسية غير الحكومية التي شاركت برفع الدعوى القضائية إن “فاغنر سيعودون في النهاية إلى روسيا وسيمشون في الشوارع بيننا”، وهذا يشكل خطرا على العامة لأن الإفلات من العقاب قد يولد انتهاكات أخرى للقانون في المستقبل.
كيف تتعامل السلطات الروسية مع الأسئلة الموجه إليها بشأن فاغنر؟
تقول السلطات الروسية إن هؤلاء كانوا مواطنين عاديين وصلوا بطريقة ما إلى مناطق الحرب، دون الاعتراف بأن موسكو هي من أوصلتهم وتقوم بتوجيههم كي لا تواجه أي انتقادات أو أسئلة.
وهذا التوجه يبعد الكرملين أيضا عن المساءلة في الداخل الروسي حول السياسة الخارجية وإرسال الشباب الروس إلى منطقة حرب.
#الفاغنر تعمل على توسيع نطاق تواجدها في المنطقة، ولم تعد #موسكو قادرة على إنكار العلاقة رغم تنصلها الدائم، وواقعة 7 فبراير 2018، تعتبر نكسة #روسيا التاريخية في #سوريا. فماذا حصل آنذاك؟ #هام_أخبارالآن pic.twitter.com/NLtQ8jZB6V
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) March 14, 2021
مجموعة فاغنر هي قوة شبه عسكرية روسية عملت مع بوتين في صراعات في جميع أنحاء العالم مثل سوريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والآن أوكرانيا.
تتكون المجموعة من مقاتلين مدربين تدريباً عالياً يكسبون ستة أضعاف رواتب الجنود الروس العاديين. تم تنظيمهم من قبل الأوليغارش يفغيني بريغوجين والنازيين الجدد ديمتري أوتكين.
شهد مشروعهم الجديد في بيلاروسيا زيًا كاكيًا منقسمًا، يشبه الزي الذي يستخدمه الجيش الأوكراني، يتم تسليمه عبر الحدود بهدف تنظيم هجمات تخريبية، وفقًا لمنفذ الأخبار الأوكراني Dialog .
وبحسب ما ورد عُرض على المقاتلين البيلاروسيين 234 ألف روبل روسي (3373 جنيهًا إسترلينيًا) للمشاركة في العملية السرية ، وهو رسم أعلى بثلاث مرات من أجرهم القياسي.
يمكننا أن نوضح أن مدربي Wagner قاموا بتحليل حوالي 500 شركة أمنية خاصة في بيلاروسيا واختاروا 50 مقاتلاً بعد المقابلات والتدريب المكثف.
من المفترض أن البيلاروسيين تلقوا دروسًا في كل شيء من الهندسة إلى الأسلحة النارية إلى الطب التكتيكي ويعتقد أيضًا أنهم سيشاركون في مهام استطلاع سرية على الأراضي الأوكرانية.