الشابندر أكد أن “حزب الدعوة” كمؤسسة فكرية انتهى إلى غير رجعة
- وصل العراق إلى مرحلة سياسية حرجة في الأسابيع الماضية
- نجح العراق بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة برئاسة محمد شْياع السوداني
- من المرجَّح أن تواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة في ظل استبعادها للتيار الصدري
وصل العراق إلى مرحلة سياسية حرجة في الأسابيع الماضية، بعد سلسلة من التصعيد المتبادل بين الفصائل الشيعية في البلاد، بلغت ذروتها مع اعتصام أنصار مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي النافذ، وحصارهم لمبنى البرلمان وإعاقة انعقاد جلسات مجلس النواب لمنع انتخاب الرئيس ومجلس الوزراء الجديد.
ورغم نجاح العراق في النهاية بانتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة برئاسة محمد شْياع السوداني نالت ثقة البرلمان، فمن المرجَّح أن تواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة في ظل استبعادها للتيار الصدري.
الصدر نادم
وفي هذا الإطار، أجرت “أخبار الآن” مقابلة مع الكاتب والمفكر العراقي غالب الشابندر، الذي قال للزميلة سجد الجبوري إن مقتدى الصدر وبعد تفكير دقيق في عملية انسحابه، ربما بدأ يشعر بالندم بسبب انسحابه من العملية السياسية في العراق، وما آلت إليه الأمور بعد تشكيل حكومة السوداني، أو أقله أخطأ في حساباته السياسية.
يضيف “الشابندر” أن الصدر أخطأ لأنه سلم وعلى طبق من ذهب العراق للآخرين، وأن الكلام بأنه ينتظر المستقبل والفشل السياسي للآخرين فهذا ليس كلاماً سياسياً.
ويشير المفكر العراقي إلى أن الصدر لم ينسحب من الحياة السياسية في العراق ليرتب الأوراق كما يريد، وكي يبتز الأطراف السياسية الأخرى، بل كانت لحظة انفعالية بدليل أن إعلان الانسحاب كان من خلال خطبة ارتجالية لم يُعد لها مسبقاً وجاءت في زحمة ضغوط واجهها مقتدى الصدر، وخاصة بعد الرسالة التي أرسلها كاظم الحائري التي طالبه فيها أن يتخلى عن العملية السياسية، لذا يعتبر موقف الصدر الحالي غير استراتيجي على الإطلاق.
هل انسلخ السوداني عن حزب الدعوة؟
عندما قال الصدر إن السوداني يصافح ظله كان يقصد أن السوداني ليس لديه شعبية أو مؤيدين، وكان يقصد بأنه تحت سيطرة المالكي، وهذا الكلام الذي قاله الصدر هو كلام تقريباً شائع في الشارع العراقي حتى في الأوساط الشعبية العادية، حتى كثير من المحللين السياسيين عندما يذكر السوداني أمامهم وقدرته على إدارة البلاد ومواجهة الأزمات يقولون إنه لن يتمكن من إحداث أي تغيير حتى لو كانت لديه النية لذلك.
يضيف الشابندر أن حزب الدعوة كمؤسسة فكرية انتهى إلى غير رجعة، وهو عبارة عن تكتل أشخاص فقط وهو عقيم فكرياً وسياسياً، وهو غير قادر على طرح برنامج سياسي اقتصادي يتناسب مع الفكر الذي يحمله كحزب.
السوادني لا ينتقم من الكاظمي
يقول المفكر العراقي في حواره مع “أخبار الآن”، إن ما قام به السوداني من تغيير بعض المواقع الإدارية هو عمل وزاري بحت يقوم به كل رئيس حكومة عندما يتسلم منصبه.
كما أن الذين أقالهم السوداني جاؤوا بقرار حكومة تصريف أعمال، ولذلك هم لا يكتسبون الدلالة القطعية في تعيينهم.
يضاف إلى ذلك أن السوداني أصدر بياناً بإقالة أشخاص أعادهم إلى الخدمة فيما بعد، كما أن الصراع على جهاز المخابرات وداخل الإطار التنسيقي أيضاً وليس بين السوداني والكاظمي.
حسم الموضوع بالنسبة لجهاز المخابرات
يقول الشابندر إن رئيس الوزراء الجديد حسم الموضوع بنفسه عندما تولى رئاسة جهاز المخابرات، وهذا دليل واضح على أنه يريد الفرار من الضغوط التنافسية بين الأحزاب التي تشكل الإطار التنسيقي.
وأشار المفكر العراقي إلى أن جهاز المخابرات ليس حساساً فقط، بل لأن هناك جهوداً كبيرة بُذلت من قبل واشنطن بهدف بلورته وتعزيزه وتمكينه، ولذلك في الحقيقة فإن السيطرة على هذا الجهاز هي السيطرة على أسرار ومواقع ومنافذ ونفوذ.
ويؤكد الشابندر أن الصراع على جهاز المخابرات العراقي أقوى بكثير، وأخطر من الصراع على الوزارات.
كما أشار المفكر العراقي إلى أن واشنطن طلبت من الحكومة العراقية أشياء معينة بذاتها منها عدم الخضوع لقرار “أوبك بلاس” بخفض إنتاج النفط، وقد تعهد السوداني بزيادة سقف الإنتاج النفطي للعراق، إضافة إلى تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية الموجودة، وقضية السلاح المنفلت التي تعاني منها لذا ينبغي أن ينزع هذا السلاح من وجهة نظر واشنطن وأن تصفى هذه الفصائل بطريقة أو بأخرى، وقضية جهاز المخابرات الذي لا ينبغي أن يكون بيد الفصائل.
شعارات الإطار تغيرت بعد تشكيل الحكومة
يقول المفكر العراقي إن هناك اتفاقاً شبه صامت بين الفصائل المسلحة والأمريكان، هو ليس مكتوباً وليس من خلال قنوات وإنما من خلال الحاجة الموضوعية لكليهما، فلا مبرر لاستمرار الوجود الأمريكي إذا لم تعد الفصائل موجودة، سيما وأنها تعلل سبب استمرارها بوجود خطر داعش ووجود فصائل مسلحة.
أيضاً الفصائل المسلحة بحاجة إلى وجود أمريكا، لأن خروج واشنطن من العراق يعني انتفاء أسباب بقاء الفصائل المسلحة على الساحة العراقية.
يضيف الشابندر أن الجميع يدرك أن المسيّرات والصواريخ اختفت، وأكثر من ذلك فإن تحالف الإطار مع مسعود البرزاني يصب في الخانة الأمريكية، بمعنى أوضح في خانة تعزيز الوجود الأمريكي في العراق.
السوداني وإيران
يقول المفكر العراقي إن إيران كانت في غاية الارتياح بوجود الكاظمي لأن الأخير هيأ لها ظروف التمركز في العراق إلى درجة عالية خاصة وأنه متهم بإفساح المجال أمام التغلغل الإيراني أكثر سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو التواجد العسكري.
يضيف الشابندر أن الكاظمي صاحب فضل على إيران، لأنه جمعها مع السعودية، وقام بخطوات حثيثة باتجاه إعادة تعزيز العلاقات السعودية الإيرانية انطلاقاً من بغداد.
أما الآن (والكلام للشابندر) فإن إيران غير مرتاحة وهناك أكثر من مقالة في الصحف الإيرانية انتقدت نوري المالكي بشدة واعتبرته هو من جاء بالسوداني أو هو الذي يقوم بتوجيه رئيس الوزراء الجديد، وهذا يعني أن إيران غير مرتاحة للسوداني على الإطلاق، إلا إذا وجدت معطيات جديدة واستطاع السوداني أن يقوم بمناورة سياسية في ظل الظروف التي تقوم بها إيران.
ويعلل الشابندر سبب تجهم إيران من السودان هو تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة بشكل كبير إضافة إلى انخفاض سقف الإنتاج النفطي يرفع أسعار النفط ويزيد معاناة واشنطن في حربها ضد روسيا على الأراضي الأوكرانية.